Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زخات الأمطار تهوي أرضا بالمنازل المغربية العتيقة

عشرات الآلاف من البيوت القديمة مهددة بالسقوط في فاس ومراكش ومكناس وتحذيرات للسكان في الرباط والدار البيضاء وطنجة وتطوان

أكثر من ستة آلاف بناية آيلة للسقوط في الرباط وسلا والقنيطرة (وكالة الأنباء المغربية)

ملخص

متى تنتهي فواجع المنازل الآيلة للسقوط في المغرب؟

أعادت فاجعة مقتل خمسة أشخاص بسبب انهيار مبنى سكني في مدينة فاس المغربية، إلى الواجهة ملف المباني الآيلة للسقوط في هذا النمط من المدن العتيقة والقديمة، والأخطار التي تشكلها على حياة وسلامة السكان، على رغم جهود الحكومة في إعادة تأهيل هذه المباني.

وتتكرر حوادث انهيارات المنازل والمباني المتصدعة والآيلة للسقوط في المغرب، خصوصاً عند انهمار أمطار قوية أو  رياح شديدة، وهو ما حصل بمدينة فاس، أو عندما انهارت منازل بمدينة مراكش في نفس اليوم بسبب ارتدادات الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز في الثامن من سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتورد معطيات سابقة لوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة بوجود أكثر من ستة آلاف بناية آيلة للسقوط في الرباط وسلا والقنيطرة، و10 آلاف في طنجة وتطوان، وكذلك أربعة آلاف بناية في الدار البيضاء.

انهيارات

في الأسبوع الماضي سقط خمسة أشخاص من عائلة واحدة صرعى، جراء انهيار منزل مكون من ثلاثة طوابق، بعد التساقطات المطرية القوية التي شهدتها مدينة فاس، وعديد من مناطق البلاد طوال يومين متتاليين.

ووقع انهيار البناية السكنية بمدينة فاس مباشرة بعد ظهور تشققات وتصدعات في جدران وأساسات المنزل ذي الطوابق الثلاثة، فغادر سكان طابقين اثنين إلى الخارج، بينما مكثت أسرة واحدة داخل الطابق المتبقي، لتقع المأساة.

وبسبب نفس الطقس السيئ المتسم بالأمطار القوية والرعدية التي عمت مناطق شاسعة من البلاد، عرفت مدينة مراكش (جنوب) انهيارات متفرقة لمبان سكنية في عدد من الأحياء الشعبية بالمدينة القديمة.

وأفادت معطيات متطابقة أن الذي أسهم في وقوع هذه الانهيارات الجزئية التي طالت بعض المباني في المدينة العتيقة بمراكش، بسبب تساقط أمطار قوية، كونها كانت متصدعة من قبل جراء الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز، وارتدادات الهزة الأرضية التي شهدتها مراكش.

وتضاف فاجعة مدينة فاس إلى فواجع ومآس سابقة بسبب انهيارات منازل متصدعة أو آيلة للسقوط، إذ إنها تنتهي إما بإزهاق أرواح بشرية، أو بوقوع أضرار مادية جسيمة، آخرها انهيار منزل بمدينة الدار البيضاء في سبتمبر الماضي.

قنابل موقوتة

وحمل نشطاء بمدينة فاس مسؤولية مقتل عائلة بأكملها تحت أنقاض المنزل المتصدع إلى السلطات المحلية، بسب "فشل مخطط الدور الآيلة للسقوط، وضعف تأهيل المدينة العتيقة".

يقول في هذا الصدد فؤاد بن عروش وهو ناشط محلي بمدينة فاس، إن هناك مباني ومنازل تكون عرضة للانهيار بسبب عوامل التعرية ومرور الزمن، خصوصاً في المدينة العتيقة، غير أنه لا توجد قرارات حازمة للسكان بضرورة الإخلاء.

وأكمل المتحدث ذاته بأن "السلامة الجسدية للسكان يتعين أن تكون في مقدمة الأولويات لدى السلطات المتخصصة، حيث لا يجب التهاون مع سكان هذه المنازل المهددة بالسقوط لسبب أو لآخر، من ثم يجب إبعادهم عن تلك القنابل الموقوتة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستطرد الناشط عينه بأن هناك مجهودات رسمية تبذل بالفعل من طرف السلطات من أجل صيانة وتأهيل المدن العتيقة، وضمنها إحصاء المنازل والمباني الآيلة للسقوط، لكن يتم أحياناً التغاضي عن مكوث السكان في هذه المنازل، بدعوى أن التصدعات أو التشققات بسيطة ولا تستدعي الإفراغ، أو بسبب تعنت السكان أنفسهم ورفضهم الإخلاء، لدعم وجود بدائل لها في السكن والمأوى.

وأما في مراكش التي عرفت انهيارات جزئية للمنازل جراء الطقس السيئ الذي اتسم بأمطار قوية ورياح شديدة خلال يومي الجمعة والسبت الماضيين، فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (أكبر جمعية في البلاد) دعت إلى "اتخاذ تدابير عاجلة خاصة على مستوى المنازل المنهارة أو المتداعية للسقوط سواء بسبب الزلزال، أو أنها كانت آيلة للسقوط ومدرجة في خانة المنازل غير الآمنة، التي لا يمكن أن تكون صالحة للسكن".

ووفق الجمعية ذاتها "يتعين هدم المنازل التي تشكل خطراً على الحق في السلامة البدنية والحق في الحياة"، موردة أن "الانهيارات كانت نتيجة تراكم سياسات سلبية للتعامل مع النسيج المعماري المعرض للسقوط داخل المجال الترابي للمدينة العتيقة".

إكراهات الإخلاء

في المقابل أكد مصدر مسؤول في برنامج تأهيل المباني الآيلة للسقوط، أن الإجراءات ليست بسيطة كما قد يتبادر إلى الذهن، بل هي معقدة خصوصاً أن الأمر يتعلق بالتعامل مع عديد من الأسر التي تتمسك بمنازلها التي تأويها منذ سنوات وعقود على رغم تصدعها.

ويسترسل المتحدث ذاته بأنه على رغم صدور تقارير خبراء أو مهندسين تفيد بأن المبنى أو المنزل معرض للانهيار بسبب تصدع في أحد جدرانه أو أساساته، فإن أفراد الأسرة يرفضون المغادرة بدوافع كثيرة.

الدافع الأول، وفق المصدر عينه، أن السكان يقولون إن المنزل متصدع منذ زمن ولم يحصل له مكروه، فيتعنتون في إخلاء هذه المنازل الخطرة، والدافع الثاني أنهم يطالبون بتوفير مساكن بديلة، حتى لا يتعرضوا للتشرد، وهي مطالب لا تتم تلبيتها بهذه السهولة، وهو ما يفسر تماطل السكان في إخلاء هذه المباني الآيلة للسقوط، إلى أن تقع فواجع بسبب سيول مطرية أو هزات أرضية تساعد في حدوث الانهيارات".

ولفت المتحدث إلى أن "ملف المباني الآيلة للانهيار لم يعد من الاختصاصات المركزية للجماعات (إدارات محلية)، حتى لو صدرت عنها قرارات بإفراغ السكان، تظل مفتقدة لطابع الإلزام القانوني"، مشيراً إلى أن "الوكالة الوطنية للتجديد الحضري وتأهيل المباني الآيلة للسقوط (حكومية) هي التي تتكلف بهذا الملف الشائك.

وتتلخص استراتيجية هذه الوكالة لعام 2030 وفق مهامها المسطرة في موقعها الإلكتروني في "توحيد البيانات على المستوى الوطني، ووضع سياسة التجديد الحضري من خلال نموذج متكامل للتميز والجودة في خدمة التنمية السوسيو اقتصادية للسكان المستهدفين".

جدير بالذكر أنه سبق لوزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان، فاطمة الزهراء المنصوري، أن أقرت داخل مجلس النواب بوجود تأخر وبطء في تنفيذ برنامج تأهيل المباني الآيلة للسقوط في المدن العتيقة بسبب عديد من الإكراهات".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي