Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قصة "الميزان" من الفراعنة إلى الثورة الرقمية

استخدم المصريون القدماء آلة القياس لتحقيق العدل والمساواة وأسهمت في تقدم تكنولوجي كبير خلال العصر الحديث

ظل الميزان محل تعديل وتحسين حتى أواخر القرن الـ17 (pexels)

ملخص

عثر علماء الآثار كذلك في الصين على أول ميزان مصنوع من الخشب والكتل البرونزية، في قبر يعود تاريخه للقرن الثالث قبل الميلاد في جبل Zuojiagong قرب تشانغشا، هونان بالصين

الميزان، كلمة تحمل مع نطقها أو التفكير فيها صورة مطبوعة في ذاكرتنا، فهي سهلة الاستحضار، خصوصاً شكله التقليدي ذا الكفتين، فقد حفر في رؤوسنا هذا التصميم الموغل في القدم، لكنه أيضاً ذو أبعادٍ مجازية في الحكمة الروحانية والقيم البشرية. فقد استخدم الميزان في تاريخ البشرية اصطلاحاً للدلالة على أهداف سامية مثل العدل والمساواة، فقيلت فيه حكم وأمثال كثيرة، ومنها، "الفضيلة والثروة ثقلان في كفتي ميزان لا يمكن أن يرتفع أحدهما من دون أن ينخفض الآخر"، وقيل، "يوزن المرء بقوله، ويقوّم بفعله"، وأيضاً، "كلام الرجل ميزان عقله" وغيرها كثير في جميع الكتب السماوية والحكمة التي صاغت أسس الحياة المتزنة والمتوازنة.

ولذلك تعتبر الحضارة الفرعونية من أوائل من استخدم الميزان كآلة ميكانيكية للحكم والعدل منذ حوالى عام 1878 قبل الميلاد، إذ كانت للميزان أهمية ورمزية روحية قوية، فصورت الجداريات الميزان الذي استخدمه الإله المصري أنوبيس لتحديد من يستحق دخول الجنة.

ولكن أقدم آثار عثر عليها لبقايا موازين الوزن كانت قرب نهر السند، قرب باكستان، ويعود تاريخها لحوالى 2000 قبل الميلاد، ومع تطور التجارة في العصور القديمة ظهرت الحاجة لتطوير الموازين لتقييم السلع من محاصيل وألبسة وذهب بهدف المقايضة على سلعهم.

 

توازن الكفتين

كان يتألف الميزان من عارضة "عاتق" beam تعلق من وسطها "مركز ثقلها"، وفي طرفيها كفّتان متوازنتان معلقتان بحبال من ليف أو جلد، فكان يوضع في إحدى الكفتين جسم وزنه "كتلته" غير معروفة، وتوضع في الكفة الأخرى أثقال معروفة الوزن للحصول على التوازن، فيكون وزن ذلك الجسم مكافئاً لتلك الأثقال.

تتطلب طريقة الوزن المباشر أن يكون ذراعا الميزان متساويين تماماً بالطول، فإذا تجاوز الخطأ الناجم عن عدم تساوي الذراعين الدقة المطلوبة، يمكن اللجوء إلى طريقة التعويض في الوزن. ولدى تبني مبدأ التعويض هذا، يضاف ثقل معاكس counterpoise weight إلى إحدى الكفتين لموازنة المادة المجهولة الوزن، وهذه الطريقة لا تتطلب سوى المحافظة على طول ذراعي العاتق كما هما في أثناء الوزن. وقد ظلت هذه الطريقة من دون تبديل طوال قرون عدة، غير أن تطور علم الميكانيك ودقة القياس وابتكار وسائل جديدة مثل التخميد المغنطيسي والشعاع الحامل وغيرها، مكّنت من تحقيق دقة عالية جداً، ومع ذلك لا تخلو مثل هذه الموازين من عيبين رئيسين موروثين عن موازين الكفتين هما، خطأ ناجم عن الذراع "الرافعة" وخطأ ناجم عن حساسية الميزان.

 

من الخشبي للزنبركي

وبما أن علماء الآثار اكتشفوا هذه القطع المصقولة والموحدة في المستوطنات المبكرة للبشر، فعثروا كذلك في الصين على أول ميزان وزن وهو مصنوع من الخشب والكتل البرونزية، وعثر عليه في قبر يعود تاريخه للقرن الثالث قبل الميلاد في جبل Zuojiagong قرب تشانغشا، هونان.

لكن الأوزان الحجرية استبدلت بأوزان معدنية أكثر دقة، عندما غزا الرومان بريطانيا. وبما أن الحكومات كانت تسعى إلى توحيد الموازين، فقد وضع نظام قياس لوقف ممارسات الوزن غير النزيهة بين التجار، كما استعمل الرومان في مطلع التقويم الميلادي الميزان القباني steelyard ونقله العرب عنهم وعرف بالقبان الروماني. وظل هذا النوع إلى جانب ذي الكفتين الأكثر شيوعاً في أنحاء مختلفة من العالم، وأدخلت عليهما تحسينات وتعديلات كثيرة نجمت عنها أنواع عدة من الموازين والأثقال المستعملة في الوزن.

وفي ما بعد بقي الميزان حقبة طويلة من الزمن محل تعديل وتحسين حتى أواخر القرن الـ17 مع بدء الثورة الصناعية التي استطاعت تحقيق تقدم تكنولوجي كبير، وطاول هذا التطور الميزان فأصبح أكثر دقة. كما توقف الميزان عن استخدام الأثقال الموازنة بعد أن قام البريطاني ريتشارد سالتر بتطوير الميزان الزنبركي حوالى عام 1770، إذ عمل الميزان الزنبركي على حساب الوزن باستخدام تأثيرات الجاذبية وفقاً لقانون هوك "نسبةً للفيزيائي الإنجليزي روبرت هوك"، إذ يحدد وزن الجسم عن طريق قياس القوة المطبقة على الزنبرك، وظلت الموازين الزنبركية هي النوع الأكثر استخداماً على نطاق واسع في كل من البيئات التجارية والمنزلية نظراً إلى انخفاض كلفتها، ولكنها ليست دقيقة تماماً مثل الأنظمة الإلكترونية التي تم تصميمها وتحسينها خلال القرن الـ20.

 

آلية عمل خلية الحمل في الرقمي

ونتيجة لاختراع ميزان الوزن الرقمي الحديث، ظهرت القدرة على قياس الوزن بدقة في القرن الماضي، إذ لا تتأثر دقة الميزان الرقمي بالتغيرات في مجال الجاذبية المحيطة، على عكس المقاييس القائمة على الزنبرك، ولا يعرف من اخترع المقياس الرقمي الأول، لكن الوثائق تشير إلى أن ريتشارد لوشبو وإدوارد بريور كانا أول من قدما طلب براءة اختراع لمقياسهما الرقمي عام 1980.

وتستخدم الموازين الحديثة بصورة عامة نظام تحميل خلية الحمل لقياس الوزن، وخلية الحمل عبارة عن جهاز يحول القوة الموضوعة على الميزان إلى إشارة كهربائية تتناسب مع الوزن، وترسل هذه الإشارة الكهربائية إلى دائرة القياس التي تفسرها وتعرض قيمة الوزن على شاشة الميزان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما يوجد في قلب خلية الحمل جهاز استشعار للضغط، وهو عبارة عن نوع من الزنبرك المصغر، فعند جعل قوة ضاغطة على خلية الحمل، فإن مستشعر الضغط يتمدد أو ينضغط قليلاً، مما يسبب تغيرات في مقاومته الكهربائية، ويقاس هذا التغير في المقاومة باستخدام جسر ويتستون، وهو دائرة قياس شائعة الاستخدام في خلايا الحمل.

والموازين هي أدوات تستخدم على نطاق واسع في مجالات مختلفة مثل الصناعة والطبخ والصيدلة والبحث العلمي وفي الصناعة، إذ تستعمل الموازين لوزن المواد والمنتجات ومراقبة الجودة وإجراء حسابات الجرعات، وفي المطبخ تعتبر الموازين مفيدة لقياس المكونات بدقة وتحقيق نتائج متسقة عند تحضير الطعام باستخدام إحدى مميزات الموازين الرقمية الحديثة التي تحوي وظيفة الوزن الفارغ، لذا فهي تسمح بطرح وزن الحاوية أو الحاوية الفارغة للحصول على الوزن الصافي للكائن الذي يتم وزنه.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات