Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خطر التشرد يلاحق الطيار الأفغاني اللاجئ في بريطانيا

حارب إلى جانب المملكة المتحدة ومُنح ملاذاً آمناً ويواجه الآن قرار إخلاء وشيكاً من الفندق ضمن 13 ألف آخرين

أعطي اللاجئون ما لا يزيد على 7 أيام لتأمين ترتيبات معيشية جديدة خارج الفنادق التي تمولها وزارة الداخلية البريطانية (غيتي)

ملخص

علمت "اندبندنت" أن الطيار الأفغاني البطل الذي ساعد القوات البريطانية في حربها ضد حركة "طالبان" في أفغانستان، بات من بين أحد آلاف اللاجئين الجدد الذين يواجهون خطر التشرد داخل المملكة المتحدة

علمت "اندبندنت" أن الطيار الأفغاني البطل الذي ساعد القوات البريطانية في حربها ضد حركة "طالبان" في أفغانستان، بات من بين أحد آلاف اللاجئين الجدد الذين يواجهون خطر التشرد داخل المملكة المتحدة، بعدما غيرت وزارة الداخلية قواعدها المتعلقة بعمليات الإخلاء.

ويواجه الملازم السابق في القوات الجوية الأفغانية - الذي قاتل إلى جانب قوات التحالف الدولي في بلاده، والذي وُصف بأنه "وطني حقيقي" - أمراً بإخلاء وشيك له من الفندق الذي تتكفل وزارة الداخلية بنفقاته. وهو يواجه صعوباتٍ أيضاً في لم شمله مع زوجته وطفله اللذين ما زالا يعيشان مختبئين من حركة "طالبان" في أفغانستان.

وتأتي محنة الملازم السابق، في وقتٍ أظهرت فيه بيانات جديدة حصلت عليها "اندبندنت"، أن أكثر من 13 ألف لاجئ حتى الآن حصلوا على وضع اللجوء أخيراً، قد تقدموا بطلب مساعدة طارئة من مجالس محلية في بريطانيا خلال السنة الجارية.

هذا التطور يضيف تحدياً جديداً على سلسلة التحديات المستمرة التي يواجهها أولئك الذين مُنحوا الحق في اللجوء في المملكة المتحدة، بعدما أمهلت وزارة الداخلية اللاجئين 28 يوماً لتأمين سكن بديل للعيش فيه، قبل ان يُطردوا من الفندق الذي تمول الحكومة إقامتهم فيه.

مع ذلك، ونظراً للتعديلات الأخيرة في السياسات إلى جانب الضغط الذي تتعرض له وزارة الداخلية لتسريع البت في طلبات اللجوء المتراكمة، فقد أعطي اللاجئون ما لا يزيد عن 7 أيام لتأمين ترتيباتٍ معيشية جديدة.

وفي مواجهة هذا الجدول الزمني الضيق، يلجأ عددٌ منهم إلى المجالس المحلية التي تعاني أساساً من ضغوط، والتي تفتقر لأماكن إقامة موقتة كافية لاستيعاب الجميع، مما لا يترك أمام بعض الأفراد أي خيار ويدفع بهم إلى النوم في العراء.

 

جمعياتٌ خيرية ناشطة في مجال دعم اللاجئين، عزت هذا الارتفاع في عدد طالبي المساعدة، إلى تقليص الدعم الحكومي وارتفاع معدلات الموافقات على طلبات اللجوء.

الطيار السابق - الذي تدعم "اندبندنت" مساعيه للتمكن من الاستقرار في البلاد - هو من بين أولئك الذين يواجهون خطر التشرد. وقال في هذا الإطار: "أنا قلق من أن ينتهي بي الأمر بالتشرد. فقد مر نحو ثلاثة أشهر وأنا أبحث عبر مواقع الإنترنت عن غرفة للإيجار، لكن لم يحالفني الحظ.

وأضاف: "طُرد أشخاص آخرين بالفعل من الفندق الذي أقيم فيه، واضطُر بعضهم للنوم في الشوارع لمدة أسبوعين تقريبا. طلبت المساعدة من المجلس المحلي مراتٍ عدة لكن كل ما يقوم به المعنيون هو فقط إعطائي عناوين مواقع البحث عبر الإنترنت عن السكن. إنها مشكلةٌ صعبة للغاية، وتمثل تحدياً بالنسبة إلينا. فإذا لم يكن لدي مكان أبيت فيه، كيف يمكنني العثور على عمل؟ وإذا وجدتُ عملاً، فأين سأقيم؟".

تجدر الإشارة هنا إلى أن الطيار الأفغاني السابق لم يتلق حتى الآن أمراً رسمياً من وزارة الداخلية بإخلاء فندقه، لكن مؤسسة "مايغرنت هيلب" Migrant Help الخيرية التي تُعنى بمساعدة المهاجرين والمتعاقدة مع الحكومة، نبهته إلى وجوب أن يتوقع تلقي إشعار بالمغادرة خلال 7 أيام، في أي لحظة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال الملازم السابق الذي كان قد هُدد بالترحيل إلى رواندا، إنه تقدم بطلباتٍ استئجار ما يقرب من 50 مسكنا، لكن جميعها رُفضت بسبب افتقاره للسكن والعمل.

جوليان لويس، عضو البرلمان عن حزب "المحافظين" والرئيس السابق للجنة الدفاع في "مجلس العموم" المؤلفة من نواب ينتمون إلى مختلف الأحزاب البريطانية، علّق على الموضوع بالقول: "في حين أنه من المسلّم به أن المملكة المتحدة لا تستطيع تأمين ملاذٍ لكل فردٍ سابق في القوات المسلحة الأفغانية، إلا أن أولئك الذين مُنحوا اللجوء هنا، يجب أن يُعاملوا معاملة حسنة ويحظوا بأعلى مستوى من الاهتمام".

ستيفن كينوك، وزير شؤون الهجرة في حكومة الظل "العمالية" المعارضة، اتهم الحكومة بـ "الفشل الذريع" في التعامل مع هذه القضية وقال إن "تزايد حالات تشرد اللاجئين في شوارعنا هو أحدث مثال على فشل ’المحافظين‘ في احتواء الفوضى التي تعم نظام اللجوء".

ورأى كينوك أنه "ينبغي عدم ترك اللاجئين في حالٍ من العوز، فيما تقوم الحكومة في كثير من الأحيان بإلقاء المسؤولية على المجالس المحلية، التي تواجه في الأساس أزمة كبيرة في قطاع الإسكان".

وأضاف أن "وزارة الداخلية التي يتولاها حزب ’المحافظين‘ تعاني من فوضى عارمة ومن عدم الكفاءة إلى درجة أنها تفشل تماماً في الوفاء بهذه الوظيفة الأساسية، التي يجب أن تضطلع بها الحكومة. ونتيجةً لذلك نشهد زيادةً كبيرة في حالات التشرد هذا الشتاء".

وكان قادةٌ عسكريون من رتبٍ عالية قد دانوا في السابق الوقت القصير الممنوح للأفغان للحصول على الدعم والمساعدة. وقال السير ريتشارد بارونز القائد السابق لـ "قيادة القوات المشتركة في المملكة المتحدة" UK Joint Forces Command إنه "لا يمكن للحكومة المركزية أن تجير مسؤولياتها بهذه البساطة إلى السلطات المحلية. ولا يمكننا تالياً التخلي عن هؤلاء الأفراد وتركهم لمصيرهم بحيث قد يضطرون إلى النوم في العراء".

في غضون ذلك، عملت جمعياتٌ خيرية على توزيع خيمٍ على الأشخاص الذين يفتقرون لمأوى يعيشون فيه. وأمام هذا الواقع، وافقت وزارة الداخلية على وقف عمليات إخلاء الفنادق في الفترة الممتدة ما بين الثالث والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، والثاني من يناير (كانون الثاني) المقبل.

مشكلة متفاقمة

تكشف بيانات المجالس المحلية أن ما مجموعه 13,055 "لاجئاً جديداً" قد تم تسجيلهم كمشردين في الأشهر العشرة الأولى من السنة 2023، مقارنةً بـ 8,566 في العام 2022 بأكمله.

ومن المرجح أن تكون هذه الأرقام أقل من الواقع، نظراً إلى أن 80 في المئة فقط من أصل نحو 350 مجلساً محلياً في المملكة المتحدة، استجابوا لطلب الاطلاع على البيانات بموجب قانون "حرية الحصول على المعلومات"  Freedom of Information، الذي تقدمت به مؤسسة "كير فور كاليه" Care4Calais الخيرية (التي تُعنى بتسهيل أوضاع طالبي اللجوء في شمال فرنسا وبلجيكا).

وتنعكس هذه الزيادة في بيانات الحكومة البريطانية الأخيرة والتي تشير إلى أنه في شهر سبتمبر (أيلول) الفائت، كان 222 شخصاً ينامون في العراء بعد توقف خدمات دعم اللجوء عنهم، في زيادةٍ واضحة عن العدد المسجل في شهر يوليو (تموز) والذي كان في حدود 44 شخصاً فقط.

ستيف سميث، الرئيس التنفيذي لمؤسسة "كير فور كاليه"، رأى أن هذه الزيادة ترمز إلى العيوب الموجودة في نظام اللجوء في المملكة المتحدة. وشدد على أن "أحداً لا يرغب في أن يرى أفراداً جاؤوا إلى هنا للبحث عن ملاذٍ آمن، وقد تُركوا مُعدمين في شوارعنا، لكن هذا هو الواقع المؤسف في ظل الحكومة الراهنة".

لاجئٌ جديدٌ آخر يعيش في حديقة عامة في مدينة ريدينغ في إنجلترا، بعد إخراجه من مكان إقامته في أحد الفنادق قال لـ "اندبندنت"، إن المجلس المحلي لم يتمكن من مساعدته لأن وضعه الاجتماعي لا يشكل أولويةً لكونه شاباً عازبا.

وأكد مجتبى قادري أنه يواجه الآن صعوبةً في النوم ليلاً، وهو غير قادر على وقف تسلل مياه الأمطار إلى خيمته في الليل.

الشاب البالغ من العمر 25 عاماً أكد أن معظم طلبات العمل التي تقدم بها عندما كان يعيش في الفندق، جرى تجاهلها. وعلى الرغم من أنه كان ضمن القائمة المختصرة لنيل وظيفةٍ في أحد متاجر "تيسكو"، إلا أنه لم يصل إلى المرحلة النهائية. وهو الآن يواجه صعوباتٍ في التقدم لوظيفة من دون أن يكون لديه عنوانٌ رسمي.

وأضاف: "أبلغتني السلطات المعنية في المجلس المحلي بأنه ليس لديها أي سكن متاح. إن صحتي العقلية هي ليست على ما يرام، ولا يمكنني اعتبار المكان الذي أنام فيه الآن آمنا. فحتى عندما تكون خيمتي مغلقة، تدخل إليها الحشرات، ويتسرب الماء إلى داخلها عندما يكون الجو ماطرا. صحيح أنني أستطيع الحصول على وجباتٍ مجانية أو مخفضة الكلفة في جميع أنحاء المدينة، لكن الطعام ليس من أولوياتي".

وأردف قائلاً: "في معظم الليالي أجد صعوبةً في النوم، وفي النهار أعاني من صداع مستمر. أشعر بصراع داخلي نتيجة الأفكار التي تدور في رأسي. وكثيراً ما أفوّت وجبات طعام، وآكل فقط عندما لا أطيق صبراً على الجوع. أولويتي الأساسية هي العثور على مكان يمكنني العيش فيه".

 "المجلس المحلي في ريدينغ" أكد أنه شهد زيادة في عدد الإحالات عليه، كما في عمليات التحقق من الأشخاص الذين حصلوا على الموافقة بمنحهم حق اللجوء.

وأوضح المجلس أن "التزام وزارة الداخلية إنهاء طلبات اللجوء المتراكمة بحلول نهاية العام الجاري، إلى جانب تطبيق توجيهاتها المتعلقة بإعطاء إشعارٍ قبل 7 أيام فقط للأفراد بوجوب مغادرة أماكن الإقامة، أديا إلى تزايد كبيرٍ في الطلب على خدمات المجلس محلياً، وتحويل الضغوط بشكلٍ فعلي إلى المجالس المحلية. وأكد أن اختصاصيين عُينوا للتعامل مع حالة مجتبى قادري، لمساعدته على “استكشاف خيارات السكن".

يُشار إلى ان الأفغان يشكلون النسبة الأكبر من مقدمي طلبات اللجوء في المملكة المتحدة حتى سبتمبر "أيلول" من هذا العام، وذلك بنسبة 14 في المئة من المجموع العام. ويأتي بعدهم الإيرانيون، ثم الألبان. ويبلغ معدل منح اللجوء للأفغان والإريتريين والسوريين والإيرانيين أكثر من 85 في المئة من المجموع.

إيوان روبرتس، مدير مركز اللجوء  Asylum Link Merseyside، رأى أن وزارة الداخلية البريطانية "تدفع باللاجئين من خلال النظام إلى الشوارع".

وأشارت هيلين هودجسون ممثلة مؤسسة "الأمل في المنزل" Hope at Home (التي تُعنى بتأمين أماكن إقامة آمنة ومستقرة للمعرضين للتشرد) إلى أن الناجين من العبودية الحديثة لا يحصلون على المساعدة الكافية التي يحتاجونها ويستحقونها و"يواجهون ثغرات في نظام الدعم".

ونبهت بريدجيت يونغ، مديرة منظمة "نو أكوموديشن نتوورك" No Accommodation Network (NACCOM) - وهي شبكة من جمعياتٍ خيرية تدعم اللاجئين المشردين - إلى أن الوضع يزداد يأساً في أشد الأوقات برودةً في السنة.

وفي تعليق على ما تقدم، أوضح متحدثٌ باسم الحكومة البريطانية أن اللاجئين يحصلون الآن على فترةٍ مدتها 28 يوماً للانتقال من أماكن إقامة اللجوء، بعد حصولهم على تصريح الإقامة البيومتري. وقال: "نحن نتعاون مع السلطات المحلية لمعالجة آثار قرارات اللجوء، في موازاة تخفيض حجم الإرث المتراكم من الطلبات".

© The Independent

المزيد من تقارير