Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تنويع الأسواق خدم الصادرات التونسية وخفض عجز الميزان التجاري

مسؤولة التجارة الخارجية تقول إن بلادها سجلت فائضاً قياسياً مع الاتحاد الأوروبي بلغ 3 مليارات دولار

ارتفع نمو الصادرات التونسية، بخاصة إلى الوجهات الأفريقية التي تمثل سوقاً يضم 1.3 مليار مستهلك، إذ قفزت الصادرات صوب بلدان "الكوميسا" (السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا) من 2.1 مليار دينار (677 مليون دولار) في 2021 إلى 3 مليارات دينار (967 مليون دولار) عام 2023، ويصل الفائض مع دول "الكوميسا" إلى 1.5 مليار دينار (483 مليون دولار) بحسب ما ورد على لسان المديرة العامة للتجارة الخارجية في وزارة التجارة وتنمية الصادرات التونسية درة البرجي ضمن حوار مع "اندبندنت عربية". وأضافت أن بلادها سجلت فائضاً قياسياً مع شريكها الأول الاتحاد الأوروبي بلغ 9.1 مليار دينار (3 مليارات دولار) العام الماضي، وفي المقابل انخفض العجز التجاري مع تركيا إلى 3.3 مليار دينار (1.06 مليار دولار) من 5 مليارات دينار (1.61 مليار دولار) عام 2022، ولم يقتصر تقلص العجز التجاري على بعض البلدان، بل تراجع في المجمل إلى 17 مليار دينار (5.4 مليار دولار) عام 2023، من 25.2 مليار دينار (8.12 مليار دولار) العام قبل الماضي.

وارتفعت نسبة تغطية الواردات بالصادرات بـ 8.9 نقطة، ببلوغها 78.4 في المئة العام الماضي، في حين لم تزِد على 69 في المئة 2022، وهي أعلى نسبة تغطية خلال الأعوام الـ 10 الماضية، مما أعاد للميزان التجاري نسبة مهمة من التوازن خلال 2023.

وأردفت أن "نتائج متابعة تطور المبادلات التجارية التونسية مع الخارج بالأسعار الجارية أبرزت صعوداً للصادرات بنسبة 7.9 في المئة مقارنة بعام 2022، وبلغت قيمة الصادرات 62 مليار دينار (20 مليار دولار) مقابل 57.5 مليار دينار (18.5 مليار دولار) خلال عام 2022".

وفسرت البرجي التحسن المسجل في الميزان التجاري بالحركية التي شهدتها الصادرات التونسية، وتراجع قيمة الواردات، إذ عرفت الصادرات انتعاشاً، واستعادت عافيتها بعد جائحة كورونا وتداعيات الأزمة الروسية- الأوكرانية، مما أسهم في تقلص العجز التجاري بعدما شمل النسق التصاعدي مختلف القطاعات، إذ قفزت صادرات المنتوجات الفلاحية والغذائية بنسبة17.8  في المئة، والنسيج والملابس والجلود والأحذية بنسبة 6.9  في  المئة، والصناعات الميكانيكية والكهربائية بنسبة 15.9 في المئة، بينما تراجعت صادرات قطاع الطاقة بنسبة 16.2 في المئة، والفوسفات ومشتقاته بنسبة 25.8 في المئة، في حين انخفضت الواردات بنسبة 4.4 في المئة وبلغت قيمتها 79.1 مليار دينار (25.5 مليار دولار)، مقابل 82.7 مليار دينار (26.6 مليار دولار) سجلت خلال 2022.

جهاز الدفاع التجاري

ورفضت المسؤولة التونسية، ربط هذا التراجع الحاصل على مستوى الواردات بإجراءات حمائية اتخذتها البلاد للحد من التوريد، واستدلت على ذلك بالزيادة التي سجلتها واردات المواد التي يمكن استهدافها بإجراءات الحماية خلال عام 2023، على غرار المواد الاستهلاكية التي ارتفعت بنسبة 1.8 في المئة، ويعود التراجع على مستوى قيمة الواردات وفق تقديرها، للانخفاض المسجل في واردات مواد الطاقة بنسبة 10.8 في المئة، والمواد الأولية ونصف المصنعة بنسبة 7.3 في المئة، وهي مجموعات مواد لا يمكن أن تستهدف بإجراءات حمائية باعتبار أهميتها للاقتصاد التونسي ودورها في خلق الثروة.

وحول الإجراءات التي اتخذتها تونس للضغط على الواردات والتي وصفت بـ"الحمائية" من قبل المحللين، وعلاقتها بجهاز الدفاع التجاري، نفت البرجي اتباع تونس لسياسة حمائية، وقالت إنها إجراءات تنظيمية في إطار التأسيس لحوكمة جديدة، ضمن المراجعات التي تقوم بها جميع بلدان العالم في الاقتصاديات الصاعدة والمتقدمة على حد سواء، بهدف حوكمة المبادلات التجارية من فترة إلى أخرى.

وتضيف أن "الأمر تعلق بتركيز نظام للمراقبة المسبقة عند التوريد في إطار حماية المستهلك، ويتمثل هذا النظام في إجراء مراقبة على الملفات قبل إتمام عمليات التوريد بالنسبة إلى مجموعة من المنتوجات الاستهلاكية، بهدف ضمان حد أدنى من جودة المنتوجات المستوردة، ويجرى حالياً تفعيل هذا النظام من قبل مصالح الوزارات المكلفة بالتجارة والصناعة والصحة، كما يقع العمل حالياً على رقمنة هذا الإجراء لتبسيطه للمتعاملين الاقتصاديين، علماً أن عدداً من الدول يعتمد إجراءات مماثلة لإحكام الرقابة على واردات المواد الاستهلاكية وضمان مطابقتها للمعايير المستوجبة بهدف حماية المستهلك، على غرار كندا وبلدان الاتحاد الأوروبي والأردن ومصر".

وقالت البرجي، "على سبيل المثال، تجربة مصر التي تخصص في هذا الإطار إدارة مختصة هي جهاز مكافحة الإغراق والدعم والوقاية، وكذلك مديرية حماية الإنتاج الوطني في الأردن وهي هياكل تتمتع بصلاحيات واسعة، أما في كندا فهي محكمة التجارة الخارجية التي تسهر على مراقبة الواردات، بينما استأنست المغرب بالتجربة التونسية، ونسجت على منوالها وأسست لهيكل مماثل، إذ تمتلك مختلف الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للتجارة هياكل تتولى مهمة سلطة التحقيق في مجال الدفاع التجاري، طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في اتفاقات المنظمة العالمية للتجارة ذات الصلة، ولا يندرج جهاز الدفاع التجاري في إطار توجه تونس لاعتماد إجراءات حمائية للحد من الواردات، بل يندرج في إطار سعي البلاد إلى تفعيل إجراءات الدفاع التجاري المنصوص عليها باتفاقات المنظمة العالمية للتجارة، والمتمثلة في الإجراءت الوقائية وإجراءات مكافحة الإغراق والدعم المحظور التي تهدف إلى حماية الصناعة الوطنية للدول الأعضاء في المنظمة العالمية للتجارة من تكثف الواردات ومن الممارسات غير المشروعة عند التوريد".

ولفتت إلى مراجعة مصالح وزارة التجارة وتنمية الصادرات اتفاق التبادل الحر مع تركيا، وإلغاء الإعفاء الكلي من الرسوم الجمركية بالنسبة إلى مجموعة من المنتوجات التي لها نظير مصنع محلياً، بهدف حماية الصناعة الوطنية من المنافسة المتنامية التي فرضتها المنتجات التركية خلال الأعوام الأخيرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي تعريفها لجهاز الدفاع التجاري، قالت درة البرجي إنه بمثابة سلطة التحقيق الوطنية، وبناء على تقديره، يتولى إنجاز تحقيقات الإجراءات الوقائية عند التوريد وتحقيقات مكافحة الإغراق ومكافحة الدعم المحظور، ويتولى الدفاع عن الصادرات التونسية إزاء إجراءات الدفاع التجاري التي تتخذ من بقية الدول.

وتعمل تونس من خلال تركيز هذا الجهاز إلى تدارك تأخرها زمنياً في تفعيل إجراءات الدفاع التجاري، علماً أنها كانت سباقة في وضع إطار قانوني له على المستويين الأفريقي والعربي، عبر القانون رقم 106 لعام 1998 المتعلق بالإجراءات الوقائية عند التوريد، والقانون رقم 9 لسنة 1999 المتعلق بالحماية ضد الممارسات غير المشروعة عند التوريد، غير أن هذا الإطار القانوني لم يفعل، إذ لم تتخذ أي إجراء في مجال الدفاع التجاري منذ صدور هذه القوانين.

وكشفت المسؤولة عن أن عام 2023 شهد تفعيل أول إجراء وقائي لفائدة قطاع الأسلاك اللولبية، مضيفة "نأمل في أن يكون ذلك انطلاقة بانتظار صدور الأمر الذي سيضبط مشمولات جهاز الدفاع التجاري وتركيبته، وطرق سيره طبقاً للمرسوم 68 الصادر في الـ19 من أكتوبر (تشرين الأول) 2022 والمتعلق بضبط أحكام خاصة بتحسين نجاعة إنجاز المشاريع العمومية والخاصة، والذي نص في فصله 34 على إحداث جهاز الدفاع التجاري".

ورداً على مدى تطابق ذلك مع الاتفاقات والقوانين التي انتظمت فيها تونس في السابق، قالت البرجي إن تركيز جهاز الدفاع التجاري، لا يتعارض  مع التزامات البلاد في إطار اتفاقات المنظمة العالمية للتجارة، والاتفاقات الثنائية للتبادل الحر، وأن التشريع الوطني في مجال الدفاع التجاري يرتكز أساساً على الأحكام الواردة باتفاقات المنظمة العالمية للتجارة ذات الصلة والمتمثلة في اتفاق الوقاية واتفاق مكافحة الإغراق واتفاق الدعم والتدابير التعويضية، وهي اتفاقات ملزمة لمختلف الدول الأعضاء في المنظمة، وتمثل الإطار المنظم للإجراءات الممكن اتخاذها لحماية الصناعة الوطنية من تكثف الواردات ومن الممارسات غير المشروعة عند التوريد، ويمتلك أهم الشركاء الاقتصاديين لتونس تجارب متقدمة على مستوى تفعيل آليات الدفاع التجاري، إذ يعتبر الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال أحد أهم التجمعات التي تلجأ إلى آليات الدفاع  لحماية صناعتها من الواردات.

ويشار إلى استهداف الصادرات التونسية بإجراءات الدفاع التجاري من قبل الشركاء الاقتصاديين، إذ اتخذ الاتحاد الأوروبي إجراء وقائياً ضد بعض المنتوجات التونسية من الحديد، كما أخضعت بعض المنتوجات التونسية من الحديد لرسوم إغراق من قبل كل من مصر والولايات المتحدة الأميركية، وإخضاع صادرات تونس من الكراس المدرسي لرسوم مكافحة إغراق من قبل السلطات المغربية.

سوق السيارات والاقتصاد الأخضر

في ردها على سؤال حول انتقادات الملاحظين في شأن ما وصفوه بـ"ارتفاع حجم الواردات من السيارات وتحرك لوبيات حياله وتأثير ذلك في ميزان المدفوعات"، نفت المديرة العامة ذلك بشدة، مشيرة إلى الخفض في كمية الواردات من السيارات باعتبار سعي الوزارة إلى حوكمة واردات وكلاء السيارات، إذ جرى الخفض في 2023 بنسبة 20 في المئة في البرنامج العام لتوريد المعدات السيارة مقارنة ببرنامج عام 2022، وجرى الحفاظ على استقرار حصتها  من حيث القيمة، فهي تراوح ما بين ثلاثة وأربعة في المئة من إجمالي الواردات التونسية.

ووقع التحكم في حجم واردات السيارات التي كانت في حدود 2.2 مليار دينار (709 ملايين دولار) عام 2022 وبلغت 2.5 مليار دينار (806 ملايين دولار) في 2023، ويعود هذا التطور من حيث القيمة للارتفاع غير المسبوق لأسعار السيارات على المستوى العالمي، بخاصة كلفة النقل واللوجستية.

من جهة أخرى، أكدت البرجي السير في التأسيس لرؤية جديدة لتنظيم قطاع السيارات في تونس باتجاه استراتيجية الدولة لتشجيع الاقتصاد الأخضر والإسهام في برنامج تطوير النقل الكهربائي، وسنّت عدداً من التشجيعات والتحفيزات في قانون المالية لسنة 2022 وقانون المالية لسنة 2024 لدعم السيارات الكهربائية والهجينة، ووقع الخفض بنسبة 50 في المئة في المعلوم على الاستهلاك الموظف على السيارات المجهزة بمحرك مزدوج حراري، وكهربائي (السيارات الهجينة)، والإعفاء من المعاليم الجمركية على السيارات الكهربائية في قانون المالية لسنة 2022.

وأقرت، وفق ما تقوله، تحفيزات جبائية لهذا الصنف من السيارات بالخفض في الأداء على القيمة المضافة من 19 في المئة إلى سبعة في المئة والخفض بنسبة 50 في المئة في معلوم الجولان، و50 في المئة في معاليم التسجيل بقانون المالية لعام 2024، وبناء على ذلك وفي إطار التشجيعات المذكورة، ألغى مجلس الوزراء في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، العمل بقرار سبق اتخاذه عام 2016 والقاضي بعدم إسناد رخص لوكلاء جدد للسيارات، مما سيمكن من حل الملفات العالقة الخاصة بهذه الأصناف تحديداً، وتدرس وزارة التجارة مراجعة "كراس الشروط الخاص بتسويق معدات النقل البري عبر الطرقات المصنعة محلياً أو الموردة" في إطار إدماج التحولات الجديدة للقطاع.

تحيين النصوص القانونية

وفي ردها على سؤال حول استراتيجية الوزارة لتنمية الصادرات التونسية، قالت إنها ترتكز على تسهيل إجراءات التجارة الخارجية وتحسين مناخ الأعمال للرفع من تنافسيتها، ومن هذا المنطلق يقع العمل على تعميم الرقمنة وتحيين النصوص القانونية ثم الحرص على توفير المعلومة الاقتصادية، وجرت رقمنة إجراءات التجارة الخارجية بنسبة 50 في المئة، وهي الإجراءات البنكية والتراتيب الجمركية وإجراءات النقل، ثم المراقبة الفنية عند التصدير والتوريد.

وتضيف أنه "في نطاق تعميم المعلومات الاقتصادية، وقع إحداث بوابة للتجارة الخارجية خصيصاً لفائدة المتعامل الاقتصادي، تتضمن أدلة على الخط تتعلق بإجراءات التوريد وإجراءات التصدير وآليات الدفاع التجاري، كما توفر نصوص اتفاقات التبادل التجاري الثنائية والمتعددة الأطراف التي أبرمتها تونس مع شركائها، إلى جانب مؤشرات التجارة الخارجية، وتوفر خدمة التدخل السريع للتصدير على الخط sos export وهي شبكة افتراضية من المتدخلين من الهياكل العمومية في العملية التصديرية، تقوم بإسداء خدمات وفض إشكاليات وتقديم معلومات لفائدة المصدرين التونسيين.

وبخصوص النصوص القانونية، كشفت المديرة العامة عن أنه وقع استكمال  مشروع قانون جديد يتعلق بنشاط شركات التجارة الدولية، ويجرى حالياً العمل على استكمال مشروع تنقيح القانون رقم 41 لسنة 1994 المؤرخ في السابع من مارس (آذار) 1994 المتعلق بالتجارة الخارجية، إلى جانب أوامره الترتيبية، تحديداً الأمر رقم 1742 الخاص بضبط قائمات المنتجات المستثناة من حرية التجارة الخارجية، والأمر رقم 1743 المتعلق بطرق القيام بعمليات التجارة الخارجية، ويجرى التنسيق بين وزارة التجارة وتنمية الصادرات ومركز التجارة الدولية في جنيف لوضع استراتيجية وطنية للتصدير ترتكز على تدعيم القدرة التنافسية للمؤسسات التونسية المصدرة، من خلال استهداف القطاعات الواعدة وتنويع العرض التصديري وكذلك الأسواق، ولا تخلو هذه الاستراتيجية من تقييم وتطوير أداء الهياكل المساندة للصادرت مثل صندوق النهوض بالصادرات الذي يسير نحو إعادة هيكلته بهدف تحسين تدخلاته، مشيرة إلى أن موازنة الصندوق لسنة 2024 ضبطت في حدود 80 مليون دينار (25.8 مليون دولار).

المزيد من حوارات