Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الكبتاغون" يوتر الدبلوماسية بين الأردن وسوريا

أطلقت حركة "رجال الكرامة" في السويداء مبادرة للتنسيق مع عمان لمكافحة تهريب المخدرات وحفاظاً على أرواح المدنيين

لقاء لوزيري خارجية الأردن أيمن الصفدي والسوري فيصل المقداد قبل اجتماع إقليمي حول سوريا في مايو الماضي (أ ف ب)

ملخص

اعتبرت دمشق أن القصف الأردني لمناطق سورية لا ينسجم إطلاقاً مع ما توصل إليه من اتفاق بين اللجان المشتركة للبلدين.

نشبت حرب "بيانات" متبادلة بين دمشق وعمان على خلفية حملة مكافحة تهريب المخدرات التي أطلقها الأردن على طول الحدود السورية المشتركة، وأخذت وتيرة هذا التصعيد تتزايد بعد تقارب حاصل بين البلدين منتصف فبراير (شباط) من عام 2023.

آنذاك حدث التقارب بين البلدين على أساس عودة العلاقات بين سوريا والدول العربية على مبدأ "خطوة بخطوة"، وطلب من دمشق وقتها مكافحة المخدرات كأحد البنود الأساسية للعودة لمقعدها بمجلس جامعة الدول العربية.

تصعيد خطابي

ومع نفاد صبر الأردن حيال تزايد عمليات التهريب عبر حدودها المشتركة مع سوريا شن الجيش الأردني ضربات على مواقع التهريب ومعامل التصنيع، استعان خلالها الجيش بالطيران الحربي عبر مساهمة منه بسرعة حسم المعركة مع المهربين.

وأفضت هذه الضربات إلى اعتقال عصابات وأشخاص ما زالت التحقيقات جارية معهم، لكن الأمر تطور إلى قصف مواقع مدنية في قرية بريف السويداء الجنوبي سقط خلاله مدنيون بينهم نساء وأطفال.

وبعد أيام من قصف بلدة عرمان في ريف السويداء، قالت الخارجية السورية في بيان لها الثلاثاء الماضي إن الضربات التي يشنها الطيران الأردني بين الحين والآخر في إطار مكافحة تهريب المخدرات "لا مبرر لها، وتحاول احتواءها حرصاً منها على عدم توتر أو التأثير في استمرار استعادة العلاقة الأخوية بين البلدين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان سلاح الجو الأردني قصف في الـ18 من يناير (كانون الثاني) الجاري مواقع مدنية ببلدة عرمان، جنوب السويداء وأسفر عن مقتل 10 مدنيين بينهم نساء وأطفال، وحمل الأهالي والمرصد السوري لحقوق الإنسان مقاتلات أردنية مسؤولية الحادثة. في المقابل لم تنف أو تؤكد عمان تنفيذها العملية، لا سيما كون القصف جاء بالتوازي مع نشاط على الحدود لملاحقة شبكات التهريب.

واعتبرت دمشق أن التصعيد الأخير لا ينسجم إطلاقاً مع ما توصل إليه من اتفاق بين اللجان المشتركة بين الدولتين، "وأبدت سوريا استعدادها للتعاون مع المؤسسات المدنية والأمنية الأردنية إلا أن تلك الرسائل تم تجاهلها ولم نتلق عليها أي استجابة".

في المقابل، كشف الناطق الرسمي باسم الخارجية الأردنية، سفيان القضاة، عن تزويد الأردن الحكومة السورية خلال اجتماعات اللجنة المشتركة أسماء المهربين والجهات التي تقف وراءهم، وأماكن تصنيع المخدرات وتخزينها وخطوط تهريبها الواقعة ضمن سيطرة الحكومة السورية من دون أي إجراء حقيقي، بحسب قوله.

معركة البيانات المتبادلة حملت في طياتها إيحاءات سورية حول "ما كانت تشكله الحدود الأردنية يوماً ما، كمصدر تهديد لدمشق ومعبر للإرهابيين" مما رفضته الخارجية الأردنية وقال المتحدث باسمها "الأردن مستمر في جهوده لإنهاء الأزمة السورية والتوصل إلى حل سياسي يحفظ أمن سوريا ووحدتها وسيادتها"، مشيراً إلى أن بلاده أول من تصدى لهم.

رجال الكرامة على الطريق

في غضون ذلك أطلقت حركة "رجال الكرامة" في السويداء مبادرة للتنسيق مع الأردن بغية التعاون في مجال مكافحة تهريب المخدرات. وكشف بيان للحركة قبل أيام عن بنود مبادرة من الحركة وأبرزها مطالبة الأردن بوقف العمليات العسكرية ضد المواقع المدنية، وتوخي الحذر عند تنفيذها، والمطالبة برفع الضرر الواقع على ممتلكات المدنيين وتعويضهم عن خسائرهم، والتحقيق الشفاف بمصادر معلوماتهم التي تسببت في سقوط مدنيين والاعتذار لذويهم معنوياً وتعويض مادياً.

واستعرضت المبادرة أيضاً ضرورة وقف الاستهداف العشوائي للمساكن والأراضي الزراعية التي تشل الحركة في القرى الجنوبية، وتسببت في نزوح جماعي، وتسليم الحركة لوائح بأسماء المتورطين بتجارة المخدرات الموجودين ضمن محافظة السويداء.

بدوره، قال المتحدث باسم الجناح الإعلامي لحركة "رجال الكرامة" في حديثه إلى "اندبندنت عربية" إن "مفاوضات بين الحركة والجانب الأردني بهدف تجنيب الأهالي الموت المجاني من القصف إضافة لتأثيرها السلبي على أفراد المجتمع ضمن حدود إمكاناتنا". أضاف "لكن لم يرد الجانب الأردني على الطلب بعد".

و"رجال الكرامة" هي حركة اجتماعية مسلحة تنشط في السويداء، أسست عام 2013 على يد الشيخ أبو فهد وحيد بلعوس، وجاء تأسيسها لمعارضة تجنيد الشبان من الطائفة الدرزية ورفض مشاركتهم في الحرب السورية الدائرة منذ عام 2011 ورفع مؤسسها شعار "دم السوري على السوري حرام" قبل اغتياله في عام 2015 وما زالت مجموعة "رجال الكرامة" لها نفوذها الواسع.

وتوقع المتحدث باسم "رجال الكرامة" أنه وبالتعاون مع المجتمع المحلي من الممكن تحقيق نتائج مهمة على هذا الصعيد، مضيفاً "بيد أن موضوع مكافحة التهريب بصورة كاملة يحتاج إلى تضافر جهود دولية وإقليمية". ويشير المتحدث إلى معلومات عن دخول بعض أنواع الأسلحة إلى الأراضي الأردنية مع المواد المتفجرة.

وعن امتلاك الحركة القدرات البشرية واللوجيستية لتعقب المهربين، قال "لا تكاد تخلو قرية أو حي من مجموعاتنا، ولذلك نعتبر الفصيل الأكبر والأكثر تنظيماً في الجنوب السوري، أما بخصوص التنظيم القتالي فإن الحركة مقسمة إلى فصائل ومجموعات قتالية كل مجموعة ضمن القطاع السكني أو القرية".

إزاء ذلك يرى مراقبون أن عمليات مطاردة شبكات التهريب تأتي بعد مناشدات وزيارات متكررة لوفود رسمية منها زيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الذي قال في تصريح سابق له عن امتلاك المهربين قدرات كبيرة "لن يسمح الأردن بتهديد أمنه الوطني". وفي بيانات رسمية العام الماضي تمكنت القوات المسلحة الأردنية وحرس الحدود من مصادرة 65 مليون حبة كبتاغون خلال عامين.

حيال ذلك لدى الأردن خيارات عدة من بينها إما التعاون مع السلطات السورية، أو قبول مبادرة حركة "رجال الكرامة" في السويداء، إذ استطاع الفصيل المسلح الدخول إلى قرية ذيبين وشن حملة أمنية واسعة أسفرت عن اعتقال ستة أشخاص متورطين بقضايا عدة، منها سلب وقتل ومخدرات، وبكل الأحوال يبدو أن مشوار القضاء على المخدرات ما زال طويلاً وشائكاً.

المزيد من متابعات