Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"لعنة الجوار"... يجلبها الإيرانيون ويصاب بها السوريون

يتوجس المدنيون من استحواذ أتباع طهران على بيت أو استئجاره قربهم وتعرضهم للقصف في ظل تسرب المعلومات لإسرائيل

قلق في الأحياء الآمنة بسوريا بعدما تحولت إلى مقار للعمليات والاجتماعات الخاصة بالعسكريين الإيرانيين (اندبندنت عربية)

ملخص

الجار الإيراني... سوريون يخشون مجاورة مقار المستشارين والعسكريين

ترديد السوريين المثل الشعبي "الجار قبل الدار" عند اختيار مساكنهم لم يعد نافعاً في الفترة الأخيرة، إذ توالى قصف إسرائيل العنيف لعديد البيوت السكنية التي يقطنها أتباع إيران، ومنهم مستشارون وأبرز المقاتلين بالحرس الثوري، لا سيما في الأحياء الآمنة بعدما تتحول إلى مقار للعمليات والاجتماعات الخاصة بهم.

صواريخ وركام البيوت

وقضت صواريخ إسرائيلية مضاجع المدنيين وسط دمشق مرتين خلال شهر واحد، وكذلك حوادث قصف متلاحقة مستهدفة قادة في الصف الأول بـ"فيلق القدس" في ضواحي العاصمة منها الديماس والصبورة ويعفور، وكلها مناطق اشتهرت بمزارع وفيلات سياحية على طريق دمشق-بيروت، علاوة عن وجود كثيف في حي السيدة زينب الحاضنة الشعبية الأكثر ترحيباً بالمستشارين الإيرانيين وكبار المسؤولين العسكريين.

في غضون ذلك، اعتاد الشارع السوري على أصوات المضادات الجوية السورية مضاءة بسماء مدينتهم مع أصوات اهتزاز انفجارات ملاحقة الصواريخ المعادية، لكن الهجوم الأعنف أحال البناء السكني بحي "فيلات المزة" إلى ركام صباح 21 يناير (كانون الثاني) الماضي كسر هدوء أكثر الأحياء الفاخرة بالمدينة.

وتبين في الساعات الأولى من انفجار المزة تحول الشقة السكنية إلى أحد المقار الأمنية، ومكان لاجتماعات خمسة قادة استهدفوا في ما بعد، ومنهم المسؤول الأمني في "فيلق القدس" حجة الله أميدار الملقب "بأميد زاده".

وعقب ذلك دكت الطائرات الإسرائيلية صواريخها الموجهة من مرتفعات الجولان لشقة سكنية ضمن الطوابق العليا لبناء بحي "كفر سوسة" بدمشق في 22 فبراير (شباط) الجاري، ويعد الحي من أحياء المدينة الراقية ويضم مقار أمنية ورئاسة الحكومة وقريب من وزارة الخارجية.

أما الضربة القاسية التي تلقتها طهران قبل كل ذلك فجاءت مطلع العام الحالي 2024 بحادثة اغتيال طالت كبير الخبراء العسكريين منهم رضى موسوي بعد استهداف منزله بثلاثة صواريخ إسرائيلية في حي السيدة زينب بعد خروجه بساعات من مقر السفارة الإيرانية بدمشق.

الاختراق الأمني

إزاء ذلك يبدي الشارع السوري قلقاً من انتشار القادة من الصف الأول ومستشارين إيرانيين من جراء السكن في مناطقهم وأبنيتهم السكنية، أو مزارع وفلل لا سيما الفاخرة منها، والتي كانت بمنأى عن دائرة النار وتحولهم إلى ضحايا اغتيالات ونيران متبادلة.

 وهذا ما أفاد به مصدر عسكري مسؤول بتعليق له على انفجار كفر سوسة الأخير وسقوط ثلاثة مدنيين جراء القصف الإسرائيلي، وسبقها مصرع مدنيين بينهم عامل نظافة أثناء عمله أمام مبنى المزة المستهدف يناير (كانون الثاني) الماضي.

ويجزم مراقبون للمشهد السوري والإيراني بتغيير طبيعة حجم استهداف تل أبيب للفصائل المدعومة إيرانياً، عبر اختيار نوعية الهدف، وهو ما يفسره الناشط المدني أحمد الشيخ إلى كون حرب غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) غيَّرت من قوة الضربات ونوعيتها، مشيراً إلى أن الهجمات قبل هذا التاريخ كانت تنصب على المطارات العسكرية والمدنية في دمشق وحلب، وتكرر ذلك كثيراً إلى أن أخرجتهما عن الخدمة.

وأضاف الشيخ "بينما اليوم ومع انتشار كثيف للإيرانيين العسكريين داخل المناطق المدنية بهدف الحماية والتمويه، والابتعاد عن خطر البقاء في مقراتهم، فقد بات القاطنون السوريون في أبنية يسكن بها إيرانيون يصيبهم خوف من أضرار قد تصيبهم إذا ما وصلت معلومات عن مواقعهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وثمة إخلاء لسكان ونزوح مع تغلغل الإيرانيين في الأحياء السكنية، إذ يرى الشيخ أن الرحيل عن المنازل الآمنة وإن كان بشكل قليل في دمشق لكنه تحول إلى نزوح جماعي في ريف دير الزور الشرقي وبخاصة في الميادين والبوكمال الحدودية مع العراق قبل الثالث من فبراير الجاري وضربات لسلاح الجو الأميركي استهدفت مقار إيرانية وميليشيات تتبع لهم.

وفي سياق متصل يقول أحد سكان حي المزة "بالفعل بات الأمر أكثر خوفاً وحرصاً، حين مشاهدة إيراني أو مجموعة من (حزب الله) في حي سكني، بالتأكيد نرحب بهم كضيوف وزوار خصوصاً ممن يأتي لزيارة المقامات الدينية المقدسة، ولكن العسكريين وجلوسهم في المناطق المدنية مع الاختراق الحاصل من قبل العملاء وانكشاف أمرهم بات مرعباً".

في المقابل نفى السفير الإيراني لدى دمشق، حسين أكبري صحة التقارير الصحافية عن سحب بلاده كبار ضباطها من سوريا بسبب تسريب الأجهزة الأمنية لمعلومات استخباراتية لعبت دوراً في اغتيال قادة إيرانيين.

وقال أكبري في مؤتمر صحافي في الذكرى 45 للثورة الإيرانية "بناء على تقنية المعلومات التي تطوَّرت بصورة كبيرة، فليس هناك حاجة إلى أخذ المعلومات من عناصر بشرية، ونحن بالقوة نفسها موجودون وحاضرون في سوريا، وأبداً لن ننسحب".

الإخفاء والتخفي

ليس القاطنون بجوار الإيرانيين وحدهم من يشعرون بالتوجس والقلق، لكن طهران تشعر باختراق أمني لمنظومتها العسكرية والاستخباراتية المتمثل بفصائل مدعومة من الحرس الثوري، ولهذا لوحظ تغيير في تموضع كثير من المقار العسكرية، مع اتهام وسائل إعلام إيرانية لروسيا بتقديم معلومات تضر بالإيرانيين، لا سيما جمع تل أبيب لمعلومات حساسة، ومواقع مدنية لتكون بنكاً للأهداف، وزرع عملاء لها لتزويدهم بالتحركات الإيرانية والشخصيات الحساسة.

 

 

عدا تمكنها بالمراقبة من كثب عبر الأقمار الاصطناعية، وتكثيف الضربات كنوع من وأد أي مشاركة عسكرية تدعم معركة "وحدة الساحات" التي تبدو أنها تراجعت في كل من لبنان وسوريا، ومن جهة ثانية لإعطاء صورة عن حجم الانتقام التي تسعى إليه حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو بعد خسائر فادحة في حجم أعداد جيشه وعتادهم وعدم إحرازه أي تقدم في ملف الرهائن، بخاصة أن الشارع المعارض انتفض بوجهه ثانية بعد قضية الأزمة الدستورية قبل حرب غزة.

وبات ملحوظاً للشارع السوري خفضاً في مشاهدة مقاتلي الميليشيات التابعة يتجولون بالأماكن العامة بسيارة دفع رباعي على متنها أعلام صفراء لـ"حزب الله" مع معلومات واردة عن تعليمات شديدة بعدم ارتداء الزي العسكري خارج مقراتهم، وعدم استخدام الاتصالات، والاستفادة من البيوت المهجورة للإقامة بها داخل المباني السكنية الآمنة، أو استئجار شقق سكنية فاخرة للقادة بأمكنة محصنة.

وبعيداً من الاختراق الأمني، بدأت عمليات الاختباء قبل حرب غزة، والمناكفة بين فصائل المقاومة والقوات الأميركية في شرق سوريا حيث فرض التقارب بين سوريا والمحيط العربي وعودة دمشق للجامعة العربية في 20 مايو (أيار) بحضور القمة العربية على القيادة العسكرية الإيرانية بخفض الرايات من مقراتهم، وهذا ما يؤكده المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا "عن تنزيل أعلام إيران وبعض الميليشيات في كثير من قواعدها بناء على طلب من دمشق".

ويرجح متابعون أن تغير طهران سياسة الحماية الأمنية لقادتها في سوريا بعد هذا الكم من الاختراقات الحاصلة، ومن المتوقع إعادة مزيد من كبار القادة إلى بلادهم كنوع من التنقلات العسكرية ريثما يعود الاستقرار للمنطقة أو الاكتفاء بقادة محليين من "حزب الله" في سوريا ولبنان لإدارة المجموعات والفصائل، وغرف العمليات، في حين ما زال السوريون يأملون أن تدار هذه الغرف خارج محيط مأوى المدنيين.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات