Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نازحو غزة ينتظرون قطرات الأمطار ليشربوا

أعلنت "أونروا" أن توفير المياه أصبح مسألة حياة أو موت

ملخص

ما إن تلبدت السماء بالغيوم حتى استبشر نازحو قطاع غزة خيراً، إذ وفرت الأمطار لهم قدراً من المياه العذبة التي لم يتمكنوا من الحصول عليها خلال الأسابيع الماضية

ما إن هطلت الأمطار على محافظة رفح أقصى جنوب قطاع غزة حتى هرع فادي نحو خيمة الإيواء التي يعيش فيها، وأحضر دلواً بلاستيكياً ووضعه وسط مكان مكشوف، ليجمع فيه أي كمية من المياه يستخدمها في ما بعد لأغراض الشرب وطهي الطعام.

من بعيد وقف فادي يراقب هطول الأمطار، ويحدق نظره على قطرات المياه ليتأكد إذا كانت كبيرة، ويستبشر كلما زادت قوة وغزارة المياه التي تسقط من الغيوم، إذ هي الوسيلة الوحيدة أمامه ليطفئ ظمأه.

ارتوى من إناء صغير

ووصل الحال بالشاب فادي وافتقاده المياه العذبة إلى درجة كبيرة من الظمأ، فأحضر إناءً مجوفاً صغيراً ووضعه إلى جانب الدلو، وأخذ ينتظر حتى يمتلئ بالماء. وقال "عندما نزحت مجدداً إلى رفح وجدت اكتظاظاً ضخماً، وهذا حرمنا من الحصول على كمية مياه نظيفة صالحة للشرب".
ومرت دقائق معدودة حتى امتلأ الإناء الصغير بالمياه، فقطع فادي حديثه وركض صوبه، وحمله بكلتا يديه وشرب منه حتى نفد، وكرر وضعه في المكان المكشوف، إذ ينوي أن يسقي أطفاله من مياه الأمطار التي تتجمع في الصحن البلاستيكي. ويشهد قطاع غزة منذ يومين منخفضاً جوياً، هطلت الأمطار على أثره بغزارة على جميع المحافظات الشمالية والجنوبية للقطاع، واستمر تساقطها بشكل متواصل لمدة تزيد على ثلاث ساعات وهي أطول فترة تسقط فيها الأمطار منذ أن بدأ موسم الشتاء.

وما إن تلبدت السماء بالغيوم حتى استبشر النازحون خيراً، إذ وفرت الأمطار قدراً من المياه العذبة لبعضهم في محافظة رفح، بعد عدم تمكنهم من شرب المياه النظيفة والعذبة خلال الأسابيع الماضية.

يشرب مياهاً ملوثة

وتابع فادي "الليلة هطلت الأمطار، وقررت ألا أنام حتى تتوقف، ووضعت الأوعية لتجميع المياه. في المحصلة وجدت نفسي أمتلك خمس عبوات بلاستيكية من مياه الشتاء، أحتفظ بها داخل خيمتي، سأستخدمها بالحد الأدنى يومياً ومن دون تبذير".

وأكد النازح الغزاوي أنه محروم من المياه الصالحة للشرب، مشيراً إلى أنه منذ أن وصل إلى محافظة رفح في بداية الشهر الجاري، وهو يشرب من المياه المالحة الملوثة، ولم يتذوق المياه العذبة لمرة واحدة، سوى تلك التي جمعها من الأمطار أخيراً.

وحتى المياه المالحة، فإن فادي يعاني ويكافح للحصول عليها. وشرح "أسير يومياً مسافة أربعة كيلومترات نحو محطة تبيع المياه وأقف في طابور طويل أنتظر دوري لأكثر من خمس ساعات للحصول على بعض الماء".
وأكمل "في بعض الأحيان أحصل على 10 أو 20 ليتراً في اليوم، من المياه المالحة وعلى رغم ذلك نشرب منها، وفي مرات كثيرة لا يصلني الدور، إذ تنفد كمية المياه بسرعة بسبب ضخامة المنتظرين، وأعود لعائلتي من دون ماء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


استغلال مياه الأمطار

ويشرب النازحون مياه الأمطار من دون أي عوامل تنقية، وهو ما يحمل أخطاراً كبيرة، إذ وفقاً لنصائح "مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" في أميركا، فإنه يجب تصفية مياه الأمطار التي يتم جمعها لأغراض الشرب وتطهيرها واختبارها بانتظام، وإذا لم تكن هناك إمكانية لتنفيذ ذلك بفعالية، فمن المستحسن استخدامها لأغراض البستنة أو غسل الملابس أو الاستحمام.
لكن معظم النازحين لا يأبه لهذه النصائح ويجمعون مياه الأمطار ويشربونها، مشيرين إلى أن هذه نعمة هم محرومون منها، وأخطارها لن تكون أشد خطورة من القصف الإسرائيلي المتواصل الذي لا يرحم المدنيين.


شح في المياه

ومثل فادي، عكف كريم على تجميع مياه الأمطار، التي تدفقت من بعض المزاريب ووضعها في زجاجات، لكنه أشار إلى أنه سيستخدمها لأغراض التنظيف والغسيل.

وأفرغ أيمن ماء المطر الذي تجمع فوق الخيمة التي تحتمي تحتها عائلته، واحتفظ به في أوعية لاستخدامه لاحقاً. وقال إنه سيعمل على تدفئته ثم الاستحمام به، إذ إنه لم يغتسل منذ أسابيع بسبب عدم توفر المياه. في الحقيقة، يعاني النازحون في مدينة رفح شحاً كبيراً بإمدادات المياه، ويمتد ذلك على جميع سكان غزة، إذ لا تتوفر كميات كافية تلبي حاجات القطاع، بخاصة بعدما توقفت محطات تحلية المياه بشكل جزئي بسبب نفاد الوقود، كما أن أصحاب الآبار الجوفية لا يستطيعون تشغيلها بسبب أزمة الكهرباء.

المياه أصبحت حياة أو موتاً

وبحسب بلدية غزة فإنها منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضخت 1.2 مليون كوب من المياه فقط، وهي كمية لا تكفي لسد حاجات جميع السكان، فيما كانت تضخ قبل الحرب 3 ملايين كوب من المياه شهرياً.
وصرحت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس أن "الناس مكدسون بشدة في منطقة واحدة، ولدينا نقص في المياه النظيفة، إذ تضررت البنية التحتية كثيراً في غزة".

ويؤكد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني أن "أكثر من مليوني شخص في قطاع غزة يواجهون خطر نقص المياه بشكل أصبح يهدد حياتهم". وأثناء زيارته لغزة قال إن "المياه أصبحت مسألة حياة أو موت، المياه النظيفة تنفد من القطاع، بعد توقف عمل محطة المياه وشبكات الماء العامة".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات