Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أردنيون لا ترضيهم "الدبلوماسية وحدها" لمواجهة إسرائيل

انتقادات شعبية للموقف الرسمي بسبب استمرار التبادل التجاري والسياحة والحكومة تبرر بـ"موقف الدولة" وتوازنات المجتمع الدولي

الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق يائير لبيد في عمان عام 2022 (الديوان الملكي الهاشمي)

ملخص

الخضراوات الأردنية مستمرة بالتدفق إلى تل أبيب والسياح الإسرائيليون يتقاطرون على المملكة

منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي توترت العلاقات بين الأردن وإسرائيل وشابتها تصريحات وحرب كلامية متصاعدة إثر الحرب في قطاع غزة، لكن وفقاً لمراقبين وسياسيين، يبدو أن هذا التوتر على المستوى الدبلوماسي فقط، بينما لا تزال العلاقات البينية قائمة بين الطرفين في مجالات كالسياحة والتجارة المتبادلة.

في الشهر الماضي وحده دخل أكثر من 20 ألف سائح إسرائيلي الأردن، كما أن تصدير الخضراوات الأردنية لإسرائيل مستمر حتى اللحظة على رغم الاحتجاج الشعبي، مما يوحي بأن العلاقات الأردنية - الإسرائيلية مستمرة على رغم الخلاف المعلن.

تشير أرقام رسمية صادرة عن وزارة السياحة والآثار الأردنية إلى أن آلاف السياح الإسرائيليين دخلوا الأردن خلال الشهر الأول من العام الحالي، من بينهم 14 ألف سائح بنظام المبيت، بينما بلغ عدد سياح اليوم الواحد نحو 6 آلاف.

ودخل نحو 19 ألف سائح إسرائيلي الأردن عبر المعابر البرية، وبنسبة 95 في المئة من مجمل السياح الإسرائيليين، بينما دخل الباقي من طريق المطارات.

غضب شعبي

في السياق ذاته يتصاعد حجم عدم الرضا الشعبي عن الموقف الرسمي الأردني إزاء حرب غزة، تحت عنوان "الدبلوماسية وحدها لا تكفي"، ومن بين ردود الفعل الغاضبة موقف الملتقى الوطني الأردني الذي قال في بيان له إن النظام الرسمي يواصل سياسة الأقوال التي تناقضها الأفعال، فبينما يحذر من كارثة إنسانية في رفح يواصل إمداد إسرائيل بالسلع من طريق جسر بري، إضافة إلى استيراد الغاز منها، إذ تورد اتفاقية الغاز تدفقاً نقدياً سنوياً بمقدار 10 مليارات دولار من الأردن إلى إسرائيل.

وانتقد الملتقى الوطني ما سماها "سياسة إغلاق الطرقات ومنع المواطنين من الاحتجاج على استمرار الشاحنات الأردنية بإمداد إسرائيل بالخضراوات، فضلاً عن استمرار الاعتقالات للمتظاهرين والمحتجين وملاحقة النشطاء وفقاً لقانون الجرائم الإلكترونية، إذ تجاوز عدد الموقوفين على خلفية هذا الحراك أكثر من 2000 شخص".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووصف الملتقى الوطني الأردني الموقف الرسمي بـ"الضعيف"، مشيراً إلى عدم اتخاذ قرار في شأن الاتفاقات المشتركة مع إسرائيل وعدم وقف اتفاقية وادي عربة بعد التلويح مراراً بوقفها.

لكن وزير الزراعة الأردني خالد الحنيفات يؤكد أن تصدير الخضراوات والفواكه إلى إسرائيل ليس من شأن الحكومة ويرتبط بالقطاع الخاص ولا يوجد أي قانون لمنعه.

يضيف الوزير الأردني "إذا أردنا وقف التصدير فعلينا وقف ذلك إلى جميع الدول، لكن الأمر يعود إلى القطاع الخاص الذي يرتبط باتفاقات وعقود جزائية منذ سنوات".

وصفة للفوضى

مصادر حكومية قالت لـ"اندبندنت عربية" إن الموقف الرسمي حيال حرب غزة متقدم جداً، وإن من يطالبون بمواقف متشددة ومعظمهم ينتمون لتيار الإسلام السياسي ينشرون وصفة للفوضى والخروج على القانون وتعطيل المصلحة العامة، فيما الموقف الرسمي متدرج ومتطور، إذ بدأ بسحب السفير الأردني من تل أبيب، ثم وقف توقيع اتفاقية المياه مقابل الطاقة، ومراجعة جميع الاتفاقات الأخرى، تزامناً مع تحركات عسكرية للجيش الأردني وتمركزه في مناطق الحدود المشتركة مع الضفة الغربية.

تضيف هذه المصادر أن الحراك الدبلوماسي الأردني لم يتوقف للحظة في المحافل الدولية، وأن الأردن مارس ضغطاً كبيراً على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واستطاع تشكيل رأي عام عالمي جديد ينظر بإنصاف إلى ما يحدث في غزة، من خلال مساهمته في الدعوى القضائية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي ضد إسرائيل، كما أن الأردن قدم العون لأهالي قطاع غزة عبر إنزالات جوية للمساعدات ومن خلال مستشفيات ميدانية عدة هناك.

تشير المصادر إلى أن الحكومة الأردنية في مواقفها السياسية تتعامل كدولة وبمنطق دبلوماسي وسياسي له معايير في المجتمع الدولي ووفق القوانين الدولية، وليس بمنطق الأحزاب والحركات، وضمن نظرة شمولية عربية للحل لا تقف عند حدود وقف الحرب وإنما الوصول إلى حل نهائي قوامه قيام دولة فلسطينية، ولا تلجأ إلى تجييش الشارع واستغلال عاطفة الأردنيين.

مبالغة في الحذر

بدوره يقول وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية مهند مبيضين، إن بلاده تمكنت من وضع العالم أمام الصورة الحقيقية في غزة، في ظل الحرب الإسرائيلية على القطاع. وتحدث عن نجاح للدبلوماسية الأردنية في تنظيم الجهود ورفع مستوى الحديث الدولي عن موضوع إدخال المساعدات والجهود الإغاثية.

أما الكاتب والمحلل السياسي مالك عثامنة فتحدث عن مقاربات وموقف تصعيدي أردني رسمي إلى درجة مقلقة في حسابات الكلف السياسية التي يمكن للدولة أن تتحملها، مشيراً إلى أن خطاب الدولة المعلن وفي الخارج كان على مسافة أمتار من إعلان حرب.

ويقول عثامنة إن ثمة من يرى في موقف الأردن الرسمي قصوراً لا يرتقي إلى مستوى ما يريدونه، لكن هذا التصعيد له كلف كبيرة قد يؤدي إلى سقوط الدولة.

لكن مراقبين آخرين يرون أن ثمة مبالغة في الحذر وإدارة التوازنات بشكل قد يؤدي إلى تضرر المصالح الأردنية، بخاصة أن هناك توقعات بتفجر الأوضاع في الضفة الغربية المحاذية للأردن، فضلاً عن محاولات الابتزاز الإسرائيلية المتكررة والتي كان آخرها تهديد إسرائيل بعدم ضخ كميات المياه الإضافية المتفق عليها للأردن وتهديده بالعطش.

ويعتقد هؤلاء المراقبون أن الحذر الأردني مرده الارتباط الوثيق بالحليف الأميركي، ولذلك فإن فرضية عودة العلاقات إلى سابق عهدها بمجرد انتهاء الحرب في غزة كبيرة جداً.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات