Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قانون الطاقة النظيفة يبصر النور في لبنان

كسر المشرع احتكار إنتاج الكهرباء من قبل الشركة الوطنية وأتاح التبادل للقطاع الخاص

شهد لبنان خلال العقد الأخير نمواً كبيراً لاستخدام الطاقة المتجددة في غياب التشريعات اللازمة (اندبندنت عربية)

ملخص

عاش قطاع الطاقة النظيفة في لبنان خلال الأعوام الخمسة الأخيرة حالاً من الفراغ التشريعي

خطا لبنان خطوة إضافية نحو تطوير استراتيجيته للطاقة النظيفة من خلال إقرار "قانون إنتاج الطاقة المتجددة الموزعة"، فيما تتجه الأنظار إلى "هيئة تنظيم قطاع الكهرباء" التي مضى 20 عاماً على إنشائها، وحالت المصالح السياسية دون تشكيلها. في المقابل، لم ينتظر المواطن اللبناني إقرار القانون لتنظيم الاستثمارات في الطاقة المنخفضة الكلفة، إذ امتلأت أسطح الأبنية وواجهات المؤسسات بألواح الطاقة الشمسية خلال الأعوام الخمسة الماضية، إثر الانهيار المالي والاقتصادي في البلاد، حين فقدت مؤسسة "كهرباء لبنان" قدرتها على توفير التيار للمواطنين بسبب فقدان مادة الفيول أويل وشح الأموال اللازمة لشراء شحنات منها.

بانتظار تشكيل الهيئة

وفي 2002، صدر قانون "تنظيم قطاع الكهرباء"، لكنه بقي إلى حينه حبراً على ورق بسبب عدم تشكيل "هيئة تنظيم قطاع الكهرباء". اليوم، يأتي القانون الجديد لتكريس دور مركزي للهيئة في دقائق الأمور التطبيقية. لذا فإن غياب الهيئة سيؤثر مباشرة في القانون، إذ منحها القانون الجديد حق وضع "الإجراءات والمبادئ اللازمة لتبادل الطاقة بين المستهلك ومنتج الطاقة المتجددة"، والإجازة لمنتجي الطاقة المتجددة المستوفين للشروط الفنية، الربط على الشبكة العامة، وكذلك إصدار القرارات اللازمة لتمكين شراء الطاقة المتجددة بين المنتج والمستهلكين، ناهيك عن قيام الهيئة بإنشاء قاعدة بيانات لإنتاج الطاقة المتجددة الموزعة في لبنان والاحتفاظ بها، ويكون لمؤسسة كهرباء لبنان الاطلاع عليها.

وتتلقى الهيئة المعلومات من منتجي الطاقة المتجددة في شأن البيانات المالية والفنية لأنظمة الطاقة المتجددة العاملة ويجب عليها "إصدار الأنظمة والقرارات اللازمة لتطبيق هذا القانون تباعاً وخلال مهلة أقصاها عامين من تاريخ صدوره"، بحسب المادة السابعة منه.

خطوة في مسار طويل

وضمّن المشرع اللبناني القانون الأسباب الموجبة له، إذ عبّر عن تمسكه بتطوير الطاقة الشمسية التي "تعتبر اليوم واحدة من أكثر الوسائل فاعلية من حيث الكلفة لإنتاج الكهرباء"، مكرراً التزام لبنان بالشراكة مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (RENA) الوصول إلى تحقيق هدف 30 في المئة كهرباء متجددة، إلى جانب خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 30 في المئة بحلول 2030، إضافة إلى السماح بخفض اعتماد لبنان على استيراد الفيول والمساعدة في توازن الموازنة الوطنية من خلال خفض نفقات استيراد تلك المادة وتوفير مزيد من فرص العمل في مجال الطاقة المتجددة وحماية صحة المواطنين والنظم الإيكولوجية الطبيعية عبر الحد من تلوث الهواء.

خطوة في الاتجاه الصحيح

بالترحاب، استقبل العاملون في مجال الطاقة النظيفة القانون الجديد، ويصف رئيس مركز الطاقة المهندس بيار خوري الخطوة بـ"الإنجاز التاريخي على المستوى التشريعي، كما أن القانون يواكب التطورات على المستوى العالمي في مجال الطاقة المتجددة"، لافتاً إلى أنه "قانون متطور ويعطي مرونة للقطاع الخاص من أجل استخدام الشبكة العامة، ويسهم في تنشيط مشاريع الطاقة في لبنان".
ويشير إلى مبدأين أساسيين في هذا القانون، فمن جهة، هناك "مبدأ التعداد الصافي الذي يتيح للمواطن المستثمر في مجال الطاقة المتجددة ضخها عبر الشبكة، ومن ثم القدرة على استردادها ضمن علاقة التبادل الطاقوي بين القطاع الخاص (المواطن) ومؤسسة كهرباء لبنان"، أما المبدأ الثاني، فهو السماح لجهتين تنتميان إلى القطاع الخاص بتبادل الطاقة من خلال الشبكة العمومية التابعة لمؤسسة "كهرباء لبنان".
ويراهن خوري على النتائج الإيجابية التي ستنجم عن هذا القانون الجديد الذي يتطلب تطبيقه تشكيل الهيئة الناظمة، متوقعاً "زيادة الإنتاج خلال الأعوام الثلاثة المقبلة بمعدل ألف ميغاوات، لنصل إلى قرابة 2500 ميغاوات طاقة متجددة، وهو رقم ممتاز للغاية، فسيصل لبنان إلى إنتاج 60 في المئة من حاجاته بواسطة الطاقة المتجددة".  

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تغطية جزئية

وتؤمن الطاقة المتجددة حالياً حاجات المواطن اللبناني بصورة جزئي، ويوضح خوري أن "حاجة البلاد الحالية من الطاقة هي بحدود 1800 ميغاوات، تغطيها بصورة جزئية المعامل الحرارية لمؤسسة كهرباء لبنان، فيما وصلت الطاقة المنتَجة من الطاقة الشمسية إلى 1200 ميغاوات غير مستقرة بفعل تأثير المناخ وقدرة التخزين، وهي تساوي فعلياً حوالى 400 ميغاوات مستمرة".
ويعوّل خوري على دور القطاع الخاص في مراقبة استقرار الإنتاج وعدم تعرض الشبكة للهدر أو السرقة لأن "المنتج موجود في الميدان ضمن الحي وقرب المصنع، ويحاول تحقيق الربح وحماية مصالحه الخاصة، مما يجعل الاعتداءات أكثر صعوبة بفعل الاستعانة بالتقنيات الحديثة والمتطورة لضبط الإنتاج والتوزيع".
وينوه إلى "تشجيع القانون على تخفيف الاستثمارات في الطاقة المولدة من الوقود الأحفوري والنفط والمازوت، والانتقال إلى الاستفادة من الطاقة الشمسية المنخفضة الكلفة، مما سيؤدي مستقبلاً إلى تراجع كلفة الفاتورة الكهربائية على المواطن اللبناني"، مستدركاً أن "الفائدة مرهونة بتطبيق القانون والخطوات التنفيذية والإدارية لجذب الاستثمارات"، إضافة إلى "تخفيف الفاتورة الصحية ومواكبة التوجهات الدولية التي أعلنت عنها قمة المناخ في الإمارات العربية المتحدة كوب-28".

قانون مع وقف التنفيذ؟

على الضفة القانونية، ترحب الخبيرة القانونية المتخصصة في مجال الطاقة كريستينا أبي حيدر بهذا القانون من الناحية المبدئية، فهو "خطوة إيجابية ولكن تبقى غير كافية"، متخوفةً من أن "يتحول إلى قانون معلق التنفيذ وينضم إلى القوانين التي أقرها المشرع من دون أن تنتقل إلى حيز التطبيق"، مشيرة إلى أنه "أول قانون يضبط استخدام الطاقة المتجددة في لبنان وينظم التبادل الطاقوي ضمن القطاع الخاص من دون دخول أي طرف ثالث لجذب الاستثمارات، إلا في حال استخدام الشبكة العمومية ودفع رسم عبور لمؤسسة كهرباء لبنان". وتكمن أهمية هذا القانون بحسب أبي حيدر في أنه "يكسر احتكار كهرباء لبنان في الإنتاج والتوزيع لغاية 10 ميغاوات طاقة نظيفة"، كما أنه يفتح الباب أمام "المقاصة" بين القطاع الخاص و"كهرباء لبنان" من دون تجاهل الأثر الكبير لناحية تشجيع الطاقة المتجددة، وتخفيف الانبعاثات الكربونية.
وتقول أبي حيدر إن "هناك تخوفاً من أن يكون القانون وُلد ميتاً ويضاف إقراره إلى قائمة الإنجازات الوهمية" لأنه "عندما كتبنا الصيغة الأولى لهذا القانون، راعينا بعض الأمور التي ألغاها المشرع في النسخة الحالية"، موضحة أن "الصيغة النهائية للقانون تحول دون تطبيقه بسبب ربط دقائق هذا القانون بتشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء التي نص عليها قانون تنظيم قطاع الكهرباء الصادر عام 2002، إلا أنه بعد مرور 22 عاماً، لم تقم الحكومة اللبنانية بإنشائها لأسباب سياسية".
وتنبّه أبي حيدر إلى أهمية تشكيل الهيئة، وتشرح أنها "تأتي في مقدمة الإرشادات التي تقدم بها صندوق النقد الدولي لإصلاح قطاع الكهرباء، إلى جانب تصحيح التعرفة وتخفيف الهدر"، مضيفة أنهم "لا يريدون تعيين هيئة ناظمة لأنها ستحد من سلطة السياسيين ووزير الطاقة على القطاع".

الأولوية للإصلاح

ويعتبر قطاع الكهرباء في مقدمة القطاعات الاقتصادية الواجبة الإصلاح في لبنان، حيث يقع عليه عبء المسؤولية الجزئية عن الانهيار المالي في البلاد، إذ إن الدولة تكفلت بدفع ملياري دولار سنوياً خلال العقد الثاني من القرن الـ21 لاستيراد مادة الفيول واستئجار بواخر تولد الطاقة الكهربائية، وقامت الخزانة اللبنانية بدعم قطاع الطاقة بسبب الخسائر الكبيرة التي تتكبدها مؤسسة "كهرباء لبنان".
وتعلق أبي حيدر على ما يثار حول بلوغ لبنان مرحلة إنتاج 30 في المئة من حاجته عبر الطاقة المتجددة، لافتة إلى أنه "في غياب ربط الإنتاج بالشبكة العمومية، لا يمكن قياس حجم الطاقة المنتجة من قبل المواطنين والقطاع الخاص بصورة دقيقة" لأن "الألف ميغاوات المنتَجة تأتي من مبادرات فردية لسد الحاجات الشخصية، ولا يمكن تبادل فائض الإنتاج في الوقت الراهن".
لذلك، تعرب عن اعتقاده بأنه "من أجل تفعيل القانون لا بد من اتخاذ واحدة من الخطوتين التاليتين، إما إعادته إلى البرلمان من أجل تعديله ورده إلى المسودة الأساسية التي تفتح التبادل الطاقوي بصورة تلقائية بين أطراف القطاع الخاص، أو التوجه إلى تعيين الهيئة الناظمة المستقلة للقطاع وتطبيق الشروط الإصلاحية التي يدعو إليها المجتمع الدولي، ومن ثم ألا تخضع التعيينات لمعايير وزير الطاقة وللمساعي التي تطالب بتعديل القانون رقم 462/2002، من أجل تعيين ستة أعضاء وفق المحاصصة السياسية والطائفية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير