Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ضحايا اعتداءات جنسية "ضحية" روتين المحاكم في بريطانيا

حصري: ديفيد نجل سالي تشالين التي تعرضت لعقود من الإيذاء النفسي يقول إن "ذلك يحرم الضحايا من القدرة على التعامل مع الآثار العاطفية للتجارب المؤلمة التي مروا بها"

كشفت السيدة واكسمان عن أن ضحايا تم تحذيرهم بشكل غير صحيح من أن العودة للمحكمة ستجعلهم يبدون وكأنه لا تزال لديهم "مرارة دفينة" أو "رغبة في الانتقام"، مما يضر بفرصهم في تحقيق العدالة ضد مرتكبي الجريمة (آي ستوك)

ملخص

علمت "اندبندنت" أنه يفرض على ضحايا العنف المنزلي والعنف الجنسي، أعباء مالية تصل إلى عشرات الآلاف من الجنيهات الاسترلينية، للحصول على محاضر المحاكم البريطانية، بعد تلقيهم نصحاً خاطئاً بعدم الحضور إلى جلسات المحاكمة

علمت "اندبندنت" أنه يفرض على ضحايا العنف المنزلي والعنف الجنسي، أعباء مالية تصل إلى عشرات الآلاف من الجنيهات الاسترلينية، للحصول على محاضر المحاكم البريطانية، بعد تلقيهم نصحاً خاطئاً بعدم الحضور إلى جلسات المحاكمة.

ضحايا وصفوا نصح عناصر من الشرطة البريطانية و"النيابة العامة الملكية" Crown Prosecution Service ومحامون، بعدم العودة لقاعة المحكمة بعد الإدلاء بشهادتهم، والامتناع عن حضور جلسة النطق بالحكم على مرتكبي الجريمة.

ونتيجة لذلك، كثيراً ما يفوت الضحايا فرصة الاستماع للدفاع الذي يقدمه المعتدون عليهم، مما يتركهم أمام أسئلة بلا إجابة حول تلك القضايا أمام المحكمة. وغالباً ما يتطلب حل تلك الاستفسارات دفع كلفة كبيرة للحصول على محاضر المحكمة.

وقد كشف ديفيد تشالين - نجل سالي تشالين التي أطلق سراحها من السجن وحصلت على حريتها في قضية رائدة بعد إدانتها بقتل زوجها على أثر معاناتها لعقود من الإيذاء النفسي - أنه عانى كثيراً لتجاوز الصدمة التي تعرض لها من جراء تلك القضية، لأنه واجه عقبات في محاولته معرفة مجريات المحكمة من دون تكبد عبء مالي كبير.

"مفوضة الضحايا" Victims Commissionerفي العاصمة لندن (التي تعنى بتعزيز مصالح ضحايا الجريمة والشهود) كلير واكسمان، كشفت لـ"اندبندنت" أن الضحايا يتلقون تحذيرات غير دقيقة من أن العودة لقاعة المحكمة من جديد قد تجعلهم يبدون أن لديهم "مرارة دفينة" أو "رغبة في الانتقام"، مما قد يعرض سعيهم إلى تحقيق العدالة ضد مرتكبي الجرائم للخطر.

ولفتت إلى أن هذا المفهوم الخاطئ "منتشر خصوصاً بين الأفراد الضعفاء الذين استخدموا تدابير خاصة للحصول على أدلة، والذين لديهم قلق من ألا ينظر القاضي إليهم بشكل إيجابي".

وأوضحت السيدة واكسمان أن معظم الضحايا الذين قابلتهم امتثلوا للنصيحة غير الصحيحة التي قدمت لهم، ولم يعودوا إلى المحكمة لمتابعة الجلسات، ولم يحضروا كذلك جلسة النطق بالحكم على مرتكب الجريمة.

"إنها أشبه بخسارة جزء من حياتك وتجاربك المؤلمة. هذا يعني أنني لا أستطيع تقبل النهاية. لا أستطيع أن أتذكر أقوالي أو أقوال الآخرين. ويتعين عليَّ الاعتماد على ذاكرتي في ذلك"

ديفيد تشالين

 

ولفتت إلى أن الضحايا لا يمنحون بعد ذلك خيار مشاهدة المحاكمة من خلال رابط فيديو، بل ويفرض عليهم دفع مبالغ قد تصل إلى عشرات الآلاف من الجنيهات الاسترلينية كي يحصلوا على نسخة من محضر الدعوى المقامة أمام المحكمة.

واستشهدت "مفوضة الضحايا" بحالة امرأة كانت ضحية اغتصاب، وقد أبلغت أن الحصول على نسخة من محضر المحكمة سيتطلب دفع قرابة 35 ألف جنيه استرليني (45 ألف دولار أميركي). وذكرت أن الضحية لم تكن حاضرة إلا خلال مرحلة تقديم الأدلة. وبعد صدور حكم بالبراءة، سعت إلى الحصول على إجابات في شأن النتيجة.

وتطالب واكسمان بإجراء تعديلات على "مشروع قانون الضحايا والسجناء" Victims and Prisoners Bill، المقرر إعادته إلى "مجلس اللوردات" في الـ24 من يناير (كانون الثاني) الجاري، بهدف ضمان حصول الضحايا على محاضر جلسات المحكمة الملكية مجاناً. وتؤكد على وجه التحديد الحاجة إلى توفير النصوص التي تحوي ملاحظات القاضي في شأن الحكم، من دون أي مقابل، والكشف العلني عن جميع ملاحظات الأحكام الصادرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

وتشعر السيدة واكسمان أيضاً بالقلق على نحو خاص في شأن قدرة الضحايا على الوصول إلى ملخصات القاضي مجاناً، خصوصاً في حالات التبرئة، لأن هذه الملاحظات يمكن أن تساعد في فهم العوامل التي أدت إلى قرار المحكمة. وتؤكد أهمية تدريب وكالات العدالة على ممارسة الضحية حقها في حضور المحاكمة، وحضت على ضرورة النص على هذا الحق صراحة في قانون الضحية.

السيد تشالين قال لـ"اندبندنت" في مقابلة حصرية، إنه منع من الوصول إلى محاضر من جلسات محاكمة والدته، ما لم يدفع1400 جنيه استرليني (1778 دولاراً).

ووصف تشالين، وهو ناشط في مجال مكافحة العنف المنزلي الوضع بأنه "حرمان الضحية من هذه الخدمة، وذلك ببساطة بسبب عدم وجود تمويل كاف". ورأى أن "نظام العدالة الجنائية هذا يفتقر لأبسط مشاعر التعاطف الأساس الذي من شأنه أن يتيح لنا إعادة النظر في الأحداث التي مررنا بها ومعالجتها".

في عام 2019 عدلت إدانة سالي تشالين من قتل زوجها إلى القتل غير العمد، مما أدى إلى إطلاق سراحها بعدما أمضت نحو ثمانية أعوام في السجن.

ولم يكن خلال محاكمتها قد اعترف بعد على نطاق واسع بالإطار القانوني لـ"السيطرة القسرية" Coercive Control (وهي نمط من السلوكيات التي يستخدمها شخص ما للسيطرة على الضحية، كالعزل والمراقبة والترهيب وغيرها)، على أنه شكل من أشكال العنف المنزلي، حيث جرم هذا الفعل في عام 2015. وتبرز هذه القضية كعلامة فارقة باعتبارها الحالة الأولى التي تقدم حجة الدفاع المتمثلة في ما يعرف بالسلوك القسري والمسيطر ضمن محاكمة قتل.

عندما تكون في معركة قضائية مع مرتكب الجريمة، فإن الصدمة لا تتم معالجتها بالضرورة. أنت لا تزال فيها. وبعد ذلك يتطور الأمر إلى "اضطراب ما بعد الصدمة"، ويترك الضحايا وسط الظلام أكثر من أي شخص آخر

كلير واكسمان

 

وتحدث السيد تشالين عن معاناته المستمرة في الوصول إلى محضر المحكمة، مشيراً إلى أنه لم يستطع الحصول على اثنين من المحاضر الأربعة التي طلبها. وأعرب عن عدم قدرته على الحصول على نص المحاكمة الأصلية لوالدته في جريمة قتل عام 2011، واكتشف الشهر الماضي أن الملف قد حذف.

إضافة إلى ذلك، قال إنه منع من حضور جلسة الاستئناف الخاصة بوالدته عام 2019، ما لم يدفع 1400 جنيه استرليني (1778 دولاراً)، إضافة إلى ذلك، رفض طلبه الأخير الحضور شخصياً إلى المحاكم والاستماع لملف صوتي للجلسة هذا الأسبوع.

وأشار إلى أن "الأمر هو أشبه بخسارة ليس فقط لجزء من حياتك، لكن أيضاً للقدرة على إعادة النظر في التجارب المؤلمة ومعالجتها. إن عدم التمكن من الوصول إلى تلك المحاضر يؤثر في قدرتي على إغلاق القضية على مستوى شخصي. فأنا لا أستطيع تذكر أقوالي أو أقوال الآخرين المشاركين في القضية. وبالاعتماد فقط على الذاكرة، فإن ذلك يحرمني بصورة أساسية - كضحية للجريمة - من القدرة العاطفية على التأقلم والتصالح مع التجارب التي مررت بها".

وقال السيد تشالين إنه يعاني "اضطراب ما بعد الصدمة" Post-traumatic stress disorder (PTSD)، وقد أخبر المحاكم أن متخصصين في الرعاية الصحية أوصوا بضرورة حصوله على محاضر المحكمة كوسيلة داعمة لمساعدته على تجاوز تجربته وتقبل الحل.

ويتابع: "لقد كان نظام المحاكم بأكمله مؤلماً لي طوال العملية برمتها، كما هي الحال على الأرجح بالنسبة إلى كثير من ضحايا الجرائم في ظل الحالة الراهنة التي لا يزال عليها النظام. ومع ذلك، فإن تحمل هذا العبء الإضافي يزيد من تفاقم المشكلات ويجعلني أشعر بالصدمة مرة أخرى، لأنه يتعامل معي كمجرد إحصائية - أو اسم في النظام له كلفة مرتبطة به - وأشعر بأن قيمتي هي ليست جديرة بهذه الكلفة".

وذكرت السيدة واكسمان - وهي كانت ضحية مطاردة ومضايقات لنحو عقدين من الزمن - أنها لم تعد إلى المحكمة مطلقاً منذ تقديم إفادتها، وامتنعت عن حضور جلسة النطق بالحكم على مرتكب الجريمة. وقد تأثر قرارها بنصيحة عناصر الشرطة الذين لم يشجعوها على ذلك.

وأعربت السيدة واكسمان عن رغبة دائمة لديها في العودة للمحكمة، لكن خوفها من المساس بفرصها في الحصول على العدالة منعها من القيام بذلك، موضحة أن هذا يعني أنها غالباً ما تفتقر إلى فهم واضح للحكم الصادر في حق مطاردها.

وأشارت إلى أن عدداً من الضحايا يجدون صعوبة في تذكر إجراءات المحكمة والتفاصيل بسبب الصدمة النفسية التي تعرضوا لها، وعدم كفاية الدعم، واللغة القانونية المعقدة.

وأوضحت أن الضحايا غالباً ما يشعرون بأنهم لا يستطيعون تجاوز صدمتهم والمضي قدماً من دون أن يفهموا بشكل صحيح ما حدث في المحكمة، ونبهت إلى أن الكلفة العالية للحصول على المحاضر تزيد من معاناة الضحايا.

وأضافت: "عندما تكون في معركة قضائية مع الجاني، يصبح من الصعب التعامل مع الصدمة ومعالجتها. فأنت لا تزال تتخبط بها في هذه المرحلة. وبعد ذلك ينشأ ’اضطراب ما بعد الصدمة‘، عندما تترك الضحايا في حالة من الغموض والظلام أكثر من أي شخص آخر".

الرئيسة التنفيذية الموقتة لمنظمة "ريفيوج" Refuge الخيرية الرائدة في مجال مكافحة العنف المنزلي، إلين ميلر، ذكرت أنه "بالنسبة إلى الناجين الذين وصلت قضاياهم إلى المحكمة، يمكن أن تكون الإجراءات مؤلمة للغاية".

وأوضحت أن هذا يعني أن عدداً من الضحايا يتم ثنيهم عن التوجه إلى المحكمة على الإطلاق - وفي الوقت نفسه قد يجد أولئك الذين يحضرون، صعوبة كبيرة في متابعة ما يجري بالفعل.

وشددت السيدة ميلر على أن "الناجين الذين أظهروا شجاعة هائلة في السعي إلى تحقيق العدالة ضد مرتكبي الجرائم، يجب أن تتوافر لهم سهولة الوصول إلى نصوص إجراءات المحكمة". وأضافت أن "فرض رسوم باهظة عليهم للحصول على المحاضر يجعل العملية غير ممكنة ويحرمهم من العدالة، مما يزيد من تأخير عملية شفاء الناجين من الصدمة التي تعرضوا لها. ونحن نحض وزير العدل على الاعتراف في حق الناجين في الحصول على العدالة من خلال تسهيل الوصول المجاني إلى سجلاتهم".

وفي تعليق على ما تقدم، أفاد متحدث باسم "النيابة العامة الملكية" بأن "للضحايا الحق في اختيار ما إذا كانوا سيحضرون بقية جلسات المحاكمة بعد تقديمهم شهاداتهم والأدلة، ولا توجد سياسة لدى الهيئة تنصحهم بخلاف ذلك".

© The Independent

المزيد من متابعات