Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مفاجآت من بيانات إنتاج النفط في 2023

انخفاض "الروسي" كان أقل بكثير من التكهنات وأكبر مخطئ في التوقعات إدارة معلومات الطاقة الأميركية

زيادة المعروض من النفط لم تكن وحدها كافية لتخفيض أسعاره (رويترز)

ملخص

ما يؤثر في الأسعار صعوداً أو هبوطاً هو الاختلاف الكبير بين التوقعات والواقع. وأسعار النفط انخفضت في عام 2023 لأن معدلات نمو الطلب كانت أقل من التوقعات.

هناك كلام شائع عند بعض المحللين والمستثمرين بأن سبب انخفاض أسعار النفط في عام 2023 إلى مستويات أقل بكثير مما كان متوقعاً يعود إلى زيادة إنتاج النفط من خارج دول "أوبك". إلا أن عام 2023 انتهى وأغلب البيانات أصبحت متوافرة، ويمكننا تحليل هذه البيانات من جهة، ومقارنتها بالتوقعات التي أعلنت في نهاية 2022 عن 2023 من جهة أخرى.

بشكل عام، ما يؤثر في الأسعار صعوداً أو هبوطاً هو الاختلاف الكبير بين التوقعات والواقع. وخلاصة الأمر أن أسعار النفط انخفضت في عام 2023 لأن معدلات نمو الطلب على النفط كانت أقل من التوقعات، وإلى حد ما بسبب زيادة غير متوقعة في إنتاج دول خارج "أوبك"، بخاصة في مجال السوائل الغازية، وهي غير النفط الخام، من الولايات المتحدة

المشكلة أن توقعات الإنتاج العالمي تختلف من منظمة إلى أخرى. فوكالة الطاقة الدولية تقول إن إنتاج النفط العالمي زاد بمقدار 1.8 مليون برميل يومياً في 2023 على رغم تخفيضات بعض دول "أوبك+"، بينما ترى إدارة معلومات الطاقة الأميركية أنه زاد بمقدار 1.638 مليون برميل يومياً، في حين ترى "أوبك" أنه زاد بمقدار 1.4 مليون برميل يومياً. فكيف لنا أن نستنتج أن زيادة الإنتاج هي سبب انخفاض الأسعار، والفروق تبلغ 400 ألف برميل يومياً بين وكالة الطاقة الدولية و"أوبك"؟ (هذا يعني أن الفرق في السنة 164 مليون برميل!)

هنا يمكننا استخدام بعض المعلومات الإضافية لترجيح تقدير على آخر مثل مستويات الاستهلاك، والتجارة الدولية في النفط، والتغير في المخزونات. إلا أن هناك مشكلة في معلومات الاستهلاك شبيهة بمشكلة الإنتاج، وليس هناك اتفاق حولها. تشير بيانات شركة كبلر التي تتابع حركة الشحن العالمية إلى أن صادرات النفط العالمية ارتفعت بمقدار مليون برميل يومياً في 2023، بينما انخفض متوسط المخزون بمقدار 27 مليون برميل فقط. وإذا نظرنا إلى المخزون في ديسمبر (كانون الأول) 2023 مقارنة بمستوى المخزون في ديسمبر 2022، نجد أنه ارتفع بمقدار 21 مليون برميل. ونظراً إلى انخفاض الطلب على النفط في الدول النفطية، فإن مستوى الصادرات لم يتغير بينما انخفض الإنتاج في دول "أوبك" بمقدار 714 ألف برميل يومياً. كل هذه البيانات ترجح النمو الأقل للإنتاج العالمي للنفط، وربما رقم "أوبك" هو الأقرب للصحة. ولكن علينا أن ندرك هناك أن هذه الأرقام هي متوسطات لإنتاج دول "أوبك" وخارجها، أي بمعنى آخر، هو متوسط للدول التي خفضت إنتاجها والدول التي زادت إنتاجها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من أكبر المفاجآت في عام 2023 بالنسبة لكثير من الخبراء والمحللين والمنظمات، بخاصة وكالة الطاقة الدولية، أن انخفاض إنتاج النفط الروسي كان أقل بكثير مما توقعوه. فالبيانات تشير إلى أن "إجمالي إنتاج روسيا من السوائل النفطية انخفض بمقدار 220 ألف برميل فقط في عام 2023، بينما توقعوا انخفاضاً يتراوح ما بين ثلاثة إلى خمسة ملايين برميل يومياً. وهنا لا بد من ذكر أن مستوى إنتاج روسيا حالياً أقل مما كان عليه في 2019 بنحو 800 ألف برميل يومياً.

ومن أكبر المفاجآت أيضاً زيادة كبيرة نسبياً في إنتاج المكسيك في الوقت الذي توقع فيه الجميع انخفاض الإنتاج أو بقاءه على حاله. إلا أن هناك خلافاً حول كمية الزيادة. فإدارة معلومات الطاقة ترى أن متوسط الزيادة كان 207 آلاف برميل يومياً بينما ترى وكالة الطاقة الدولية أنه كان 90 ألف برميل يومياً فقط. وسبب الخلاف يعود إلى اختلاف حول تقديرات إنتاج العام الذي قبله: 2022.

من المفاجآت أيضاً إنتاج الولايات المتحدة، إلا أن الأمر لا يتعلق بالنفط الخام وإنما بالسوائل الغازية. فإذا نظرنا للنفط الخام فقط، فإن الزيادة بلغت نحو مليون برميل يومياً. لكن لو أضفنا السوائل الغازية المنتجة من الحقول، لارتفع إلى 1.4 مليون برميل يومياً. ولو أضفنا كل السوائل بما في ذلك الوقود الحيوي لتجاوزت الزيادة 1.8 مليون برميل يومياً. المثير في الأمر أن أكبر مخطئ في التوقعات هو إدارة معلومات الطاقة الأميركية التي توقعت أن يزيد إنتاج السوائل النفطية بأقل من 800 ألف برميل يومياً.

ومن المفاجآت أيضاً أن إنتاج كل من كندا والنرويج كان أقل من المتوقع بكثير. وإجمالي الفرق بين التوقعات والواقع للبلدين نحو 300 ألف برميل يومياً. (هذا يعني أن هذا الانخفاض عوض عن جزء من الزيادة في الولايات المتحدة)

ارتفع إنتاج البرازيل وغاينا وكازاخستان كما كان متوقعاً، فقد ارتفع إنتاج البرازيل بمقدار 358 ألف برميل يومياً في عام 2023، تماماً كما توقعت وكالة الطاقة الدولية، ليصل إلى 3.456 مليون برميل يومياً. كما ارتفع إنتاج غاينا بحدود 110 آلاف برميل يومياً وكازاخستان بحدود 90 ألف برميل يومياً.

خلاصة القول إنه كانت هناك مفاجآت عدة على الجانبين، الصعود والانخفاض، في إنتاج النفط حول العالم ضمن دول خارج "أوبك" في 2023. إلا أن أكبر مفاجأة لكثير من المحللين والمضاربين والسياسيين كان "عدم انخفاض" إنتاج النفط الروسي. أما في ما يتعلق بـ"أوبك" فإن المفاجأة أن الانخفاض في متوسط إنتاج النفط لم ينتج منه انخفاض في متوسط الصادرات. ونتيجة هذه التطورات، كانت هناك زيادة أكبر من المتوقع في المعروض، إلا أنها وحدها ليست كافية لتخفيض أسعار النفط بالشكل الذي رأيناه في 2023 مقارنة بالتوقعات، فقد كانت أغلب التوقعات تشير إلى خام برنت فوق 88 دولاراً للبرميل، وأغلبها فوق 90، بينما كان المتوسط الفعلي نحو 82 دولاراً للبرميل.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء