Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مبتورو الأطراف يقودون دراجات هوائية لتوزيع الغذاء على نازحي غزة

يحاول الفريق تقديم خدمات مجتمعية والتكافل مع المشردين في وقت الحرب

ملخص

على دراجة هوائية يوزع فريق من مبتوري القدم مساعدات غذائية من الخضراوات على النازحين

في الصباح الباكر، التقط مروان عكازه الطبي ووضع طرفه الصناعي في كيس من النايلون، ثم شق طريقه إلى صديقه جود المبتور الطرف مثله، وأخذ ينادي عليه "هيا يا رفيق، لقد تأخرنا كثيراً، الآن النازحون جائعون وعلينا تجهيز المعونات الغذائية لهم".

مسرعاً نزل جود من بيته، يرتدي طرفه الصناعي، وسار الصديقان سوياً نحو الأراضي والدفئيات الزراعية، هناك اشتريا أجود أنواع الخضراوات، على رغم قلة المتوفر منها، بكفاءة عالية، وعلى رغم ارتفاع ثمنها.

تجهيز الخضراوات

حمل مروان برفقة جود كميات كبيرة من الخضراوات، وتوجها بها إلى مخزن صغير، كان الأول استأجره في بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، وخصصه لتخزين المساعدات الغذائية التي يعمل على توفيرها، بغرض توزيعها على النازحين الذين فروا من شمال القطاع.

ضحك مروان مخاطباً مجموعة من رفاقه الذين يعملون معه على توزيع المساعدات الغذائية وجميعهم من ذوي إعاقة بتر القدم، وقال "إنجاز عظيم يا أصدقاء ما نقوم به، خصوصاً أننا مستمرون في تقديم المعونات لليوم 140 على التوالي من دون انقطاع".

انشغل جود في فتح أكياس النايلون التي باتت نادرة في غزة، بينما كان مروان يعمل على تركيب طرفه الصناعي محل قدمه المبتورة، ثم بدأ بمساعدة رفاقه في صنع سلة غذائية من الخضراوات الطازجة.

في كل سلة غذائية، يضع مروان ورفاقه، ثلاث كيلوغرامات من البطاطا، وكيلوغرامين من الباذنجان، وكيلوغرام من الفلفل الحار وكمية مماثلة من الفلفل الحلو، وكثير من حبات الخيار، وكيلوغرامات عدة من الطماطم.


تضخم

يقول مروان "هذه هي أصناف الخضراوات المتوفرة في السوق المحلية فقط، أما بقية الأصناف فاختفت تماماً، لقد دمرت إسرائيل معظم الأراضي الزراعية، فيما قيدت الوصول إلى جزء كبير من الأراضي الموجودة في خان يونس، كما نسفت خلايا الطاقة الشمسية التي كانت توفر كهرباء لتشغيل أنظمة الري، مما أدى إلى ندرة الخضراوات وارتفاع ثمنها، وعلى رغم ذلك إلا أن هذه السلة الغذائية جيدة".

فرحاً حمل جود أحد أكياس الخضراوات الجاهزة للتوزيع، وقال "إنها ثمينة في هذا الوقت، حقاً إنها كذلك. تبلغ كلفة هذه السلة الغذائية إذا عزم أحد النازحين على شرائها نحو 70 دولاراً، لقد تضخمت الأسعار بشكل مجنون ومبالغ فيه".
عندما فر النازحون من شمال قطاع غزة وكذلك من مدينة خان يونس (جنوب)، إلى محافظة رفح في أقصى الجنوب، خصص جود ومروان ومجموعة من مبتوري الأطراف، طاقاتهم لمساعدة المشردين الذين أصبحوا بلا مأوى، ووهبوا يومهم خدمة لمجتمعهم.

مساعدة مجتمعية

منذ بدء الحرب المدمرة، يعمل مروان ورفاقه على توفير المساعدات الغذائية للنازحين، ويشرح "نفضل أن تكون السلة الغذائية عبارة عن خضراوات، ودائماً ما نوزع هذه الأصناف. لسبب ما، إن المعونات الأخرى توفرها الجهات الدولية، بينما أصناف الخضراوات لا توفرها أية جهة". ويتابع "حاولنا أن نخفف عن كاهل النازحين، وشجعنا على ذلك ارتفاع ثمن الخضراوات، هذا دفعنا إلى تخصيص معوناتنا من هذا الصنف، لو لم نفعل ذلك، لعجز كثيرين عن شراء احتياجاتهم من الخضراوات".
ما يقوم به مروان مجرد خدمة اجتماعية فقط، ويحاول من خلالها التضامن مع النازحين، وهذا نوع من التكافل الجيد الذي ظهر في أثناء الحرب، وفعلاً يسهم في إعانة قسم كبير من الناس خصوصاً العاجزين عن تأمين قوت يومهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


إعانات ثابتة

يوفر مروان يومياً نحو 100 سلة غذائية، ولديه برنامج ثابت في عملية التوزيع، فهو يستهدف 700 أسرة نازحة فقط، وكل عائلة تستلم حصة الخضراوات مرة واحدة في الأسبوع.

ويوضح مروان "ما قمنا به هو أننا جمعنا بيانات 700 عائلة، وتأكدنا من أنهم من طبقة الفقراء، وعملنا على تأمين الخضراوات لهم، كل أسرة منهم تحصل على سلة غذائية تكفيها لمدة أسبوع، وفي اليوم ذاته الذي استلمت فيه حصتها، تحصل على الكمية نفسها في الموعد ذاته من الأسبوع المقبل".

يحاول مروان تركيز جهده على الأسر نفسها، ولا يطمح إلى تشتيت جهده، ويعتقد أن إعانة تلك العائلات المحددة تجعل من عمله مثمراً، ويشير إلى أن "الأسرة عندما تعرف أنها ستستلم مساعدة الخضراوات بشكل دوري تطمئن نفسياً، ولا تقلق في شأن كيفية تأمين خضراواتها".

على دراجة هوائية

العمل الرائع الذي يقوم به مروان، ليس محصوراً فقط في توزيع حصص الخضراوات، بل في طريقة توصيل هذه السلة الغذائية للنازحين، إذ يعمل على ذلك بواسطة دراجة هوائية يقودها بنفسه وبطرفه الصناعي.

وبعد أن جهز مروان السلة الغذائية، جلب دراجة هوائية ذات صندوق خشبي في الخلف، وضع فيه كيساً من الخضراوات، ثم وضع طرفه الصناعي على الدواسة، وضغط بقوة عليه وانطلق في الهواء.

مروان فخور بعمله، خصوصاً وأنه من فئة المبتوري الأطراف كذلك، إذ كان يظهر طرفه الاصطناعي للعلن. وعندما يقود الدراجة، يشاهد المارة أنه يسير عليها بواسطة قدم عمل على تركيبها لمساعدته في هذه المهمة.
شق مروان طريقه نحو خيام النازحين، وكان يقود الدراجة الهوائية كأنه يحلق، ويتمايل بها باتزان واضح، بعد دقائق وصل إلى معسكر الخيام وأخذ يسلم المستفيدين حصص الخضراوات.
يثني النازحين على فريق المبتورين كثيراً، ويعتقدون أنهم يقومون بمهمة مرهقة عندما يقودون الدراجات الهوائية، لكنهم يشعرون أن هؤلاء لديهم أمل وأنهم يتعايشون مع إعاقتهم وكأنها لم تحدث، حتى أنهم يكتسبون مهارات كثيرة منهم.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير