Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السوق الشعبية... مقتنيات قديمة تستعيد بريقها في لبنان

تشكل مساحة للباحثين عن قطع نادرة وهواة الأنتيكا وأصحاب الدخل المحدود

يرتبط بعض المواطنين بعلاقة وجدانية مع سوق الأحد إذ يزورونه بصورة دورية (اندبندنت عربية)

ملخص

لاحظ أصحاب البسطات في سوق الأحد شريحة جديدة من الزائرين الذين يرتادون السوق بحثاً عن مقتنيات تستهوي جيل الشباب لبيعها على صفحات التواصل الاجتماعي بأسعار أعلى

لا تخلو زيارة السوق الشعبية في طرابلس شمال لبنان من المفاجآت. ويشكل "بازار" نهاية الأسبوع فرصة للحصول على بعض الأغراض "اللقطة" بأسعار معقولة. فهناك يجتمع المئات من بائعي "الكشة" والبسطات في المنطقة الواقعة على كتف نهر أبو علي- قاديشا، عارضين طيفاً واسعاً من البضائع القديمة التي تخلى عنها أصحابها، ولا يخلو الأمر من قطع نادرة "ذات قيمة معنوية عظيمة".

صندوق الدنيا

عند مدخل "سوق الأحد" تتنوع المشاهد إلى حد الغرابة، فعلى هذه الرقعة الجغرافية الصغيرة بضائع ومنتوجات مختلفة، حيث يصادف الزائر بائعي الطيور الملونة الذين يعرضون أزواج الحمام، والبلابل، والعاشق والمعشوق، جنباً إلى جنب مع مزارعي الدخان العربي القادمين من قرى الضنية شمال لبنان.

داخل السوق، ينتشر باعة الكتب القديمة، والمفروشات المستعملة، إضافة إلى الأدوات المنزلية، وكذلك الملابس والأحذية، والنحاسيات، والخواتم والساعات، وتشكيلات من العملات والنقود القديمة، ناهيك عن الأدوات الصناعية، والمعدات الزراعية، والتجهيزات الرياضية.

 

 

وبعض البضائع المنتشرة على الأرصفة تحمل دلالة على مصدرها، إذ لا يخلو الأمر من إطارات الصور التي تحكي قصص وذكريات تخلى عنها أصحابها لمصلحة تجار الخردة.


ويختزل تطور التكنولوجيا وأجهزة الاتصالات من عصر هاتف اللاسلكي الذي يمتاز بالقرص الدائري، إلى الهواتف المحمولة من الجيل الأول، وأجهزة الفيديو الـ "في أتش أس"، والأقراص المدمجة DVD  وكذلك النحاسيات، وقطع الأنتيكا، والزينة من ساعات وخواتم.

ويحتاج زائر السوق إلى بذل بعض الجهد من أجل التفتيش بغية العثور على "قطعة لقطة"، فالسوق تستقبل العشرات من هواة جمع التحف والقطع النادرة، والباحثين عن صفقة مربحة، وبأقل الأثمان الممكنة.

ويرتبط بعض المواطنين بعلاقة وجدانية مع السوق، إذ يزورونه بصورة دورية، ولا يفوتون نهاية أسبوع من دون النزول والبحث بين البسطات، وأحياناً يزورونه لمجرد التسلية.

 

 

مهنة قديمة العهد

الحاج محمد أسعد خدوج (40 سنة) يعرض تشكيلة واسعة من المسابح والساعات، وقطع الأنتيكا والنحاسيات. ويقول "يأتي الزبائن لشراء قطع رخيصة نسبياً، وتحديداً على مستوى الأدوات المنزلية والكهربائية والكماليات"، فالسوق يشكل فرصة لمحدودي الدخل لتأمين بعض القطع التي عادة يكون ثمنها مرتفعاً في المتاجر والأسواق، مشيراً إلى أنه "خلال الأعوام الأخيرة، غلب الحضور السوري على ما سواه داخل السوق"، فيما يأتي هواة جمع التحف من كافة المناطق اللبنانية، وأحياناً من بلاد الاغتراب لشراء قطع مميزة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يتطرق البائع خدوج الذي يعمل بمهنة بيع الساعات منذ أربعة عقود، إلى مصدر البضائع، حيث يشتري البعض منها من داخل السوق عن طريق المقايضة مع أقرانه، وكذلك المصدر الخارجي. يقول "نشتري بعض القطع من محامين أو أطباء وهواة جمع القطع والمجموعات، لنعيد بيعها في السوق".

وتتراوح الأسعار بين خمسة و100 دولار أميركي، وقد تأثرت إلى حد بعيد بالوضع الاقتصادي، حيث "أصبحت الأولوية لتأمين ضرورات المعيشة".

من جهة أخرى، لاحظ أصحاب البسطات في سوق الأحد شريحة جديدة من الزائرين، حيث "يأتي الشباب إلى السوق بحثاً عن بضائع تلفت هذا الجيل وتحاكي اهتماماته، ويعرضونها على صفحات التواصل الاجتماعي، ويبيعونها بأسعار أعلى".

 

 

في المقابل، يقول البائع رجب "شهدت السوق تحولاً في هويتها ووظيفتها خلال الأعوام الأخيرة. ففي السابق، كانت الغلبة لبائعي الأنتيكا والتحف والنحاسيات، والكتب القديمة، إلا أنه خلال الأعوام الأخيرة، باتت لبيع الملابس والأحذية والبياضات".

ويشكو الباعة "تراجع المداخيل والأرباح"، و"أحياناً استهلاك الرأسمال لتأمين الحاجيات الشخصية بسبب انهيار سعر صرف العملة الوطنية". ومن أجل تحقيق ربح إضافي، يقوم الباعة بشراء القطع القديمة، ومن ثم إصلاحها، وإعادة بيعها بسعر أعلى من المعهود لكونها صالحة وتعمل.

السوق لدخل إضافي

تحوّلت السوق إلى فرصة لتأمين دخل إضافي من قبل أصحاب المحلات والمتاجر. ويشير محمد دلة، أحد أصحاب بسطات الخردة والعدد الصناعية، إلى أنه "انتقل إلى السوق منذ ثلاثة أعوام، وبسط البضائع لبيعها يومي السبت والأحد"، ملاحظاً "دولرة الأسعار".

من جهته، يؤكد الحاج محمد الجندي الرجل السبعيني، الذي استهل عمله في السوق منذ 42 سنة، وهو يواظب على بيع القطع المستعملة والمفروشات، أن "الزبائن يبحثون عن البضائع المستعملة، بما فيها الكراسي البلاستيكية، لعدم قدرتهم على شراء الفرش الجديد".

ويقول االجندي "كل إنسان يرغب في شراء الجديد والجميل، إلا أن الإمكانات أصبحت محدودة، وهي تجبر الناس على التوفير"، منوهاً "في السابق، كان الناس يرفضون شراء المفروشات مستعملة خشية وجود الحشرات، لكن يبدو أن الأزمة المالية بدلت المعتقدات والمفاهيم".

المزيد من منوعات