Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أبرز الاغتيالات التي طاولت معارضين وصحافيين في روسيا

معظمهم في المنافي الاختيارية والجبرية خارجاً وقلة منهم ما زالت تنتظر داخل البلاد مصيرها المجهول ومستقبلها الغامض

تغيب صور نافالني عن شوارع موسكو وغيرها من المدن الروسية (أ ف ب)

ملخص

ظهرت عام 2000 قصة السموم والغاز واستخدمت ضد "الأعداء" ولم تعد عمليات الاغتيال تتم بالرصاص وكواتم الصوت بل بواسطة مواد لا يمكن تتبعها بسهولة، غاز البولونيوم وغاز نوفيتشوك القاتل

الإرهاب والاغتيالات السياسية من الوسائل التقليدية القديمة للحكم في روسيا منذ عهد القياصرة وحتى اليوم، وقصة الداهية راسبوتين ومقتله في ظروف غامضة في العهد القيصري في المدينة نفسها التي ينحدر منها الرئيس فلاديمير بوتين سانت بطرسبورغ، خير دليل على ذلك. والاغتيالات انتقلت بالإرث أيضاً إلى الحكم السوفياتي، واغتيال المعارض ليون تروتسكي في المكسيك التي تبعد من روسيا آلاف الكيلومترات، شاهد على هذا الأمر، لذلك فاغتيالات المعارضين والمنشقين في روسيا الجديدة ليست بدعة ولا تقليداً جديداً.

وفي السياق، فإن فقدان صوت المعارض أليكسي نافالني القوي والشجاع الذي ظل يتردد صداه على وسائل التواصل الاجتماعي حتى من المعتقلات والسجون الرطبة القاسية البعيدة حيث كان يُحتجز في كثير من الأحيان في الحبس الانفرادي، يمثل ضربة مدمرة للمعارضة الروسية والناشطين الليبراليين المناهضين للحرب في أوكرانيا الذين ما زالوا يقاومون باللحم الحي والصدور العارية وحلاوة الروح.

المعارضون الروس معظمهم في المنافي الاختيارية والجبرية خارج البلاد، وكثير منهم قضوا نحبهم غيلة في غفلة من الزمن، وقلة منهم ما زالت تنتظر داخل البلاد مصيرها المجهول ومستقبلها الغامض. فاغتيال المعارضين بكواتم الصوت والسموم يحصل من دون ضوضاء وبقليل من الصرخات والآهات المكتومة، ووسائل الإعلام الروسية تقصر تغطيتها لرحيلهم على تقارير موجزة عن وفاة معارض هنا واغتيال آخر هناك، وتسميم ثالث في أرض غريبة موحشة، والمدونون الروس المؤيدون للحكومة يرددون دائماً عبارات تقول إن الكرملين وحاشيته "لا يستفيدون" من رحيل وغياب خصومهم، بل يحزنون من دون أن تنكسر قلوبهم عليهم.

حزن صامت

لا صور لنافالني والمعارضين الذين سبقوه إلى العالم الآخر في شوارع موسكو وغيرها من المدن الروسية، حتى جثمانه لم تسلمه السلطات إلى أمه الثكلى بسهولة، على رغم توجه هذه الوالدة الحزينة الطاعنة في السن إلى أقاصي روسيا القريبة من القطب الشمالي التي أسلم الروح فيها، وانتظرت لأيام طوال في الصقيع لتسلم جثمانه بشروط قاسية، فرضت عليها عدم إقامة مراسم وداع علنية له ولا مأتم مهيب لهذا الشاب الذي "قضى نحبه على مذبح الوطن الذي يحبه حتى الثمالة"، بحسب مقربين منه.

هناك فقط أشخاص قليلون مجهولون يضعون الزهور بصمت في أماكن كان يتردد إليها نافالني ويحبها في مدن مختلفة في روسيا، ومع ذلك لم ينجُ كثيرون من الاعتقال، لا لسبب ولا لجريمة ارتكبوها، بل فقط لأنهم كانوا يرغبون في تكريم ذكرى رجل وطني عاش لبلاده وقضى نحبه من أجلها.

في مؤتمر ميونيخ الأمني وقبل وفاة نافالني، كان المزاج قاتماً، يخشى الأوروبيون أن يفوز دونالد ترمب في الانتخابات هذا الخريف في الولايات المتحدة، وبعد ذلك ستتوقف أميركا عن مساعدة أوكرانيا وتترك أوروبا وحدها مع بوتين الذي استفرد بنافالني بعدما ترك وحيداً في مواجهة حكمه واستخباراته.

نافالني آخر المعارضين الذين قضوا، ولكن اسم هذا المعارض الذي "لا يتزعزع" والذي يعتبر أهم شخصية في المعارضة الروسية في التاريخ الحديث، لن يكون خاتمة قائمة المعارضين الموضوعين على اللوائح السوداء، ولا السطر الأخير في لائحة الموت المجاني الغامض، فقبله تم ترحيل معارضين كثر إلى العالم الآخر، وبعده سيتم تغييب من تبقى منهم إذا لم يحدثوا تغييراً.

ولكن من هم هؤلاء الناس الذين عادة ما يتذكر الغرب منهم فقط القتيلين بوريس نيمتسوف وأليكسي نافالني؟

 

 

المفارقة تكمن في أن غالبية جرائم القتل التي استهدفت نشطاء حقوق الإنسان ومسؤولين معارضين وصحافيين معروفين في روسيا والتي وقعت على مدى الأعوام الـ20 الماضية، تم التعرف إلى الجناة الذين نفذوا عمليات القتل والاغتيال، ولكن ليس أولئك الذين أمروا بارتكاب هذه الجرائم، وفي جميع الحالات تقريباً وجد مواطنو الشيشان أو القوميون أنفسهم في قفص الاتهام.

أبرز الاغتيالات التي طاولت معارضين

مساء التاسع من يوليو (تموز) 2004، أثناء مغادرته مكتب الطبعة الروسية لمجلة "فوربس" في موسكو، قُتل رئيس تحريرها بول كليبنيكوف بالرصاص. وبحسب المحققين، فإن العقل المدبر لعملية القتل كان أحد قادة الانفصاليين الشيشان خوز أحمد نوخيف، وكان الجناة المباشرون، كاتب العدل فيل صدرتدينوف والمواطنين الشيشانيين كازبيك دوكوزوف وموسى فاخاييف. وفي السادس من مايو (أيار) 2006، تمت تبرئة المتهمين الثلاثة الأخيرين بناءً على حكم هيئة المحلفين.

ولم يُحدد موقع نوخيف قط وكانت هناك أنباء في وسائل الإعلام عن وفاته.

أندريه كوزلوف

مساء الـ14 من سبتمبر (أيلول) 2006، قُتل أندريه كوزلوف، النائب الأول لرئيس البنك المركزي الروسي بالرصاص في شارع أوليني فال في سوكولنيكي. كان هذا المصرفي معارضاً للكرملين على رغم عمله في مصرفه المركزي. وعملية الاغتيال تمت أثناء توجهه بسيارته إلى منزله بعد مباراة كرة قدم بين فرق موظفي البنك.

 

 

أمر القتل، وفقاً لمحققين، صدر عن أليكس فرينكل الرئيس السابق لمجلس إدارة "فيب بنك" التجاري، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 حُكم على فرينكل بالسجن لمدة 19 عاماً. هو نفسه لم يعترف بذنبه ونفى أن تكون له أي علاقة بمقتل كوزلوف الذي لا يعرفه شخصياً.

آنا بوليتكوفسكايا

في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2006، قُتلت الصحافية المعروفة آنا بوليتكوفسكايا، مراسلة صحيفة "نوفايا غازيتا" المعارضة بالرصاص في مصعد المبنى الذي تسكن فيه بوسط موسكو (شارع ليسنايا، المبنى رقم 8).

واستمر التحقيق ومحاكمة المشاركين في الجريمة أعواماً عدة. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2012، حكمت محكمة مدينة موسكو على ضابط شرطة المدينة السابق دميتري بافليوتشينكوف بالسجن لمدة 11 عاماً في مستعمرة شديدة الحراسة. تم النظر في قضيته بطريقة خاصة، كجزء من اتفاق ما قبل المحاكمة، اعترف بافليوتشينكوف بالكامل بذنبه وأبلغ عن معلومات لم تكن معروفة من قبل. ويعتزم الجانبان استئناف الحكم. في التاسع من يونيو (حزيران) 2014، حُكم على مرتكب الجريمة رستم محمودوف، والمنظم الرئيس لوم علي غايتوكاييف بالسجن مدى الحياة، وشريكهم سيرغي خادجيكوربانوف بالسجن 20 عاماً، وجبريل وإبراهيم محمودوف بالسجن ما بين 12 و14 عاماً. واستأنف دفاع الضحايا الحكم.

 

 

رسلان ياماداييف

بعد ظهر الـ24 من سبتمبر 2008، أُطلق النار على النائب السابق في مجلس الدوما العقيد رسلان ياماداييف في ساحة سمولينسكايا في موسكو. توقفت سيارته "المرسيدس" المدرعة عند إشارة المرور. في تلك اللحظة، تقدمت سيارة "بي إم دبليو" من الخلف وأطلق القاتل النار على يامادييف وسائقه من مسافة قريبة جداً بسلاح آلي، لكن الأخير بقي على قيد الحياة. وفي وقت لاحق، دانت محكمة مدينة موسكو ثلاثة مواطنين من جمهورية الشيشان بارتكاب هذه الجريمة.

وفي الـ19 من يناير (كانون الثاني) 2009، في شارع بريتشيستينكا وسط موسكو، تم إطلاق النار على المحامي المعارض ستانيسلاف ماركيلوف وصديقته الصحافية في "نوفايا غازيتا" أناستازيا بابوروفا من مسافة قريبة. في السادس من مايو 2011، وجدت محكمة مدينة موسكو، بناءً على حكم هيئة المحلفين، أن القوميين نيكيتا تيخونوف وإيفغينيا خاسيس مذنبان بارتكاب جريمة القتل هذه، وحكمت عليهما بالسجن مدى الحياة و19 عاماً على التوالي.

إدوارد تشوفاشوف

في صباح الـ 12 من أبريل (نيسان) 2010، قُتل قاضي محكمة مدينة موسكو إدوارد تشوفاشوف قرب شقته في شارع ستريلبيشينسكي. وبحسب المحققين، فقد تم إطلاق النار على القاضي على يد حليف تيخونوف في "المنظمة القتالية للقوميين الروس"، ضابط الصف السابق في جهاز الأمن الفيدرالي أليكسي كورشونوف. توفي القاتل المزعوم عام 2011 بانفجار قنبلة يدوية كان يحملها في حقيبة أثناء اختبائه من الأجهزة الخاصة على أراضي أوكرانيا في زابوروجيا.

يوري بودانوف

في صباح الـ10 من يونيو 2011، تم إطلاق النار على العقيد السابق في الجيش الروسي يوري بودانوف الذي شارك في حرب الشيشان الثانية، واتهم باغتصاب فتاة شيشانية وقتلها أثناء خدمته هناك. أطلق القاتل النار عليه قرب مكتب كاتب العدل في كومسومولسكي بروسبكت.

ودانت محكمة مدينة موسكو يوسوب تيميرخانوف، وهو مواطن من جمهورية الشيشان بارتكاب جريمة القتل، لكنه نفى ذنبه وزعم تعرضه للتعذيب. وكدافع، أشار الادعاء إلى حقيقة أن والد تيميرخانوف قُتل على يد الجيش الروسي وأن المدعى عليه كان ينتقم من جميع العسكريين بصورة عامة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بوريس نيمتسوف

في الـ27 من فبراير (شباط) 2015، وعلى بعد أمتار من نوافذ قصر الكرملين في موسكو، على جسر بولشوي موسكفوريتسكي، قُتل السياسي اليميني المعارض بوريس نيمتسوف بست طلقات في الظهر والرأس، وفي السابع من مارس (آذار) أُعلن اعتقال المشتبه فيهم. وفي الـ13 كم يوليو (تموز)، دين خمسة أشخاص هم زاور داداييف والأخوة أنزور وشديد غوباشيف وتيميرلان إسكرخانوف وخمزات باخاييف بارتكاب جريمة القتل هذه. وحكمت عليهم المحكمة بالسجن لمدد تراوح ما بين 11 و20 عاماً.

ووفقاً للمحققين، قتل نيمتسوف الذي كان يعد من أبرز معارضي بوتين مقابل مكافأة مالية، ومنظم عملية القتل هو رسلان موخودينوف، سائق نائب قائد الكتيبة الشيشانية "الشمال" رسلان غيريمييف. ومنذ نوفمبر 2015، أصبح على قائمة المطلوبين الدولية.

وكان نيمتسوف الذي شغل أثناء حكم الرئيس الأسبق بوريس يلتسين منصب نائب رئيس الحكومة ومراكز حكومية حساسة، منها حاكم منطقة تفير الواقعة بين مدينتي موسكو وسانت بطرسبورغ، أصدر كتاباً بعنوان "نتائج 10 سنوات من حكم بوتين" انتقد فيه بشدة الرئيس الروسي وسياساته.

جريمة خلف القضبان

وعام 2009، مات السجين السياسي سيرغي ماغنيتسكي تحت التعذيب ببطء. لقد تجرأ على الكشف عن بعض مخططات الفساد للمسؤولين وقوات الأمن الروسية. ولهذا السبب، أُلقي ماغنيتسكي في مركز احتجاز ماتروسكايا تيشينا سيئ السمعة بتهم ملفقة. وهناك أمضى ما يقارب عاماً في ظروف صعبة، وتوفي قبل سبعة أيام من اليوم الذي كان من المفترض أن يتم فيه إطلاق سراحه.

في الوقت نفسه، تناقضت نتائج الفحص مع بعضها بعضاً، لكن يبدو أن ماغنيتسكي تعرض للضرب والتعذيب. كما رفضت إدارة مركز الحبس الاحتياطي توفير الرعاية الطبية له. وفي وقت لاحق، أبطأت السلطات الروسية علانية التحقيق في وفاة ماغنيتسكي وأتلفت نتائج الفحوصات.

وبعد موته سنّت الولايات المتحدة ما يسمى "قانون ماغنيتسكي" الذي فرض عقوبات على مسؤولين روس، تعتبرهم الاستخبارات الأميركية والكونغرس مسؤولين عن موت هذا المحامي الذي كان يعمل في فرع شركة أميركية في العاصمة الروسية.

الجنرال ليف روكلين 

ليلة 2-3 يوليو 1998، عُثر على نائب مجلس الدوما وزعيم "حركة دعم الجيش وصناعة الدفاع والعلوم العسكرية" السياسية لعموم روسيا، الجنرال المعارض ليف روكلين، مقتولاً في منزله الريفي في قرية كلوكوفو، قرب مدينة نارو- فومينسك التابعة لمنطقة موسكو. وبحسب المحققين، أطلقت زوجته تمارا روكلينا النار على السياسي النائم بسبب شجار عائلي.

وعلى رغم نفيها القاطع للتهم الموجهة إليها، دانتها في نوفمبر عام 2000، محكمة مدينة نارو- فومينسك بتهمة قتل زوجها مع سبق الإصرار، وحكمت عليها بالسجن لمدة ثماني سنوات. وفي الـ21 من ديسمبر، خفضت محكمة موسكو الإقليمية عقوبة السجن إلى أربعة أعوام. وفي مايو 2001، اشتكت تمارا روكلينا إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في شأن طول فترة الاحتجاز السابق للمحاكمة والتأخير في المحاكمة. وفي السابع من يونيو، أسقطت المحكمة العليا الإدانة، وتم الاكتفاء بالشكوى المقدمة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بمنح تعويض نقدي. في الـ29 من نوفمبر 2005، وجدت محكمة مدينة نارو- فومينسك أن تمارا روكلينا مذنبة للمرة الثانية وحكمت عليها بالسجن لمدة أربعة أعوام مع وقف التنفيذ، وخصصت لها فترة اختبار مدتها عامين ونصف العام.

النائبة غالينا ستاروفويتوفا 

في الـ20 من نوفمبر 1998، قُتلت غالينا ستاروفويتوفا، نائبة مجلس الدوما ورئيسة الحزب السياسي الفيدرالي "روسيا الديمقراطية" بالرصاص عند مدخل منزلها الواقع على جسر قناة غريبويدوف في سانت بطرسبورغ، وأصيب سكرتيرها الصحافي رسلان لينكوف بجروح خطرة. ووفقاً للمحققين، ارتكب جريمة القتل عضوا جماعة تامبوف، أوليغ فيدوسوف وفيتالي أكينشين اللذان استأجرهما يوري كولشين.

في الـ30 من يونيو 2005، حكمت محكمة مدينة سانت بطرسبورغ على كولشين وأكينشين بالسجن لمدة 20 و23.5 سنة في مستعمرة شديدة الحراسة، ولم يتمكن التحقيق من تحديد موقع فيدوسوف واعتقاله. وفي السجن، أعلن كولشين نائب مجلس الدوما السابق من الحزب الليبرالي الديمقراطي أن ميخائيل غلوشينكو هو العقل المدبر لجريمة القتل. وفي مارس 2012، حُكم على غلوشينكو بالسجن لمدة ثمانية أعوام في قضية ابتزاز. وفي الـ25 من أبريل 2014، اعترف غلوشينكو بالذنب في تنظيم جريمة القتل وأخبر التحقيق باسم العميل الرئيس الذي نفذ الجريمة.

النائب فلاديمير غولوفليف

وفي الـ21 من أغسطس (آب) 2002، في منطقة ميتينو بموسكو، بينما كان يسير مع كلب في غابة قرب طريق بياتنيتسكوي السريع، أطلق مهاجمان مجهولان النار على نائب مجلس الدوما رئيس اللجنة التنفيذية لحزب "روسيا الليبرالية" السياسي فلاديمير غولوفليف، فقتلاه. وكان تم فتح قضية جنائية في أكتوبر 2001، ضد فلاديمير غولوفليف في تشيليابينسك بتهمة ارتكاب انتهاكات أثناء الخصخصة. وبموجب قرار من مجلس الدوما، بناء على طلب مكتب المدعي العام، تم حرمانه من الحصانة البرلمانية. وبحسب زميله في الحزب سيرغي يوشينكوف، أخبره غولوفليف أنه لاحظ أن هناك من يتبعه.

النائب سيرغي يوشينكوف 

في الـ17 من أبريل 2003، قُتل نائب مجلس الدوما والرئيس المشارك لحزب "روسيا الليبرالية" سيرغي يوشينكوف بالرصاص قرب منزله في موسكو. في الـ18 من مارس 2004، وجدت هيئة المحلفين في محكمة مدينة موسكو أن ميخائيل كودانيف هو عميل جريمة القتل، وألكسندر فينيك هو المنظم، وألكسندر كولاتشينسكي هو الجاني، وإيغور كيسيليف وسيط بين المنظم والجاني. ووجدت المحكمة أنه في فبراير 2003، قام كودانيف الذي أراد قيادة "حزب روسيا الليبرالية" والاستيلاء على أصوله المالية بتنظيم عملية القتل بمساعدة شركائه. حُكم على كودانيف وكولاتشينسكي بالسجن لمدة 20 سنة، وفينيك لمدة 10 أعوام، وكيسيليف 11 عاماً. وفي الـ23 من حزيران 2004، رفضت المحكمة العليا للاتحاد الروسي طلب النقض الذي تقدم به محامو ميخائيل كودانيف، وأيدت الحكم الصادر عن محكمة مدينة موسكو.

مقتل بريغوجين في السماء

ومن الاغتيالات السياسية الأخرى التي تحمل المعارضة بوتين المسؤولية المباشرة عنها، مقتل طباخه الذي تمرد عليه يفغيني بريغوجين وكل قيادة أركانه بتحطم طائرة كانوا على متنها.

 

 

ففي الـ23 من أغسطس 2023، أي بعد شهرين بالتمام والكمال على تمرد بريغوجين على ولي نعمته بوتين، تحطمت طائرته الخاصة في سماء روسيا. وفي وقت لاحق، أعلن بوتين ولجان التحقيق أن تحطم الطائرة الذي قتل فيها "طباخه" وغيره من الانقلابيين كان نتيجة "تعامل متهور مع قنبلة يدوية".

وبطبيعة الحال، لن يكون لدى أحد في روسيا أي أسئلة حول هذا الموضوع، ولن يتم عرض نتائج التحقيقات على الجمهور أبداً.

السموم والغاز

منذ عام 2000، ظهرت قصة السموم والغاز واستخدمت ضد "الأعداء" داخل روسيا وخارجها، فلم تعُد عمليات الاغتيال تتم بالرصاص والمسدسات المزودة بكواتم الصوت، بل بواسطة مواد فريدة لا يمكن تتبعها بسهولة مثل غاز البولونيوم وغاز نوفيتشوك القاتل.

اغتيال الصحافي الاستقصائي

وبعد رش المتمردين الشيشان الذي احتلوا مسرح "نورد أوست" واحتجزوا هناك مئات الرهائن بالغازات السامة التي قضت عليهم جميعاً مع عدد كبير من الرهائن، تمت إحدى عمليات التصفية المبكرة الأكثر شهرة، وتمثلت في مقتل السياسي والصحافي الاستقصائي يوري شكوتشيخين الذي تولى إجراء تحقيقات صحافية حساسة في الأحداث التي وقعت في "نورد أوست" والتفجيرات التي وقعت في روسيا عام 1999، والتي يقول المعارضون إنها أوصلت بوتين الذي كان يقود جهاز الأمن الفيدرالي (الاستخبارات) آنذاك إلى السلطة فعلياً.

ألكسندر ليتفينينكو

تعاون ألكسندر ليتفينينكو بنشاط مع يوشينكوف وكان مصدره في الخدمات الخاصة الروسية. وفي 2001، نشر كتاباً من أكثر الكتب مبيعاً بعنوان "جهاز الأمن الفيدرالي يقوض روسيا"، تحدث فيه عن عمليات الأجهزة الخاصة الروسية ضد الروس، تحديداً حول "سكر ريازان" عام 1999 (الانفجارات في المنازل في موسكو وبويناكسك وفولغودونسك)، وكذلك قتل المعارضين السياسيين للنظام الروسي.

 

 

حاول ليتفينينكو الاختباء من أجهزة الاستخبارات الروسية في المملكة المتحدة، لكنه قلل من شأن إخوته السابقين. فأرسلوا له صديقه القديم أندريه لوغوفوي الذي قدم لليتفينينكو الشاي مع معدن البولونيوم المشع النادر والخطر للغاية. تلقى ألكسندر ليتفينينكو  جرعة مميتة من الإشعاع وتوفي بعد ألم وعذاب أمام الأطباء البريطانيين. وحدث هذا عام 2006 وكان في ذلك الوقت أول حلقة رفيعة المستوى من الاغتيال السياسي لمعارض لبوتين خارج روسيا، على رغم وجود آخرين في الواقع.

وأفلت قاتل ليتفينينكو، أندريه لوغوفوي، من العقاب (كما أفلت شريكه دميتري كوفتون). ورفضت روسيا تسليم المتهمين بشكل واضح، والآن يجلس لوغوفوي في مجلس الدوما وهو أحد "الصقور" في السياسة الروسية.

سيرغي سكريبال

بعد اغتيال ليتفينينكو في عاصمة الضباب، جاء دور عميل الاستخبارات المنشق سيرغي سكريبال الذي تم تسميمه في لندن أيضاً ونجا من الموت بأعجوبة عام 2017، ولم تتوصل التحقيقات في محاولة اغتيال هذا العميل الاستخباراتي المزدوج إلى أي نتائج حاسمة وواضحة حتى اليوم.

سليم خان يندربايف

فرّ زعيم المتمردين الشيشان سليم خان يندربايف بعد تمكن القوات الروسية بالحديد والنار من القضاء على حلم الشيشانيين بالاستقلال عن روسيا إلى قطر، حيث عاش كمواطن عادي في هذه الدولة مبتعداً من السياسة، لكن انفجاراً في سيارته قضى عليه عند خروجه من المسجد بعد صلاة الجمعة، وتسبب مقتله في أزمة دبلوماسية قصيرة بين موسكو والدوحة التي احتجزت متهمين باغتياله، لكنها اضطرت إلى إطلاق سراحهما بعدما اعتقل حرس الحدود الروسي رياضيين قطريين كانا متوجهين إلى دولة ثالثة عبر مطار شيرميتوفو الروسي قرب موسكو.

وتُنسب وفيات أخرى كثيرة لمعارضين ومنافسين قضوا نحبهم في ظروف غامضة إلى جهاز الاستخبارات وفرقة الاغتيالات الخاصة فيه. ومن هذه الوفيات

-المتمول بوريس بيريزوفسكي (الرواية الرسمية انتحار في مزرعته في بريطانيا).

-حاكم إقليم كراسنويارسك ميخائيل إيفدوكيموف في 2006 (الرواية الرسمية حادثة سيارة).

-الجنرال ألكسندر ليبيد الذي قتل عام 2002 في حادثة تحطم مروحية غامضة.

محامية الاغتيالات

تطرح وكيلة الدعاية في الكرملين ورئيسة قناة RT التلفزيونية الموالية للحكومة مارغريتا سيمونيان، أفكاراً غريبة ومعتقدات عن هذه الاغتيالات ومن يقف وراءها، وتسخر من الزعماء والمطبوعات التي تلقي باللوم على السلطات الروسية في مقتل المعارضين.  وقالت على منصة "إكس" معلقة على موت نافالني، "لن أبدأ حتى بالشرح لهم أن الجميع نسيه منذ فترة طويلة، وأن لا فائدة من قتله، خصوصاً قبل الانتخابات، وأن ذلك مفيد للقوى المعاكسة تماماً".

ورداً على طلب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ من روسيا، "الإجابة عن الأسئلة الجادة حول وفاة نافالني"، كتبت  هذه السيدة التي فضح فريق نافالني الراتب الهائل الذي تتقاضاه شهرياً من الكرملين والذي يتجاوز الـ100 ألف دولار في الشهر الواحد، "روسيا ليست مدينة لأي أحد بأي شيء، فلنبدأ من ذلك. من الأفضل أن تمزح في شأن ما فعلناه في الفضاء. دعونا ننتهي من هذا".

وتصر أيضاً على أن وفاة نافالني لن تضر إلا بروسيا على الساحة الدولية، لقد مات هذا السياسي "بالضبط في اللحظة التي أصبحت فيها المعارضة الروسية مكاناً فارغاً، عندما يتجه الموقف العام نحو روسيا، يتلقى الجانب الآخر المعادي فجأة هدية ستسبب بلا شك موجة مناهضة لروسيا في العالم الغربي".

المزيد من تحقيقات ومطولات