Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تأسيس أحزاب سياسية بمرجعية أمازيغية لا يزال مرفوضا في المغرب

تقترح السلطة على الأمازيغ بدائل أخرى عبر الانضمام إلى بعض الأحزاب الإدارية

منذ عام 2008 تناسلت أوراق ومشاريع ومبادرات لتأسيس حزب سياسي أمازيغي، لكنها فشلت في عقد المؤتمرات التأسيسية (مواقع التواصل)

ملخص

يمنع نص قانوني مغربي تأسيس أحزاب على أساس الدين أو اللغة أو النسب العرقي

تواصل السلطات المغربية رفض منح ترخيص لتأسيس حزب أمازيغي، أو حزب ذي مرجعية أمازيغية، على رغم محاولات فاعلين وناشطين أمازيغ تقديم كل الوثائق اللازمة لهذا التأسيس، كان آخرها إحالة وزارة الداخلية المغربية أخيراً ملف تأسيس "حزب تامونت للحريات" على القضاء تمهيداً لرفض تأسيسه.

وتصطدم محاولات تأسيس أحزاب بمرجعيات أمازيغية برفض السلطات المغربية المتكرر، إذ تلجأ في كل مرة إلى النص القانوني الذي يحظر تأسيس أحزاب على أساس الدين أو اللغة أو النسب العرقي.
ويورد القانون التنظيمي 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية في المغرب أنه "يعتبر باطلاً كل تأسيس لحزب سياسي يرتكز على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي، أو بصفة عامة على أي أساس من التمييز أو المخالفة لحقوق الإنسان".

نبذة تاريخية

وقال الباحث الأمازيغي عبدالله بوشطارت في هذا الصدد إن "قضية الأمازيغية طُرحت كمشكلة سياسية تنظيمية مباشرة بعد استقلال المغرب، كما أنها طُرحت من قبل، إبان ما يسمى بالحركة الوطنية وتأسيس أول حزب سياسي بالمغرب وأيضاً أثناء إحداث جيش التحرير". واستطرد بوشطارت "بعد عقود من الصمت والتهميش ظهرت الحركة الأمازيغية في البداية بخطاب ثقافي ولغوي، وبعد تنامي الوعي في صفوف الشباب والنخب، تطور الخطاب ليشمل المطالب السياسية والاقتصادية والاجتماعية في إطار المشروع السياسي بمرجعية أمازيغية، أي تأسيس الحزب السياسي".
وأكمل "ظهر هذا النقاش داخل الجمعيات الأمازيغية في نهاية عقد التسعينيات بزعامة الزعيم الأمازيغي الراحل، داحماد الدغرني الذي طرح للمرة الأولى أطروحة سياسية تحت عنوان البديل الأمازيغي في عام 2002 وهي عبارة عن مشروع مجتمعي بمرجعية أمازيغية، تطور إلى تأسيس الآلية التنظيمية التي تتجلى في الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي الذي تم إحداثه في يوليو (تموز) 2005، لكن السلطة حاصرته على رغم تأسيسه فروعاً إقليمية وجهوية، واستمر حتى أغسطس (آب) 2007 حين رفعت وزارة الداخلية دعوى قضائية من أجل حله وإبطاله، وهو ما حدث في عام 2008".

"تامونت للحريات"

ومنذ عام 2008 تناسلت أوراق ومشاريع ومبادرات لتأسيس حزب سياسي أمازيغي، لكنها فشلت في عقد المؤتمرات التأسيسية كما حصل مع الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي.
ولفت بوشطارت إلى أنه في عام 2016 التأمت فعاليات أمازيغية مجدداً حول مشروع جديد سمي بمشروع حزب "تامونت للحريات" بزعامة الناشط الراحل دا حماد الدغرني، لكنه اصطدم مرة أخرى بالمنع.
وزاد بوشطارت "رفضت السلطات المغربية تأسيس هذا الحزب، مما جعل مناضليه يدخلون معركة القضاء مع وزارة الداخلية منذ عام 2018، والتي انتهت بالحكم على مشروع تامونت بالمنع".
وأكمل المتحدث أن "الأمازيغ طالبوا بتأسيس حزب سياسي بمرجعية أمازيغية طيلة 20 سنة، لكن السلطة تقترح على الأمازيغ بدائل أخرى، وهي الانضمام إلى بعض الأحزاب الإدارية التي تعمل على استقطاب الأمازيغ، واحتواء الخطاب الأمازيغي، والحديث عن تحقيق بعض المطالب الأمازيغية".
وخلص بوشطارت إلى التساؤل بشأن "إفراغ الأمازيغية من حمولتها السياسية القوية بفسح المجال لبعض الأمازيغيين للانضمام إلى بعض الأحزاب، وأيضاً امتدادات صمت وانطواء أغلب الكوادر والشباب الأمازيغي وعزوفهم عن السياسة أمام منعهم من حق ممارسة السياسة والعمل المنظم وفقاً لمرجعيتهم الثقافية والحضارية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


معركة الاعتراف السياسي والدستوري

من جهته، قال المفكر الأمازيغي أحمد عصيد إن "موضوع الحزب الأمازيغي ما فتئ يُطرح منذ سنوات، وسبب بزوغ هذه الفكرة داخل أوساط الحركة الأمازيغية شعور الفاعلين الجمعويين المدنيين بضعف تأثير العمل الجمعوي، الذي على رغم أهميته في توعية المجتمع وإثارة قضايا اللغة والهوية والثقافة الأمازيغية في الحوار مع النخب الحزبية والثقافية الأخرى، فإنه على مستوى التأثير في القرار السياسي ظل محدوداً".
واعتبر عصيد أن الفاعلين الأمازيغ احتاجوا إلى عقود عدة للوصول إلى انتزاع الاعتراف من الدولة بوجود المكون الأمازيغي للهوية والشخصية المغربية"، مضيفاً أنه "إذا كانت أول جمعية أمازيغية قد نشأت في عام 1967، فإن أول اعتراف سياسي بالأمازيغية لم يأت إلا عام 2001 مع "خطاب أجدير" الذي ألقاه الملك محمد السادس، وأقر فيه للمرة الأولى بكون الأمازيغية "مسؤولية وطنية لجميع المغاربة"، كما أن اعتراف الدستور المغربي بالأمازيغية لغة رسمية لم يأت إلا عام 2011، مع الحراك الشعبي الذي سمي بـ"الربيع الديمقراطي".
وذهب عصيد إلى القول إن "هذا الاعتراف السياسي والدستوري كان يفترض مأسسة الأمازيغية وإدراجها في جميع نواحي الحياة العامة، إلا أن تعثره أدى إلى عودة فكرة الحزب السياسي على رغم المكتسبات المهمة المتحققة من الناحية القانونية والدستورية، بخاصة بعد أن أقدمت وزارة الداخلية على حل "الحزب الديمقراطي الأمازيغي" الذي كان قد أسسه الراحل الدغرني، والذي لم يحصل أبداً على ترخيص السلطات للعمل في إطار الشرعية القانونية".
ولفت المتحدث إلى أن "هذا الحزب على رغم أنه لم يشر في قانونه الأساسي، ولا في مشروعه المجتمعي المعلن عن اعتماده اللغة أو الأصل العرقي، واعتبر نفسه حزباً مفتوحاً لجميع المغاربة، لكن السلطة استعملت النص القانوني الذي يحظر تأسيس أحزاب على أساس الدين أو اللغة أو الأصل والنسب العرقي لمنعه".

عقبات التأسيس

وبخصوص العقبات التي تواجه الفاعلين الأمازيغ من ذوي الطموح السياسي في تأسيس أحزاب سياسية، أفاد عصيد بأنها عديدة، أبرزها "عدم توفير الشروط الضرورية لإنشاء حزب بالمعنى الحقيقي للكلمة، وأهمها وجود مشروع مجتمعي واضح وقيادة كفؤة، ونخبة مالية تتبنى مشروع الحزب وتعمل على تمويله، إلى جانب وجود العدد الكافي من المواطنين المنخرطين في الفكرة والموقعين على تبنيها في مختلف جهات المغرب، علاوةً على التفاوض مع السلطة التي تفرض قواعد اللعبة السياسية ولا ترخص بالعمل السياسي إلا لمن قبل تلك القواعد وتبناها". واسترسل بأن "هذه العقبات هي التي جعلت مؤسسي حزب تامونت للحريات، الذي ما زال غير مرخص له، غير قادرين على انتزاع الاعتراف من السلطات بالعمل السياسي الطبيعي في إطار القانون". ووفق عصيد، فإن "هذا التأخر في خروج الفكرة إلى حيز الوجود أدى بعدد من الشباب المنتمين إلى ما سمي بالجبهة السياسية الأمازيغية، إلى الانضمام قبل الانتخابات التشريعية لعام 2021 إلى حزبين سياسيين موجودين على الساحة الوطنية، وهما، حزب "التجمع الوطني للأحرار" الذي يرأس الحكومة الحالية، وقدم عروضاً مهمة في خطابه الانتخابي والحكومي، تتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وحزب "الحركة الشعبية" الذي كان سباقاً من الناحية التاريخية إلى رفع شعارات الأمازيغية مع زعيمه الراحل المحجوبي أحرضان، منذ بدايات الاستقلال.
ولفت عصيد إلى أن مشروع حزب "تامونت للحريات" يواجه حالياً دعوى مرفوعة لدى القضاء الإداري من طرف وزارة الداخلية، التي تقدمت بطلب عدم الترخيص لهذا الحزب لنفس الأسباب، حيث يلح هذا الحزب في مرجعيته على إشكالية الهوية الأمازيغية للمغرب.

وختم عصيد بملاحظة أن "السلطة التي ترفض تأسيس حزب على أساس مرجعية هوياتية أمازيغية سبق لها أن قامت بالترخيص لحزب العدالة والتنمية بالعمل في إطار الشرعية القانونية منذ عام 1997، على رغم أنه حزب يعلن اعتماده مرجعية دينية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير