Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صناع المحتوى الرقمي تحت مجهر السلطات في تونس

تسعى الحكومة إلى طرق كل الأبواب الممكنة من أجل تعبئة موارد مالية وسط الضغوط الاقتصادية التي تواجهها البلاد

يرى كثيرون أن مداخيل مشاهير السوشيال ميديا طائلة في تونس بناء على ما يظهرونه من بذخ (أ ف ب)

ملخص

كثيراً ما أثار "مشاهير السوشيال ميديا" جدلاً في تونس خصوصاً أنه بات ينظر إليهم على أنهم "الأثرياء الجدد" في بلد يواجه واحدة من أسوأ أزماته الاقتصادية

وضعت السلطة في تونس المؤثرين وصناع المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي تحت مجهرها وسط اتهامات لهؤلاء بجني أموال طائلة، خصوصاً إثر إطلالات إعلامية مثيرة للجدل لعدد منهم، في وقت تتعهد الحكومة بتكريس العدل في توزيع الضريبة على مختلف الشرائح والفئات في البلاد.
وتسعى السلطات إلى طرق كل الأبواب الممكنة من أجل تعبئة موارد مالية نظراً إلى الضغوط الاقتصادية التي تواجهها تونس، حيث تشن أيضاً حملة ضد عدد من رجال الأعمال بعد فشل مشروع للصلح الجزائي معهم على خلفية اتهامهم بالفساد.
وأخيراً تم توقيف رجال أعمال بارزين مثل مروان المبروك، صهر الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، فيما قال الرئيس التونسي قيس سعيد إن على رجال الأعمال الموقوفين دفع الأموال مقابل مغادرة السجن في حين تعزز السلطات الرقابة على الأموال التي تتدفق على الجمعيات والأحزاب.
وأعلنت وزيرة المالية التونسية سهام نمصية البوغديري أخيراً عن إخضاع 140 من نجوم هذه المواقع للمراقبة الضريبية، لافتة في جلسة عامة للبرلمان إلى أنه تمت مطالبة هؤلاء بدفع مبلغ قيمته 3 ملايين دولار.
وكشفت عن تشكيل لجنة للتحقيق في المعلومات التي يتم التوصل إليها من قبل مصالح الضرائب بغية دمج حوالى 20 ألفاً من صناع المحتوى ومسدي الخدمات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ضمن نظام الضرائب في البلاد.

أثرياء تونس الجدد

"مشاهير السوشيال ميديا" كما يحلو لكثيرين تسميتهم، كثيراً ما أثاروا جدلاً في تونس، خصوصاً أنه بات ينظر إليهم على أنهم "الأثرياء الجدد" في بلد يواجه واحدة من أسوأ أزماته الاقتصادية.
وأثارت "بلوغر" (Blogger) تونسية قبل أشهر جدلاً عاصفاً بعد تصريحات أدلت بها إلى وسائل إعلام محلية وقالت فيها إنها تتقاضى حوالى 6500 دولار مقابل كل ظهور لساعة على تطبيق "تيك توك".
ويواجه هؤلاء انتقادات حادة بسبب ما يصفه بعضهم البذخ الذي يظهرونه في جلسات تصوير أو غير ذلك، في وقت تشهد تونس أزمة اقتصادية متفاقمة.
وكان ناشطون أطلقوا حملة ضد المؤثرين وصانعي المحتوى الذين يروجون لمواد شبه طبية عبر تطبيقات "إنستغرام" أو غيره وسط مخاوف من تلك المواد، لا سيما أنها مجهولة المصدر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وتقول الصحافية نعيمة الشرميطي إن "موضوع صانعي المحتوى في تونس يتصاعد، خصوصاً مع عدم تحرك السلطات حياله وفي ظل عوائد مالية خيالية لهؤلاء، فالسلطات تدرك أن بعضهم يحصل على مبالغ تصل إلى 3 و4 آلاف دولار مقابل قصة 'ستوري' ومع ذلك لم تخضعهم للجباية حتى الآن على رغم إعلان الحكومة الأخير"، موضحة أن "هذا جعل صانعي المحتوى والمؤثرين يصبحون أثرياء تونس الجدد. فهناك فوضى، خصوصاً على مستوى التجارة والمنتوجات الطبية وشبه الطبية والملابس التي يتم الترويج لها، وهؤلاء متهربون من الضرائب واستغلوا عدم تحرك الدولة منذ البداية".

وشددت الصحافية التونسية على أن "الخطر في الأمر ليس التهرب الضريبي فحسب، بل الترويج لمواد شبه طبية وطبية الذي حذرت منه نقابة الصيادلة ووزارة الصحة أيضاً. فكان على السلطات منع الترويج لأدوية ومواد شبه طبية كهذه".
وفي ظل طغيان الخلافات السياسية على المشهد، فإن تونس لم تُقر بعد أي تشريعات أو قوانين لتنظيم هذا القطاع وأيضاً التجارة الإلكترونية التي باتت توفر فرص عمل لآلاف الشباب.
وكثيراً ما ساد الانقسام الشارع التونسي حول صانعي المحتوى والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي بين من ينتقدهم بشدة بسبب المضامين التي يبثونها وآخرين يشيدون بهم.
وترى الشرميطي أنه "علينا أن نُنسب الأمور إلى أصحابها لأنه من غير الممكن وضع الجميع في سلة واحدة، فهناك مؤثرون يقدمون محتوى ثرياً ويساعدون حتى في الترويج للسياحة في بلادنا وهذا أمر إيجابي وكان على السلطات استغلاله لفائدة البلاد، لكن هناك مؤثرين محتواهم لا يعكس أي قيمة".

تكثيف الجباية

وأثار قرار الحكومة التونسية الجديد جدلاً في البلاد التي تشهد أزمة اقتصادية حادة، مما جعل كثيرين يطرحون تساؤلات، هل هذا القانون لتنظيم الفضاء الافتراضي أم لتكثيف الجباية؟

من جهته، يجيب أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية رضا الشكندالي بالقول إنها "في النهاية، مقاربة محاسباتية من السلطة وهي مقاربة تم اتباعها منذ الثورة عام 2011 وتهدف إلى تعبئة موارد مالية جديدة لموازنة الدولة فقط، لأن الغاية التي عبرت عنها السلطة هي غاية ضريبية وليست تربوية أو ثقافية".
وأردف أن "السلطات ليست لديها إثباتات في شأن العوائد المالية لصانعي المحتوى والمؤثرين، لكنها بصدد بناء معطياتها على مجرد تصريحات أدلى بها هؤلاء، إلا أن الأهم في اعتقادي هو أن الموضوع أشمل ويتعلق أيضاً بشباب تربطهم علاقات تعاون وشراكات مع الخارج"، قائلاً "أقصد الشركات الناشئة مثلاً، لا يجب أن يكون هناك خلط بينها لأنه لا بد من تشجيع الشركات الناشئة على تعزيز علاقاتها مع الخارج بما أنها تمكن الشباب من فرص واعدة".
ولفت إلى أن "ما يثير القلق حيال المؤثرين هو المحتوى الذي يبثونه والذي يتضمن في بعض الأحيان مساً بالأخلاق، مما كان يجب الانتباه إليه".
وتعرف مواقع التواصل الاجتماعي انتشاراً واسعاً لصفحات متخصصة في البيع والشراء وتقوم بإعلانات مدعومة وممولة. وسبق أن قال رئيس "الغرفة النقابية للتجارة الإلكترونية والبيع عن بعد" خليل الطالبي إن "هذا النوع من التجارة بلغت قيمته 1.5 مليار دولار عام 2022".
وحاولت الحكومة التونسية تنظيم هذا النوع من التجارة من خلال إصدار قانون في 2020، ليس واضحاً بعد ما إذا كان سينجح في تحقيق أهدافه.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات