Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ترك 2023 بريطانيا على حافة الركود؟

عام من الصدمات وبعض علامات الأمل بالنسبة إلى الشركات والأسواق

 انخفض متوسط سعر مبيعات العقارات في بريطانيا بنسبة 2 في المئة في نوفمبر الماضي (أ ف ب)

هيمنت آثار التشديد في السياسة النقدية والاضطرابات السياسية العالمية الجديدة على الأسواق في بريطانيا هذا العام، إذ تباطأت سوق الإسكان وكان أداء سوق الأوراق المالية في لندن مخيباً للآمال، إلى جانب علامات استفهام كثيرة حول ما إذا كان الاقتصاد البريطاني سيدخل في مرحلة الركود العام المقبل؟ في حين ينظر إلى تهدئة التضخم وتخفيف أسعار الطاقة بالجملة والعلامات التي تشير إلى أن أسعار الفائدة ربما تكون قد بلغت ذروتها على أنها مؤشرات أكثر إيجابية.

أسعار المنازل مقابل الأحجام

إلى ذلك، رصدت صحيفة "التايمز" تداعيات كل ذلك على الأسواق وقطاع الأعمال في البلاد، فأدى الارتفاع السريع في أسعار الفائدة هذا العام إلى أن يصبح اقتراض الرهن العقاري في بريطانيا أكثر كلفة بكثير بالنسبة لمشتري المنازل، وليس من المستغرب أن ينخفض حجم معاملات الإسكان هذا العام، بنسبة 10 في المئة خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، انخفضت المعاملات بنسبة 17 في المئة سنوياً، وفقاً لأحدث الأرقام الصادرة عن هيئة الإيرادات والجمارك البريطانية.

وكانت أسعار مبيعات العقارات في بريطانيا أكثر قوة، ولكن في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، انخفض متوسط سعر البيع بنسبة اثنين في المئة على أساس سنوي وفقاً لمؤشر أسعار المنازل على الصعيد الوطني، وهو أقل حدة من الانخفاض بنسبة 3.3 في المئة المسجل في أكتوبر الماضي.

في غضون ذلك، ارتفعت أسعار المبيعات الشهرية بنسبة 0.2 في المئة، مما ألقى بتكهنات بين الاقتصاديين في الحي المالي بأن سوق الإسكان ربما يكون قد وصل إلى أدنى مستوياته.

وتعد الموافقات على الرهن العقاري هي المقياس الأكثر تطلعاً للمستقبل من أرقام المعاملات، لذا فإن الزيادة في حجم طلبات الرهن العقاري يمكن تفسيرها على أنها إشارة صعودية لسوق الإسكان.

وارتفع صافي الموافقات على الرهن العقاري إلى 47.400 ألف موافقة في أكتوبر الماضي، من 43.700 ألف موافقة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفقاً لأحدث الأرقام الصادرة عن بنك إنجلترا، أيضاً ارتفع صافي الموافقات على إعادة الرهن العقاري هذه المرة إلى 23.700 ألف موافقة من 20.600 ألف موافقة.

وكانت الزيادة في أكتوبر الماضي، هي أول زيادة شهرية منذ يونيو (حزيران) الماضي، لكن أرقام الموافقات لا تزال أقل بنسبة 17 في المئة مقارنة بشهر أكتوبر 2022، وارتفع سعر الفائدة "الفعال" (الفائدة الفعلية المدفوعة) على القروض العقارية المسحوبة حديثاً إلى 5.25 في المئة في أكتوبر الماضي، من 5.01 في المئة في الشهر السابق.

أحجام الاكتتاب العام

كذلك شهدت عمليات الإدراج الجديدة تباطؤاً عالمياً هذا العام، إذ أدى الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة إلى تقليص تقييمات الأسهم وشهية المستثمرين، وانخفضت الأحجام العالمية من العروض العامة الأولية بنسبة خمسة في المئة إلى 968 عرضاً خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، وفقاً لتحليل أجرته شركة "أي واي"، في حين انخفضت العائدات بنسبة أكثر دراماتيكية بنسبة 32 في المئة إلى 101.2 مليار دولار.

وفي سوق الأوراق المالية الرئيسة، لم يكن هناك سوى 14 طرحاً عاماً أولياً وتسعة أخرى في السوق الصغيرة، إذ جمعت عائدات بقيمة 953 مليون جنيه (1.2 مليار دولار)، وهو ما يقل عن 45 طرحاً عاماً أولياً العام الماضي، وتخلف النشاط في بورصة لندن عن بورصتي نيويورك وهونغ كونغ، على رغم أن حجم الأسهم المطروحة في كلا السوقين كان أقل من متوسط السنوات الخمس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إلى ذلك، تسبب اندلاع الحرب في الشرق الأوسط في ارتفاع جديد في أسعار الذهب، الذي ينظر إليه على أنه أحد أصول الملاذ الآمن، إذ اخترق المعدن الأصفر لفترة وجيزة مستوى 2100 دولار في ديسمبر (كانون الأول)، متجاوزاً المستوى المرتفع السابق المحقق خلال أزمة الوباء في عام 2020، وينظر إلى قيمة الذهب تقليدياً على أن له علاقة عكسية مع أسعار الفائدة.

وعلى رغم أن الرقم القياسي الجديد للذهب يأتي في وقت لا تزال أسعار الفائدة مرتفعة، فإنه يعكس الثقة المتزايدة في أن بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي (المركزي الأميركي)، سيخفض أسعار الفائدة في أوائل العام المقبل، في حين أن بعض المحللين متفائلون بأن سعر الذهب قد يرتفع، إذ قال محللون في بنك أوف أميركا في نوفمبر الماضي، إن تخفيضات أسعار الفائدة قبل الربع الثاني من عام 2024 قد تدفع الذهب إلى 2400 دولار للأوقية في نهاية العام المقبل، وأنه قد يكون هناك تأثير مماثل إذا تصاعد الصراع بين إسرائيل و"حماس" إلى حرب إقليمية.

تقييم مؤشر "فوتسي 100" مقابل "ستاندارد آند بورز 500"

ويبدو أن مؤشر الأسهم الرئيس في لندن في طريقه لإنهاء العام على نطاق ضيق في المنطقة السوداء، وهو أداء ضعيف إلى حد كبير مقارنة بالمؤشرات الأميركية، في حين يعود تفوق أداء "مؤشر ستاندرد آند بورز 500" على مؤشر "فايننشال تايمز 100" إلى نطاق ضيق من الأسهم، "الأسهم السبعة الرائعة"، التي حققت عوائد عالية، بعدما ارتفعت الأسهم السبعة (أسهم "تيسلا"، و"نفيديا"، و"ميتا" و"بلاتفورمز"، و"مايكروسوفت"، و"ألفابت" و"أبل"، و"أمازون")، بعد فرار المستثمرين إلى أصول أكثر أماناً في أعقاب الأزمة المصرفية ومع مراهنتهم على أسعار الفائدة التي تقترب من ذروتها.

وتقيم توقعات الأرباح بصورة أكثر تفاؤلاً للشركات ضمن مؤشر "ستاندارد آند بورز 500"، مقارنة بمؤشر "فوتسي 100"، الذي تهيمن عليه أسهم الطاقة والخدمات المالية.

ويبلغ معدل السعر الآجل إلى الأرباح في مؤشر نيويورك 19 نقطة، وهو ما يتجاوز نسبة 11 نقطة لمؤشر "فوتسي 100"، مع مراهنة المستثمرين على أن "الفيدرالي" سيبدأ خفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة، فإن السؤال المطروح في العام المقبل هو ما إذا كان "الفيدرالي" سيبدأ خفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة؟، وإن كان المؤشر سيوسع تقدمه؟.

تضخم الأجور

في الأثناء، تضاءلت توقعات الاقتصاديين بأن الزيادات الكبيرة في متوسط الأجور من شأنها أن توقع بريطانيا في دوامة التضخم، مع اقتراب العام من نهايته.

وتباطأت زيادات الأجور باستثناء العلاوات إلى 7.3 في المئة خلال الأشهر الثلاثة حتى أكتوبر الماضي، وفقاً لأحدث الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية. ويمثل هذا انخفاضاً عن رقم التضخم على مدار ثلاثة أشهر والذي بلغ 7.7 في المئة في سبتمبر الماضي، وذروة سنوية بلغت 8.5 في المئة في يوليو (تموز) الماضي.

وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن مستوى الوظائف الشاغرة في الاقتصاد في الأشهر الثلاثة حتى نوفمبر الماضي، انخفض بمقدار 45 ألفاً إلى 949 ألف وظيفة شاغرة، وهو الشهر السابع عشر على التوالي من الانكماش ويشير إلى تقلص طلب أصحاب العمل على الموظفين.

أسعار الفائدة أميركا مقابل بريطانيا

وصوت واضعو أسعار الفائدة على ضفتي الأطلسي لمصلحة رفع أسعار الفائدة هذا العام بصورة سريعة في محاولة لترويض التضخم المتزايد.

ورفعت لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا سعر الفائدة للمرة الرابعة عشر على التوالي، والذي رفع سعر الفائدة الأساسي من أدنى مستوى تاريخي عند 0.1 في المئة في نهاية عام 2021، ليغلق هذا العام عند 5.25 في المئة، لذا فهو يترك سعر الفائدة الأساسي عند أعلى مستوى منذ عام 2008، مع اندلاع الأزمة المالية الكبرى الأخيرة.

وفي الولايات المتحدة، سارع "الفيدرالي" إلى رفع سعر الفائدة على الأموال، والذي يبلغ 5.5 في المئة عند الحد الأعلى لنطاقه.

الزيادة في الناتج المحلي

كانت بريطانيا تتأرجح على حافة الركود بعد أن كان أداء الاقتصاد أسوأ من المتوقع هذا العام، وخفض مكتب الإحصاءات الوطنية تقديراته الأولية للنمو للناتج المحلي الإجمالي إلى انخفاض بنسبة 0.1 في المئة في الربع الثالث من العام الحالي، من الحساب الأول البالغ 0 في المئة، قائلاً إن "توسع الربع الثاني من هذا العام بنسبة 0.2 في المئة قد تم تعديله بالتخفيض إلى 0 في المئة".

ويواجه النمو الاقتصادي صعوبات تحت وطأة ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع الأسعار هذا العام، ولا تزال هناك بعض المخاوف في شأن الكيفية التي سيكون بها أداء الاقتصاد في العام المقبل، مع تضخم تأثير الارتفاع السريع في أسعار الفائدة.

وتميل التغييرات في السياسة النقدية إلى أن تستغرق نحو 18 شهراً حتى تؤثر بصورة كاملة في الاقتصاد، ومع ذلك، من المتوقع أن تحقق بريطانيا نمواً يتراوح بين نحو 0.2 في المئة إلى 0.4 في المئة في الربع الأخير من العام، مما يساعد على تجنب الركود في العام المقبل.

أسعار النفط والغاز

كما أدت المخاوف من نقص الإمدادات إلى وضع سعر النفط على المسار الصحيح نحو 100 دولار للبرميل في سبتمبر الماضي، إذ تجاوز خام برنت، المؤشر الدولي، علامة 96 دولاراً للمرة الأولى منذ أكثر من عام، ومع ذلك، أنهى السعر العام بالقرب من 80 دولاراً للبرميل، مع ظهور الشكوك حول ما إذا كان أكبر المصدرين في العالم سينفذون تخفيضات في الإنتاج وسط أرقام ضعيفة لواردات النفط الخام الصينية، إذ كان الانخفاض في أسعار الغاز بالجملة أكثر وضوحاً، وأغلق سعر شراء الغاز بالجملة قبل شهر العام عند نحو 85 بنساً حرارياً، بانخفاض من نحو 170 بنساً حرارياً في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وجاء ذلك على رغم الارتفاع الطفيف في الربع الأخير، مع اندلاع الحرب في الشرق الأوسط، ومع ارتفاع الأسعار بسبب الإضرابات الصناعية.

انقلاب الإدارة

وهذا العام كان هناك اضطراب أكبر في فرق الإدارة في أكبر الشركات في بريطانيا، مما دفع نحو 18 من الرؤساء التنفيذيين في مؤشر "فايننشال تايمز 100" مناصبهم هذا العام، وفقاً لتحليل أجراه "إي جيه بيل"، وهو ثاني أعلى رقم سنوي منذ عام 2000.

وشملت حالات المغادرة رفيعة المستوى رئيس "فودافون" نيك ريد، بعد استبداله بالمديرة المالية السابقة لشركة "الاتصالات" مارغريتا ديلا فالي، والخروج المفاجئ لبرنارد لوني من شركة "بريتيش بتروليوم"، بعد استبداله بموراي أوشينكلوس، المرشح الأوفر حظاً لتولي الوظيفة بصورة دائمة.