Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"المسيحية- الصهيونية"... مشروع جديد للاستعمار في أفريقيا

عقيدة لاهوتية تعود جذورها للإصلاح البروتستانتي بإنجلترا وتدعم وجود دولة يهودية وتعتمد عليها دبلوماسية إسرائيل للتوغل في القارة السمراء

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث مع أحد مؤيدي مهاجر إثيوبي يهودي في حفل إطلاق حملة انتخابية لحزب الليكود (غيتي)

ملخص

"الطوائف الأفريقية التي يمولها المسيحيون الصهاينة الأميركيون تدعم إلى حد كبير سياسات إسرائيل العنصرية والاستعمارية تجاه الفلسطينيين".

الدعم الأفريقي لنضال الشعب الفلسطيني لا تزال تقوضه حتى اليوم جهود إسرائيل لإقامة تحالفات في القارة الأفريقية ونشر الأيديولوجيا الصهيونية من خلال "طوائف مسيحية".

عدد السكان المسيحيين في أفريقيا يبلغ نحو 700 مليون نسمة، ونسبة كبيرة من الأفارقة المسيحيين إما يدعمون إسرائيل أو يتعاطفون مع الصهيونية، والسبب الرئيس وراء هذا الدعم والتعاطف هو "المسيحية- الصهيونية".

المسيحية- الصهيونية هي عقيدة لاهوتية تعود جذورها للإصلاح البروتستانتي في إنجلترا، حيث يجب على المسيحي أن يدعم وجود دولة يهودية لأن اليهود هم "شعب الله المختار"، ويؤمن الصهاينة المسيحيون إيماناً راسخاً بأن "خطة الله" لليهود هي أنهم سيعودون لأرض الميعاد ويؤسسون إسرائيل الكبرى ويسيطرون على العالم.

يقول اللاهوتي المسيحي الفلسطيني منير إسحاق إن "الصهيونية- المسيحية هي أكثر من مجرد معتقد لاهوتي عن إسرائيل واليهود، إنها لاهوت إمبريالي وحركة سياسية"، ويضيف أنه "في تكوين 12: 1-3 يقسم الرب الإله أنه سيبارك الذين يباركون إسرائيل والشعب اليهودي ويلعن الذين يلعنونهم، وما يدهشني هو أن تكوين 12: 1-3 لا يذكر إسرائيل في الواقع، حيث إن هذه الآية جاءت في سياق وصية أعطيت لإبراهيم لتكون بركة على الأمم، وهذه الوصية تعني موت يسوع من نسل إبراهيم على الصليب، وهذه الوصية قد تحققت، فكيف يمكن اليوم إسقاطها على سياسة خارجية لدولة علمانية؟". ويشير إسحاق إلى أن "آيات الكتاب المقدس قد أسيء تفسيرها".

الصهيونية تتسلل إلى القارة

بدأت الصهيونية بالاقتراب من دول أفريقية عدة، وتم تحديد الدول الأفريقية التي بدأت بالحصول على استقلالها بعد وقت قصير من قيام إسرائيل عام 1948، كدول صديقة محتملة لإسرائيل، وتأسست أول قنصلية إسرائيلية في أفريقيا بغانا عام 1956، وحتى أواخر ستينيات القرن الـ20، كانت هناك فترة ذهبية في العلاقات الإسرائيلية- الأفريقية تحت قيادة وزيرة الخارجية آنذاك غولدا مائير التي أصبحت في ما بعد رئيسة للوزراء.

سفيرة إسرائيل السابقة في غانا شارون بارلي، قالت "لدى إسرائيل علامتان تجاريتان كبيرتان في غانا، هما غولدا مائير ويسوع، وهذا يدل على الدور المهم الذي يلعبه الدين المسيحي لإسرائيل في أفريقيا".

التصور العام الإيجابي لإسرائيل الذي تأثر بالحركة الإنجيلية المسيحية في غانا، قام بدور في إعادة تأسيس البلاد للعلاقات الثنائية مع إسرائيل عام 2011 بعد توقف دام نحو 40 عاماً، وفي 2014 كشف استطلاع أجرته "هيئة الإذاعة البريطانية" عن أن الأكثر تعاطفاً مع صورة إسرائيل العالمية هم الذين يعيشون في غانا وكينيا ونيجيريا والولايات المتحدة، على رغم أن معظم الدول الأفريقية قطعت علاقاتها مع إسرائيل بعد المذابح التي ارتكبتها في حربي 1967 و1973.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومنذ ذلك الحين استخدمت المنظمات المسيحية- الصهيونية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها وتتعاون مع الحكومة الإسرائيلية، موارد كبيرة لنشر الصهيونية في أفريقيا، وفي مقابل دعمها على المنابر الدولية، قدمت إسرائيل مساعدات أمنية وعسكرية وإنسانية إلى بلدان عدة في القارة السمراء، حيث تضطلع الصهيونية- المسيحية بدور مهم في الدبلوماسية العامة الإسرائيلية في أفريقيا اليوم وتؤثر في علاقات إسرائيل مع القادة الأفارقة، كما أن هناك قساوسة بارزين، بخاصة من نيجيريا وغانا، يزورون إسرائيل ويحثون أعضاء كنائسهم على دعمها.

وفقاً للباحث التنزاني صامويلي مهاجيدا، "من المفارقات أن الأفارقة غالباً ما يفهمون الصهيونية في سياق رغبتهم في التحرر من التهميش والاستعمار، فبينما ارتبطت الصهيونية بلاهوت التحرير ومحنة المضطهدين، أصبحت إسرائيل منارة للأمل كرمز ديني، لذلك يفهم أن تكون إلى جانب اليهود وإسرائيل على أنه إلى جانب الله، ويعتقد بأن أولئك الذين يباركون إسرائيل سيباركهم الله، هذا اللاهوت الذي لا يقدم أي انتقاد لوجود دولة إسرائيل وأفعالها، يوفر أرضاً خصبة لحملة إسرائيل لكسب الدعم الدبلوماسي في أفريقيا".

لماذا "المسيحية- الصهيونية" قوية في البلدان الأفريقية؟

وفقاً للكاهن والكاتب ستيفن سيزر فإن "الصهيونية- المسيحية هي المهيمنة في أفريقيا لأن معظم الكنائس في أفريقيا تعتمد على أموال من أميركا، فهناك فكرة أنه إذا ’تلقيت تمويلاً من أميركا لكنائسي، فيجب أن يكون لاهوتي منسجماً مع لاهوتهم، ويجب أن تكون عقائدي منسجمة مع عقائدهم‘"، ويضيف أن "الطوائف الأفريقية التي يمولها المسيحيون الصهاينة الأميركيون، تدعم إلى حد كبير سياسات إسرائيل العنصرية والاستعمارية تجاه الفلسطينيين، وهنا يأتي دور العبودية والعنصرية، وكما ترون فإن الصهيونية في الولايات المتحدة قوية جداً في الجزء الجنوبي من البلاد، حيث العبودية راسخة بعمق، كما أن الخمسينية منفتحة جداً على دعم اللاهوت الصهيوني بسبب فكرة أن كل من يبارك إسرائيل ويفعل شيئاً لها سيُبارَك".

وعلى صعيد نشر "الفكر الصهيوني"، تستفيد إسرائيل أيضاً بصورة كبيرة من هذه الطائفة التي تنتشر بسرعة في القارة الأفريقية وتعرضت لانتقادات من زوايا مختلفة من قبل طوائف أخرى، ووفقاً للباحثة في جامعة نيلسون مانديلا مارثي مومبرغ، فإن هذا "لا يقتصر على الأصول الجيوسياسية لإسرائيل وفلسطين، كما أنها ليست مسألة تمييز عنصري منهجي ضد العرب أو محاولة لخلق ملاذ لليهود مثل مشروع للاستعمار الجديد، فالصهيونية تمتد إلى ما وراء الحدود الإسرائيلية- الفلسطينية إلى أراضٍ أخرى، بما في ذلك البلدان والكنائس الأفريقية، ويمكن لبلدان عدة أن تقيم علاقات مع بلدان أخرى لمتابعة أجندتها الخاصة على الساحة الدولية، ومع ذلك ربما تكون دولة إسرائيل اليوم الكيان القومي الوحيد الذي تسلل إلى المعتقدات المسيحية لأكثر من سبعة عقود لتبرير الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان".

إن قبول المساعدات الإنمائية والاتفاقات التجارية والعسكرية الإسرائيلية، بغض النظر عن الكلفة (التي قد تدفع في المستقبل)، يطبع القمع المنهجي للفلسطينيين، كما أنه ينتهك الروحانية الحقيقية للقارة التي تسعى إلى الرفاه الشخصي والاجتماعي والديني والمادي.

ومكاسب الشراكات مع دولة تحتل وتضطهد شعباً آخر تعيد أغلال العبودية وكماشة الاستعمار من خلال الإقرار الديني للإمبريالية الجديدة والفصل العنصري، وباختصار فإن انتشار المسيحية- الصهيونية في أفريقيا هو انعكاس لجهود إسرائيل لتعزيز تحالفاتها في القارة وتعزيز الأيديولوجيا الصهيونية.

تحت تأثير هذه العقيدة اللاهوتية، لا يمكن إنقاذ عدد كبير من الدول الأفريقية المسيحية والأفارقة المسيحيين الذين يميلون إلى دعم إسرائيل إلا من خلال حقيقة أن الصهيونية ليس لها أساس لاهوتي واقعي وأن الآيات التوراتية يساء تفسيرها.

نقلاً عن "اندبندنت التركية"

المزيد من تقارير