Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بيطري فلسطيني يحول سطح منزله لمركز علاج الحيوانات المصابة بالحرب

انهيار النظام الطبي بسبب عدد الجرحى الكبير ونقص العلاج وانشغال الناس بتدبر أمور حياتهم

ورد اتصال هاتفي للطبيب البيطري عائد أبو نجم، وعندما أجاب سمع صوت سيدة تتحدث على عجالة قائلة: "مرحباً دكتور، هناك قطة مصابة في قدمها ويبدو أنها مبتورة وتنزف، هي موجودة الآن بالقرب من موقع آخر غارة شنتها الطائرات الإسرائيلية".

طلب البيطري عائد بعض البيانات وبعد أن أكلمها جهز حقيبة الإسعافات الأولية، وركب دراجته الهوائية المجهزة كإسعاف متنقل خصصها لنجدة الحيوانات، وانطلق مسرعاً إلى موقع الحادثة في غزة.

قطة مصابة

بين كومة ركام منزل قصفته إسرائيل، وجد عائد القطة وإلى جانبها تقف مربيتها السيدة هنادي تبكي على ما أصاب هرتها، وأخذت تشرح ما أصابها "كنت أسير في الشارع حاملة قطتي التي أطلق عليه اسم بيوض، وفجأة سمعت صوت انفجار".

تضيف هنادي "لا أدري كيف سقطت بيوض من يدي، وتطايرت عليها قطع شظايا أصابت قدمها، رأيت هذا المشهد بعيني ومن وقتها وأنا منهارة، لقد نزفت كثيراً وأخشى أن تفارق الحياة".

كانت صاحبة القطة تتحدث بينما كان البيطري عائد يتفقد "بيوض" إذ أمسك بها ووضعها على حمالة صغيرة، تشبه الحمالات التي تستخدمها طواقم الإسعاف عند إنقاذ أي مصاب.

علاج

فتح عائد حقيبة الإسعافات الأولية وأخرج منها ضماد جروح وبعض المستلزمات الطبية الأخرى، وأخذ يتعامل مع القطة محاولاً إيقاف النزف. وبعد أن نجح في مهمته، طمأن مربيتها هنادي أنه استطاع إنقاذ حياة حيوانها الأليف، لكنه أخبرها أنها بحاجة إلى رعاية وعليه اصطحابها معه.

بسرعة تساءلت هنادي "تصطحبها معك؟ إلى أين؟ وهل المكان آمن؟ وإذا قررت زياتها هل أستطيع؟ وماذا عن علاجها وطعامها كيف ستوفره؟"، لا تعرف السيدة أن الطبيب البيطري خصص سطح منزله لإيواء ورعاية القطط المصابة في الحرب.

ضحك عائد وقال "كل هذه أسئلة؟ يبدو أنك تعشقين بيوض ولا تستطيعين الاستغناء عنها، هذا شيء جميل فهذه أرواح ويجب أن نعتني بها، لكن لا عليك، سأطلعك على كل التفاصيل".

مأوى ومركز طبي

أخذ عائد يشرح "في هذه الحرب أصيب كثير من الحيوانات الأليفة بجروح، وكما تعرفين تفتقد غزة مراكز طب بيطري، كما أن انهيار النظام الطبي بسبب ضخامة عدد المصابين ونقص العلاج وانشغال الناس بتدبر أمور حياتهم، جعل الاهتمام بأصدقائنا الحيوانات أمراً نادراً".

ويضيف "لذلك جهزت سطح منزلي بطريقة ما، وحولته إلى مركز إيواء للقطط المصابة في الحرب، وحولت قسماً آخر لإيواء الحيوانات الأليفة التي فقدت أصحابها في هذه الحرب، أقدم لها الرعاية الصحية والطعام وأهتم بنظافتها".

لا يقتصر عمل عائد على الإيواء فحسب، وإنما خصص غرفة في منزله حولها لمركز طب بيطري، يقدم فيها خدمات علاجية للقطط المصابة، أو تلك التي تزور عيادته وتكون مريضة.

ويوضح عائد "يمكن لأصحاب الحيوانات الأليفة زيارتها في أي وقت، وقضاء ساعات معها، أنا أفعل ذلك رأفة بهذه الكائنات الجميلة، ولا أتلقى أي مردود مادي على عملي، هؤلاء أرواح وبحاجة إلى عناية واهتمام".

إمكانات شحيحة

وافقت هنادي على مقترح الطبيب البيطري في اصطحاب قطتها معه، وأبلغها أيضاً أنه يوفر مأوى لأي حيوان أليف يعجز صاحبه عن الاهتمام به ورعايته في فترة الحرب، ويمكن أن تبلغ أصدقاءها بذلك.

في صندوق بلاستيكي وضع البيطري القطة "بيوض" وحملها معه إلى مركزه الطبي في بيته، وعلى السطح خصص لها زاوية، وبعد أن تأكد من سلامتها أخذ يتفقد حال القطط الأخرى في المأوى.

العلاج مفقود والطعام من السوق السوداء

يعد المأوى الذي شيده عائد متواضعاً جداً وحتى الخدمات التي يقدمها بسيطة، لكنه يرجع ذلك إلى شح الإمكانات وعدم توفر ما تحتاج إليه الحيوانات الأليفة، يقول "بصعوبة بالغة عززنا الجانب العلاجي داخل المركز".

ويكمل "بحثت طويلاً لأجل توفير أدوية القطط وعندما وجدتها كان ثمنها مرتفعاً للغاية، لكني قمت بشرائها لأن القطط أرواح تحتاج إلى رعاية، وهذا واجبي تجاهها، فلا يمكن أن أشاهد هرة مبتورة وأقف متفرجاً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يؤكد عائد أنه "بسبب الحرب تعرضت الحيوانات إلى أذى كبير ولأسوأ أنواع الظلم، ولحقت في بعضها إصابات بالغة، فيما بترت أطراف عدد منها، وهذا كله بسبب التفجير العشوائي".

بعد توفير العلاجات، واجهت عائد صعوبة أخرى في توفير طعام للقطط، ويشير إلى أن القوت الخاص بها مفقود من السوق، ونادر جداً في السوق السوداء، وكان مربو القطط يوفرونه بصعوبة بالغة.

بسبب الحاجة الشديدة لطعام القطط، اضطر عائد إلى شرائه بعشرة أضعاف سعره حتى لا تموت الحيوانات من الجوع، لكنه يلفت إلى أن عدداً كبيراً من مربي القطط اضطروا إلى الاستغناء عن حيواناتهم الأليفة بسبب عدم قدرتهم على شراء الطعام، وقام هو بتبنيها.

يناشد عائد جميع الأطراف القادرة على إحداث تغيير بالتدخل العاجل لإنقاذ هذه "الحيوانات المظلومة"، ويطلب من مؤسسات رعاية الحيوانات التنسيق مع جهات معنية لإخراج هذه الكائنات من قطاع غزة، إذ يشكل بقاؤها خطراً على حياتها، إما بسبب القصف أو عدم توفر الطعام والأدوية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير