Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مداهمات إسرائيل في الضفة تضع هيبة السلطة على المحك

الأمن الفلسطيني يسعى إلى فرض القانون والنظام فيما يستبعد مراقبون تحقيقهما من دون إعلان إقامة دولة على "حدود 67"

عناصر من الأمن الفلسطيني في الضفة الغربية (رويترز)

ملخص

تسعى السلطة الفلسطينية إلى فرض النظام والهدوء في الضفة الغربية، مما يستلزم قيامها بعمليات اعتقال وملاحقة الخارجين عن القانون، وحتى مسلحي المقاومة.

في ظل تحديات ميدانية وسياسية غير مسبوقة والتزامات يفرضها "اتفاق أوسلو"، تسعى المؤسسة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية إلى "فرض القانون والنظام وضبط نشاط المقاومة، من دون أفق سياسي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي".

وتسعى السلطة الفلسطينية إلى فرض النظام والهدوء في الضفة الغربية، مما يستلزم قيامها بعمليات اعتقال وملاحقة الخارجين عن القانون، وحتى مسلحي المقاومة، سواء من حركتي "حماس" و"الجهاد" أو تلك المحسوبة على حركة "فتح".

لكن ذلك السعي تحبطه وتفشله دائماً، وفق مسؤولين فلسطينيين، اقتحامات الجيش الإسرائيلي المتكررة لجميع مدن وقرى وبلدات الضفة الغربية، وهجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين، وكل ذلك يقف وراؤه "غياب أي أفق سياسي يعطي الأمل للفلسطينيين بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي"، ولذلك تناشد السلطة الفلسطينية الإدارة الأميركية "الضغط على إسرائيل لإجبارها على قبول إقامة دولة فلسطينية على ’حدود 67‘".

إنهاء الاحتلال

ووفق أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ فإنه "من دون أفق سياسي لا يمكن الوصول إلى حال من الهدوء والاستقرار"، وشدد على أن "الخيارات الأمنية والاقتصادية على أهميتها ليست بديلاً عن المسار السياسي، فالمطلوب مفاوضات لإنهاء الاحتلال".

ومع سعي الإدارة الأميركية إلى تعزيز وضع السلطة الفلسطينية وتنشيطها ضمن خطط واشنطن لليوم التالي للحرب على قطاع غزة، فإن السلطة الفلسطينية تعمل على إظهار جهوزيتها لذلك".

ويشكل "مخيم جنين"، كباقي مخيمات الضفة الغربية، أبرز التحديات الأمنية أمام السلطة الفلسطينية، حيث تنشط فيه مجموعات مسلحة منذ أعوام، كما تنتهج إسرائيل سياسة اقتحام المخيم للقضاء على تلك المجموعات تحت مرأى وسمع الأمن الفلسطيني المقيد بالتزامات مع إسرائيل.

لكن ذلك لم يمنع سقوط قتلى من الأمن الفلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي خلال عمليات الاقتحام، في ظل قيود رسمية على تصدي الأمن الفلسطيني للجيش الإسرائيلي والمستوطنين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكبقية مخيمات الضفة الغربية فإن الأمن الفلسطيني لا يسيطر على "مخيم جنين" ولا يستطيع العمل داخله، وذلك منذ تأسيس السلطة الفلسطينية قبل 30 عاماً.

وأصبح "مقر المقاطعة" التابع للسلطة الفلسطينية في مدينة جنين رمزاً لانهيار هيبة السلطة وانتشار الفوضى في المدينة، إذ يتعرض إلى إطلاق نار متكرر من قبل مسلحين يأتون من "مخيم جنين".

وتأتي عمليات إطلاق النار تلك كرد على اعتقال الأمن لفلسطينيين متهمين بإثارة الفوضى وارتكاب جرائم جنائية، وأحياناً العمل المسلح ضد إسرائيل.

وقبل أسبوعين سرق مسلحون فلسطينيون يرتدون زي الجيش الإسرائيلي قطعتي سلاح من شرطيين فلسطينيين في مدينة نابلس وهربا إلى مخيم جنين، وبعد أيام أعلن الأمن الفلسطيني القبض على اثنين من المتورطين في السرقة واستعادة قطعتي السلاح.

وأوضح المتحدث باسم المؤسسة الأمنية الفلسطينية طلال دويكات أن "الأمن الفلسطيني سيواصل جهوده في ملاحقة بقية أفراد المجموعة بهدف اعتقالهم وتقديمهم إلى العدالة الفلسطينية".

وأشار دويكات إلى أن الأمن الفلسطيني "سيبقى العين الساهرة لحماية النظام والقانون ومحاربة كل مظاهر الفوضى".

وقال مسؤول حقوقي فلسطيني رفض الكشف عن اسمه لحساسية الموضوع، إن "الاقتحامات المستمرة للجيش الإسرائيلي لجنين تؤثر في أداء السلطة الفلسطينية وهيبتها"، مشيراً إلى أن حضورها "ضعيف في ظل انتشار السلاح والمركبات غير القانونية".

وأشار المسؤول إلى أن الأمن الفلسطيني اعتقل عدداً من الفلسطينيين بينهم عناصر في حركتي "حماس" و"الجهاد" في جنين بعضهم تطاردهم إسرائيل، وأوضح أن "عربات مصفحة تابعة للأمن الفلسطيني تنتشر على محاور مدينة جنين في محاولة لفرض الأمن".

ووفق المسؤول فإن مقر المقاطعة في جنين يتعرض باستمرار إلى إطلاق نار، مضيفاً أنه "تعرض لهجوم واسع من عشرات المسلحين الذين خرجوا من مخيم جنين بعد محاولة اعتقال قيس السعدي العضو في كتائب القسام".

وأصيب السعدي بجروح في إحدى قدميه برصاص الأمن الفلسطيني خلال محاولة اعتقاله، ووفق المسؤول في المنظمة الحقوقية فإن الأوضاع في جنين متوترة للغاية وعلى صفيح ساخن.

سوء تعامل

ووثقت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ثلاث حالات قتل لفلسطينيين خلال الأشهر الماضية بينهم أطفال، "بسبب سوء تعامل الأمن الفلسطيني".

وقال المدير العام للهيئة عمار الدويك لـ "اندبندنت عربية" إن ما حصل مع السعدي يعتبر الحادثة الثانية خلال أسبوعين التي يتكرر فيهما إطلاق الأمن الفلسطيني الرصاص على مطلوبين وإصابتهم بجروح، من دون تهديد لحياة أفراد الأمن.

وطالب الدويك النيابة العسكرية الفلسطينية بـ "فتح تحقيق فوري في الحادثة وإعلان نتائج التحقيق، وتقديم كل من يثبت تورطه في مخالفة القانون أو تعليمات إطلاق النار من الأجهزة الأمنية للمساءلة".

 

ودعا الدويك جميع الجهات والفعاليات والأجهزة الأمنية والمواطنين إلى "ضبط النفس والاحتكام إلى القانون والحفاظ على السلم الأهلي وحماية الممتلكات الخاصة والعامة".

واعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت إبراهيم ربايعة إن إسرائيل سببت "تشوهات في حال السلطة الفلسطينية وعملها ودورها".

ووفق ربايعة فإن تلك الحال خلقت إرباكاً للمؤسسة الأمنية الفلسطينية والفلسطينيين، بسبب التناقض الذي يجمع بين سحب السيطرة بصورة كاملة من الأمن الفلسطيني لمصلحة الإبقاء على المؤسسة الأمنية".

وأشار ربايعة إلى أن اقتحامات الجيش الإسرائيلي لجميع مناطق (أ) في الضفة الغربية تؤدي إلى غياب الأمن الفلسطيني وضرب دوره، مشدداً على أن استعادة الأمن وفرض القانون في الضفة يتطلب حزمة شاملة من تحسين الوضع الاقتصادي وتسوية أوضاع المطاردين كما حصل بعد عام 2008.

ويرى المحلل السياسي جهاد حرب أن هناك حالاً فلسطينية فريدة من نوعها تجمع بين وجود مسلحين مقاومين لإسرائيل ومجرمين، مشيراً إلى صعوبة الفصل بينهما.

ووفق حرب فإن السلطة الفلسطينية مطالبة بفرض القانون والنظام في ظل دعوات أميركية إلى قيام السلطة بواجباتها الأمنية، وإظهار أنها تؤدي دورها كجزء من التحضير للمسار السياسي القادم الذي يتضمن عودة السلطة لحكم قطاع غزة.

لكن حرب أشار إلى أن اقتحام الجيش الإسرائيلي للمدن الفلسطينية "يفشل مساعي الأمن الفلسطيني لفرض الأمن والنظام ويضرب هيبته"، مستبعداً إمكان الفصل بين حملة السلاح من المقاومة الفلسطينية وبين المجرمين، ومشيراً إلى أن التجربة أثبتت صعوبة ذلك بسبب التداخل والفصائلي والاجتماعي العلاقة الشائكة"، ومشيراً إلى أن مخيمات الضفة الغربية "أصبحت جيوباً للفقر لأن السلطة الفلسطينية منذ تأسيسها لم تضعها في حساباتها".

المزيد من متابعات