Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أرشيف تلفزيون وإذاعة السودان معرض للتدمير ومحو ذاكرة عمرها 72 عاما

تعتبر المكتبة من أكبر المراكز الوثائقية في شمال أفريقيا وتقدر مجموعة الأفلام الموجودة فيها بحوالى 13 ألفاً

مظهر الدمار في أحد المباني بمدينة أم درمان حيث مقر الإذاعة والتلفزيون نتيجة الاشتباكات الجارية (رويترز)

ملخص

أنشئت مكتبة الهيئة القومية مع تأسيس الإذاعة عام 1940، والتلفزيون عام 1962، وأضيفت إليها مكتبة الإنتاج السينمائي عام 1942

مع تصاعد وتيرة المعارك بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في مدينة أم درمان، تتعرض مباني الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون للحصار، الأمر الذي يزيد الخطر على مكتبة أرشيف المؤسسة التي يبلغ عمرها 72 عاماً وتمثل إرثاً سياسياً وثقافياً واجتماعياً للأمة السودانية جمعاء.

وتسود المخاوف من تعرض هذا الإرث الغني بالمنتوج المعرفي والفكري إلى الإتلاف أو التدمير أو الحرق في ظل نيران الحرب المحيطة به، فتندثر وتختفي معها ذاكرة شاهدة على كل الحقب التاريخية وقوة فاعلة في الحاضر.

إرث معرفي

أنشئت مكتبة الهيئة القومية مع تأسيس الإذاعة عام 1940، والتلفزيون عام 1962، وأضيفت إليها مكتبة الإنتاج السينمائي عام 1942، ومكتبة الأفلام المسجلة التي تعتبر الهيكل الأساسي نظراً لاعتماد التلفزيون عليها في العمل البرامجي، فضلاً عن وجود مكتبات ورقية عبارة عن محفوظات مساندة للبرامج تخدم المنتجين والمُعدّين وتوفر لهم معلومات تفصيلية، وتحتفظ المكتبة بكم هائل من المواد والتسجيلات البرامجية بمختلف أنواعها من أغانٍ ودراما ورياضة، وكذلك وثائقيات وسياسة وثقافة.

وتضم المكتبة وحدة أفلام السودان التي تمثل التاريخ الثقافي والاقتصادي والاجتماعي للأمة السودانية، إذ عاصرت جميع فترات الحكم السياسي منذ استقلال البلاد وحتى الآن، ومن بين محتوياتها الوثائقية رفع العلم والجلاء وإعلان الاستقلال من داخل البرلمان، وتعتبر من أكبر المراكز الوثائقية في شمال أفريقيا، وتقدر مجموعة الأفلام الموجودة بداخلها بحوالى 13 ألفاً تضم تسجيلات مختلفة.

وتحتوي المكتبة الثقافية على أكثر من ثلاثة آلاف عنوان تشتمل كل المعارف العامة، خصوصاً العلوم الاجتماعية والاقتصادية والنظرية واللغات، إلى جانب الصحافة والإعلام والفنون والأدب السوداني.

أهمية الحماية

اعتبر الباحث في التراث الثقافي محمد عمر يونس أن "مكتبة الإذاعة والتلفزيون تمثل إرثاً معرفياً وفكرياً تنبغي حمايته، بخاصة بعد أن بات في مرمى الخطر عقب حصار مباني الهيئة القومية وسط توقعات بتصاعد القتال في المنطقة، الأمر الذي يشكل تهديداً في حال تبادل إطلاق النار، مما ينتج منه تدميراً أو حريقاً لأرشيف يزيد عمره على 72 عاماً".

وأبدى يونس مخاوفه من إمكانية ضياع تراث إنساني غير قابل للاستعادة بهدف السيطرة على الإذاعة والتلفزيون، نزولاً عند عادة قديمة تقول إن "أية سلطة تريد اكتساب الشرعية عليها إعلان ذلك عبر ميكروفونات الجهازين".

وشدد الباحث في التراث الثقافي على ضرورة أن "يمتنع طرفا الصراع عن جعل المكتبات أهدافاً عسكرية لتفادي محو ذاكرة الأمة السودانية، وحرمان الجيل الحالي والقادم من موروث وكنوز ومعارف لا تعوض".

مناشدة عاجلة

إلى ذلك، أصدرت نقابة الصحافيين السودانيين، السبت الماضي، بياناً ناشدت فيه منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة الـ(يونيسكو) والمنظمات العاملة في مجال حفظ التراث المادي والإنساني، من أجل "التدخل لدى الطرفين المتقاتلين لإنقاذ هذا الإرث وحمايته من الضياع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار البيان "تدق النقابة جرس الإنذار للمرة الثانية منذ اندلاع الحرب في الـ15 من أبريل (نيسان) الماضي تنبيهاً للأخطار المحتملة والتي تهدد هذا الإرث".

ونوه البيان إلى أن "النقابة تلقت معلومات تشير إلى اقتراب القتال بين القوات المسلحة السودانية، وقوات "الدعم السريع"، من مباني الإذاعة والتلفزيون، بخاصة وأن "الدعم السريع" أقدمت منذ أشهر، وفقاً لشهادات متطابقة لشهود كانوا محتجزين بالمكان ذاته في وقت سابق، على تحويل مباني الإذاعة والتلفزيون إلى معتقلات، الأمر الذي يزيد من خطورة تدمير أو إتلاف أرشيف يقترب عمره من الـ100 عام".

وأكدت النقابة في بيانها أنه وفقاً لشهادات موثقة، "يتم عرض أجهزة تخص الإذاعة السودانية للبيع في أسواق بمدينة أم درمان".

تهديد وأخطار 

وفي هذا الصدد، يشير أستاذ التاريخ والحضارة في إحدى الجامعات السودانية، محمد الشيخ، إلى أن "الحرب تعكس تراجعاً مقلقاً لأجندة الحقوق الثقافية، بدليل تعرض مواقع التراث والممتلكات الثقافية والإرث الحضاري للبلاد إلى التدمير والأضرار، وبعضها ما زال مهدداً، والآخر بات مكشوفاً في ظل غياب الحماية ويواجه خطر النهب والحريق".

وناشد الشيخ منظمة الـ (اليونيسكو) ومؤسسات الحفاظ على التراث حول العالم، بـ"التحرك الفوري لحمل طرفي الصراع على عدم المساس بالحضارة والثقافة السودانية".

وأشار أستاذ التاريخ والحضارة إلى "حسرة المعنيين بالتراث الإنساني إثر ما يحدث الآن من تهديد واضح وكبير لمكتبة الإذاعة والتلفزيون في ظل عدم اكتراث الأطراف المتحاربة للأخطار التي قد تؤدي إلى تدمير ذاكرة البلاد وتاريخها".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير