Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيهود أولمرت يدين بشدة حرب نتنياهو في غزة

حصري: رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق يخبر "إندبندنت" أن "غطرسة" خليفته أدت إلى إخفاقات أمنية كارثية سمحت بهجوم "حماس" الدموي

تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقاء القوات الإسرائيلية في غزة، وهو ما اعتبره إيهود أولمرت خطأً فادحاً (غيتي)

ملخص

إيهود أولمرت يقول لـ"اندبندنت" إن الاستمرار في حرب غير سليمة بينما لا يزال الرهائن محتجزين هو "أمر لا يغتفر على الإطلاق"

اتهم رئيس وزراء إسرائيلي سابق بنيامين نتنياهو بإطالة أمد الهجوم على غزة دون سبب مقنع وعرقلة الطريق إلى السلام فيما الرهائن المختطفون متروكون للموت.

وفي إدانة لاذعة قال إيهود أولمرت إن "غطرسة" نتنياهو و"مراوغاته" أدتا إلى إخفاقات أمنية كارثية، مما سمح بهجوم "حماس" الذي أثار الصراع الحالي. كما حذر من أن "الأصوليين والمتطرفين" اليمينيين الذين جلبهم رئيس الوزراء إلى الائتلاف الحاكم في إسرائيل يعوقون الحاجة الأساسية للتسوية ولديهم خطط لطرد الفلسطينيين بحسب رؤيتهم لـ"إسرائيل الكبرى".

وجاءت انتقادات أولمرت الحادة عقب رفض نتنياهو المقترح الدولي الأخير لوقف إطلاق النار، معلناً أن الحرب ستستمر حتى النصر الكامل. هذا فيما انتهت زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخامسة للشرق الأوسط في فترة الأشهر الأربعة الماضية وسط تقارير تفيد بأن العلاقات بين الحكومة الإسرائيلية وواشنطن في أسوأ حالاتها منذ بدء الصراع.

وقال أولمرت لـ"اندبندنت" إن "إسرائيل تلقت دعماً كبيراً من الغرب من ريشي سوناك في بريطانيا، ومن أولاف شولتز في ألمانيا، وإيمانويل ماكرون في فرنسا، وبالطبع من جو بايدن، الذي أعرفه جيداً". وأضاف "إنهم [الأميركيين] يواجهون معارضة لهذا الدعم من بعض الأطراف في الداخل. إلى متى سيتمكنون من مواصلة هذا الدعم إذا لم تفتح الحكومة الإسرائيلية هذه حتى مجالاً ضيقاً لما قد يصبح في نهاية المطاف اتفاق سلام ينهي هذه الحرب؟".

وشغل أولمرت منصب نائب رئيس الوزراء، ثم رئيس الوزراء بالوكالة، ثم رئيس وزراء إسرائيل، بعد أن أمضى سنوات عديدة في حزب "الليكود" الذي يترأسه الآن نتنياهو. وكان أولمرت قد بدأ مسيرته السياسية كأحد الصقور الذين عارضوا إعادة الأراضي التي جرى الاستيلاء عليها في حرب الأيام الستة [نكسة 67] وصوتوا ضد اتفاقات كامب ديفيد للسلام، لكنه أصبح فيما بعد المهندس الرئيس للانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة واقترب من التوصل إلى اتفاق في شأن "حل الدولتين" مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قبل أن تنهار المساعي في النهاية. ويقول إنه يجب أن يكون هناك وقف لإطلاق النار، يتبعه بذل لكل الجهود الممكنة لإنقاذ الرهائن الذين ما زالوا محتجزين. واعتبر أن الفشل في القيام بذلك ومواصلة الخيار العسكري غير المبرر أثناء بقاء الرهائن في الأسر، هو "أمر لا يغتفر على الإطلاق"، و"لن ينساه شعب إسرائيل أبداً".

ووفقاً لأحدث تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية، فإن 32 من بين أكثر من 130 رهينة ما زالوا محتجزين لدى "حماس" لقوا حتفهم بعد أربعة أشهر من القتال. وحتى الآن أكد الجيش الإسرائيلي أن 29 شخصاً لقوا حتفهم في الأسر.

وناشد الرهائن الذين أطلق سراحهم بموجب اتفاق في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، نتنياهو، التفاوض على وقف إطلاق النار وإعادة أحبائهم إلى وطنهم. وأعربوا خلال حديثهم في مؤتمر صحافي في تل أبيب عن خوفهم من أن يدفع الأسرى ثمن سعي رئيس الوزراء إلى "النتائج الحاسمة أو المطلقة".

وقالت إحداهن، أدينا موشيه (72 سنة)، "أنا خائفة للغاية وقلقة للغاية من أنه إذا واصلتم هذا السعي إلى تدمير ’حماس‘، فلن يكون هناك أي رهائن للإفراج عنهم. كل شيء بين يديك".

وأضافت شارون ألوني كونيو (34 سنة)، "لقد وصلنا إلى اللحظة الصعبة التي يجب أن تقرر فيها من يعيش ومن يموت... 136 رهينة ينتظرون الآن في الأنفاق، من دون أوكسجين، من دون طعام، من دون ماء، ومن دون أمل، ينتظرونك أن تنقذهم. الثمن باهظ ولا يطاق، لكن ثمن الإهمال سيظل وصمة عار على مدى أجيال".

وقال أولمرت إن نتنياهو يحاول إضمار فشل حكومته في منع مذبحة "حماس" من خلال الاستمرار في العمل العسكري لتحقيق أهداف من الواضح أنها غير قابلة للتحقيق، لافتاً "ربما كان هجوم ’حماس‘ في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) أكبر هزيمة عسكرية في تاريخ دولة إسرائيل". وأضاف "كانت لدينا مفاجأة مماثلة عام 1973 [حرب يوم الغفران/ تشرين]، لكن هذا الهجوم كان ضد الجنود، وليس المدنيين، وكانت النتيجة مختلفة تماماً عندما رد الجيش بسرعة وبقوة حينها". وأكمل "هذه المرة تعرضت ثقة شعبنا، المدنيين، للخيانة. لقد تعرضوا للهجوم في منازلهم، ولساعات وساعات لم يكن هناك جيش لإنقاذهم. وكانت هذه هزيمة مدمرة لبلدنا".

وتابع أولمرت "يحاول رئيس وزراء إسرائيل التخيل أن شيئاً من هذا لم يحدث. يتحدث عن تدمير ’حماس‘ وإزالتها من على وجه الأرض. وهذا أمر غير ممكن إنسانياً، ولا يمكن تحقيقه. من المستحيل تدمير منظمة إرهابية تختبئ تحت الأرض في أكثر المراكز الحضرية ازدحاماً في العالم، ويحيط بها المدنيون".

 

وحتى عندما تنتهي الحرب، يبدو أن نتنياهو مصمم على اتباع سياسات من شأنها أن تلحق أضراراً جسيمة بإسرائيل، وفقاً لما قاله أولمرت.

وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بقاء القوات الإسرائيلية في غزة. كما أنه مصمم، كما قال مراراً وتكراراً، على منع السلطة الفلسطينية من إدارة غزة. وفي الوقت نفسه، دعا أعضاء اليمين المتشدد في حكومته إلى إعادة التوطين في غزة وضم الضفة الغربية التي تديرها السلطة الفلسطينية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال أولمرت "لا ينبغي لإسرائيل أن تحتفظ بجيش احتلال في غزة، سيكون هذا خطأً فادحاً للغاية. ما يجب أن يحدث هو حضور قوة دولية مدعومة حضور غربي قوي هناك". وأكمل "هناك خطط من قبل أشخاص في هذه الحكومة للسيطرة على الضفة الغربية أيضاً. هل نريد حقاً فرض الاحتلال على خمسة ملايين فلسطيني، وحرمانهم من حقوق الإنسان الأساسية؟ حرية التعبير؟ حرية الحركة؟"، مضيفاً "أعلم أن تيار الرأي العام تحول ضد فكرة الدولة الفلسطينية بعد هجوم ’حماس‘، ولكنني أعتقد أن الناس سيتصالحون في وقت قصير نسبياً مع الحاجة إلى دولة فلسطينية، لا يوجد بديل آخر ناجح لهذا الوضع".

وأضاف أولمرت أن الهجوم الإسرائيلي على غزة كان ضرورياً ولا مفر منه بعد الفظائع التي ارتكبتها "حماس"، وكانت هناك حاجة إلى رد فعل قوي للغاية. وتابع "لقد قمنا بعمل جيد للغاية وبطريقة قوية ومثيرة للإعجاب. لقد دمرنا مخابئهم وقتلنا وأسرنا عديداً من مقاتليهم ودمرنا مواقع إطلاق [الصواريخ] الخاصة بهم، لكن الآن لم يعد هناك أي معنى للبقاء لمجرد تدمير نفقين آخرين وقتل مزيد من الأشخاص في حين أن لدينا رهائن يحتاجون إلى الإنقاذ وإعادتهم إلى عائلاتهم. يجب أن يحصل ذلك من خلال المفاوضات، وهذه المفاوضات يمكن أن تؤدي إلى اتفاق سلام".

وقتل أكثر من 27 ألف فلسطيني في غزة منذ بدء الحملة العسكرية الإسرائيلية، بحسب هيئة الصحة الفلسطينية التابعة لحركة "حماس". وقال أولمرت إنه لا يعرف مدى صحة هذه الأرقام، لكنه يسلم بوقوع خسائر كبيرة في صفوف المدنيين. وأضاف "لقد أمرت قواتنا بخوض حرب في غزة عندما كنت رئيساً للوزراء. لا يمكنك أن تتظاهر بأن المدنيين لن يقتلوا. لا أعرف كيف يمكنك التعامل مع الإرهابيين الذين يختبئون بين الناس لمهاجمتك، دون المخاطرة بحدوث ذلك"، لافتاً "دعونا لا ننسى وحشية ’حماس‘ وقتل الأطفال والنساء والمسنين، والاعتداء الجنسي، والوحشية: لقد صدمنا، وشعرنا بالحزن، فكيف لا نكون كذلك؟".

وتوقف أولمرت ونظر بعيداً لبضع ثوان قبل أن يتابع، "انظر، إن موت طفل في أيدي ’حماس‘ أمر مفجع، إنه أمر فظيع، إنه أمر مروع. ووفاة طفل في غزة أمر مفجع وفظيع أيضاً. كثير منا يعرف شخصياً أشخاصاً قتلتهم ’حماس‘. صديقة أعرفها منذ روضة الأطفال تعرضت لإطلاق النار واضطرت إلى الاستلقاء متظاهرة بالموت لمدة 10 ساعات. وقتل زوجها، وهو رجل طيب، أمام عينيها. هناك كثير من هذه القصص الأخرى". وأكمل قائلاً "لكنني أعرف شخصياً أيضاً أشخاصاً في غزة، وأعرف ما يمرون به: عائلات دمرت منازلها، وأشخاص فقدوا أقربائهم، وعائلات تضطر إلى الاختباء خائفة تحت الأرض". وقال "هذا هو السبب وراء محاولتنا تحقيق السلام، ومحاولة منع حدوث ذلك في المستقبل في الأقل. أنا أتحدث كشخص لم يتهم بالتساهل مع عدونا عندما كنت في الحكومة، بل اتهمت بأنني كنت متشدداً للغاية".

وأصر أولمرت على أنه "غير نادم على الإطلاق" على دوره في الانسحاب من غزة عام 2005، "كان علينا أن ننشر 30 ألف جندي هناك لحماية 10 آلاف مستوطن إسرائيلي. وكان الجنود يقتلون، وكانت هناك هجمات مستمرة. فما الحكمة في الإبقاء على ذلك؟". وأشار إلى أن نتنياهو، الذي ينتقد الآن الانسحاب من غزة، صوت لصالح تنفيذه. وأضاف أولمرت أن الأخير كان مسؤولاً أيضاً عن إطلاق سراح أكثر من 1000 أسير من "حماس" بما في ذلك يحيى السنوار، الذي أصبح فيما بعد رئيس الجماعة في غزة، مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي المختطف جلعاد شاليط. ولفت قائلاً "أطلق نتنياهو سراح إرهابيين متشددين، أسوأ القتلة، ثم سمح بتدفق الأموال إلى غزة، وساعد السنوار على أن يصبح قوياً. كان يتملكه عنجهية بأنه قادر على السيطرة على الوضع، لقد أعطى انطباعاً بأنه كان أكبر خبير أمني في العالم، وكان يعرف كيفية التعامل مع ’حماس‘ مع إيران، مع سوريا". وأكمل "اعتقدت حكومته أن بإمكانها التحايل على الوضع، وبينما اعتبرت السلطة الفلسطينية عبئاً رأت في ’حماس‘ فائدة. والآن، نرى نتيجة هذه الحسابات الخاطئة".

ودين أولمرت عام 2015 في القدس بتهم خيانة الأمانة والاحتيال والتهرب الضريبي، وهي تهم يتعلق معظمها بمساهمات في الحملة الانتخابية، وقضى 16 شهراً في السجن. وقال عن الإدانة، "الحقيقة هي أنك قد تكون رئيساً ورئيساً للوزراء وسياسياً كبيراً، لكن عندما تقرر المحكمة أنك مذنب، عليك أن تقبل ذلك وتحني رأسك، وهو ما فعلته". وأشار إلى أن نتنياهو يواجه أيضاً اتهامات جنائية بالفساد والاحتيال وخيانة الأمانة رفعت ضده عام 2019. واستؤنفت الجلسات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد توقف لمدة شهرين بسبب حرب غزة. ولم يحضر نتنياهو، الذي ينفي الاتهامات، الجلسة. وقال أولمرت، "دعونا نرى كيف ستسير الأمور، ومرة أخرى يعود الأمر إلى المحكمة فيما سيحدث لرئيس الوزراء".

إن حاجة نتنياهو للبقاء والاستمرار على الساحة السياسية دفعته إلى تشكيل ائتلاف مع اليمين المتشدد، الذي يريد بعض قادته الطرد الجماعي للفلسطينيين من غزة والضفة الغربية. وقام أحد كبار الوزراء بتسليح المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية الذين قاموا بعمليات قتل وطرد المزارعين الفلسطينيين من أراضيهم.

وعلق أولمرت قائلاً "ما يحدث هناك مروع للغاية، حيث يقتل المزارعون وتدمر منازلهم وبساتين الزيتون. بالنسبة لهؤلاء الأشخاص الأصوليين والمتطرفين في حكومة نتنياهو، فإن غزة مجرد مرحلة أولية لخطة أكبر للتخلص من الفلسطينيين في الضفة الغربية وضمها". وتابع قائلاً "ما أقوله عن هؤلاء الأشخاص هو وجهة نظر معظم الشعب الإسرائيلي، وعلى المجتمع الدولي أن يعرف أن الغالبية العظمى من الشعب الإسرائيلي تعارض ذلك تماماً. لن نسمح لهم بطرد الفلسطينيين من الضفة الغربية، بل سنعترض بأجسادنا هذا الطريق الذي لا يجوز سلوكه. وهذا ليس من أجل الفلسطينيين فحسب، بل من أجل إسرائيل أيضاً، ولا يمكننا أن نسمح لهؤلاء الناس بتدمير القيم التي نتمسك بها".

ولكن، على رغم الأيام السوداوية الحالية، يقول أولمرت إنه مفعم بالتفاؤل، "ستكون هناك انتخابات في إسرائيل، وستكون لدينا حكومة جديدة، وهناك أشخاص يمكنهم توفير قيادة تتمتع بالشجاعة، بما في ذلك شجاعة صنع السلام والنزاهة والالتزام الأخلاقي". وختم قائلاً "أعرف أيضاً أشخاصاً في الجانب الفلسطيني يتمتعون بالقدرة والموهبة وقادرون على قيادة شعبهم. أنا متأكد من أننا سنتجاوز هذا معاً، ولديَّ أمل كبير في المستقبل".

© The Independent

المزيد من دوليات