Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السعودية تعول على المتاحف لتنشيط السياحة الثقافية

تتوسع في إنشائها على رغم العزوف وتوقعات بزيادة الإقبال عند ربطها بالتعليم مع تنظيم أنشطة وفعاليات

يظهر متحف "المصمك" في قلب الرياض يستقبل الزائرين (أ ف ب)

ملخص

المتاحف مستقبل السياحة الثقافية في السعودية

مباريات كرة القدم تشغل خالد (15 سنة) سواء متابعتها في الملاعب أو من وراء الشاشات، لكن والده وهو أكاديمي في إحدى الجامعات السعودية يحثه على اقتطاع جزء من الوقت المخصص للمباريات لزيارة المتحف الوطني في الرياض ومطالعة تاريخ بلاده وإرثها الثقافي والحضاري.

لا يرى خالد في مقترح والده ما يثير شغفه، وتمادى في تتبع أخبار الفرق السعودية والمنتخب الوطني، ولم يقف عند هذا الحد، بل امتدت اهتماماته إلى الكرة العالمية والدوريات الأوروبية والمسابقات العالمية، إلا أنه التفت لشيء مهم وهو اعتزاز اللاعبين بقمصان بلادهم والعادات والثقافات الشعبية وحديثهم عن التاريخ، فتبادر إلى ذهنه حديث والده والمقترح الذي قدمه له.

بحث خالد في الشبكة العنكبوتية عن إحصاءات المتاحف فوجد أرقام زيارات المتحف الوطني وهو أكبر المتاحف السعودية نحو 43 ألفاً فقط خلال عام 2022، وهو عدد يقارب جمهور فريقه الذي يذهب لتشجيعه خلال مباراة لكرة قدم في الدوري المحلي مع منافس قوي.

بدأ خالد يفكر جدياً في زيارة المتاحف، وهو ما توافق مع إحصائية نشرتها وزارة الثقافة عن الحالة الثقافية في السعودية لعام 2022، التي بينت أن شريحة كبيرة من المجتمع السعودي تبدي رغبة في زيارة المتاحف مستقبلاً بنسبة 76.1 في المئة أكثر من أي نشاط ثقافي آخر.

جهد وطني

وبحسب المسح الذي أجرته الوزارة تبين أن نسبة من يزورون المتاحف منخفضة نسبياً، إذ إن 12.4 في المئة سبق وأن زاروا تلك المتاحف، و11.5 في المئة فقط من العينة لم يزوروا أي متاحف، كما ارتفعت نسبة زيارة المتاحف في السعودية إلى 12.40 في المئة في 2022 مقابل 9.90 في المئة في 2021.

ووفق التقرير الوزاري بلغ إجمالي عدد الزوار لعدد من المتاحف في السعودية نحو 991 ألف زائر، وجاءت متاحف "إثراء" بالظهران كأكثر المتاحف زيارة بنحو 360 ألف زائر تلاها متحف سكة حديد الحجاز بالمدينة المنورة بنحو 300 ألف زائر فيما زار قصر المصمك بالرياض نحو 276 ألف زائر، فيما لم يزر متحف قصر الزاهر بمكة المكرمة سوى تسعة آلاف فقط.

وتعمل السعودية على إنشاء المتاحف ورفع معدلات زياراتها بين السكان المحليين والسياح، واتخذت عدة خطوات كان أولها تأسيس هيئة للمتاحف في 2020 ثم أطلقت خطتها الاستراتيجية في 2021 لتطوير المتاحف الموجودة منها المتحف الوطني وقصر المصمك، وكذلك استحداث عدد كبير من المتاحف حتى 2030.

إنشاء المتاحف

ويأتي التوسع من خلال إنشاء متاحف متميزة ومعاصرة في المدن الرئيسة، ومتاحف محلية في المناطق التي تتميز بتراثها وتنوعها، كما تعمل على إثراء المؤسسات والمجموعات المهتمة بجمع المقتنيات وعرضها وفقاً لأفضل المعايير وأن يكون التراث دليلاً على ما تملكه السعودية من إمكانات سياحة ثقافية عالمية تهدف من خلالها إلى أن تكون المتاحف مقامات ثقافية ملهمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهته كشف الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير بوابة الدرعية، جيري إنزيريلو، خلال حديثه في منتدى صندوق الاستثمارات العامة والقطاع الخاص في السابع من فبراير (شباط) الجاري "أن ولي العهد محمد بن سلمان خصص تسعة كيلومترات في الدرعية لإنشاء متحف بمواصفات تجعله أحد أجمل المتاحف عالمياً".

وافتتحت هيئة تطوير الدرعية ستة متاحف في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 منها متحف منزل آل سعود، ومتحف الدولة السعودية وشبة الجزيرة العربية، متحف رحلة المئة قصة، إضافة إلى مركز الدرعية للفنون ومتحف الفنون الرقمية ومتحف مسك للتراث.

عزوف الزوار

ولدى السعودية رغبة كبيرة لتنمية قطاع المتاحف، حتى إن الأرقام التي سجلت خفض عدد الزوار تجاوزت زيارات عدد المتاحف فيها 300 ألف زائر.

من جهتها، أرجعت المتخصصة في الآثار رشا الفواز عزوف الناس عن الذهاب إلى المتاحف إلى غياب الرحلات المدرسية والجامعية، مشيرة إلى انقطاع العلاقة بين التعليم والمتاحف، لافتة إلى أن المتحف مؤسسة تعليمية بالأساس.

وقالت الفواز "لا يخطر في بال أستاذ جامعي أن يلقي محاضراته في المتاحف مع الأخذ بالاعتبار أنه من المفترض أن يكون هناك حصص تعليمية تقام في المتاحف، وهذا الجزء غير موجود في متاحفنا ولم نمارسه"، مطالبة بوجود تعاون بين وزارة التعليم وهيئة المتاحف لتطوير الجانب التعليمي وتطبيق الحصص النظرية عملياً.

دور الأسرة

وأشارت متخصصة الآثار إلى دور الأسرة في تعزيز ثقافة الذهاب إلى المتحف، لافتة إلى أن العائلات تبحث عن مواقع للتنزه مع أبنائها وقضاء وقت بعيداً من الأمور التعليمية، وطالبت الوالدين بأن يذهبا إلى المتاحف مع الأطفال ويتركا لهما حرية البحث عن المعلومة".

وأضافت فواز "ليست المتاحف مجرد أماكن تعرض وتحفظ فيها القطع والأعمال الفنية، بل هي في الأصل مؤسسة ثقافية علمية غير ربحية هدفها التعليم والمحافظة على التراث والموروث ومكان دائم للحراك الثقافي"، مشيرة كذلك إلى دورها في الاعتزاز بالثقافة والهوية الوطنية.

وتابعت متخصصة الآثار "دور المتاحف في السعودية ما زال محدوداً مقارنة بالحراك الثقافي الكبير الذي تشهده البلاد"، مشيرة إلى أن القطاع المتحفي فتح أبوابه منذ الثمانينيات، وكان الأمر قاصراً على افتتاح المبنى ووضع القطع ولا يتم تحديثها، ومن يزور المتحف لا يجد تطويراً أو تغييراً في السرد أو طرق العرض.

الاستثمار المتحفي

ولفتت رشا إلى دور القطاع الخاص والشركات في حفظ التراث الثقافي والمخطوطات بكل أنحاء العالم، منوهة بأهمية التكاتف والتداخل لتنشيط المتاحف من خلال الأنشطة والفعاليات الثقافية، وكذلك تطوير العرض بأن يكون للمتحف قصة وسردية يستوعبها الزائر من الوهلة الأولى وتفتح له مجال المشاركة والتفاعل.

واقترحت الفواز أن يقام في المتحف أنشطة وفعاليات طوال السنة توافقاً مع الأيام العالمية، ومع القطع الموجودة، وكذلك القضايا التي تهم المجتمع، مع وجود نشاط تشويقي يترك لدى الزائر إحساس بمعاودة الزيارة مرة أخرى.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي