Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حضور الطاقة يملأ الفجوة الدبلوماسية للجزائر في أفريقيا

استثمارات مشتركة بـ50 مليار دولار حتى 2028 لاستكشاف وإنتاج النفط والغاز وتطوير صناعة البتروكيماويات

تعوّل الحكومة على قمة "منتدى الدول المصدرة للغاز" في الجزائر نهاية الشهر لتعزيز مكانتها في السوق العالمية (مواقع التواصل)

ملخص

عقود شراكة في مجال البحث وإنتاج المحروقات بدول الجوار مثل ليبيا ومالي والنيجر

تتجه الجزائر نحو تعزيز حضورها الاقتصادي في بلدان أفريقية عبر إطلاق مشاريع استثمارية في قطاع الطاقة ودفع هذه الدول إلى تعاون أعمق في جميع المجالات، بعد اصطدام جهودها الدبلوماسية بمطبات مفاجئة وتساؤلات حول قدرتها على الاستمرار في هذا المسار والمكاسب التي ستجنيها منه.

تحرك الجزائر يأتي وفق خطة تقودها شركة "سوناطراك" للمحروقات الحكومية لإنجاز استثمارات كبيرة في قطاع الطاقة بمبلغ 50 مليار دولار موزعة في الفترة بين 2024 و2028 لاستكشاف النفط والغاز وإنتاجهما وتطوير صناعة البتروكيماويات، على أن توجه 36 مليار دولار لنشاطات البحث والاستكشاف والإنتاج.

وقال وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب في مقابلة نشرتها "مجلة الجيش" إن شركة "سوناطراك" وفروعها "تسعى إلى تدعيم قدراتها الإنتاجية عبر الاستثمار في الخارج ضمن عقود شراكة في مجال البحث وإنتاج المحروقات بدول الجوار مثل ليبيا ومالي والنيجر"، مشيراً إلى أن الشركة تعتزم استثمار 442 مليون دولار في البلدان الثلاثة.

وتعوّل الحكومة على قمة "منتدى الدول المصدرة للغاز" التي ستحتضنها العاصمة الجزائر نهاية الشهر الجاري لتعزيز مكانتها في سوق الغاز العالمية بحسب تصريحات المسؤولين.

مطبات دبلوماسية

يأتي توجه الجزائر نحو تفعيل ملف الاقتصاد لتنفيذ خطتها بعد المطبات التي اعترضت مساعيها الدبلوماسية في دول أفريقية، حيث فاجأتها السلطات العسكرية في النيجر خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2023 برفض وساطة بينها والرئيس المعزول محمد بازوم، مما أثار استياء لدى المسؤولين الجزائريين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وزاد رئيس السلطة الانتقالية في مالي العقيد أسيمي غويا الطين بلة حين قرر إلغاء "اتفاق السلم والمصالحة" التي ترعاه الجزائر باعتبارها وسيطاً منذ التوقيع عليه في 2015 وقوّض جهودها لتحقيق أهدافها بالطرق السياسية والدبلوماسية، كما أن مقاربتها في حل الأزمة في ليبيا محل تجاذب كبير بين القوى المتنازعة في الميدان.

وتعمل الجزائر في عدد من الدول الأفريقية منذ أكثر من 10 أعوام في إطار اتفاقات تعاون مشترك لتبادل الخبرات والاستكشافات من خلال الشركة الوطنية الليبية للنفط، وترتبط شركة المحروقات الجزائرية بعقود تعاون في مجال الطاقة مع دولة السودان في منطقة دارفور، لكن هذا العقد مجمد حالياً بسبب الظروف التي وقعت في الإقليم، فيما لا يزال التعاون قائماً مع توغو ونيجيريا، بخاصة في ما يتعلق بأنبوب الغاز النيجيري الذي وصلت في بنيته التحتية إلى نحو 75 في المئة.

وبحسب متخصصين في الطاقة، تسعى الجزائر إلى إنجاز "خط أنابيب الغاز العابر للصحراء" لنقل الغاز النيجيري إلى أوروبا عبر النيجر والأراضي الجزائرية، وبناء خطوط أنابيب غاز مع موريتانيا لنقل الغاز المستخرج من حقل "سلحفاة أحميم" البحري الذي يقع على الحدود بين مياه السنغال وموريتانيا، كما تسعى إلى تشجيع عدد من الدول على الاستفادة من خطوط الغاز الممدودة مع أوروبا.

وفي يناير (كانون الثاني) 2024، وقع المعهد الجزائري للبترول التابع لشركة "سوناطراك" والشركة الموريتانية للمحروقات، اتفاقاً في مجالات تكوين المهارات والخبرات وتطويرها.

وذكرت "سوناطراك" في بيان أن "هذا الاتفاق تتويج للمحادثات المعمقة التي تم إجراؤها بين المعهد الجزائري للبترول التابع للمجمع والشركة الموريتانية للمحروقات".

ويهدف الاتفاق إلى إقامة شراكة في مجال تكوين المهارات والخبرات، عملاً بمذكرة التفاهم المبرمة بين "سوناطراك" والشركة الموريتانية للمحروقات التي تم التوصل إليها عام 2022.

وتحاول الجزائر تحديث سياستها الخارجية باستمرار بما يتماشى والتطورات المتسارعة في دول القارة الأفريقية سواء ما تعلق بالتغيرات الداخلية مثل الانقلابات المفاجئة التي تفرض عليها تكييف الوسائل للتعامل مع المستجدات أو التعاطي مع المصالح الأجنبية المتنامية وتهافت القوى الكبرى على بلدان أفريقية.

أمن قومي

يرى المحلل السياسي الجزائري عبدالحكيم بوغرارة أن توجه الجزائر طاقوياً نحو أفريقيا يعود لأسباب عدة أهمها الحفاظ على أمنها القومي من التغيرات الحاصلة في الدول الأفريقية وتداعياتها.

وقال بوغرارة لـ"اندبندنت عربية" إن الجزائر اكتسبت تجربة عبر شركة "سوناطراك" وتموقعها في الأسواق الدولية وإدارتها لعدد من الأزمات مثل "قمة أوبك" في 2016 حين أنقذت الجزائر الأسعار العالمية للنفط.

وأوضح أن هذا التوجه يعتبر خدمة للتنمية وجهود محاربة التطرف والإرهاب وحصر الاختراقات الأجنبية، كما أن الدول الأفريقية ستستفيد من التجربة الجزائرية والشراكات التي تعقد في هذا السياق.

وأضاف أن تفكير الجزائر في تعزيز الأمن القومي الأفريقي يصب في المصلحة العامة للقارة، وتقاسم الأعباء في مواجهة الأزمات المتشعبة والعابرة للحدود.

وتابع أن "الجزائر ترغب في تكامل طاقوي مع دول الساحل من خلال الاستثمار في مالي والنيجر وليبيا وموريتانيا، وعقد شراكات مع دول أخرى في ظل تنافس دولي أميركي وصيني وخليجي".

وأفاد بأن الجزائر ترى أولوية في التموقع في أفريقيا بحكم علاقاتها المميزة مع القارة، وموثوقيتها وعدم تدخلها في الشؤون الداخلية لهذه الدول، أو استغلال أي ملف للتأثير في سيادة هذه البلدان.

وأشار بوغرارة إلى الامتيازات التي ستجنيها الجزائر وتتمثل في الاستثمارات المباشرة الكبيرة والمبادلات التجارية وقيم مضافة للمناطق الحرة التي تنوي إقامتها مع دول عدة.

نقص الاستثمارات

وتسعى الجزائر إلى أن يكون لها موطئ قدم في القارة السمراء عبر استغلال نقص الاستثمارات في الدول الأفريقية بقطاع الطاقة ونيل حصتها من هذه الكعكة التي تثير شهية الدول الكبرى.

في هذا الإطار، تشير أرقام البنك الدولي إلى حاجة أفريقيا لاستثمارات بقيمة 100 مليار دولار سنوياً لإنتاج حاجاتها من الطاقة الجديدة والمتجددة في ظل ارتفاع أسعار الطاقة الأحفورية (الغاز) المستخدمة في إنتاج الكهرباء، ومساعي العالم للانتقال نحو استخدام الطاقات النظيفة لخفض الانبعاثات الكربونية والحفاظ على استدامة البيئة.

وكشفت دراسة للبنك الدولي عن أن "هذه الاستثمارات تستهدف إنتاج 11500 غيغاوات من الكهرباء المولدة من المصادر الجديدة والمتجددة بحلول عام 2030"، مشيرة إلى أن "بلدان منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى هي الأشد احتياجاً لمشاريع الطاقة الجديدة والمتجددة وأن حجم الإنفاق المطلوب لهذا البند يتطلب مضاعفة التمويلات الحالية بما لا يقل عن خمسة أمثالها حتى عام 2030".

وبحسب الدراسة فقد "بلغت القيمة الإجمالية لاستثمارات إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة التي ضخت في أفريقيا خلال 2023 نحو 20 مليار دولار أميركي، وهي القيمة المطلوب رفعها إلى 100 مليار دولار أميركي سنوياً حتى عام 2030، فيما يحتاج تمويل مشاريع إنتاج الطاقة من المصادر الجديدة والمتجددة على مستوى العالم إلى استثمارات لا تقل عن 2 تريليون دولار أميركي في الفترة من 2024 وحتى 2030".

تمويلات متجددة

وكانت الجزائر ألغت في 2013 ديوناً بقيمة 902 مليون دولار على 14 دولة الأقل نمواً في مناسبة الذكرى الـ50 لإنشاء منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963 التي تحولت في 1999 إلى الاتحاد الأفريقي.

وأشار بيان لوزارة الخارجية الجزائرية وقتها إلى أن القرار يشمل كلاً من بنين وبوركينا فاسو والكونغو وإثيوبيا وغينيا وغينيا بيساو وموريتانيا ومالي وموزمبيق والنيجر وساو تومي وبرانسيبي والسنغال وسيشل وتنزانيا.

وبحسب معطيات الجمارك الجزائرية، بلغ حجم المبادلات التجارية مع الدول الأفريقية 3.51 مليار دولار قبل جائحة كورونا، وتحسنت هذه المعطيات خلال عام 2022 بارتفاع صادرات البلاد للخارج من المحروقات إلى عتبة 7 مليارات دولار للمرة الأولى.

وفي فبراير (شباط) 2023، كشف الوزير الأول الجزائري أيمن بن عبدالرحمن في ختام أعمال قمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي عن قرار ضخ مليار دولار لتمويل مشاريع تنموية في الدول الأفريقية.

وقال "قررت الجزائر ضخ مليار دولار لمصلحة الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية لتمويل مشاريع تنموية في الدول الأفريقية، لا سيما منها تلك التي تكتسي طابعاً اندماجياً، أو تلك التي من شأنها المساهمة في دفع عجلة التنمية في القارة".

المزيد من البترول والغاز