Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الديمقراطيون عالقون بين قدرة بايدن الذهنية والبديل الخاسر

لا يزال بإمكان الرئيس التنحي قبل الانتخابات لكن لا إجماع على هاريس أو أي مرشح آخر

الجدل حول مزايا وعيوب إرث ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن الأولى (أ ف ب)

ملخص

هل سيضطر الديمقراطيون إلى مساندة بايدن حتى النهاية بصرف النظر عن كل سلبيات أدائه الذهني وذاكرته الضعيفة؟

مع تصاعد الجدل حول تقدم سن الرئيس الأميركي جو بايدن وما إذا كان ينبغي أن يتنحى قبل موعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني)، يجد الديمقراطيون أنفسهم عالقين في فخ يصعب الخروج منه. فحتى لو قرر الرئيس عدم استكمال ترشحه خلال المؤتمر الوطني العام للحزب الديمقراطي الصيف المقبل، فإن اختيار نائبته كامالا هاريس سيمثل مشكلة لأن فرصها في الفوز ضئيلة للغاية، كما أن عدم اختيارها لخلافة بايدن يعد مشكلة أخرى لأنها تكسر التقليد المتبع حول خلافة نائب الرئيس، وربما يحدث ذلك انقسامات واسعة داخل الحزب، ويزيد من صعوبة تحقيق الالتفاف الحزبي حول مرشح آخر بما يجعل خسارته مضمونة. فهل يوجد مخرج لهذه المعضلة أم سيضطر الديمقراطيون إلى مساندة بايدن حتى النهاية بصرف النظر عن كل سلبيات أدائه الذهني وذاكرته الضعيفة؟

الرئيس البديل

عندما أدى جو بايدن (81 سنة) اليمين الدستورية في يناير (كانون الثاني) 2021، توقع كثير من الأميركيين أن يكون بمثابة "الرئيس البديل" الذي منحه الناخبون تفويضاً للحكم من أجل شفاء الولايات المتحدة من سنوات الاضطراب والانقسام العنيف الذي كاد أن يعصف بالبلاد خلال أربعة أعوام من حكم الرئيس السابق دونالد ترمب، على أن يسلم بايدن عقب انتهاء ولايته الأولى زمام الحكم لخليفة قادر على إدارة شؤون أقوى دولة في العالم سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.

ولكن حينما حل عام 2024، تفجر كثير من الجدل حول مزايا وعيوب إرث ولاية بايدن الأولى، وأصبح قرار الرئيس الترشح لإعادة انتخابه لدورة حكم ثانية نقطة التوتر الرئيسة بالنسبة إلى الديمقراطيين، بعدما أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أن بايدن حصل على نسبة دعم شعبي "كئيبة" وصلت إلى أقل من 40 في المئة، بل إن الرئيس السابق ترمب، الذي يبدو بوضوح أنه المرشح الجمهوري الحتمي الآن عقب انتصاراته الأولية في أيوا ونيوهامبشاير ونيفادا، يتجاوز تأييده الرئيس بايدن في جميع الولايات المتأرجحة الخمس التي تحسم مصير الفائز بالانتخابات العامة التي فاز بها بايدن عام 2020، وهي ميشيغان وبنسلفانيا وويسكنسن وأريزونا وجورجيا.

مزيد من القلق

وبحسب ما يقول مدير مركز السياسة الأميركية في جامعة كاليفورنيا توماس غيفت، يشعر عديد من الديمقراطيين سراً وعلناً، بالقلق من أن بايدن معرض لخطر كبير ليس فقط لعدم قدرته على استعادة دعم الناخبين، التي زادت صعوبة عقب تقرير المدعي الخاص في قضية الوثائق السرية روبرت هور الذي شكك في قدراته المعرفية وتدهور ذاكرته، بل أيضاً لأن ذلك سيمنح فرصة ذهبية إلى منافسه ترمب الذي يخشى الديمقراطيون عودته لما يصفونه برغبته الشديدة في الانتقام، ويعتبرونه خطراً على الديمقراطية.

ومع اقتراب الانتخابات التمهيدية من يوم الثلاثاء الكبير في الخامس من مارس (آذار) المقبل إذ يتم اختيار ثلث المندوبين الديمقراطيين، لم يعد هناك وقت لتقدم مرشحين آخرين لخوض الانتخابات التمهيدية الديمقراطية، لأن المواعيد النهائية انقضت بالفعل لأكثر من 30 ولاية تمنح حوالى ثلثي المندوبين الذين يصوتون في المؤتمر الوطني لاختيار مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية.

ومع حقيقة أن بايدن لم يشر إلى أنه سينسحب من السباق في أي وقت قريب، فإن هذا يعني أنه قد يجمع أغلبية المندوبين في الوقت المناسب ويصبح المرشح المفترض للحزب، ومع ذلك فإن الدعوات المتزايدة إلى أن يتخلى عن السباق قد تدفعه إلى تأجيل إعلان ذلك حتى موعد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الذي سيعقد بين الـ19 والـ22 من أغسطس (آب) المقبل في شيكاغو بولاية ألينوي، وحينها ستكون الصورة النهائية اتضحت أكثر مما هي عليه الآن.

مشكلة الخلافة

لكن إذا أخذ بايدن بنصيحة منتقديه وانسحب من السباق بالكامل، فمن المرجح أن تؤدي النتيجة إلى مؤتمر وطني ديمقراطي منقسم بين البدلاء الذين يطرحون أنفسهم، إذ سيكون للمندوبين الذين كان من المفترض أن يلتزموا بالتصويت لصالح بايدن، سلطة اختيار المرشح الديمقراطي للرئاسة في نوفمبر.

وهنا ستبرز مشكلة بالنسبة إلى بايدن والحزب، إذ جرى التقليد الانتخابي في الحزبين الكبيرين أن يحظى نائب الرئيس بدعم الحزب الذي ينتمي إليه للترشح للرئاسة، إذا قرر الرئيس الحالي عدم خوض السباق لدورة حكم ثانية أو أكمل الولايتين بالفعل وترك لنائبه فرصة الترشح للرئاسة من بعده، مثلما فعل نائب الرئيس الجمهوري جورج بوش (الأب) بعد انتهاء ولايتي رونالد ريغان عام 1988، ومثلما فعل نائب الرئيس الديمقراطي آل غور بعد ولايتي بيل كلينتون عام 2000، كما تولى نائب الرئيس الديمقراطي ليندون جونسون الحكم بعد مقتل الرئيس جون كينيدي عام 1963 وخاض الانتخابات التالية كرئيس حتى عام 1968.

وقبل أربعة أعوام تصور كثير أن نائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس، هي الوريث الطبيعي لبايدن في الحكم، وخلال الأسبوع الماضي أوضحت لصحيفة "وول ستريت جورنال" أنها مستعدة لقيادة البلاد، مما يعني أن عدم مناصرة بايدن وقادة الحزب لها، قد يثير غضب قطاع واسع من الناخبين السود، الذين ربما يشعرون بنوع من التمييز العنصري وراء هذا الاستبعاد، مما قد يؤثر بالنهاية في حظوظ مرشح الحزب في نوفمبر.

لكن فرصة هاريس في الواقع تكاد تكون منعدمة في الفوز على ترمب، لأنه إذا كانت أرقام استطلاعات الرأي لبايدن مخيبة للآمال، فإن نتائج استطلاع هاريس "كارثية"، وفق متابعين، إذ لم تتجاوز أرقام تأييدها الأخيرة 37 في المئة، وهي الأدنى مقارنة بأي نائب رئيس في فترة ولاية أولى منذ دان كويل (نائب بوش الأب) في أوائل التسعينيات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا بديل واضحاً

وإذا لم تتمكن هاريس من نيل دعم بايدن وقادة الحزب، فمن المرجح  بدرجة كبيرة أن يشهد المؤتمر الوطني للحزب تنافساً مريراً بين المرشحين، وهو أحد الأسباب التي يجعل بايدن يرى أنه ينقذ الحزب مما قد يكون "معركة ترشيح وحشية"، على رغم أن الديمقراطيين ليست لديهم مجموعة كبيرة من الخلفاء الواضحين حتى الآن نظراً إلى غموض موقف بايدن، لكن إذا فاجأ الرئيس الجميع وأعلن انسحابه في نهاية أغسطس، من المحتمل أن يكون المرشح الذي ينتهي الحزب إلى ترشيحه مشغولاً بتضميد جراحه، بحيث لا يتمكن من التركيز على الانتخابات العامة، وفق ما تقول عالمة السياسة إيما شورتيس.

وهناك عديد من الديمقراطيين البارزين يحظون بقدر من الشعبية الذين قد يتنافسون على الترشح، مثل حاكمة ولاية ميشيغان غريتشن ويتمر، أو حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم، أو حاكم كنتاكي آندي بشير، فضلاً عن بعض الأسماء التي خاضت الانتخابات التمهيدية عام 2020 مثل وزير النقل بيت بوتيجيج أو عضوة مجلس الشيوخ عن ولاية مينيسوتا إيمي كلوبوشار، كما تكهنت وسائل إعلام أيضاً بإمكان هبوط بالمظلة على مؤتمر الحزب الديمقراطي من شخصيات معروفة وشعبية مثل السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما أو حتى الشخصية التلفزيونية الأسطورية أوبرا وينفري، وإن كان هذا يبدو أشبه بتمنيات أو أوهام ليبرالية.

اقتتال متوقع

لم يكن الاقتتال الداخلي الذي يتوقع أن يصاحب ترشح المتنافسين في اللحظات الأخيرة، جيداً بالنسبة إلى الديمقراطيين، حتى لو كان ودياً، إذ من المؤكد أن يضعهم هذا الاقتتال في موقف دفاعي بحلول نوفمبر حيث لم يتمكن أحد من توحيد الديمقراطيين المعتدلين والتقدميين، ناهيك عن الفوز على الجمهوريين والناخبين المتأرجحين، الأمر الذي يشكل خطراً سياسياً هائلاً بالنسبة إلى حزب يكره عموماً المجازفة الكبيرة، خصوصاً أن لديه تجربة تاريخية مريرة مشابهة.

لم يحدث هذا السيناريو منذ مارس عام 1968 حين أعلن الرئيس الديمقراطي ليندون جونسون أنه سينهي حملة إعادة انتخابه بعد فوزه بفارق ضئيل في الانتخابات التمهيدية بولاية نيو هامبشاير وسط احتدام تورط الولايات المتحدة في حرب فيتنام، وبعد أقل من أسبوع، قتل مسلح زعيم الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ في ممفيس، مما أثار مزيداً من التوتر والقلق في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

ومع غياب جونسون عن السباق، انضم نائبه هيوبرت همفري إلى معركة الانتخابات التمهيدية متأخراً ضد السيناتور يوجين مكارثي والسيناتور روبرت كينيدي، وبعد معركة عنيفة وسباق متقارب تقدم همفري قليلاً في أعداد المندوبين حتى يونيو (حزيران)، لكن مأساة اغتيال روبرت كينيدي أدت إلى قلب السباق رأساً على عقب، ولم يتمكن أي مرشح من الحصول على أغلبية مندوبي البلاد. وفي النهاية وبعد معركة ساخنة، صوت معظم مندوبي الولايات في المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو لصالح همفري، ليواجه لاحقاً نائب الرئيس السابق آنذاك ريتشارد نيكسون في نوفمبر، لكنه خسر أمام المرشح الجمهوري بفارق 110 أصوات انتخابية.

وفي أعقاب الدورة الانتخابية الفوضوية لعام 1968، أنشأت اللجنة الوطنية الديمقراطية لجنة لإصلاح طريقة الحزب في اختيار المندوبين، مما أدى إلى ارتفاع حاد في عدد الولايات التي تجري انتخابات أولية، وهو النظام الذي لا يزال قائماً حتى اليوم.

"فكرة جنونية"

ومن خلال هذا الدرس التاريخي وتطبيقه على الوضع الحالي، لا يبدو أن اللجنة الوطنية الديمقراطية لديها أية رغبة في إصلاح آخر حول اختيار المندوبين كما فعلت في انتخابات عام 1968 المتنازع عليها، ولهذا لم يكن من المستغرب أن يصرح رئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية جايمي هاريسون بأن فكرة سحب الترشيح من بايدن ثم الفوز في نوفمبر ضد ترمب، هي "فكرة جنونية".

ومن الناحية العملية تبدو احتمالات تغيير بايدن لمساره ضئيلة، إذ لم يتغير السببان الرئيسان اللذان يدفعانه إلى الاستمرار منذ أن أعلن سعيه إلى إعادة انتخابه في أبريل (نيسان) الماضي، الأول هو اعتقاد بايدن أنه المرشح الوحيد الذي أثبت في انتخابات عام 2020 أنه قادر على التغلب على ترمب، والثاني هو غياب وجود خليفة واضح يمكن أن يفوز بسهولة بانتخابات نوفمبر.

"أفضل الشرين"

ويؤمن بايدن بأن انتخابات 2024 ستكون بمثابة استفتاء على ترمب أكثر من كونها استفتاء على شاغل المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، ويراهن على أن الناخبين خصوصاً ذوي الميول الليبرالية، سيفضلون "الشيطان الذي يعرفونه"، في اعتراف واضح بأن الناخبين سيقارنونه بالبديل، حتى لو كان بالنسبة إليهم "أفضل الشرين".

ونظراً إلى المخاطر الوجودية التي تنطوي عليها هذه الانتخابات، لم يتبق أمام الديمقراطيين سوى قليل من الخيارات الجيدة. ولا يبدو أن هناك عودة للوراء، وبعد الخامس من نوفمبر سنعرف ما إذا كان بايدن اتخذ القرار الصحيح من الناحية الاستراتيجية، ولكن إذا أخفق في تحقيق ذلك، فمن المرجح أن يستغرق الأمر سنوات عدة قبل أن نعرف التأثيرات الكاملة لهذا الاختيار.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات