Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحرب السودانية على حالها: تصعيد وتبادل للاتهامات ولا أفق للحل

معارك عنيفة في مدن العاصمة الثلاث ووفد "تقدم" يشيد بجهود سلفاكير ومبعوث أميركي جديد للبلاد

مدنيون سودانيون يسيرون عبر طريق شبه خالية مع إغلاق العديد من المتاجر لأسباب أمنية في مدينة القضارف (أ ف ب)

ملخص

يسود التوتر مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور التي تشهد اشتباكات عنيفة بين الجيش و"الدعم السريع" منذ الخميس تتمركز في منطقة السوق وأحياء عدة بالنواحي الشمالية للمدينة.

لا تزال الساحة السودانية على حال الحرب بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، حيث التصعيد العسكري المتواصل على جبهات القتال المختلفة، بخاصة العاصمة الخرطوم وولايات شمال دارفور وغرب كردفان والجزيرة، بينما يبدو الحل السلمي لهذا الصراع بعيد المنال، بعد ما فشلت كل الجهود الإقليمية والدولية حتى الآن في إنهائه.

وتشهد مدن العاصمة الثلاث الخرطوم وأم درمان وبحري هذه الأيام معارك عنيفة بين الطرفين باستخدام الأسلحة الثقيلة والمسيرات، حيث أعلن الجيش عبر صفحته على "فيسبوك" أن قوات العمل الخاص التابعة له نفذت أمس السبت عمليات نوعية ناجحة خلف خطوط ميليشيات "الدعم السريع" وكبدتهم خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، وحررت عدداً من الأعيان المدنية والمنازل التي اتخذتها تلك الميليشيات ثكنات عسكرية.

وبحسب شهود عيان، فإن محيط القيادة العامة للجيش بوسط الخرطوم شهد قصفاً مدفعياً عنيفاً، مما أدى إلى تصاعد أعمدة الدخان بكثافة، كما سمع دوي انفجارات في أحياء الرياض والطائف والمعمورة والجريف الواقعة شرق العاصمة، وذلك نتيجة غارات جوية شنها الطيران الحرب مستهدفاً مواقع وتجمعات لـ"الدعم السريع"، وردت الأخيرة بإطلاق مضادات الصواريخ الأرضية.

وأشار الشهود إلى تواصل المواجهات الضارية بين القوتين في نواحي أحياء أم درمان القديمة وسوق ليبيا ومناطق أمبدة ومحيط سلاح المهندسين، في حين تبادل الطرفان القصف بالمدفعية الثقيلة من مناطق تمركزاتهما بشمال وجنوب المدينة. كما قصفت مدفعية "الدعم السريع" مقر سلاح الإشارة ببحري من منصاتها بجنوب وشرق الخرطوم، فيما شن طيران الجيش غارات جوية على تمركزات بمنطقة شرق النيل والكدرو، لكن "الدعم السريع" استنكرت في بيان على منصتها بموقع "إكس" ما سمته "عمليات القصف المتعمد (...) على مصفاة الجيلي للبترول شمال بحري".

وتابع البيان أن "عمليات القصف المتكرر لهذه المصفاة وغيرها من الأعمال الوحشية والبربرية التي ظلت ترتكبها قوات الجيش منذ إشعالها للحرب في الـ15 من أبريل (نيسان) تشكل جرائم حرب متكاملة الأركان، إضافة لكونها تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني والمعاهدات الدولية الأخرى بما فيها ميثاق الأمم المتحدة والاتفاقات الدولية والإقليمية".

وأردف البيان أن "إدانتنا لهذه الجرائم والأفعال التي ترتكب ضد شعبنا ومقدراته لا يعني أننا سنقف مكتوفي الأيدي وإنما سيكون ردنا قاسياً على الفلول الإرهابيين وأعوانهم بما يكافئ أفعالهم في حق شعبنا"، داعياً منظمات المجتمع المدني المحلية والإقليمية والعربية والدولية تحمل مسؤولياتها وإدانة هذه الجريمة وجميع جرائم الحرب.

وفي ولاية الجزيرة جدد سلاح الطيران وفقاً لمصادر عسكرية قصفه لتجمعات وارتكازات "الدعم السريع" بكبري بيكة - مدني، حيث دمر رتلاً من المركبات القتالية بكامل أطقمها، فيما تعرضت إحدى قرى الولاية لعمليات نهب وسلب للممتلكات من قبل مجموعات مسلحة تتبع للأخيرة.

في حين يسود التوتر مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور التي تشهد اشتباكات عنيفة بين الجيش و"الدعم السريع" منذ الخميس تتمركز في منطقة السوق وأحياء عدة بالنواحي الشمالية للمدينة. وقال نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية للسودان (دارفور) طوبي هارورد في تدوينة على منصة "إكس"، إن "القتال الدائر في الفاشر خلال اليومين الماضيين أدى إلى مقتل وإصابة عديد من المدنيين وإلحاق أضرار بالبنية التحتية ونزوح واسع النطاق"، مؤكداً أن تصعيد النزاع سيكون كارثياً بالنسبة إلى مئات الآلاف من النازحين الذين لجأوا إلى المدينة.

وأشار هارورد إلى أن مكتب الأمم المتحدة بالسودان يتلقى تقارير عن تجنيد واسع النطاق لأطفال تراوح أعمارهم ما بين 11 و17 سنة في صفوف الأطراف المتحاربة والجماعات المسلحة في الفاشر، بما يمثل انتهاكاً خطراً لحقوق الطفل والقانون الإنساني الدولي.

جهود جوبا

في الأثناء قال القيادي في تحالف قوى "الحرية والتغيير" بابكر فيصل الذي يزور جوبا عاصمة جنوب السودان ضمن وفد تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم) لـ"اندبندنت عربية" إن "لقائهم رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت كان مثمراً وجيداً، حيث تناول جهود بلاده لإيقاف حرب السودان منذ اندلاعها قبل أكثر من 9 أشهر انطلاقاً من خصوصية العلاقة التي تجمع الشعبين، فضلاً عن أن استمرارها سيؤثر في جميع دول الجوار، وعلى رأسها جنوب السودان، وهي الدولة الوحيدة التي ليس لديها أجندة لإنهاء هذا الصراع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف فيصل "في هذا الإطار طلب وفد التنسيقية من رئيس جنوب السودان تكريس سعيه إلى إلقاء قيادة طرفي الحرب وحثهما على وقف إطلاق النار، وأبدى استعداده للتحدث مع قيادتي الجيش و(الدعم السريع) في هذا الخصوص، كما جرت مناقشة وضع اللاجئين السودانيين في عدد من المعسكرات بمدينة الرنك وغيرها، فضلاً عن بحث مسألة التعليم من خلال فتح الجامعات الجنوب سودانية للطلاب السودانيين في ظل استمرار الحرب". ونوه بأن ميارديت طرح على وفد (تقدم) سعيه إلى توحيد القوى المدنية السودانية، حيث أبدى الوفد ترحيبه بالجلوس مع جميع الأطراف السودانية عدا المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية.

ومضى القيادي بقوى "الحرية والتغيير" في القول "واضح أن المشهد السوداني يسير في اتجاه التعقيد، فحتى الحوار الذي ابتدره منبر جدة توقف وكذلك الحال بالنسبة إلى مبادرة (إيغاد)، كما أن التسريبات في شأن المفاوضات السرية التي جمعت ممثلين لطرفي القتال بالبحرين لم تتضح رؤيتها وإلى أي اتجاه تسير، فضلاً عن تواصل الخطاب التصعيدي الداعي لاستمرار الحرب من قبل قائد الجيش وهجومه على القوى المدنية، في ظل خطر المجاعة الماثل في البلاد وفق تقارير الأمم المتحدة".

مبعوث أميركي

دولياً، تتجه وزارة الخارجية الأميركية لتعيين توم بيرييلو مبعوثاً خاصاً جديداً في السودان، وذلك بعد أشهر من مطالبة المشرعين الديمقراطيين والجمهوريين بتعيين خبير كبير لديه القدرة على حل المشكلات ومنع واحدة من أكبر دول أفريقيا من الانزلاق في حرب أهلية وتجنب إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وتزامنت هذه الخطوة مع قرار السفير الأميركي لدى السودان جون غوديفري بصفته المبعوث غير الرسمي التنحي عن منصبه خلال الأسابيع المقبلة، وفقاً لمصادر دبلوماسية عدة.

وكان كل من رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الجمهوري مايكل ماكول والنائب الديمقراطي غريغوري ميكس قد أصدرا بياناً يدعو الرئيس الأميركي جو بايدن والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى تعيين مبعوث خاص من الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة لجلب الأطراف المتحاربة على وجه السرعة إلى طاولة المفاوضات وإنهاء الأعمال العدائية.

وفي وقت سابق قدم رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بن كاردين والنائب الجمهوري جيم ريش قراراً يدعم الدعوات إلى تعيين مبعوث خاص رفيع المستوى للمساعدة في إنهاء الصراع في السودان.

وقال ريش في بيان "على رغم التركيز العالمي على الأزمات في أوروبا والشرق الأوسط، فإنه لا ينبغي التغاضي عن الوضع المزري في السودان الذي يتسم بالمعاناة الشديدة والدمار واسع النطاق والجرائم المروعة".

وأشار مسؤول في إدارة بايدن إلى أنه إضافة إلى قرار ضم بيرييلو، يواصل سفير الإدارة الأميركية لدى السودان، غودفري، الضغط من أجل السلام من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لافتاً إلى أن "فكرة عدم وجود مشاركة رفيعة المستوى ليست صحيحة".

وبيرييلو عضو سابق في الكونغرس عن الحزب الديمقراطي خسر سباق حاكم الولاية في عام 2017، ولديه خبرة قليلة في السودان، على رغم أنه عمل مبعوثاً خاصاً إلى منطقة البحيرات الكبرى في أفريقيا.

وفي أبريل الماضي، استقال من منصبه كمدير تنفيذي للبرامج الأميركية في مؤسسة المجتمع المفتوح.

ويهدف تعيين بيرييلو إلى إظهار التزام الولايات المتحدة بإنهاء الصراع الذي أدى إلى مقتل أكثر من 12 ألف سوداني وعرقلة الجهود الدولية لمساعدة الخرطوم على تطوير اقتصادها.

انتشار الكوليرا

صحياً، أكدت وزارة الصحة السودانية ارتفاع معدلات الإصابة بمرض الكوليرا في البلاد منذ انتشاره في سبتمبر (أيلول) 2023.

وبحسب التقرير التراكمي للمرض حتى الـ29 من يناير (كانون الثاني)، فإن عدد الحالات المسجلة بلغ 10 آلاف و94 حالة في 10 ولايات سودانية إلى جانب 284 وفاة.

وسجلت ولاية البحر الأحمر أعلى نسبة إصابة بالوباء بلغت 3561 حالة منها 125 وفاة، تليها القضارف بـ2097 حالة منها 50 وفاة، بينما بلغت عدد الحالات في ولاية الجزيرة 1861 حالة منها 26 وفاة.

وأشار التقرير إلى أن عدد حالات الإصابة في ولاية النيل الأبيض بلغ 1642 حالة منها 33 وفاة، وفي الخرطوم 587 حالة منها 28 وفاة، وفي كسلا 139 حالة منها 13 وفاة، وفي سنار 129 حالة منها 5 وفيات، وفي نهر النيل 62 حالة منها حالتا وفاة، وفي الشمالية 13 حالة منها حالتا وفاة، وفي النيل الأزرق 3 حالات دون تسجيل وفاة.

وظهرت أول حالات إصابة بهذا المرض في ولايتي القضارف والخرطوم قبل أن يتفشى الوباء بولايات أخرى منها الجزيرة والنيل الأبيض والبحر الأحمر وكسلا، فضلاً عن ظهوره في ولايتي نهر النيل والشمالية الشهر الماضي.

وانطلقت في نوفمبر (تشرين الثاني) الحملة الأولى للتطعيم من هذا الوباء في ولايتي القضارف والجزيرة بتوفير نحو 2.2 مليون جرعة من اللقاحات للقضاء على المرض.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات