Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تختبر الذكاء الاصطناعي في حرب غزة

دبابات من دون جنود لرصد الأهداف والاستكشاف ومتخصصون: تسقط أبرياء بسبب طبيعة القتال

دبابات إسرائيلية وناقلات جند مدرعة تتدحرج على طول الحدود مع قطاع غزة في 15 فبراير 2024 (أ ف ب)

ملخص

كانت الدبابة تسير كأنها في ألعاب الفيديو، ثم تأكد سكان غزة أن هناك مدرعات ذاتية التشغيل... تعرف على الدبابات الإسرائيلية المزودة في تقنيات الذكاء الاصطناعي

عندما وصلت الدبابات الإسرائيلية لأول مرة مقر الهلال الأحمر الفلسطيني "معهد الأمل" في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، كان صوت جنازيرها منخفضاً وتسير بخفة، على الفور تسلق شادي نافذة المكان وأخذ يراقب حركة المدرعات الغريبة.

"كان رتل المعدات العسكرية الذي وصل إلى المكان مكوناً من ثلاث دبابات فقط، وجميعها تسير بانتظام وبحركة محسوبة بالمتر"، هكذا قال شادي الذي يعمل في فريق الإسعاف والطوارئ بالهلال الأحمر الفلسطيني، وسبق له أن حوصر في مقر مؤسسته بمدينة غزة، ثم أجبر على النزوح مع باقي زملاء فريقه إلى الجنوب.

متستراً خلف النافذة أخذ المسعف يراقب المعدات العسكرية، وينظر لها باستغراب، فهذه الدبابات تختلف عن أي مدرعات شاهدها قبل ذلك إبان الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ولم يسبق له أن رآها في أي عملية قتال سابقة.

كأنها "ألعاب أطفال"

دقق شادي النظر في الدبابات الثلاث، وكانت الأولى تحمل مدفعية، والثانية ثبت عليها رشاش أوتوماتيكي، بينما الثالثة عبارة عن مدرعة فوقها كاميرات وأجهزة مراقبة واستشعار، وجميعها تسير كأنها "ألعاب أطفال" وليست آلات حرب، وقال "لاحظت فروقاً واضحة، مثلاً أن الدبابات كانت أصغر حجماً من مدرعات (الميركافا) الشهيرة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي، ولونها الأخضر الجنزاري تختلف درجته عن لون أي دبابة أخرى، حتى إن مدفع الدبابة الأولى قصير نسبياً".

طيلة الليلة الأولى لحصار مقر الهلال الأحمر الفلسطيني كانت الدبابات الثلاث الموجودة في المكان تتحرك باستمرار، عن تنقلها يوضح شادي "الدبابة التي تحمل مدفعاً أطلق قذائف، لكن صوتها مختلف وانفجارها أقل قوة ولا يسبب تدميراً بليغاً، أما تلك التي تحمل رشاشاً فإن الأعيرة النارية التي تطلقها صغيرة نوعاً ما".

أغرب شيء لاحظه شادي على الدبابات أنها تتحرك بطريقة محسوبة جداً، وكأنها تسير بواسطة جهاز تحكم من بعد، وأن طبيعة تحركها وتوقفها تشبه الدبابات الموجودة في ألعاب الفيديو، ما يحاول المسعف قوله باختصار أن هذه المعدات تعمل من بعد بواسطة الذكاء الاصطناعي، وأنه لا يوجد بها جنود، بينما تتحكم بها القوات من غرف السيطرة والمتابعة.

ذكاء اصطناعي

الأمر الذي عزز هذا الشعور عند شادي أنه في صباح اليوم التالي وصلت دبابة "ميركافا" الشهيرة، ذات الحجم الضخم والمدفع الكبير والجندي الذي يطل من فوقها، وكانت حركتها عنيفة وصوتها شديد الإزعاج، بينما نيران قذائفها مدمرة للغاية.

في الواقع، الشهادة التي أدلى بها شادي عن لجوء الجيش الإسرائيلي لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مدرعاته تحدثت عنها إسرائيل بصورة علنية. وقال الناطق باسم الجيش دانيال هاغاري إن هذه التقنيات تسهم في إصابة الهدف بدقة وتساعد الجنود كثيراً وتقلل الخسائر.

في هذه الحرب استخدم الجيش الإسرائيلي لأول مرة تقنيات الذكاء الاصطناعي بصورة واضحة، واعتمد على أسلحة ذاتية التشغيل بالكامل كما في دبابة "الكرمل" التي وصفها شادي وشاهدها عندما حوصر في مقر معهد الأمل بخان يونس.

ذاتية التشغيل

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لاحظت الفصائل الفلسطينية المسلحة أن الجيش الإسرائيلي أدخل أسلحة جديدة للخدمة في الحرب، وأن غالب معدات الجنود أصبحت تستخدم من بعد، يقول مصدر في حركة "حماس" إنهم رصدوا "دبابات تعمل بالذكاء الاصطناعي، لا يوجد بها جنود وهي ذاتية التشغيل، ولاحظنا ذلك في أكثر من موقف، إذ بعد استهداف هذا النوع لا يستعجل الجيش في الوصول إليها".

ويضيف المصدر "تمكن المقاتلين من الوصول إلى هذه الدبابات ووجدوا أنها فارغة من الجنود، حينها أدركنا أنها تعمل بواسطة الذكاء الاصطناعي، هذه الدبابات تتحرك بخفة وصوتها منخفض، وتطلق النار مثل الدبابات العادية".

دبابة "كرمل"

في منتصف عام 2023، كشفت وزارة الدفاع الإسرائيلية النقاب عن إدخال تقنيات حديثة جداً يجري العمل عليها لتزويد دبابات الجيش بها. وقالت حينها "نعمل على صنع دبابة المستقبل التي يمكن أن تصل لاحقاً إلى مستوى يتيح تشغيلها من دون جنود داخلها".

وأطلقت إسرائيل على "دبابة المستقبل" اسم "كرمل"، ووصفتها بالآلية الفريدة، وكان تصميمها الداخلي يتضمن شاشات كبيرة تعمل باللمس وتمتاز برؤية تصل إلى 360 درجة، وبها نظام تشغيلي ذاتي وأجهزة استشعار.

 

 

بحسب وزارة الدفاع الإسرائيلية فإن دبابة "كرمل" يمكن أن يكون بها جنديان اثنان، وبها خيار القيادة الذاتية للمركبة، وتحديد الأهداف بمساعدة أجهزة الاستشعار والكاميرات، إلى جانب الذكاء الاصطناعي.

وقال مسؤول البحث والتطوير العسكري في وزارة الدفاع يانيف روتم إنها "ثورة تعتمد على أحدث التقنيات، تتميز الدبابة بالتحكم الذاتي التام، بمعنى تشغيلها من دون وجود جنود داخلها".

دبابة باراك

إلى جانب هذه "الكرمل"، هناك دبابة "ميركافا باراك" التي تعرفها وزارة الدفاع الإسرائيلية بأنها "من الجيل الخامس"، وتتضمن أنظمة استشعارية واسعة النطاق للكشف عن الأهداف، ويمكنها مشاركة المعلومات الاستخباراتية مع الوحدات الأخرى في القوات المسلحة.

وتعمل دبابة "باراك" من طريق نظام الحماية النشطة الذي يخلق درعاً حول الدبابة بزاوية 360 درجة، كما يرصد النظام أي تهديد قادم ويقصفه قبل وصوله إلى الدبابة، وبحسب المعلومات المتوافرة فإنها تعمل في غزة خلال الحرب الحالية.

تتحول لتقنيات غبية

يقول الباحث في الشؤون العسكرية راغب الدباغ إن "المجال العسكري هو من المجالات التي تتصدر تقنيات الذكاء الاصطناعي حالياً، ويتم تركيز توظيف كل أنواع الأسلحة العسكرية بتقنيات ذكية". ويضيف "الدبابات الإسرائيلية ذاتية التشغيل هي نموذج واضح لتقنية الذكاء الاصطناعي، وتستخدم بوضوح لأغراض التجسس والاستكشاف، وحتى القتال، لهذه المدرعات أثر ضخم في الحروب، وشأنها تقليل الخسائر البشرية".

لكن الدباغ يشير إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي المدمجة في الدبابات الإسرائيلية لا تتناسب مع الحرب في غزة، لأن الجيش يقاتل أفراداً مجهولين، بمعنى أنه لا يوجد لمقاتلي الفصائل الفلسطينية زي رسمي تستطيع الدبابات تمييزه، ولا حتى سلاح مزود برقائق إلكترونية يمكن اكتشافه، لذلك في بعض الأحيان يسقط ضحايا أبرياء بسبب هذه التقنيات، والتي تتحول إلى غبية في ميدان معارك غزة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير