Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التنوع العرقي بشمال سوريا في خطر

الأقليات تعيش حرب تغيير ديموغرافي

أدت الظروف الاقتصادية الصعبة إلى هجرة طاولت مختلف مكونات المنطقة من عرب وأكراد وسريان وآشوريين وأرمن (اندبندنت عربية)

ملخص

أرمن وآشوريون وأكراد وإيزيديون وتركمان وسريان وأقليات أخرى كانوا يسمون "فسيفساء سورية" قبل الحرب

يعاني الشمال السوري منذ بداية الحرب قبل عقد من الزمن، وإلى اليوم، جراء تداعيات صراع مسلح دام أسفر عن تهجير قسري، وإبادة جماعية طاولت السكان الأصليين، وهي أرض شهدت حضارات تاريخية متعاقبة، إلا أن الصراع الحاصل أحال حياة القاطنين إلى نازحين.

أرمن وأشوريون وأكراد وإيزيديون وتركمان وسريان وغيرهم من الأقليات كان يطلق عليهم، قبل الحرب، "فسيفساء سورية".

 

القرى الآشورية

أبرز التحديات التي واجهت شعب منطقة شمال شرقي سوريا المكونة من محافظات الحسكة ودير الزور والرقة، خلال الحرب السورية، ظهور العصابات الإرهابية التي ارتكبت أعمال خطف وسرقة وتفجيرات.

وشرح نائب مسؤول المنظمة الآثورية الديمقراطية بشير سعدي، وهو مقيم بالقامشلي، تفاصيل ما جرى في مدن المنطقة بين عامي 2011 و2014، ولاحقاً اجتياح تنظيم "داعش" دير الزور والرقة وعين العرب (كوباني)، عام 2014، في موازاة نزوح شبه جماعي للسكان نحو سائر المحافظات السورية وإلى خارج البلاد.

 

وروى سعدي لـ"اندبندنت عربية" تفاصيل اجتياح "داعش" نحو 34 قرية آشورية على ضفاف نهر الخابور في الـ23 من فبراير (شباط) عام 2015، "مع ما رافق ذلك من ارتكاب جرائم قتل وخطف طاولت مئات المدنيين من أطفال وشيوخ ونساء، في موازاة حرق كنائس ومنازل، ما أدى إلى هجرة جماعية نحو مدن الحسكة والقامشلي، ومنها إلى بقية دول العالم".

ما بعد اجتياح "داعش"

ومع بداية عام 2014، تابع أعلن حزب الاتحاد الديمقراطي، ومعه بعض الأحزاب والمؤسسات، تشكيل ما عرف بالإدارة الذاتية الديمقراطية، في محافظة الحسكة، وبعد مساهمة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مع التحالف الدولي لمكافحة "داعش"، بسطت الإدارة الذاتية، ذات الغالبية الكردية، نفوذها على محافظتي الرقة ودير الزور، وصولاً للإعلان عما عرف لاحقاً بالعقد الاجتماعي للمنطقة وهو بمثابة دستور للمنطقة". وأضاف "أدى إقرار قانون التجنيد الاجباري، عام 2015، إلى هجرة معظم الشباب المطلوبين للخدمة إلى خارج البلاد، بالتوازي مع صدور قانون التعليم القاضي بفرض مناهج دراسية، بخاصة على المدارس الحكومية، ما أدى إلى إغلاق آلاف المدارس لرفض الأهالي هذه المناهج الدراسية كونها غير قانونية وغير معترف بها".

ولفت نائب مسؤول المنظمة الآثورية إلى أنه على أثر محاولة اجتياح مدينة الحسكة، نزح آلاف العائلات الكردية من عفرين (محافظة حلب) إلى منطقة الجزيرة (شمال شرقي سوريا) بعد اجتياحها من قبل الجيش التركي عام 2018، وفي خريف عام 2019، اجتياح ثانٍ للجيش التركي لمدينتي رأس العين وتل أبيض، حيث شهدت المنطقة نزوحاً شبه تام للمسيحيين والأكراد إلى مدينتي القامشلي والحسكة، واستوطنت مئات العائلات العربية القرى الآشورية التي كانت خالية من سكانها الآشوريين بسبب اجتياح "داعش".

وقال سعدي أيضاً "تهدد إسطنبول بصورة مستمرة باجتياح المنطقة وإنشاء الحزام الآمن بعمق 30 كيلومتراً، بحجة أن الإدارة الذاتية القائمة بمنطقة الجزيرة يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي الذي تعتبره النسخة السورية عن حزب العمال الكردي، وتصنفه تركيا منظمة إرهابية، وشهدت المنطقة اغتيالات طاولت قيادات من هذه الإدارة، في موازاة قصف استهدف منشآت إدارية وخدمية وعسكرية تابعة للإدارة الذاتية".

هجرة قسرية

المشهد الدموي، خلال هذه الفترة، طاول جميع الأقليات من الطوائف المسيحية السريانية والأرمنية والآشورية، وأيضاً الأكراد، ولا سيما من أتباع الديانة الإيزيدية.

وقال الناشط المدني نسيم شمو إنه لم يبق أي وجود إيزيدي في هذه المنطقة، "وحدها عفرين فيها أكثر من 30 قرية إيزيدية، وقد هاجر قاطنوها بصورة كاملة، وقلة قليلة بريف عفرين بقيت في المنطقة، أما في رأس العين، حيث يوجد 12 قرية هجر معظم أهاليها، أما في الحسكة فوجود الإيزيديين قليل في المدينة وضواحيها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع شمو "لقد قاسى الإيزيديون النزوح إلى مناطق حلب والجزيرة ولبنان والعراق، وحالياً تحافظ الإدارة الذاتية على التنوع العرقي، كما اعترفت، بالدستور، بالديانة الإيزيدية، وأكثر من نصف الإيزيديين هم من مكتومي القيد".

وتبرر أنقرة حربها على الشمال السوري بتهديدات أمنية لحدودها الجنوبية من قبل قوات كردية مسلحة، من بينها حزب العمال الكردي.

القدرة على البقاء

وثمة مشروع عودة طرحه الحزب الآشوري الديمقراطي، عام 2016، لكن بحسب عضو الهيئة التنفيذية للحزب وائل مرزا، أدى الاجتياح التركي لكل من مناطق عفرين وتل أبيض ورأس العين إلى نزوح أهالي هذه المناطق "ما أوقف مشروع عودة الآشوريين إلى قراهم".

وقال مرزا إن الصراع الدائر في سوريا، منذ 11 عاماً، جعل المكونات العرقية الصغيرة تتلاشى، "فمثلاً إبادة الآشوريين، في قرى الخابور في سوريا، عبر اجتياح داعش الإرهابي قراهم، وقتل وخطف المئات منهم، وتدمير كنائسهم وبيوتهم، يمكن اعتباره إبادة جماعية".

في غضون ذلك، أدت الظروف الاقتصادية الصعبة إلى هجرة طاولت مختلف مكونات المنطقة من عرب وأكراد وسريان وآشوريين وأرمن، وقدر المسؤول بالمنظمة الآثورية بشير سعدي أن العدد المتبقي من السكان لا يتجاوز 30 في المئة، "أما أبناء الديانة المسيحية من سريان وآشوريين وأرمن فقد كانت نسبة هجرتهم تقارب 80 في المئة، ولا سيما من فئة الشباب".

أما في ما يتعلق بحالة التغيير الديموغرافي، "فان هذه الحالة تتجلى في القرى الآشورية البالغ عددها 34 قرية طاولها اجتياح "داعش"، وتركها أهلها، وعددهم نحو 20 ألفاً، ولم يبق حالياً سوى 1000 شخص، وعملت الإدارة الذاتية على إسكان آلاف العائلات النازحة من رأس العين وغيرها في منازل أهالي هذه القرى".

وكشف سعدي عن إحصاءات موثقة عن عدد المسيحيين في الجزيرة، إذ "كانت نسبة المسيحيين 29.1 في المئة عام 1939، وفي دراسة إحصائية، عام 1990، أصبحت النسبة 18 في المئة، وتناقصت النسبة مع بداية عام 2011 إلى 13 في المئة، أما النسبة الحالية فلا تتجاوز أربعة في المئة، والعدد الحالي لمجمل المسيحيين في شمال وشرق سوريا بحدود 40 ألف شخص".

الإبادة

وتقول العضو في اتحاد المرأة الإيزيدية سعاد حسو عن معاناة الإيزيديين "مع استمرار الوضع هكذا، فإن المنطقة تتجه نحو كارثة إنسانية جديدة جراء إنعاش الإرهاب، لقد حدثت الإبادة، بداية القرن الـ21، لقد كنا نتطلع لرؤية قرن أكثر ديمقراطية، لكن للأسف، تحول إلى قرن فيه حرب ودمار وإرهاب ولم يبق مكان للأقليات".

"إنها حرب ديموغرافية شارك فيهت كل أطراف النزاع"، هكذا يصف الناشط شمو ما حدث من تهجير قسري في الشمال السوري، وقال "لكن شاهدنا طرقاً ثانية للتهجير منها قطع المياه، هذا ما يحدث الآن جراء الضربات التركية الأخيرة التي تستهدف حقول النفط والغاز والمياه والكهرباء وما يتبعها من انعدام مقومات الحياة". وأضاف "ليس أمام الناس سوى الهجرة، وأساساً كل ما تفعله تركيا، من عام 2016 حتى اللحظة، تكتيكات لاستراتيجية أوسع نحو نزوح جماعي وتغيير ديموغرافي على مرأى ومسمع المجتمع الدولي، إذ تعمل على إخراج أصحاب الأرض مقابل إخراج اللاجئين السوريين من أراضيها وتوطينهم في هذه الأراضي".

المزيد من تقارير