Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الأتربة النادرة" بوابة الجزائر لجذب الاستثمار في التعدين

صحراؤها تحوي 20 في المئة من مواد تستخدم في صناعة السيارات الكهربائية والرادارات والصين المورد الأول للاتحاد الأوروبي وأميركا

الجزائر ستستعين بالشركات الصينية لاستخراج الأتربة النادرة (رويترز)

ملخص

لم تشرع الجزائر في مرحلة الدراسات الاستكشافية لتقدير احتياطاتها الفعلية من العناصر الأرضية النادرة سوى في عام 2022، مع رسم الخرائط الجيولوجية تزامناً مع مشاوراتها مع بلدان عدة على غرار روسيا وفرنسا واليابان لعقد شراكات في هذا القطاع

تضع الحكومة الجزائرية مشاريع التعدين الكبرى على رأس جدول أعمالها، ساعية إلى استغلال ما تملكه من معادن وأتربة نادرة خام غير مستغلة، مقابل الفجوة الواسعة في العرض والطلب عالمياً لاقتحام هذا الميدان من أبوابه الواسعة مع شركاء غربيين، لكن يبقى الرهان في اكتساب التكنولوجيا الحديثة.

ويعد الشركاء الصينيون والروس تقليدياً هم المفضلون للجزائر، لكن السلطات تريد الآن الانفتاح على مختلف الشركات الغربية، بما في ذلك الفرنسية والأميركية واليابانية التي تسعى إلى البحث عن المعادن النادرة.

وحضر ممثلو سبع شركات طاقة أميركية اجتماعاً مع وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب الأسبوع الماضي، وفي مقدمها "إكسون موبيل"، و"شيفرون"، حيث دعا المسؤول الجزائري إلى "إقامة شراكات متبادلة المنفعة، لا سيما في مجال البحث والاستكشاف وتثمين الثروات المنجمية وتطوير المجال المنجمي، وبخاصة المعادن الأرضية النادرة".

وتحوي المعادن النادرة نحو 17 عنصراً أبرزها الليثيوم والكوبالت والنيكل والمنغنيز، وتستعمل في الصناعات الحديثة، وأبرزها السيارات الكهربائية وبطاريات الليثيوم وصناعة الهواتف النقالة وأجهزة الكمبيوتر والسلع المنزلية.

تحدٍ تقني

ويدعو متخصصون في الجيولوجيا بالجزائر إلى التمييز بين الأتربة النادرة والمعادن النادرة عموماً، ففي التعريف الصحيح للمصطلح الأول فهو يحوي 15 عنصراً كيماوياً، ويوضح المتخصص في الجيولوجيا عثمان سعيدي، أنه من النادر أن تشكل الأتربة النادرة رواسب غير مربحة اقتصادياً، مشيراً إلى أن تكرير العناصر الأرضية النادرة مثل لفترة طويلة تحدياً تقنياً حقيقياً، نظراً إلى أنها مجموعة من العناصر ذات خصائص متشابهة إلى حد ما، لكن تم تجاوز هذه المعضلة بفضل التكنولوجيا المتطورة التي تمكنت منها الصين إلى حد كبير.

وكان وزير الطاقة والمناجم في الجزائر محمد عرقاب، كشف في حوار لمجلة "إنجازات" الجزائرية الناطقة بالفرنسية، عن أن وزارته تجري مجموعة من الإصلاحات بهدف تنشيط وتنمية قطاع التعدين، للإسهام في تنويع الاقتصاد، وفق خريطة طريق لمدة أربع سنوات، وكشف عن توصل البيانات التي أجراها قطاع التعدين في الجزائر إلى معادن نادرة مثل الولفرام والقصدير والتنتالوم والنيوبيوم والبريليوم. كما كشفت البيانات وجود عناصر أرضية نادرة مثل الإيتريوم والسكانديوم والسيريوم، وبالنسبة إلى المعادن الصناعية، يوجد الباريت والبنتونيت، والفوسفات والفلوريت والكاولين والفلسبار وكربونات الكالسيوم والدولوميت والكبريت الأصلي، حتى الدياتوميت والمغنسيت، والجبس، ورمال السيليكا والأملاح.

وباستثناء استثمار السلطات الجزائرية في استخراج مادة الذهب والفوسفات، ظلت معادن أخرى لعقود مهملة لم تولها أهمية إلا خلال السنوات الأخيرة، ففي منطقة الأهقار، بولاية تمنراست في أقصى الجنوب الشرقي، تحوي التربة على احتياطات مهمة من المعادن النادرة، والتي تسمى أيضاً بـ"المعادن الحرجة".

ويفيد مكتب البحوث الجيولوجية والمعدنية، التابع للوكالة الأفريقية للإعلام الاقتصادي والمالي بتوفر الجزائر على نحو 20 في المئة من الاحتياطات العالمية للأتربة النادرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولم تشرع الجزائر في مرحلة الدراسات الاستكشافية لتقدير احتياطاتها الفعلية من العناصر الأرضية النادرة، سوى في عام 2022، مع رسم الخرائط الجيولوجية، تزامناً مع مشاوراتها مع بلدان عدة على غرار روسيا وفرنسا واليابان لعقد شراكات في هذا القطاع.

وفي ظل مساعي الوصول إلى هدف الحياد الكربوني عام 2050 والنمو الهائل للأجهزة الإلكترونية وتقدم التقنيات الخضراء مثل طاقة الرياح والمركبات الهجينة والكهربائية، زاد الطلب على العناصر الأرضية النادرة التي تسيطر عليها حفنة قليلة من البلدان في العالم، وبالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي يستورد 98 في المئة من حاجاته من الصين بحسب تقرير للمفوضية الأوروبية مقابل اعتماد الولايات المتحدة على المعادن النادرة المنتجة في الصين بنحو 80 في المئة.

وأوضحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن "حاجات الاتحاد الأوروبي من العناصر الأرضية النادرة ستزيد بمقدار خمسة أضعاف بحلول عام 2030".

وتجعل هذه المعطيات الجزائر في مقدمة البلدان التي يطمح المتعطشون للتحرر من الموارد الصينية التقرب منها للاستثمار في استخراج هذه المواد. وفي السياق، يوضح الباحث الاقتصادي والأمين العام للاتحاد الجزائري للاقتصاد والاستثمار عبدالقادر سليماني لـ"اندبندنت عربية"، أن الدراسات تكشف عن أن 20 في المئة من المعادن النادرة توجد في الصحراء الجزائرية، وهذه المواد تستخدم في صناعة السيارات الكهربائية والرادارات.

وأكد سليماني أن الثورة الصناعية اليوم من الجيلين الرابع والخامس تعتمد على المعادن النادرة، وفي إطار تنويع الجزائر لمداخيل الخزانة العمومية والخروج من ريع المحروقات سطرت الدولة استراتيجية للاستثمار في المعادن بالشراكة، خصوصاً مع الصين، عبر استراتيجية الخطة الخماسية الثانية بعد الأولى.

صفقات صينية

ونبه الباحث الاقتصادي إلى استثمار الصينيين في منجم غارا جبيلات (في الجنوب الغربي) بصفقات تقدر بأكثر من ثلاثة مليارات دولار والفوسفات في تبسة (شرق الجزائر) بقيمة أكثر من سبعة مليارات دولار.

وحول الطرق التي تعمل الجزائر للاعتماد عليها لعدم إضاعة فرصة استغلال المعادن، قال سليماني إنها "تبدأ بالبحث وإشراك المعاهد والجامعات الجزائرية والشركات الصينية والروسية في تطوير واستخراج الأتربة النادرة".

وتبقى أسعار العناصر ومكوناتها المطلوبة مرتفعة جداً نظراً إلى كلفة استخراجها، وهو مما يجعل الجزائر غير قادرة وحدها بالقيام بهذه العملية من تحويلها لمواد أولوية، والتي تتطلب كفاءة وتكنولوجيا عالية تمتلكها الصين والولايات المتحدة.

ويؤكد سليماني أن الجزائر بلد محوري يمكنها مع الشريك الصيني أن تستخرج معادن أولية في شكل خام ليتم إعادة تكريره بمعامل داخل الجزائر أو في الصين، مبيناً أن الأميركيين لهم حضور في سوق صناعة الطاقة عالمياً، غير أن الاستثمار في المعادن النادرة يبقى محدوداً لذلك تعول الجزائر على شركائها الصينيين. وختم بأن "الاقتصاد الأخضر والصديق للبيئة يعتمد في التصنيع الحديث على عنصر المغناطيس، حيث ترى بلاده في صناعة البطاريات والسيارات الكهربائية نافذة للدخول في شراكات أميركية أو أوروبية وحتى في سوق السيارات الكهربائية التي تسيطر عليها الصين".