Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاتحاد العام التونسي للشغل يواجه غضب السلطة وجفاء منتسبيه

بعض قيادات الاتحاد يقبعون في السجون والمنظمة تؤكد تمسكها بمحاربة الفساد

الاتحاد العام التونسي للشغل دعا السلطة أكثر من مرة إلى الكشف عن ملفات الفساد (اندبندنت عربية)

ملخص

للمرة الأولى منذ 2011 يبدو الاتحاد العام التونسي للشغل في وضع استثنائي غير قادر على التأثير في الوضع العام بسبب القطيعة مع السلطة وملفات الفساد ضد بعض قياداته

يعيش الاتحاد العام التونسي للشغل وضعاً استثنائياً منذ عام 2011، إذ أصبحت أكبر منظمة نقابية في تونس تعيش قطيعة تامة مع السلطة، ولعب الاتحاد دوراً أساسياً في كل المحطات التي عاشتها تونس في السنوات الأخيرة، وكان الرقم الصعب لكل الحكومات المتعاقبة، حتى إنه لا يمكن أن يتم تشكيل حكومة جديدة من دون موافقته، لكن هذا الوضع تغير مع مسار قيس سعيد على رغم ترحيب الاتحاد به.

وتفاقمت الأزمة ووصلت إلى ذروتها مع فتح ملفات الفساد ضد بعض النقابيين وسط خفوت صوت القيادات النقابية التي يرى مراقبون أنها في موقف ضعف لم تعرفه منذ أحداث 2011.

موقف السلطة من المنظمة برز في كلمة لسعيد قبل أشهر، قال فيها إن "الحق النقابي مضمون، ولكن لا يمكن أن يتحول إلى غطاء لمآرب سياسية"، داعياً إلى "ضرورة اتخاذ إجراءات ضد من يتآمرون على الأمن القومي أو ضد الشركات العامة".

انسداد الأفق 

يشار إلى أن بعض قيادات الاتحاد تقبع في السجون بتهم فساد، إلا أن الأمين العام المساعد في اتحاد الشغل سمير الشفي قال في كلمة ألقاها في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لحركة "تونس إلى الأمام" المنعقد بمدينة الحمامات قبل أسبوع إن هذه الإيقافات كيدية، معتبراً إياها "حملات التضييق على النقابيين لن تثني الاتحاد عن مواصلة طريقه". وأكد "نحن متمسكون بمحاربة الفساد ودعوة كل نقابي ثبتت عليه ملفات فساد إلى تحمل مسؤوليته"، قائلاً في سياق متصل إن "المنظمات الوطنية يجب أن تكون شريكاً حقيقياً في رسم سياسات الدولة وفي رسم مسار ديمقراطي حقيقي"، رافضاً أن يكون الاتحاد "مجرد صورة".

إلا أن المنظمة عرفت قوى معارضة في داخلها معتبرة أن القيادة الحالية انقلبت على القانون الأساس، وأنها السبب في جعل الاتحاد هيكلاً بلا روح.

في هذا السياق قال عضو الهيئة التسييرية لاتحاد المعارضة النقابية محسن الخلفاوي في تصريح خاص إن "وضع الاتحاد العام التونسي للشغل أصبح مخجلاً وقيادته غير شرعية وتعيش حالة جمود وانسداد الأفق"، مشيراً إلى أن هذا الوضع يعد استثنائياً منذ 2011.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف أن "اتحاد الشغل كان مؤثراً في البلاد وفي كل المحطات المهمة التي عرفتها البلاد، لكن اليوم خسر مكانته"، متهماً بعض قياداته بالفساد وظهور مظاهر الثراء عليهم على رغم أنهم دخلوا للنقابة عمال بسطاء أصبحوا من أصحاب المال والجاه، بحسب تعبيره.

ويرى الخلفاوي أن انقلاب المكتب الحالي على القانون الأساسي للاتحاد من خلال الفصل 20 الذي عملت قيادة الاتحاد على تعديله في المؤتمر السابق حتى يتسنى للمكتب التنفيذي الترشح لأكثر من عهدتين خلق حالة تصدع وولد معارضة داخل المنظمة النقابية.

وضع لا يحسد عليه 

إلا أن الصحافي في جريدة "الشعب" الناطقة باسم الاتحاد العام التونسي للشغل صبري الزغيدي يرى أن "السلطة لم تعجبها مواقف الاتحاد وضربت الحق النقابي في العمق من خلال المنشور 21 الذي ضرب حق المفاوضات الاجتماعية مع السلطة، بالتالي عدم تطبيق أكثر من 50 اتفاقية أبرمتها الحكومة مع المنظمة وتعهدت تطبيقها، لكنها انقلبت عليها".

 

وأضاف الزغيدي في تصريح خاص أن من أهم مظاهر القطيعة بين السلطة والاتحاد الغياب التام للحوار الاجتماعي، معتبراً في سياق متصل أن التوقيف الذي تعرض له بعض النقابيين هو تهم كيدية بسبب ممارستهم لحقهم النقابي". وأكد أن "ما يقال عنها ملفات فساد هي في الحقيقة ملفات فارغة لا أساس لها من الصحة". وأشار في السياق نفسه إلى أن "اتحاد الشغل لا يدافع عن الفساد والفاسدين، بل إنه دعا السلطة أكثر من مرة إلى الكشف عن ملفات الفساد إن وجدت"، مضيفاً "الاتحاد يده مفتوحة من أجل الحوار، لكن السلطة للأسف تضمر عداءً غير مبرر للمنظمة النقابية لمحاصرتها".

ودعا اتحاد الشغل في بيان له الهياكل النقابية إلى المشاركة المكثفة في التجمع العمالي الذي سينجز في الثاني من مارس (آذار) بساحة القصبة"، وذلك بحسب نص البيان "دفاعاً عن الحق النقابي ومطالبة باحترام مقومات الحوار الاجتماعي وتنفيذ الاتفاقيات المبرمة"، كما دعا المكتب التنفيذي منخرطيه إلى "عدم التأثر بمحاولات الإرباك والتشويش والتشويه".

من جانبه يقول المحلل السياسي مراد علالة إن "قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل في وضع لا تحسد عليه"، موضحاً "فهي من جهة تجد صعوبة في تعبئة النقابيين وعموم التونسيين مثلما برز ذلك في التحركات والتجمعات العمالية الأخيرة علاوة على وجود مزاج شعبي بدأ طيف منه ينتقد المنظمة في العلن، ومن جهة ثانية فتور العلاقة مع السلطة كي لا نقول الجفاء وحتى القطيعة التي شملت المسارين السياسي والاجتماعي". وواصل "هي المرة الأولى تقريباً بعد 2011 تحديداً التي نجد فيها الاتحاد العام التونسي للشغل في وضع الاستثناء، وليس الاستثنائي فقط أمام سلطة غير منفتحة على الوسائط التقليدية، ومن ضمنها النقابات، وعلى رأسها الاتحاد، وفي سياق حرب مفتوحة معلنة من قبل رئيس الجمهورية على الفساد في كل الأطر والقطاعات والكيانات من دون استثناء مع تلكؤ في الجنوح إلى التفاوض والحوار الاجتماعي، إلى جانب وضع نقابي داخلي غير سليم حتى بعد تغليفه بالقانون، ونقصد بذلك ما حصل من تعديل في النظام الداخلي وعقد لمؤتمر ضرب مبدأ التداول على المسؤولية وسمح للقيادة بمراكمة الولايات الأمر الذي خلق حرجاً عند السلطة وسعي من يمسك بها إلى البقاء على الكرسي فكيف نرضى لأنفسنا ما نعيبه على الآخرين؟"، بحسب تعبيره.

واستبعد علالة شبهة الفساد داخل المنظمة التي تنشر تقاريرها المالية، إلا أنه يرى أنه "منذ فترة لم يعد خافياً على أحد، بما في ذلك قادة الاتحاد، وجود حالات انفلات ومسؤولين نقابيين تسلقوا سلم المسؤولية لخدمة أغراض خاصة أو على قاعدة غير الانضباط والالتزام النقابي أو تحقيق فائدة في صورة امتيازات أو ترقيات أو تسهيلات في العمل في ظل صمت أو دعم القيادة لحسابات انتخابية داخلية أو قطع الطريق أمام المعارضين النقابيين".

المزيد من تقارير