Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الهند والمعسكر الغربي... أي مستقبل اقتصادي مرتقب؟

شهدت نيودلهي خلال العقود الأخيرة قفزات كبرى جعلتها تصبح في مصاف الدول القوية عالمياً

تنافس الهند بقوة بين اقتصادات الدول الكبرى   (أ ف ب)

ملخص

الطفرة الاقتصادية الهندية بدأت خلال تسعينيات القرن الماضي تزامناً مع اتباع البلاد سياسات اقتصادية منفتحة وإجراء عدد من الإصلاحات الاقتصادية

أصبحت الهند ضمن القوى الدولية المؤثرة في الساحة العالمية خصوصاً مع تزايد قوتها السياسية الاقتصادية والجيوسياسية وأهميتها في استراتيجيات الدول الغربية لمنطقة المحيطين الهادئ والهندي.

 كما تقف كثير من الدول الغربية إلى جانب الهند لتنمي علاقاتها في معظم المجالات مع نيودلهي خصوصاً في الفترة الأخيرة مع صعود الصين على الساحة الآسيوية والعالمية.

اقتصاد صاعد بقوة

شهدت الهند خلال العقود الأخيرة قفزات اقتصادية كبرى جعلتها تصبح في مصاف الدول ذات الاقتصاد القوي عالمياً.

الطفرة الاقتصادية الهندية بدأت خلال تسعينيات القرن الماضي تزامناً مع اتباع الهند سياسات اقتصادية منفتحة وإجراء عدد من الإصلاحات الاقتصادية. وخلال هذه الفترة شهد النمو الاقتصادي للهند قفزة منذ عام 1991 من 5.5 إلى سبعة في المئة بحلول بداية الألفية.

وتشير التوقعات الاقتصادية المستقبلية للنمو العالمي إلى أن القارة الهندية مع مطلع عام 2050 ستصبح قطباً حقيقياً فاعلاً بصورة كبيرة في الساحة الاقتصادية الدولية بحلول ذلك الوقت، لكن الدراسات تقدر أن نيودلهي ستظل خلف تفوق الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مع تقدم ملحوظ لليابان والبرازيل وروسيا. ومن المتوقع أن تتخطى الهند خلال الأعوام القليلة المقبلة ألمانيا في ناتجها الإجمالي المحلي واليابان في 2027 لتصبح ثالث أكبر اقتصاد بعد الولايات المتحدة والصين.

الهند متعددة الأطراف

من الملاحظ خلال السنوات الماضية أن هناك انسجاماً في العلاقات الهندية الأوروبية، التي لديها رؤية خاصة لمنطقة المحيطين الهادئ والهندي. فالهند تمثل للدول الغربية الطرف الأكثر قرباً في الساحة الآسيوية ومنطقة المحيطين الهادئ والهندي بما يجعلها التوأم المنافس والواعد للصين في المنطقة.

وعلى رغم أن الهند جزء من الحوار الأمني ​​الرباعي من ناحية، فإنها ترتبط بعضويات في عدد من المنظمات الأخرى التي تقع خارج نطاق الدول الغربية مثل منظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة البريكس من ناحية أخرى.

لكن بعض التقديرات تشير إلى أن مشاركة الهند في هذه المنظمات لا ترجع إلى تقارب مباشر في المصالح، بل إنها تحافظ على وجودها وحظوظها مع مختلف الأطراف وعدم السير باتجاه واحد. كما أن شاغل الهند مرتكز في آسيا والسعي وراء تضعيف أحادية القطب التي يهيمن عليها التنين الصيني. علاوة على ذلك، تسعى أيضاً إلى عرقلة الطريق الممهد أمام بكين وعدم ترك الساحة مفتوحة لها في منظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة البريكس من خلال الانسحاب من هذه المنظمات.

خريطة طريق مع المستعمر

تجمع المملكة المتحدة والهند علاقة تجارية مزدهرة، بلغت قيمتها 36 مليار جنيه استرليني في عام 2022. وعلى الصعيد العسكري، أشارت قراءات دفاعية إلى أن المملكة المتحدة اهتمت بتعميق الشراكات الصناعية، ونقل التعاون في مجال القدرات إلى مستويات جديدة، واستكشاف فرص التصدير المشتركة، للبناء على خريطة الطريق بين المملكة المتحدة والهند 2030.

وعقدت المملكة المتحدة والهند العام الماضي أول ورشة عمل للتعاون الدفاعي العسكري التقني بين البلدين، وخلالها تم وضع النقاط الرئيسة للشراكة التعاونية واستراتيجية طموحة جديدة في مجال البحث والابتكار والتكنولوجيا والصناعة لتطوير القدرات الدفاعية والأمنية التحويلية ضمن خريطة الطريق بين الهند والمملكة المتحدة 2030، التي وقعها رئيس الوزراء ناريندرا مودي ونظيره البريطاني بوريس جونسون، في مايو (أيار) 2021.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ألمانيا الشريك الأكبر

لا يمكن وصف العلاقات العسكرية بعد بالعمق بين الهنود والألمان، لكن البلدان جمعتهما تعاونات اقتصادية تعكس جلياً دعم برلين لنيودلهي. وتعد ألمانيا أكبر شريك اقتصادي للهند في الاتحاد الأوروبي. من ثم احتلت التجارة والاستثمار مكانة خاصة في العلاقة بينهما، وهو ما ظهر في زيارة المستشار الألماني أولاف شولتز وجدول أعماله إلى الهند في مارس (آذار) الماضي، والتي كانت مدعومة بإعادة إطلاق مفاوضات اتفاق التجارة الحرة بين الهند والاتحاد الأوروبي. كما تتمتع الهند وألمانيا بشراكة استراتيجية منذ عام 2000، تم تعزيزها من خلال المشاورات الحكومية الدولية منذ عام 2011 على مستوى رؤساء الحكومات.

نقل تكنولوجيا واشنطن

هناك تسارع في توطيد العلاقات الدفاعية والعسكرية بين الولايات المتحدة والهند أخيراً. فالهند أهم أضلاع التحالف الرباعي "كواد" الذي يضم الولايات المتحدة واليابان وأستراليا، وهو تحالف استراتيجي فضفاض في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

الهند أيضاً دولة ضمن الـ12 دولة التي تعاونت مع الولايات المتحدة في الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، الذي يعمل على تعميق العلاقات الاقتصادية بين دول المنطقة والولايات المتحدة، كما تتعاون الولايات المتحدة والهند أيضاً من خلال مجموعة العمل الثنائية الأميركية الهندية المشتركة لمكافحة الإرهاب ومجموعة السياسات الدفاعية.

في ذلك الإطار، وقعت الولايات المتحدة والهند صفقة محرك GE، إذ أعلنت شركتا جنرال إلكتريك و"Hindostan Aeronautics Limited " اتفاقاً للمشاركة في إنتاج محرك F-414 للمقاتلة الخفيفة المحلية "تيجاس" في الهند.

 وتعد هذه الصفقة أحدث وأجرأ محاولة من جانب البلدين لبناء شراكة استراتيجية، كما تجعل الهند ضمن عدد قليل من الدول التي يمكنها أن تصنع محركات للطائرات النفاثة. وهناك أربع دول فقط تصنع محركاتها النفاثة الخاصة بها هي واشنطن ولندن وموسكو وباريس.

في المقابل حققت الصين تقدماً في الهندسة العكسية للمحركات النفاثة الروسية. كما أعلنت الهند والولايات المتحدة في يونيو (حزيران) الماضي أنهما توصلتا إلى خريطة طريق للتعاون في مجال الصناعة الدفاعية للسنوات القليلة المقبلة.

كما حاول البلدان تصفير إشكالياتهما العالقة، فقد أسقطت نزاعات منظمة التجارة العالمية خلال الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى واشنطن في يونيو الماضي، واتفقت الحكومتان على إسقاط نزاعات ستة منظور بها في منظمة التجارة العالمية. وتم إسقاط الخلاف السابع والأخير خلال زيارة الرئيس بايدن للهند في سبتمبر (أيلول) 2023.

فرنسا وعلاقات رفيعة

في السياق، تتعمق العلاقات بين باريس ونيودلهي، وهو ما يتضح في التقارب الأخير بين البلدين. ففي العام الماضي، حل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضيفاً على احتفالات الجمهورية الهندية في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي بما يعكس الدعم الفرنسي للحكومة الهندية ودورها الجديد على الساحة العالمية.

 خلال زيارة ماكرون للهند، توصل إلى عديد من الاتفاقات المهمة بين البلدين. أولاً، اتفقت الهند وفرنسا على التعاون في مشاريع إنتاج مشتركة للمعدات الدفاعية، مع الإشارة على وجه التحديد إلى طائرات الهليكوبتر والغواصات للقوات المسلحة الهندية. إضافة إلى ذلك، أسست شراكة لخدمات الصيانة والإصلاح والتجديد لمحركات دفع الطيران في الهند، مع التركيز على محركات رافال ومحركات دفع الطيران المتطورة.

كما وقعت مجموعة تاتا الهندية وإيرباص الفرنسية اتفاقاً لتصنيع مشترك لطائرات الهليكوبتر المدنية، مما يسلط الضوء على التزام التعاون الصناعي الثنائي. وفي قطاع الطيران، أبرمت شركة CFM International اتفاق مع شركة Akasa Air الهندية لشراء أكثر من 300 محرك LEAP-1B، مما يعزز العلاقات بين البلدين في مجال تصنيع محركات الطائرات.

وفي وقت سابق، دشنت خريطة الطريق بين الهند وفرنسا لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ في يوليو (تموز) 2023 خلال زيارة رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى باريس بمثابة علامة بارزة في شراكتهما.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير