Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الزواج السري في موريتانيا من "التقليعة" إلى الفضيحة

قبائل ترفضه وتعتبره معيباً بينما يعد ملاذ الأرامل لحماية أبنائهن وبعض النساء يعتمدنه كتجارة

المرأة الموريتانية والطفل الأكثر تضرراً من الزواج السري (أ ف ب)

ملخص

الزواج السري في موريتانيا قنبلة اجتماعية موقوتة ضحاياها الأطفال... تعرف إلى تفاصيل الظاهرة

ساد اعتقاد لفترة طويلة في موريتانيا مفاده أن الزواج السري أصبح تقليعة لا تنتمي إلى العصر الحالي، لكن قصصاً واقعية ظهرت أخيراً في الشارع الموريتاني كشفها رواد التواصل الاجتماعي كسرت تلك النظرة.

وأظهرت شهادات ممن سبق لهم القيام بهذا النوع من الزواج أن للأمر علاقة بالظروف الشخصية لأبطاله وتحديات حقيقية تمنع من يقومون به من إشهاره.

وعلى رغم مراجعة وتحديث مدونة للأحوال الشخصية يقول القائمون عليها وجمعيات حماية المرأة والطفل إنها تحافظ على حقوق هذه الفئة لأنهم أكثر من يتضررون من الزواج السري، إذ إنه في حال ظهور نزاعات بين الطرفين تضيع فيها حقوق الزوجة والأطفال الذين ينتجون من الزواج المحفوف بالأخطار، إلا أن منظمات موريتانية وشخصيات مرجعية دائماً ما تتحدث عن ضياع حقوق سيدات وأطفال من ضحايا هذه الظاهرة الاجتماعية المثيرة للجدل.

هرب من الرقيب

وتدفع عادات المجتمع الموريتاني الصارمة في قضايا التعدد والتي ترفضه في الغالب إلى الدخول في عوالم الزيجات السرية لما تؤمنه من هرب من سلطة الرقيب الاجتماعي والتقليل من الضغط المادي على الرجل.

وتبدو مواد قانون مدونة الأحوال الشخصية في موريتانيا واضحة وبخاصة في ما يتعلق بتعريف الزواج، إذ عرفه الموريتاني بقوله إن "الزواج عقد شرعي بين رجل وامرأة على وجه الاستمرار، يقصد منه الإحصان والإنجاب بإنشاء أسرة تحت قوامة الزوج على أسس ثابتة تضمن للزوجين القيام بواجبات الزوجية في ود واحترام".

لكن الخبير القانوني سيد محمد أحمد يرى أن الزواج السري يفتقد عاملاً مهماً نبه عليه النص التشريعي وهو "الغاية من الزواج أي الإحصان والإنجاب"، لافتاً إلى ضياع حقوق السيدات والأطفال لأن معظم هذه الزيجات غير مسجل في دوائر الحالة المدنية الرسمية، وبالتالي لا شيء يضمن إثبات إلحاق الأبناء بوالديهم مما يسبب مشكلات اجتماعية.

 تفكيك الأسرة

ويسهم اكتشاف كل زواج سري في تفكيك أسرة كانت قائمة للزوج الذي يتسبب انكشاف أمره في طلب زوجته الأولى الطلاق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتقول مديرة الأسرة والترقية النسوية والنوع في وزارة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة صفية هاشم إن  "الزواج نظام اجتماعي يرقى بالإنسان من الدائرة الحيوانية والشهوات المادية إلى العلاقة الروحية، ويرتفع به من العزلة والانفراد إلى أحضان السعادة وأنس الاجتماع".

وأوضحت هاشم أن الزواج "عقد ارتباط مقدس بين رجل وامرأة يمضيه الشرع ويباركه الله، ولا ينبغي أن يصير مادة للعبث أو المغامرة من خلال اللعب بالدين والشرع، بل الواجب أن يؤدي إلى حياة استقرار ومعاشرة بالمعروف، وكذلك بناء أسرة بالمودة والرحمة، وتأسيس بيت يقوم على تربية الأطفال بطريقة سليمة من أجل بناء جيل صالح".

وتذهب صفية إلى أنه "في الزواج السري لا توجد ألفة بين أسرتين، ولا إذن لولي ولا مهر ولا نفقة، وكذلك لا مسكن أو حياة مشتركة أو حتى قوامة للرجل، مما يجعلنا نجزم بأن هذا لا يعد زواجاً كما يدعون ولا حتى شرعياً".

نفسية أحمد (وهم اسم مستعار) تقول إن الزواج السري ملاذ لكثير من السيدات اللائي يصعب عليهن الزواج من جديد لعدم رغبتهن في إدخال رجل غريب على أبنائهن من زواجهن الأول.

وتنبه نفيسة إلى الأخطار التي قد تنجم عن إبرام عقود زواج سرية بقولها إن "مبدأ السرية الذي تقوم عليه هذه العلاقة يحاك في السر ولا يطلع عليه غير المخولين شرعاً بمعرفة تفاصيله، وهذه الجزئية تنعكس على استقرار تماسك الأسر وتسهم في أسباب الطلاق وضياع حقوق الأبناء".

ضياع حقوق الأبناء

ويطرح الزواج السري مشكلة دينية واجتماعية، إذ يرفض معظم الرجال المتزوجين سراً منح أسمائهم العائلية للأبناء المولودين من زيجات سرية خشية إطلاع الزوجة الأولى على طفل يحمل اسم زوجها.

وتتحدث نفسية أحمد بمرارة قائلة إنه "سبق وأن رزقت بطفل من زواج سري مكتمل الشروط الدينية، إلا أن الزوج الذي تقدم لي طلب من والدتي عدم إشهار الزواج لأسباب اجتماعية تتعلق بتجنب إزعاج زوجته الأولى ومراعاة مشاعر أهلها، إذ تعتبر معظم القبائل المنحدرة من أصول عربية أن الزواج من أخرى دون رمي يمين الطلاق على الأولى تنقيص من الزوجة وأهلها".

وتتابع نفيسة، "تقديراً لظروفه التي ذكرها وافق أهلي على شروطه وهو ما دفعت ثمنه حين امتنع من منحنا هويته لتسجيل مولودنا، وهو ما اضطر إليه بعد أن هددناه باللجوء إلى القضاء، إذ خشي مما يعتبره فضيحة من منظوره الشخصي".

من جهته يذهب رئيس منتدى السيسيولوجين الموريتانيين باب سيد أحمد لعلي إلى أن "مسألة حقوق الأبناء المحتملين من الزيجات السرية غير مطروحة تقليدياً في المجتمع الموريتاني، وأظن الآن أنه على رغم تعقد الوسائل وتشابك الحياة أصبح هذا الاحتمال مطروحاً جزئياً، وهذا ما يفسر انتشار ظاهرة الزواج السري".

ويعيتبر لعلي أن هذا الزواج "تجارة من نوع آخر، وإذا ما نظرت إلى الأحياء التي ينتشر فيها الزواج السري فإن الفاعلات الرئيسات في هذه العملية مقاصدهن الأساس هي الاتجار والجنس بمعنى آخر أكثر صراحة".

ونبه رئيس منتدى السيسيولوجيين الموريتانيين إلى وجود "خلل اجتماعي صامت ومتكلف في الوقت نفسه، صامت صموت الجفاء الذي تعيشه الأسرة الموريتانية، وتكلف الظروف التي تتجلى فيها هذه العلاقات".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات