Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معارك ضارية في الخرطوم وتحركات لإيجاد حلول لأزمة السودان

البرهان في الجزائر وكريم خان يقول إن العالم أجمع خيب آمال مواطني دارفور

تشهد مدن العاصمة السودانية الثلاث الخرطوم وأم درمان وبحري معارك واسعة (رويترز)

ملخص

قالت قوات "الدعم السريع" إنها أسقطت مسيرة من طراز "مهاجر 6" إيرانية الصنع في أم درمان

في وقت تشهد فيه مدن العاصمة السودانية الثلاث الخرطوم وأم درمان وبحري معارك واسعة وضارية بين الجيش وقوات "الدعم السريع" على محاور عدة باستخدام مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، بدأت تنشط تحركات من جهات إقليمية ودولية عدة لإيجاد حلول للصراع السوداني بعد فترة من الجمود والانسداد السياسي، وأعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال لقائه نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، عن توافق القاهرة والرياض حول ضرورة وقف إطلاق النار في السودان تمهيداً لتدشين مسار سياسي.

في الأثناء، قالت وزارة الخارجية الأميركية الاثنين إن واشنطن أدرجت وزير الداخلية السوداني السابق أحمد محمد هارون في برنامجها لمكافآت الإرشاد عن المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب، والذي يقدم مكافآت تصل إلى خمسة ملايين دولار. وأضافت الوزارة أن هارون الذي كان وزيراً إبان حكم عمر البشير، مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنه ارتكبها في دارفور بين عامي 2003 و2004.

وفي سياق متصل، قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اليوم الاثنين، إن "هناك ما يدعوه للاعتقاد بارتكاب طرفي الحرب في السودان، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع والجماعات المتحالفة معها، جرائم وفقاً لنظام روما الأساسي".

ورحب قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، خلال زيارته الجزائر التي تستمر يومين، بأي دور جزائري يسهم في إنهاء أزمة بلاده، مؤكداً، في تصريح مشترك عقب لقائه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، أن السودان يتعرض لمؤامرة إقليمية ودولية، إضافة إلى بعض النفوس المشتراة من الوطنيين الذين يتآمرون على شعبهم. وشدد على أنه على يقين من أن بلاده ستتجاوز هذه الأزمة.

وعبر قائد الجيش السوداني عن سعادته بأن تكون الجزائر حاضرة في أي طاولة للنقاش والحوار سواء كانت أفريقية أو عربية، قائلاً "نريد أن نرى حلولاً سلمية تسير بصورة جيدة حتى نستطيع تجاوز هذه المحنة".

وأكد الرئيس الجزائري، بدوره، وقوف بلاده إلى جانب السودان من أجل إيجاد حلول لمشكلاته، لافتاً إلى الدور المحوري للسودان في القارة الأفريقية. وذكر تبون أن الجزائر مع حل أي خلاف أو نزاع داخلي برؤية داخلية بحتة بعيداً من كل أشكال التدخلات الأجنبية بحيث تعود الكلمة الأولى والأخيرة دائماً وأبداً لمكونات الشعب السوداني.

معارك واسعة

ميدانياً، أشار شهود إلى أن الجيش السوداني قصف بالمدفعية الثقيلة من منصاته المختلفة بمدن العاصمة الثلاث، بخاصة من قاعدة وادي سيدنا العسكرية الواقعة شمال مدينة أم درمان تجمعات قوات "الدعم السريع" في عدد من أحياء الخرطوم بالتركيز على وسطها وجنوبها وشرقها، كالمنشية، والجريف غرب، والحلة الجديدة، والامتداد، وجنوب الحزام، ومحيط برج الاتصالات شرق الخرطوم، وسمع دوي انفجارات عنيفة ومتتالية في المواقع المستهدفة بالقصف، وتصاعدت أعمدة الدخان بكثافة في تلك المناطق.

فيما قصفت قوات "الدعم السريع" القيادة العامة بوسط الخرطوم، وكذلك قاعدة كرري العسكرية بأم درمان، ورد الجيش بقصف مماثل لتمركزات "الدعم السريع" شرق الخرطوم.

وأوضح مواطنون أن منطقة الخرطوم بحري ما زالت تشهد اشتباكات عنيفة بين الجانبين، حيث تفرض قوات الجيش حصاراً على مصفاة الجيلي الواقعة في أقصى شمال المدينة.

إسقاط مسيرة

وذكرت "الدعم السريع" أنها أسقطت مسيرة من طراز "مهاجر 6" إيرانية الصنع في أم درمان، ونشر حسابها على منصة "إكس" منشوراً أوضح فيه أن الطائرة تعد الثالثة من الطراز نفسه التي توقعها، ووفق إعلام "الدعم السريع"، فإن المسيرة "مهاجر 6" جرى إسقاطها، صباح أمس الأحد، في مدينة أم درمان، وإنها تابعة للجيش، كما نشرت منصات مؤيدة لـ"الدعم السريع" فيديو يظهر فيه مقاتلون تابعون لهذه القوات حطاماً قالوا إنه يعود للمسيرة.

وكان مسؤولون غربيون وخبراء قالوا، لوكالة "بلومبيرغ"، قبل أيام، إن "إيران زودت الجيش السوداني طائرات من دون طيار من نوع مهاجر 6 مؤهلة لمهام الرصد ونقل المتفجرات، وتحمل ذخائر موجهة بدقة". وقال التقرير إن "أقماراً اصطناعية التقطت، في التاسع من يناير (كانون الثاني) الجاري، طائرة من نوع (مهاجر 6) في قاعدة وادي سيدنا (شمال الخرطوم)، التي تخضع لسيطرة الجيش".

ولم يعلن الجيش السوداني امتلاكه المسيرة، لكن مراقبين وشهوداً أكدوا رصد نشاط ملحوظ للطيران المسير في العمليات الأخيرة، وتتواكب هذه التطورات مع مساعٍ دبلوماسية سودانية - إيرانية لتسريع واستكمال استئناف العلاقات بين الطرفين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وذكرت "الدعم السريع"، على منصة "إكس" أن المسيرة تابعة للجيش السوداني الذي اتهمته بـ"قصف المدنيين الأبرياء في المدن والأرياف، مخلفاً مئات القتلى والجرحى، والتسبب في تدمير البنى التحتية الحيوية والمناطق السكنية". وتوعدت هذه القوات، التي يقودها محمد حمدان دقلو "حميدتي"، بـ"القضاء على تحركات ومحاولات الفلول كافة، براً وجواً وبحراً"، وقالت في بيانها، إنها لن تتراجع عن تحقيق "طموحات شعبنا المتطلع للحرية والسلام والديمقراطية، في ظل وطن تسوده قيم العدل والمساواة بلا تمييز".

ويخشى مراقبون أن يعزز تسليح الجيش السوداني بالمسيرات الإيرانية النفوذ العسكري لطهران في الشرق الأوسط، وذلك بعد بدء السودان مسار تسريع استئناف علاقته الدبلوماسية مع إيران، بعد قطيعة استمرت سنوات.

مناوشات محدودة

كما شهدت مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان مناوشات محدودة بين طرفي الصراع، إضافة إلى تبادل القصف المدفعي بين الجيش و"الدعم السريع"، في وقت عادت فيه خدمة الاتصالات بعد انقطاع دام نحو ثلاثة أيام. وبدأت "الدعم السريع"، منذ منتصف الأسبوع الماضي، عملية عسكرية واسعة تهدف إلى السيطرة على قيادة الفرقة 22 مشاة التي تمثل رئاسة الجيش بولاية غرب كردفان.

وأشار مفوض العون الإنساني بمحلية بابنوسة فخر الدين فضل التوم إلى أن نحو 99 في المئة من سكان بابنوسة فروا بسبب المواجهات التي جرت في المدنية، ما يعادل 45 ألفاً من سكان البلدة، واصفاً الأوضاع في المحلية بالكارثية. ودعا المفوض إلى تشكيل لجان طوارئ تعمل على تقديم الخدمات.

ونوه تعميم أصدرته غرفة طوارئ بابنوسة إلى أن قوات "الدعم السريع" اعتقلت عدداً من المواطنين بحي السلام واقتادتهم إلى جهة غير معلومة، محملة هذه القوات مسؤولية سلامتهم، فضلاً عن مطالبتها بإطلاقهم فوراً. ودانت الغرفة الانتهاكات البشعة التي ارتكبها كل من "الدعم السريع" والجيش في حق المواطنين، والتي شملت الاعتقال التعسفي والقتل والتشريد، إلى جانب الدمار الهائل الذي طال البنى التحتية.

تصرفات عدائية

في الأثناء، قال عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات "الدعم السريع" إبراهيم مخير، في شأن محاولات الأخيرة السيطرة على مدينة بابنوسة، "هجومهم على هذه المدينة جاء بعد رصدهم تجمعاً يضم أكثر من 40 ألف مقاتل بينهم مجموعة كبيرة من الإسلاميين والمستنفرين، ما يعد تصرفات عدائية خطرة تهدد المواطنين الآمنين، ومعلوم أن مدينة بابنوسة فيها حقول البترول السودانية الغنية، من ثم بسيطرتنا عليها نكون قد حرمنا جيش البرهان من مصدر مالي مهم لتمويل اعتداءاته المتصاعدة علي الأحياء الآمنة والمستشفيات والمرافق الخدمية، فضلاً عن وقف الهدر المهول للثروات السودانية التي هي ملك للشعب، وكذلك قطع الطريق على إمداد قوات فلول النظام السابق". ولفت إلى أن "الدعم السريع" تمكنت من إخماد الفتن القبلية وتحقيق نوع من الاستقرار في المناطق التي تحت سيطرتها، وأتاحت لسكانها ممارسة حياة شبه طبيعية في ظل أوضاع شديدة التوتر.

وعما يتداول عن مدى إمكانية استئناف منبر جدة مجدداً، أضاف مخير "المحادثات بين طرفي القتال عبر هذا المنبر الذي ترعاه الوساطة السعودية - الأميركية أريد لها أن تكون عملية تراكمية تركز في الأساس علي رفع المعاناة عن كاهل السودانيين المتضررين من هذه الحرب، بإيصال عمليات الإغاثة لأنحاء البلاد كافة". وتابع "نحن نعلم الصعوبات التي يتكبدها راعو هذه المفاوضات، والجهود التي يبذلها السعوديون والأميركيون والأفارقة، وكذلك المؤسسات الدولية الأخرى، لذلك آلينا على أنفسنا أن نستجيب لكل ما يمكن أن يسهل مهمتهم تقديراً لنواياهم تجاه بلادنا ولأننا ندرك حقيقة ما يمر به السودانيون من معاناة بسبب التشريد والنزوح، فضلاً عن سقوط الضحايا، بخاصة جراء القصف الجوي الذي يستهدف المدنيين في المناطق التي لا تجرى فيها عمليات عسكرية كالقرى الصغيرة في الجزيرة ودارفور وكردفان بواسطة الطائرات الإيرانية التي جلبها الجيش أخيراً، بصفقة كلفت البلاد ملايين عدة من الدولارات، وظل معظم أفراد وفدنا المفاوض موجوداً في جدة وسيظل ملتزما باستئنافها ومخرجاتها".

وعن أثر تحرك قائد "الدعم السريع" في دول الجوار الأفريقي، قال "الحقيقة أن الزيارات المكوكية التي أنجزها قائد (الدعم السريع) في دول أفريقية وما حظي به من استقبال، إضافة إلى حضوره قمة (إيغاد)، كانت دفعة كبيرة للسلام، لكن قرار قائد الجيش عبدالفتاح البرهان بتجميد عضوية السودان في هذه المنظمة الأفريقية أتى لينهي آمال معظم السودانيين للتوصل لحل أزمتهم سلمياً، في وقت وجد فيه تنازل دقلو عن أي شروط للجلوس مع البرهان من أجل تحقيق السلام ترحيباً دولياً واسعاً".

وتابع عضو المكتب الاستشاري لقائد الدعم السريع "نحن نأسف لما وصلت إليه الأحوال في بلادنا، وقد اعتذر قائد (الدعم السريع) للشعب السوداني، مرات عدة، علانية لعدم مقدرته على تجنب اندلاع الحرب، وقال، في مناسبات عدة، إن الحرب فرضت علينا، والحقيقة هي حرب ضد الشعب السوداني، فهي مؤامرة لقطع الطريق أمام هذا الشعب حتى لا تتحقق رغبته في احتلال موقعه الطبيعي بين شعوب العالم الحر بعد 30 عاماً من الديكتاتورية والاستعداء غير المبرر، لكننا متفائلون بأن التخلص من هذه الشرذمة قد اقترب، وأن عودة السودانيين إلى بيوتهم باتت هدفاً قريباً، بخاصة أننا أشرفنا على عودة نحو أربعة آلاف أسرة إلى مدينة ود مدني، كما تشهد مدينة الجنينة استقراراً تاماً للخدمات والحالة الأمنية".

رسالة اللاجئين

دولياً، أوضح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أن العالم أجمع خيب آمال مواطني دارفور، مضيفاً "يجب أن يوحدنا الأمل، لا أن يفرقنا اليأس". ونوه خلال لقائه عدداً من اللاجئين السودانيين في معسكري فرشنا وأدري بأنه سيقدم تقريره في شأن ما جرى خلال الأشهر الستة الماضية أمام مجلس الأمن اليوم الإثنين، مشيراً إلى أنه يريد أن يعرف الرسالة التي يريدها هؤلاء اللاجئون ليقوم بنقلها إلى المجلس. وطالب خان اللاجئين بالتعاون من أجل تحديد الجرائم والمتورطين فيها، معرباً عن تعاطفه مع ضحايا الجرائم والانتهاكات، بخاصة الاغتصاب والعنف الجنسي.

ويتناول التقرير المكون من نحو 19 صفحة جهود المحكمة الجنائية في السودان عقب اندلاع الحرب، في منتصف أبريل (نيسان)، بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، مؤكداً أن الصراع الحالي خلف أوضاعاً إنسانية كارثية، وأن تحقيقات خبراء المحكمة تشمل ما وقع من جرائم في مدينة الجنينة بغرب دارفور، ومناطق أخرى من الإقليم، وأشار التقرير إلى أن المحكمة تمكنت من جمع شهادات عدد من الشهود الرئيسين ومستندات أخرى، في وقت يعكف مكتب المدعي العام على الاعتماد على مصادر مفتوحة، بالتعاون مع جهود الخبراء ومع شركاء من خارج المحكمة. وأشار إلى أن المحكمة، على رغم محدودية الإمكانات، فإن مكتب الادعاء عمل على إعداد فرق من محققين ومحامين لخدمة التحقيقات. وكشف خان في تقريره عن أن السلطات في السودان لم تستجب لطلب مكتب المدعي العام بعد اندلاع الحرب في شأن تقديم معلومات حول المطلوبين لدى المحكمة من قيادات النظام السابق.

المزيد من متابعات