Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عن سينما التنميط البصري في أفلام "الأبطال الخارقين"

التضليل الذي تمارسه هذه الأعمال يصبح أكبر خطورة إذا لم نفهم طبيعتها وجدواها

توبي ماغواير في فيلم سبايدرمان للمخرج سام ريمي (كولومبيا، ومارفيل، وكوبال، وشاترستوك) 

ملخص

هوليوود ومؤسساتها اليوم، يحاولان إخراج الكاميرا من الواقع الأميركي والزج بها في أحضان استوديوهات ينعدم فيها مفهوم الكتابة

تؤثر ستوديوهات هوليوود على الصناعة السينمائية في العالم ككل، إذ إن الربح الاقتصادي المهول الذي تحققه بعض الأفلام السينمائية المتعلقة بسيرة الأبطال الخارقين، تكرس بطريقة غير مباشرة لما ينبغي أن تكون عليه الصناعة السينمائية اليوم.

إذ على رغم مظاهر التصدع والشرخ التي تصيب الاجتماع الأميركي المعاصر، تبدو سينماه عاجزة عن التقاط لحظات قوية ذات صلة بهذا الواقع المتحول. ويسجل عديد من نقاد السينما مدى تراجع السينما الهوليوودية في السنوات الأخيرة، إذ لم تعد هذه السينما قادرة على التأثير بأعمالها مقارنة بأفلام أخرى قادمة من بقاع أخرى من العالم.

في وقت كانت فيه هوليوود تقدم مثالاً حقيقياً لما ينبغي أن يكون عليه الفن السابع، خصوصاً في مرحلة السبعينيات التي تعتبر أكبر الفترات الذهبية في تاريخ السينما. بل إن هوليوود ومؤسساتها اليوم، يحاولان إخراج الكاميرا من الواقع الأميركي والزج بها في أحضان استوديوهات ينعدم فيها مفهوم الكتابة، ويصبح الحاسوب هو الصانع الأكبر للفيلم.

ترفيه واستهلاك

بهذه الطريقة، تتراجع أصالة السينما الأميركية، مع أنها في الوقت نفسه تحقق أعلى الإيرادات العالمية إلى جانب نظيرتها الهندية، مع اختلاف شاسع على مستوى العرض. وعلى رغم ما يدعيه مخرجو هذه الأفلام من أبعاد فكرية وجمالية حاولوا أن يدرجوها في أفلامهم، فإن حقيقة بعض الأعمال المعروضة تؤكد الهواجس الترفيهية والتجارية التي تضمرها أفلامهم.

 

 

فهي أفلام لا تحصل على جوائز ولا تترشح للأوسكار، لأن المؤسسات تدرك جيداً أنها أفلام مخصصة للاستهلاك داخل قاعات السينما العالمية. ناهيك عن كونها أكثر الأفلام التي تتلقى نقداً لاذعاً من لدن النقاد، لأنهم يدركون مدى سطحيتها وارتباكها لكونها لا تقدم أي جديد سينما له علاقة بتحولات الواقع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حين يشاهد المرء أفلام باتمان أو سبايدرمان لا يتعلم أي شيء. إنه يجد نفسه أمام سينما يحاول المخرج أن يمارس تضليلاً بصرياً. تضليل يغدو أشبه بسلطة الآخر على عيش المتلقي، لأنها عمل لا يخاطب العقل ويحث على الإدراك، بل صور ترفيهية متواصلة إلى ما لا نهائية. كما أن الدعاية السياسية لأميركا تبقى الهاجس الأكبر في فيلم سبايدرمان، على أساس أنه رجل أميركي خارق يخلص الناس من الأخطار والأوجاع.

بل إن الأنظمة تعشق مثل هذه الأفلام التي تصنع بطريقة ما خطابها أمام العالم، لذلك لا تتردد بعض الحكومات في دعم الإنتاج السينمائي المغرد بأهميتها ودورها، في حين تجابه وتمنع وتتسلط على كل إنتاج سينمائي أصيل يحاول تفكيك أساطير السلطة وتنانينها.

التضليل الذي تمارسه سينما الأبطال الخارقين يصبح أكبر خطورة إذا لم نفهم طبيعة هذه الأعمال وجدواها، على رغم أن أمراً كهذا يبق مغيباً من لدن اهتمامات المنشغلين في السينما. ذلك إن البحث السينمائي يتعامل مع الفيلموغرافيا بطريقة سلسة تكون في مجملها عبارة عن مراجعات وقراءات أو إسقاط لنظريات فلسفية على الفيلم.

 

 

في حين أن وظيفة النقد المعاصر تتجاوز التعريف والإخبار والحكي والتذكير. إنها وظيفة تفكيكية قادرة على إظهار فداحة هذا النوع السينمائي وكيف يسهم في تغريب السينما الحقيقية المهتمة بأحوال الناس وشؤونهم داخل الاجتماع الأميركي. فالكاميرا لها القدرة على الدخول إلى الممرات والأزقة والبيوت المعتمة والكشف عن أشياء فظيعة تحدث داخل أميركا سياسياً واجتماعياً.

يبدو فيلم "هولك الخارق" (2008) للمخرج الفرنسي لويس ليترير وبطولة إدوارد نورتون وليف تايلر وتيم روث وتاي باريل، أحد أهم الأفلام السينمائية في هذا الصدد. والسبب أنه فيلم يمزج بين الواقعي والخيالي إذ يقدم مفهوم "البطل الخارق" على أساس أنه رجل عادي من عامة الشعب.

فهذا الفيلم لا يفرض على المشاهد سلسلة من الصور النمطية ذات الإيقاع السريع والخاضع إلى الإفراط في الموسيقى التصوير من أجل دغدغة مشاعر المتلقي. بقدر ما يعتمد على آلية سينمائية مدهشة تخلق نوعاً من التناظر البصري بين الواقع والخيال. ذلك إن البعد الفانتاستيكي في الفيلم، لا يأتي كوجود بصري مستقل، بل تعامل معه كتاب السيناريو زاك بان وإيدوارد هاريسون بوصفه ذريعة جمالية.

انفصام الصورة

غالبية أفلام الأبطال الخارقين تنفصل فيها الصورة عن الواقع، فالمشاهد يجد نفسه أمام تناقض حقيقي. الواقع يعتبر شرطاً أساسياً بالنسبة للسينما ومتخيلها، فهو السند الوحيد القادر على خلق طباق بصري بين ما يدور في الواقع وما ترغب الصورة في نقله.

كما أن رهان بعض دور النشر الأدبية على الروايات التي تصور الناس بوصفهم أبطال خارقين، أسهم بشكل كبير في تكريس هذا المتخيل الفانتاستيكي وجعل الناس يرغبون في معرفة مزيد عن عالم الكواكب والأشباح وغيرها.

إن أي سينما لا تطلق من الواقع ولو بشكل صوري يكون محكوماً عليها بالفشل السينمائي، إذ حتى لو كانت مداخيلها كبيرة، فإنها تبقى هشة ومرتبكة في عيون النقاد. كما تحرص الصالات السينمائية العالمية على عرض مزيد من هذه الأفلام لتحقيق أرباح تجارية، ما دام أن سينما المؤلف لا تحقق لها ما ترغب فيه.

تقول الكاتبة علياء طلعت "تشبع الجمهور بأفلام الأبطال الخارقين لفترة طويلة بما يكفي ليشعروا بالملل من القصص نفسها التي يعاد تدويرها، وهو الأمر الذي شهدته أنواع سينمائية أخرى على مدار تاريخ الفن السابع، فعلى سبيل المثال راجت الأفلام الموسيقية لفترة من الزمن، لتبدو كما لو أنها أبدية، ثم بشكل مفاجئ لم نعد نشاهدها سوى كل أعوام عدة في فيلم يعيد أجواءها على سبيل الحنين للماضي".

اقرأ المزيد

المزيد من سينما