Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يتهاوى "الأمل الأخير للهند في وجه الديكتاتورية"؟

تقارير تفيد بأن المعارضة الرئيسة لناريندرا مودي تتخبط في حال من الفوضى، قبل أشهر قليلة من الانتخابات العامة في البلاد التي من المتوقع أن يحقق فيها رئيس الوزراء الراهن فوزاً بفارق تاريخي

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قد ينتزع منصبه لولاية ثالثة في حدث غير مسبوق في الهند (رويترز)

ملخص

الهند على موعد مع ولاية ثالثة محتملة وغير مسبوقة لرئيس الوزراء الحالي مما يشكل تهديداً صارخاً بالانزلاق نحو الديكتاتورية.

وجه حزب "المؤتمر الوطني الهندي" Indian National Congress - الذي ارتبط تاريخياً بشخصيتين بارزتين هما مهاتما غاندي وجواهر لال نهرو، وقاد الهند المستقلة على مدى العقود السبعة والنصف الأخيرة منذ استقلالها عن الاستعمار البريطاني - تحذيراً صارخاً في ما يتعلق بالانتخابات العامة المقبلة، معرباً عن قلقه في شأن احتمال انتزاع رئيس الوزراء الراهن ناريندرا مودي ولاية ثالثة، وهو أمر من النادر أن يحصل، ما من شأنه أن يدفع بالبلاد نحو "الديكتاتورية" إذا ما خرج منتصراً.

ولفت رئيسه ماليكارجون خارج، في معرض حديثه عن الموضوع في مدينة بوبانسوار في ولاية أوديشا شرق الهند، إلى خطورة الوضع السياسي، قائلاً إن "الانتخابات المقبلة تشكل منعطفاً حاسماً في الحفاظ على الديمقراطية في الهند. وإذا ما تمكن ناريندرا مودي من الفوز بولاية أخرى في السلطة، فإن البلاد ستكون على شفير الانزلاق إلى حال من الفوضى. وقد يتعين علينا الخضوع لحكم حزب ’بهاراتيا جاناتا‘ Bharatiya Janata (BJP) الذي يذكرنا بحكم (فلاديمير) بوتين في روسيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويكمن التحدي الذي يواجه حزب "المؤتمر الوطني الهندي" ككل، في خروج الخلافات والانشقاقات الداخلية ضمن تحالف المعارضة - المعروف بسم "إنديا" (تكتل الهند) INDIA - إلى العلن، بحيث تحظى باهتمام أكبر من أي تعبير عن القلق في شأن مسار البلاد في ظل حكومة حزب "بهاراتيا جاناتا" القومي الهندوسي الذي يتزعمه رئيس الوزراء ناريندرا مودي.

وكان خارج قد أشاد في البداية بتشكيل تكتل "إنديا"، الذي ولد نتيجة اتفاق غير مسبوق بين 26 حزباً من أحزاب المعارضة الإقليمية والوطنية المتنوعة في يوليو (تموز) من العام الماضي، باعتباره قوة موحدة من شأنها "إنقاذ البلاد"، وذلك على رغم الخلافات في الرأي بين أعضائه.

ومع ذلك، تطورت هذه "الخلافات" داخل تحالف "إنديا" إلى خطوط صدع كبيرة، مما أدى إلى انهياره. ففي تحول مذهل للأحداث الأسبوع الماضي، خرج رئيس وزراء ولاية بيهار نيتيش كومار، وهو شخصية بارزة، بشكل دراماتيكي من التحالف. ونقل حزبه "جاناتا دال" Janata Dal (المتحد) الذي يتمتع بنفوذ إقليمي، إلى معسكر حزب "بهاراتيا جاناتا"، وانخرط في "التحالف الوطني الديمقراطي" National Democratic Alliance (NDA).

وتشكل مغادرة شخصية بارزة مثل كومار، ضربة أخرى للآفاق الانتخابية لتحالف "إنديا"، وعبر عنها الأمين العام لحزب "المؤتمر الوطني الهندي" جيرام راميش، بالقول إن خروج كومار "لا يصب في مصلحة التحالف".

ورأى راميش أن "الوضع الراهن كان يمكن أن يكون أفضل بكثير مما هو عليه. فالمشهد مثير للقلق، كما أن اهتمام الرأي العام بما يحدث قوي للغاية. وتأتي الأخبار المتعلقة بمغادرة أحد الأحزاب لتشكيل حكومة مع حزب ’بهاراتيا جاناتا‘، وبأن حزباً آخر هو غير راض عن أداء التحالف - لتعكس وضعاً غير إيجابي وغير جيد على الإطلاق، في ما يتعلق بصورة تحالف ’إنديا‘".

وبعد وقت قصير من مغادرة كومار كتلة "إنديا"، سارع إلى أداء اليمين رئيساً لوزراء ولاية بيهار، لكن هذه المرة في إطار تحالف مع حزب "بهاراتيا جاناتا". ولم يتوان هو وحزبه عن توجيه الانتقادات وتراشق التهم في شأن كتلة المعارضة التي خرجا منها أخيراً.

نيتيش كومار قال للصحافيين بعد خروجه من المعارضة، إن "الوضع لم يكن جيداً. لذا، قطعنا العلاقات. لقد بذلت جهوداً كبيرة لتشكيل تحالف، لكن لم يكن هناك تقدم في هذا الإطار...".

صحيفة "إنديان إكسبرس" نقلت عن المتحدث باسم حزب "جاناتا دال" كيشان تشاند تياغي قوله، إن "موقف حزب ’المؤتمر الوطني الهندي‘ كان منذ اليوم الأول غير إيجابي. ويبدو أنهم كانوا يريدون تقويض جميع الأحزاب غير الأعضاء في ’المؤتمر الوطني‘، كجزء من مؤامرة".

المحللة السياسية مانيشا بريام رأت أن مغادرة حليف آخر كتلة "إنديا"، "شكلت انتكاسة كبيرة للمعارضة" وقالت لصحيفة "اندبندنت": "إنها بلا شك ضربة قوية لوحدة المعارضة".

وفيما يبدو أن خروج نيتيش كومار هو أكبر ضربة لتحالف "إنديا" حتى الآن، إلا أنه ليس الأول من نوعه على الإطلاق. ففي الشهر الماضي، أعلنت زعيمة إقليمية أخرى ذات وزن سياسي على المستوى الوطني - هي ماماتا بانيرجي رئيسة وزراء ولاية البنغال الغربية - أن حزبها سيخوض الانتخابات بمفرده، وذلك بعد فشله في التوصل إلى اتفاق على تقاسم المقاعد داخل تحالف المعارضة.

أبيشيك بانيرجي - وهو ابن شقيق رئيسة الوزراء ماماتا بانيرجي، وأحد كبار السياسيين في حزبها "مؤتمر ترينامول" Trinamool Congress (TMC) - كان قد ركز مطولاً على مسألة مفاوضات تقاسم المقاعد مع حزب "المؤتمر الوطني الهندي". وقال "لقد كررنا منذ يونيو (حزيران) الماضي، الدعوة إلى ضرورة المشاركة في النقاشات المتعلقة بتقاسم المقاعد. وها قد مرت سبعة أشهر، ولم يتم إحراز أي تقدم".

وأوضح كذلك أنه "في الاجتماع الأخير، حددت رئيستنا (ماماتا بانيرجي) موعداً نهائياً هو الـ31 من ديسمبر (كانون الأول) للاتفاق. الآن نحن في الـ29 من شهر يناير (كانون الثاني)، ولا تزال لديَّ شكوك في شأن المقعد الذي يجب أن أتنافس عليه والمقاعد التي سيتنافس عليها حزبي التحالفي".

ماماتا بانيرجي أشارت من جانبها إلى نقطة التحول التي دفعتها إلى قطع العلاقات مع تحالف المعارضة الهندية، والتي تمثلت في المسيرة الكبرى التي قام بها راهول غاندي، نجل رئيس الوزراء الأسبق راجيف غاندي، بين شرق البلاد وغربها. وأتت تلك المسيرة - المعروفة باسم "بهارات جودو نياي ياترا" The Bharat Jodo Nyay Yatra (أو "توحيد الهند من خلال العدالة")، بعد مبادرة مماثلة في العام السابق، عندما اجتاز غاندي طول البلاد من الجنوب إلى الشمال.

ومع ذلك، فقد تسببت مسيرة الوحدة عن غير قصد، بإحداث انقسام داخل تحالف راهول غاندي، بحيث أعرب كل من نيتيش كومار وماما بانيرجي عن استيائهما من عدم استشارتهما في شأن خط هذه المسيرة التي اجتازت ولايتيهما.

ومع مواصلة حزب "المؤتمر الوطني الهندي" محاولاته لحصر الضرر، يستفيد حزب "بهاراتيا جاناتا" من حال الفوضى التي عقبت المسيرة. وتتهم الأحزاب الإقليمية - بما فيها حزبا كومار "بهاراتيا دال"، و"مؤتمر ترينامول" بزعامة بانيرجي - حزب "المؤتمر" بعدم المرونة، وبالسعي إلى الحصول على عدد غير متناسب من المقاعد في الولايات التي يتمتع فيها الحزبان بنفوذ أكبر. وفي البنجاب، أعرب حزب "آم آدمي" Aam Aadmi Party (AAP) الحاكم، عن تردده في التحالف مع حزب "المؤتمر الوطني الهندي" وائتلاف "إنديا".

وتؤكد المحللة مانيشا بريام أن كتلة المعارضة الراهنة "تفتقر إلى برنامج عمل" واضح، ولسياسيين مهمين مثل كومار، الذي كان ينتمي إلى "النخبة الاشتراكية"، وكان رئيس الوزراء هذا يتمتع بصدقية، في إحدى أفقر ولايات الهند. ولفتت إلى أنه من دون شخصيات مثل كومار، "يتضاءل زخم المعارضة".

وتنسب بريام الفضل إلى كومار باعتباره "المهندس الأصلي" لمفهوم إنشاء تحالف للمعارضة واسع النطاق.

ومنذ أن مني حزب "المؤتمر الوطني الهندي" بهزائم في ثلاثة انتخابات حاسمة في المناطق الهندية المكتظة بالسكان في شمال الهند العام الماضي، أظهر تحالف المعارضة علامات توتر. ويشير خبراء إلى أن هذه الخسائر أضعفت دوره على رأس المعارضة وعرقلت جهوده للتفاوض على ترتيبات تقضي بتقاسم المقاعد مع أحزاب إقليمية مهمة، بما في ذلك الذي يقوده كومار.

ومن بين المخاوف الأخرى التي تواجهها الهند، أن رحيل كومار قد يؤدي إلى اتخاذ أحزاب إقليمية أخرى، تشكل جزءاً من التحالف المعارض في الوقت الراهن، إجراءات مماثلة.

وكان حزب "ساماجوادي" Samajwadi Party (SP) في ولاية أوتار براديش، قد فاجأ حزب "المؤتمر الوطني الهندي" بإعلانه عن مرشحيه في الولاية لتولي 16 مقعداً في "لوك سابها" Lok Sabha (أو "مجلس الشعب" في برلمان الهند)، وذلك بعد وقت قصير من الكشف عن اتفاق لاقتسام المقاعد خصص له 11 مقعداً للكونغرس. وقد أثار هذا الإجراء، الذي ينظر إليه على أنه تكتيك لممارسة الضغط من جانب الحزب الاشتراكي، توتراً بين الطرفين، بحيث اتهم حزب "المؤتمر" الحزب الاشتراكي باتخاذ قرارات أحادية ومستقلة، من شأنها أن تعرض للخطر جهودهما المشتركة ضد حزب "بهاراتيا جاناتا".

الحزب الاشتراكي برر إعلانه المبكر عن مرشحيه باعتباره خطوة ضرورية في إطار الاستعداد للانتخابات، بينما أعرب أيضاً عن استعداده للمشاركة في محادثات تقاسم المقاعد مع حزب "المؤتمر الوطني الهندي".

وفي حادثة منفصلة، انشق في الآونة الأخيرة عدد من أعضاء حزب "المؤتمر الوطني" National Conference - وهو حزب آخر في كتلة "إنديا" - في جامو شمال الهند، وانضموا إلى حزب "بهاراتيا جاناتا".

ولدى تشكيل ائتلاف "إنديا" العام الماضي، بدا ناريندرا مودي بالفعل المرشح الأقوى لتأمين فترة ولاية ثالثة نادرة في منصب رئيس الوزراء، في الانتخابات العامة المقرر أن تجرى في شهر مايو (أيار) المقبل، على رغم القلق في شأن ارتفاع مستويات البطالة وأسعار الوقود في البلاد. والآن، مع تصدع المعارضة وهيمنة موجة من القومية الهندوسية على الهند، في أعقاب تكريس معبد "لورد رام" Lord Ram في أيوديا، يرى المراقبون أن تحالف "إنديا" سيحتاج بعد النكسات الأخيرة إلى معجزة كي يتعافى، ويشكل تحدياً حقيقياً لرئيس الوزراء.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات