Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تلقى انتهاكات حرب الخرطوم مصير "جرائم دارفور"؟

تتهم جهات حقوقية محلية ودولية طرفي النزاع بارتكابها

قررت الولايات المتحدة رسمياً أن الطرفين المتحاربين ارتكبا جرائم حرب (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

"أكثر الانتهاكات من قبل الجيش و(الدعم السريع) ترقى إلى جرائم حرب"

خلفت الانتهاكات التي أحدثتها حرب السودان التي قاربت إكمال شهرها الـ11 غضباً شعبياً واسعاً ومآسي هزت قلوب السودانيين وهم يشاهدون مقاطع مصورة، من وقت لآخر، أحداثاً مختلفة من عمليات قتل واغتصاب وعنف جسدي واعتقالات واختفاء قسري وغيرها من الأفعال الوحشية، مما جعل كثراً ينادون بضرورة المحاسبة القانونية لمرتكبي هذه الجرائم لأنها الطريق الوحيد للتعافي، بخاصة أن هذه الانتهاكات حدثت على نطاق واسع وبطريقة بدت ممنهجة وانتقامية أحياناً.

 

وتتهم جهات حقوقية محلية ودولية طرفي الحرب، الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، بارتكاب هذه الانتهاكات التي قد تصل إلى حد جرائم حرب، في وقت فشلت الجهود حتى الآن في إنهاء هذا الصراع الذي أدى إلى مقتل آلاف الأشخاص وإجبار أكثر من 6 ملايين على الفرار من منازلهم، مما يعني أن السودان أصبح فيه أكبر عدد من السكان النازحين في العالم.

وقررت الولايات المتحدة رسمياً أن الطرفين المتحاربين ارتكبا جرائم حرب، وقالت إن "الدعم السريع" والميليشيات المتحالفة معها متورطة في عمليات تطهير عرقي غرب دارفور. وقال الجانبان، الجيش و"الدعم السريع"، إنهما سيحققان في التقارير المتعلقة بعمليات القتل والانتهاكات وسيحاكمان أي مقاتلين يثبت تورطهم، لكن لم يعلن أي طرف حتى اللحظة معاقبته أفراداً من قبله قاموا بانتهاكات.

وفي ظل استمرار الحرب يخشى كثر من السودانيين أن تلقى هذه الانتهاكات مصير ما حدث من جرائم ارتكبت في دارفور عام 2003 من دون أن تجد العقاب الرادع.

مسؤولية تاريخية

وقال عضو مجموعة "محامو الطوارئ" في السودان عبدالله مكاوي "الانتهاكات التي وقعت في حرب السودان كانت جسيمة، ولم يراع طرفا الحرب سلامة المواطنين ولا أمنهم، فدار القتال في المناطق المأهولة بالسكان، ومارس الطرفان الانتهاكات كافة منذ اليوم الأول للحرب من قتل واعتقال وتصفية عرقية، فضلاً عن الإخفاء القسري للمدنيين على رغم أنهم لا يتبعون أي طرف قتال، واتهامهم بأنهم يتبعون طرفاً من الطرفين المتقاتلين. وحتى الآن، قام طرفا القتال باعتقال وإخفاء كثير من المواطنين الذين لا تعرف أماكنهم حتى هذه اللحظة، مما يعد مخالفة واضحة للقانون الدولي وقانون حقوق الإنسان". ولفت إلى أنه "لم تسلم أي منطقة في السودان من الانتهاكات اليومية والمستمرة، لكن يمكن القول إن أكثر المناطق تضرراً هي منطقة الخرطوم والجزيرة وجنوب وشمال وغرب دارفور حيث شملت الانتهاكات في مجملها اعتقالات وإخفاء قسرياً وتصفية عرقية وإدراج مواطنين في الحرب وإرغام بعضهم على حمل السلاح، فضلاً عن القصف الجوي والمدفعي الذي طاول المناطق المأهولة بالسكان".

 

وتابع مكاوي "لا يمكن الجزم بأن الانتهاكات التي يرتكبها طرفا الحرب تعبر عن استراتيجية معينة ينتهجها أي منهما، لكن متابع الأحداث الجارية في هذه الحرب يرى أن هناك أفعالاً ينتهجها بعض أفراد الفريقين تعبر عن استراتيجية معينة كالاعتقال والتصفية العرقية، وهناك أفعال ينظر إليها من منظور أنها تصرفات فردية نوعاً ما كالسرقة والاغتصاب والجرائم غير المتعلقة بأفعال الحرب، ويبدو أن قيادة الطرفين، على رغم تصريحاتهما بمعاقبة المتفلتين، فإنهما لم يقوما بأي فعل للحد من هذه الانتهاكات، وما حدث في الفيديو الأخير الذي ظهر في مواقع التواصل الاجتماعي من قطع للرؤوس والتمثيل بها لهو دليل قاطع على مواصلة طرفي الحرب الانتهاكات بصورة أوسع.

ويتفق عضو مجموعة "محامو الطوارئ" مع الرأي القائل إن عدم محاكمة منتهكي حقوق الإنسان في حرب دارفور شجع على ممارسة هذه الانتهاكات في الحرب الحالية، وبصورة واسعة، مشدداً على ضرورة ممارسة المجتمع الدولي مسؤولياته بحماية المدنيين والضغط على طرفي الحرب لوقف القتال والتعاون مع المدافعين عن حقوق الإنسان ورصد الانتهاكات، فضلاً عن القيام بإنشاء محكمة دولية خاصة بالسودان تبدأ بمحاكمة المسؤولين عن كل الانتهاكات على رغم أن الوصول إلى المجرمين صعب في ظل اللا دولة الحالية. وأشار إلى أنهم، كمدافعين عن حقوق الإنسان، يواجهون عمليات اعتقال وتعذيب وإخفاء قسري وترصد وتتبع من طرفي القتال بسبب عملهم كناشطين حقوقيين، وعلى رغم ذلك فسيواصلون مسؤولياتهم التاريخية في رصد الانتهاكات.

أدلة موثقة

في السياق، أفاد المحامي والناشط الحقوقي محمد صلاح الدين بناوي بأن "انتهاكات حرب السودان غير مسبوقة، وهي تشمل انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، مثل الاعتداء على المدنيين، والاستخدام غير القانوني للقوة، والتهجير القسري. ووقعت هذه الانتهاكات منذ الوهلة الأولى لبداية الحرب، والمؤسف أن الطرفين متورطان فيها، لكن قد تكون بنسب مختلفة ويعتمد ذلك على السياق والتطورات المحلية". وأضاف بناوي "في تقديري أن المناطق التي يكون فيها صراع محتدم على الموارد أو السيطرة السياسية هي الأكثر تضرراً من هذه الانتهاكات التي تتنوع دوافعها بين السيطرة على الموارد، والانتقام، والترويع، وقد يكون بعضها جزءاً من استراتيجية، بينما قد تكون تصرفات فردية، والحد من هذه الانتهاكات يتمثل في إرادة قيادة طرفي الصراع وتطبيق العقوبات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار الناشط الحقوقي إلى أن حجم الانتهاكات يعتمد على السياق والتاريخ، لكنها عموماً تشكل خرقاً للقوانين الدولية، كما أن عدم المحاسبة قد يشجع على مزيد من الانتهاكات، لذلك من المهم محاسبة مرتكبيها تحقيقاً للعدالة ومنع تكرارها، لكن يجب الاعتماد على الأدلة الموثقة بصورة جيدة عند معاقبة مرتكبي جرائم الانتهاكات، ويتطلب ذلك تعاوناً دولياً لتقديم الدعم والمساعدة في التحقيقات، فضلاً عن دعم العدالة وتقديم المساعدة للضحايا، سواء من خلال الدعم السياسي أو المالي.

جرائم حرب

بدوره، قال المحامي السوداني صديق علي عبدالله "أكثر الانتهاكات التي تعرض لها السودانيون من قبل الجيش و(الدعم السريع) ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وبعضها يمكن أن يوصف بالإبادة الجماعية وجرائم العدوان، فتعدد الجرائم يجعل مرتكبيها تحت طائلة القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان معاً، وتعد ولايات الخرطوم والجزيرة وغرب دارفور، تحديداً مدينة الجنينة، من أكثر الولايات انتهاكاً، كما لا يمكن غض الطرف عن مجازر الطيران التي قام بها سلاح الجو في مدينتي نيالا والضعين بدارفور، ومناطق بغرب وشمال كردفان تحديداً حمرة الشيخ ومنطقة الكوكيتي".

وقال أيضاً "هذه الانتهاكات هي الأوسع والأشنع في تاريخ حروب السودان الداخلية، وللأسف، دور قيادة الطرفين كان ضعيفاً في تعاملهما مع هذه الانتهاكات"، مشيراً إلى أن سياسة الإفلات من العقاب تشجع المجرم على مواصلة ارتكاب مزيد من الجرائم. وطالب المحامي السوداني المجتمع الدولي بالضغط على طرفي النزاع، من خلال جميع الدول التي لها علاقة بالطرفين وتدعمهما بصورة أو بأخرى، والتواصل مع عدد من الدول الأفريقية والعربية لتكثيف هذه الضغوط، "ومن الصعب جداً رصد الانتهاكات في مناطق النزاع نسبة إلى صعوبة الحركة وانقطاع شبكات الاتصال، وكذلك سلامة المدافعين عن حقوق الإنسان، فهناك عمليات اعتقال واغتيال تمت في حق عدد من المحامين والناشطين الحقوقيين مجرد تتبعهم ورصدهم الانتهاكات".

المزيد من متابعات