Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخارجية الأميركية: تقدم مرتقب في العلاقات مع السعودية

إدارة بايدن لـ "اندبندنت عربية": نرفض مشاركة "حماس" في حكم فلسطين ونريد سلطة واحدة بالضفة وغزة 

ولي العهد السعودي خلال استقباله الرئيس الأميركي في جدة يوليو 2022 (أ.ف.ب) 

شعار الولايات المتحدة يتكون من نسر أصلع يحمل السهام بمخلبه الأيسر وغصن الزيتون بمخلبه الأيمن، وإذا نظرنا إلى السياسة الخارجية الأميركية فسنجد أن معاني هذا الشعار يعبّر عنها كثيراً، وإذا أسقطناه على العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية فسندرك أن إدارة الرئيس جو بايدن أساءت التقدير خلال سنواتها الأولى بتوجيه سهامها إلى الرياض بدلاً من غصن الزيتون.

في عام 2021، جمّدت إدارة بايدن مبيعات السلاح للسعودية، ورفعت حليف إيران في اليمن جماعة الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية وتزامن ذلك مع مماحكات إعلامية وانتقادات من الجانب الأميركي لسياسات السعودية وقيادتها، مما أدى إلى توتّر غير مسبوق في العلاقات، إلا أن البلدين سرعان ما وضعا حداً للخلاف وبدآ بالنظر إلى مصالحهما المشتركة بعد زيارة بايدن إلى جدة في يوليو (تموز) 2022.

مدّ بايدن غصن الزيتون ولم تردّه الرياض، مما مهّد إلى قرارات إيجابية أعقبت المحادثات التي أجراها مع العاهل السعودي الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وآخرها تخفيف القيود المفروضة على بيع الأسلحة الهجومية للسعودية، وإطلاق "الممر الاقتصادي" الرابط بين الهند والخليج وأوروبا، والذي تعتبره واشنطن فرصة لكبح الرغبات الصينية في توسيع نفوذها عبر مبادرة "الحزام والطريق".

وتجسد التنسيق الأميركي– السعودي المتزايد في الزيارات المعلنة والسرية التي كان يجريها كبيرا مستشاري بايدن في الشرق الأوسط بريت ماكغورك وآموس هوكشتاين ومدير وكالة الاستخبارات ويليام بيرنز إلى السعودية العام الماضي للقاء ولي العهد السعودي. وبلغ التواصل الدبلوماسي بين البلدين أوجه في عام 2024، عندما التقى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأمير محمد بن سلمان مرتين في غضون شهر.

وبينما تأمل إدارة بايدن في حشد ثلثي أعضاء الكونغرس لدعم اتفاقية دفاعية شاملة مع الرياض وفق التقارير، توالت زيارات أعضاء الكونغرس إلى السعودية، والتقى وفد من مجلس النواب الأميركي برئاسة أندريا كارسون وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير في الرياض الأسبوع الماضي. وجاءت هذه الزيارة بعد أسابيع من استقبال ولي العهد السعودي ثلاثة وفود أميركية في مخيمه الشتوي بمدينة العلا شمال غربي البلاد.

تقدم مرتقب بالعلاقات مع السعودية

وفي ضوء هذا الحراك الدبلوماسي بين واشنطن والرياض، كشف سام ويربيرغ الناطق الإقليمي باسم الخارجية الأميركية في حوار مع "اندبندنت عربية" عن أن العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية ستشهد تقدماً قريباً، مؤكداً بأن هناك إدراكاً على نطاق واسع في البيت الأبيض، ومجلس الأمن القومي، ووزارات الخارجية والدفاع والطاقة حول أهمية المملكة لتحقيق المصالح المشتركة الحالية والمستقبلية.

وأقرّ المسؤول الأميركي في حديثه على هامش المنتدى السعودي للإعلام بالرياض بأن السنتين الماضيتين شهدتا اختلافات بين الولايات المتحدة والسعودية، لكنها كانت أقل بكثير من المصالح المشتركة التي تجمع البلدين، الأمر الذي مهد إلى التنسيق الجاري والمكثف بين البلدين في ملفات مهمة منها الوضع في قطاع غزة، والصراع الإسرائيلي - الفلسطيني وأزمتي اليمن وسوريا.

وأوضح ويربيرغ بأنه "متفائل" بنجاح الجهود الأميركية لتحقيق اختراق دبلوماسي ينتهي بإقامة علاقات دبلوماسية بين السعودية وإسرائيل، إلا أنه قال إن أي اتفاق سيتم بينهما وبإرادتهما المطلقة، لافتاً إلى أن "شعوب الشرق الأوسط سئمت من الحروب والصراعات، وتريد الأمن والاستقرار والازدهار، ومن الصعب تحقيق ذلك من دون علاقات دبلوماسية وطبيعية بين دول المنطقة".

وأضاف المسؤول الأميركي، "عندما نتناقش مع المسؤولين السعوديين لا نتحدث فحسب، بل نسمع منهم لنعرف ما وجهة نظرهم ورؤيتهم، إذ إن أهم ركيزة لأي علاقة دبلوماسية هي الحوار المستمر، وعلى رغم الاختلافات، فإن أبواب الحوار لطالما كانت مفتوحة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن آفاق السلام باليمن، قال إنه على رغم مرور سنتين على الهدنة والتطورات الإيجابية في اليمن والجهود الإيجابية المبذولة من جانب الولايات المتحدة والسعودية أيضاً، إلا أن جماعة الحوثي عقّدت الوضع بشنها هجمات صاروخية غير مبررة على سفن تجارية دولية.

وانتقد الدبلوماسي الأميركي ممارسات الحوثيين واعتبر أن آثارها السلبية ارتدت على اليمنيين والفلسطينيين أنفسهم، إذ أطلق الحوثيون قبل أيام قليلة صاروخاً على سفينة كانت متوجهة إلى عدن بمساعدات غذائية للشعب اليمني، وهو ما يكشف وفق قوله أكاذيب الجماعة عن دعمها الفلسطينيين. وأضاف، "تضر الجماعة عبر استهداف الناقلات في البحر الأحمر بالشعب الفلسطيني واليمني والمصري والأردني، فالمؤسسات الخيرية التي تحاول مساعدة الفلسطينيين في قطاع غزة بالمنتجات الأساسية تعاني الآن ارتفاعاً في أسعار هذه المنتجات بسبب هجمات الحوثيين ولذلك اتخذنا قراراً بتصنيف الجماعة كياناً إرهابياً عالمياً بشكل خاص".

ويعتبر تصنيف الحوثيين "ككيان إرهابي عالمي بشكل خاص" تحت أمر تنفيذي أقل حدة من تصنيفهم "منظمة إرهابية أجنبية" من قبل وزارة الخارجية. وتحت هذا التصنيف سيتم تجميد جميع أصول الأفراد أو الكيان المدرج ضمن الولاية القضائية للولايات المتحدة ويمنع الأميركيون من المشاركة في أي معاملات مالية أو تجارية معهم.

وعما إذا كان سيتم تصنيفهم "منظمة إرهابية أجنبية"، قال المسؤول الأميركي إنه لا يريد أن "يستبق هذا القرار من البيت الأبيض وإن الإدارة تستعمل حالياً الأدوات المناسبة ولن تتخذ قراراً عشوائياً يؤدي لزيادة معاناة اليمنيين".

إقامة دولة فلسطينية

وعلى رغم تسارع مساعي السلام الأميركية، إلا أن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أكد أمام مؤتمر ميونيخ للأمن قبل أسبوع أن الرياض لا تتواصل مباشرة مع الجانب الإسرائيلي، وأنها أوضحت للأميركيين أهمية إيقاف الحرب والأزمة الإنسانية في غزة، قبل الانفتاح على المناقشات التي أجريت في السابق، مشيراً إلى أن الأولوية القصوى هي قيام دولة فلسطينية مستقلة. 

وفي السياق نفسه، قال ويربيرغ إن "قيام دولة فلسطينية مستقلة ضروري بحد ذاته، لأن الشعب الفلسطيني يستحق دولة توفر له الحماية وحقوقه الأساسية"، مشدداً على أهمية أن تكون هناك سلطة واحدة تحكم الضفة الغربية وقطاع غزة. ورفض متحدث الخارجية تحديد الأسماء التي تفضلها واشنطن لرئاسة الحكومة الفلسطينية، وقال إن هذا القرار "يتخذه الفلسطينيون لا الأميركيون أو المصريون".

تهم الانحياز لإسرائيل

يصر ويربيرغ على أن إسرائيل لا تستهدف الفلسطينيين عمداً، وعندما عرضت "اندبندنت عربية" على الدبلوماسي الأميركي عنواناً لمجلة "تايم" يفيد بمقتل 29 ألف فلسطيني جراء العملية الإسرائيلية، رد قائلاً إن "الحكومة الإسرائيلية لم تستيقظ يوم 8 أكتوبر وقررت شن عملية عسكرية ضد الفلسطينيين عمداً ومهاجمة مواقع مدنية"، وأشار إلى أن "التحدي أمام الحكومة الإسرائيلية هو أن حماس طيلة 16 عاماً كانت تخبئ أسلحتها في مواقع مدنية وذلك يصعّب الأمر على أي جيش. ونحن في أميركا مررنا بنفس التجربة في أفغانستان والعراق". ومع ذلك، أقر المسؤول الأميركي بأن رد فعل إسرائيل "أكثر من اللازم" وأنهم يقومون ببحث وتحليل تفاصيل العملية العسكرية". 

وانتقد الدبلوماسي الذي عمل في الشرق الأوسط 20 عاماً تعاطي إدارة دونالد ترمب مع الصراع الفلسطيني– الإسرائيلي وقطعها العلاقات والمساعدات للشعب الفلسطيني، وهو ما صعّب على البيت الأبيض لعب دور الوسيط بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مضيفاً بأن إدارة بايدن أدركت صعوبة الوصول إلى حل دبلوماسي من دون علاقة مع الجانبين، واتخذت القرار في أسبوعها الأول باستعادة الحوار مع الفلسطينيين واستئناف المساعدات الإنسانية.

ووصف المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية المفاوضات في مصر والدوحة بـ "الهشة والحساسة" ومع ذلك، لفت إلى تقارب في وجهات النظر بين الجانبين وتفاهمات وشيكة على رغم عدم التوصل لاتفاق حاسم، مؤكداً بأن الأولويات الأميركية هي إطلاق سراح جميع الرهائن وإيصال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، ومناقشة الوضع ما بعد الحرب.

ورداً على سؤال حول ما إذا كانت واشنطن تدعم الهدف الإسرائيلي بإزالة حركة "حماس" وتفكيكها بالكامل، قال إن إدارة بايدن "لا تريد أن يكون لحماس دور في أي حكومة فلسطينية مستقبلية"، مذكّراً بأن الولايات المتحدة "صنفت حماس جماعة إرهابية عام 1997، وترى أنها لا تمثل الشعب الفلسطيني".

وشدد ويربيرغ على لاءات ثلاث في ما يتعلق بالصراع بين فلسطين وإسرائيل، "لا لإعادة الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، لا للتهجير القسري للفلسطينيين، ولا لتقليص الأراضي الفلسطينية"، مؤكداً أن الولايات المتحدة "تعتبر كل شبر من أراضي قطاع غزة أراضي فلسطينية وتريد أن تكون هناك سلطة واحدة تحكم الضفة الغربية وقطاع غزة".

المزيد من حوارات