Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا لو فشل ترمب وبايدن في حسم أصوات الفوز؟

تعادل المرشحين الجمهوري والديمقراطي في المجمع الانتخابي أو فوز منافس ثالث بولاية سيقود لكابوس مزعج

بات بايدن وترمب الأقربين لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية 2024 (أ ف ب)

ملخص

يتزايد الحديث عن سيناريو كابوس ينتظر ملايين الأميركيين إذا لم يتمكن أي من ترمب أو بايدن من الحصول على 270 صوتاً اللازمة للفوز من إجمالي أصوات المجمع الانتخابي (538) نوفمبر المقبل.

فيما لا يزال نحو 70 في المئة من الأميركيين يرفضون كلاً من جو بايدن ودونالد ترمب اللذين بات من المحتم ترشيحهما من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، تدور كثير من الأسئلة حول ماذا يمكن أن يحصل إذا لم يحصل أي منهما على 270 صوتاً اللازمة للفوز من إجمالي أصوات المجمع الانتخابي (538) خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بخاصة أن بعض السياسيين المخضرمين حذروا أخيراً من إمكانية انزلاق الولايات المتحدة إلى أزمة دستورية، فما السيناريوهات المتوقعة في هذه الحالة؟ وما الذي ينص عليه الدستور؟ ولماذا يخشى البعض من أزمة دستورية وفوضى كبيرة؟

أسباب القلق

مع اقتراب الرئيس السابق دونالد ترمب من استكمال جمع أصوات المندوبين في الانتخابات التمهيدية التي تضمن له الفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية، سيصبح من المؤكد بنهاية مارس (آذار) الجاري على الأرجح أن الملياردير الأميركي سيواجه الرئيس الديمقراطي الحالي جو بايدن في انتخابات نوفمبر الفاصلة. لكن على رغم استطلاعات الرأي الأخيرة التي تؤكد تقدم ترمب على بايدن في الولايات المتأرجحة التي تحسم الفائز بالانتخابات، فإنه من المبكر جداً توقع النتيجة النهائية التي تتداخل بها عديد من العوامل والمؤثرات.

أحد أهم هذه العوامل أن غالبية الشعب الأميركي لا يريدون المرشحين الرئاسيين الرئيسين بايدن وترمب، كما أن نسبة كبيرة من الناخبين الديمقراطيين وغالبية الناخبين الجمهوريين لا يرغبون في ترشح الرئيس الديمقراطي بسبب عمره والمشكلات الإدراكية المتصورة عنه والتي تزداد يوماً بعد يوم، كما لا يريد عدد كبير من الجمهوريين وغالبية الديمقراطيين أن يترشح ترمب بسبب مشكلاته القانونية في أربع قضايا جنائية تشمل 91 اتهاماً مختلفاً.

لكن أبرز العوامل التي ينتظر أن تؤثر في خيارات الناخبين خلال الفترة المقبلة تتمثل في وجود مرشحين آخرين من خارج الحزبين الكبيرين من المحتمل أن يتركوا أثراً كبيراً في مسار الانتخابات من خلال تصويت عديد من الناخبين لهم بدلاً من بايدن أو ترمب، كما حدث في تجارب تاريخية سابقة وأدت إلى تغيير النتيجة، وربما يصل حجم التأثير إلى ذروته إذا تمكن أحد المرشحين الآخرين من الفوز بأصوات واحدة أو أكثر من الولايات الأميركية الـ50.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

منافسون آخرون

يأتي على رأس المرشحين الآخرين للانتخابات الأميركية سليل عائلة كينيدي الشهيرة روبرت كينيدي جونيور، الديمقراطي السابق الذي يخوض السباق كمستقل، ويهدد بسحب مجموعة كبيرة لا يمكن التنبؤ بها من الأصوات على رغم أن بعض استطلاعات الرأي أبرزت إمكانية حصوله على 12 في المئة من أصوات الناخبين من كلا الحزبين، لكنه تعهد أنه لن ينسحب، حتى لو أظهرت استطلاعات الرأي أنه يلعب دور المفسد المحتمل لكل من بايدن أو ترمب.

ويمكن أن يصبح ترشح كينيدي أخطر تحد من طرف ثالث يواجه الحزبين الكبيرين منذ ترشح الملياردير روس بيرو عام 1992، الذي أسهم في خسارة الرئيس الجمهوري جورج أتش بوش (الأب) أمام الديمقراطي بيل كلينتون، وربما لا يقل أهمية عن ترشح الملياردير المستقل رالف نادر عام 2000 والذي تسبب في سحب الأصوات من المرشح الديمقراطي آل غور، كما يقترب أيضاً من التأثير الذي حصل عام 2016 عندما حصل الليبرالي غاري جونسون وزعيمة حزب الخضر جيل ستاين على حصة من أصوات المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون وساعدا على هزيمتها.

 

 

وفي حين دخل السباق مرشحون ذوو ميول ديمقراطية يمكن أن يسحبوا أصواتاً من بايدن في الولايات المتأرجحة مثل زعيمة حزب الخضر جيل ستاين وكورنيل ويست الأستاذ في جامعة هارفرد الذي يحمل أفكاراً تقدمية يسارية، فإن كينيدي هو الوحيد الذي يمكن أن يسحب أصواتاً أكبر من ترمب بسبب مواقفه المعلنة في شأن وباء كورونا ولقاحاته، وهو مما جعل الرئيس السابق يهاجمه بشدة خلال الأشهر الأخيرة ويصوره بأنه يساري متطرف.

من دون تسميات

غير أن حركة "من دون تسميات" التي أسستها نانسي جاكوبسون عام 2010 للدفاع عن السياسات الوسطية في المجتمع الأميركي تعد الأكثر تأثيراً نظراً إلى جهود الحركة لأن تكون على ورقة الاقتراع في الولايات الـ50 ومحاولاتها إقناع الناخبين بعدم تكرار انتخابات 2020 لأنهم يستحقون خياراً بديلاً، وهي تخطط لإصدار إعلان رسمي حول ما إذا كان سيتم تقديم أسماء مرشحين اثنين بحلول منتصف مارس، أولهما جمهوري لمنصب الرئيس والثاني ديمقراطي لمنصب نائب الرئيس، وخلال الأسبوع الماضي رفضت نيكي هايلي تلويح الحركة لها بأن تترشح على بطاقتها لتنافس كلاً من بايدن وترمب.

وفيما يعد اعترافاً بأهمية الحركة التي أخذ تأثيرها في الاتساع بجذب انتباه الأميركيين، حذرت مجموعة من المشرعين السابقين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي تضم السيناتور الديمقراطي دوغ جونز، والسيناتور الجمهوري جاك دانفورث، وزعيم الغالبية السابق في مجلس النواب ريتشارد جيبهاردت، من أن حملة حركة "من دون تسميات" الرئاسية ربما تسبب الفوضى وتخلق "أزمة دستورية" إذا نجحت في الفوز بولاية أو أكثر مما قد يحرم بايدن وترمب من الفوز بالحد الأدنى المطلوب للفوز بالانتخابات الرئاسية وهو 270 من أصوات المجمع الانتخابي (الهيئة الانتخابية) من إجمالي الأصوات وهو 538 من ثم يتم طرح الانتخابات لحسمها في مجلس النواب المنتخب في نوفمبر المقبل ليختار الرئيس في يناير (كانون الثاني) عام 2025 بحسب ما ينص التعديل الـ12 من الدستور الأميركي.

السيناريو الكابوس

وإذا كان البعض لا يعتقد أن ذلك يمكن أن يحدث، فإن النظر بإمعان إلى موسم الحملة الانتخابية الرئاسية غريب الأطوار يجعل هذا السيناريو الكابوس محتملاً بدرجة معقولة في هذه المرحلة بحسب ما يشير دوغلاس ماكينون، المستشار السياسي السابق في البيت الأبيض للرئيسين رونالد ريغان وجورج أتش بوش.

وفي حال عدم تمكن أي من المرشحين من الفوز بـ270 صوتاً من المجمع الانتخابي نتيجة وجود مرشح ثالث فاز بأصوات ولاية أو أكثر أو في حال تعادل كل من بايدن وترمب بـ269 صوتاً لكل منهما، وهو أمر ممكن حسابياً لكنه لم يحدث أبداً من الناحية العملية، فإن الأمر يحال على الكونغرس المنتخب حديثاً، حيث ينتخب مجلس النواب الرئيس، وينتخب مجلس الشيوخ نائب الرئيس، وذلك بموجب التعديل الـ12 للدستور الأميركي.

 

 

ويجري التصويت في مجلس الشيوخ بصورة مباشرة، إذ تتولى غالبية بسيطة من أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم 100 انتخاب نائب الرئيس، لكن في مجلس النواب يتم التصويت على أساس صوت واحد لكل ولاية، وليس بصورة فردية من قبل 435 نائباً، فيما يجتمع كل وفد من وفود الولايات الـ50 وتقرر غالبية أصوات كل وفد المرشح الرئاسي الذي يحصل على صوته، وبهذا يكون هناك نوع من المساواة بين الولايات بحيث تحصل الولايات ذات الكثافة السكانية المنخفضة مثل نورث داكوتا وساوث داكوتا على الأصوات نفسها التي تحصل عليها أكثر الولايات من ناحية الكثافة السكانية وهما كاليفورنيا وتكساس.

ولأن هناك 50 ولاية أميركية ينبغي الحصول على أصوات غالبية الولايات أي (26) من أجل تحقيق الفوز، في حين ينتخب أعضاء مجلس الشيوخ نائب الرئيس، ويكون لكل عضو في مجلس الشيوخ صوت واحد، ويلزم الفوز بغالبية أعضاء مجلس الشيوخ أي 51 صوتاً.

ويدلي وفود مجلس النواب بأصواتهم لمنصب الرئيس من بين المرشحين الثلاثة الذين حصلوا على أكبر عدد من الأصوات الانتخابية، في حين يقتصر تصويت أعضاء مجلس الشيوخ على أفضل مرشحين اثنين في تصويتهم لمنصب نائب الرئيس.

فوضى محتملة

غير أن هذه العملية لا تسير من دون فوضى محتملة، فالتعادل الواضح لا يعني أن هناك بالفعل تعادلاً، لأنه عندما يأتي الناخبون للإدلاء بأصواتهم وتمثيل ولاياتهم في الـ17 من ديسمبر (كانون الأول) 2024 (وهو أول يوم ثلاثاء بعد الأربعاء الثاني من شهر ديسمبر)، يجب الانتباه إلى أن نحو نصف الولايات الأميركية لديها قوانين تتطلب من ناخبيها التصويت للفائز بغالبية الأصوات الشعبية في الولاية، لكن من الممكن أن يدلي الناخب بصوته لصالح شخص آخر، وهو ما حدث في انتخابات عام 2016، عندما صوت سبعة ناخبين بصورة مختلفة عما كان ينبغي عليهم أن يفعلوه، وربما يتسبب حال تعادل الأصوات في فوضى وشكوك واتهامات.

لكن إذا ظلت الانتخابات تعادلية بعد تصويت الناخبين، يجتمع الكونغرس في جلسة مشتركة في السادس من يناير 2025 لفرز الأصوات الانتخابية، وهو ما يحدث سواء كانت الانتخابات متقاربة أو بغالبية ساحقة، وإذا لم يحصل أي مرشح على 270 صوتاً انتخابياً، يتولى مجلسا النواب والشيوخ مهامهما وينتخبان الرئيس ونائب الرئيس.

من يفوز بالرئاسة حال التعادل؟

في هذا العصر الذي ينقسم فيه الجمهوريون والديمقراطيون على أساس حزبي شديد، من المعقول الافتراض في البداية في الأقل، أن تصوت الغالبية العظمى من الأعضاء على أساس حزبي، وإذا نظرنا إلى تشكيلة مجلس النواب منذ أواخر سبتمبر (أيلول) 2023، نجد أن الجمهوريين يتمتعون بفارق 26-22 في وفود مجلس النواب بينما تظل ولايتان وهما مينيسوتا ونورث كارولينا منقسمتين بالتساوي.

ومع ذلك، فإن أعضاء الكونغرس الذين سيتم انتخابهم في نوفمبر المقبل 2024، والذين سيشغلون مناصبهم في يناير 2025، هم من سيتحملون هذه المسؤولية ويصوتون على اختيار الرئيس، مما يجعل تقدير الفائز من الآن مستحيلاً.

 

 

وإذا لم يتم التوصل إلى الغالبية في تصويت مجلس النواب وبقيت النتيجة متعادلة 25-25، ينبغي على هذا المجلس الاستمرار في التصويت حتى يتم كسر التعادل، وإذا ظل الطريق المسدود قائماً عندما تبدأ الولاية الجديدة للرئيس عند الساعة الـ12 ظهراً بتوقيت شرق الولايات المتحدة من يوم الـ20 من يناير، يصبح نائب الرئيس رئيساً بالنيابة إلى أن ينتخب مجلس النواب رئيساً.

بايدن وترمب وكينيدي

وحتى إذا لم تتمكن حركة "من دون تسميات" من ترشيح شخصيات بارزة مؤثرة يمكن أن تفوز بولاية أو أكثر، يمكن الافتراض في الوقت الحالي أن بايدن وترمب وكينيدي هم المرشحون الرئاسيون الثلاثة الذين حصلوا على أكبر عدد من الأصوات الانتخابية، على اعتبار أن روبرت كينيدي جونيور تمكن في المرحلة الأخيرة من حملته الانتخابية من اكتساب شعبية من المستقلين، وناخبي الأقليات والجمهوريين والديمقراطيين غير الراضين عن بايدن وترمب ثم فاز بعدد معقول من أصوات المجمع الانتخابي، وهنا يمكن تصور السيناريو الكابوس من دون مبالغات.

وعلى سبيل المثال، حصل المرشح المستقل روس بيرو عام 1992 على ما يقارب 20 في المئة من الأصوات، وكان أداؤه مثيراً للإعجاب على رغم أنه لم يفز بأي أصوات انتخابية، ومع ذلك كان آخر مرشح من حزب ثالث يفوز فعلياً بأصوات الهيئة الانتخابية هو جورج والاس عام 1968، إذ فاز بأصوات خمس ولايات جنوبية و46 صوتاً انتخابياً باعتباره ممثلاً للحزب الأميركي المستقل ضد المرشح الجمهوري ريتشارد نيكسون والمرشح الديمقراطي هيوبرت همفري.

كل هذا يعني أن مرشح حزب ثالث قوي يمكنه بسهولة أن يقلب القاعدة التقليدية في تنافس مرشحين فقط جمهوري وديمقراطي، مما يخلق مكائد سياسية، ويبقى السؤال هو هل يستطيع روبرت كينيدي جونيور أن يضاهي إجمالي أصوات المجمع الانتخابي التي حققها والاس أو يتجاوزه؟ وإذا تمكن من تحقيق مثل هذا العمل الفذ، سيقفز سؤال آخر حول كيفية تأثير ذلك على نتيجة الانتخابات النهائية.

المزيد من تقارير