Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الذكاء الاصطناعي يقلب المعادلات بتسريع تطوير الأدوية

يمكن أن يحقق وفراً في الوقت والكلف بنسبة تتراوح بين 25 إلى 50 في المئة على الأقل

تسعة من كل عشرة أدوية تدخل التجارب السريرية لا تحصل على الموافقة (Morgan Healthcare Conference)

ملخص

الذكاء الاصطناعي يعمل على زيادة الإنتاجية البشرية، وأتمتة العمليات التنظيمية، وتمكين اكتشاف أدوية جديدة، وهو ما لا يمكن للكيميائيين تصوره بمفردهم

لطالما سعى الباحثون إلى إيجاد مسار سريع لاكتشاف الأدوية وتطويرها، إذ يستغرق تطوير وطرح الدواء في الأسواق ما بين 12 إلى 15 عاماً منذ بدء برنامج الاكتشاف، إلى النقطة التي تمنح فيها الهيئات الوطنية لتنظيم الأدوية الموافقة على التسويق، فضلاً أن تسعة من كل عشرة أدوية تدخل التجارب السريرية لا تحصل في النهاية على الموافقة، في حين تشير التقديرات إلى أن تكلفة طرح الدواء في الأسواق تبلغ نحو 2.5 مليار دولار أميركي.

لكن كل ذلك بدأ يتبدل بفضل ثورة الذكاء الاصطناعي والحوسبة التي تعمل على تغيير صناعة الأدوية بشكل ديناميكي، وتبشر بعصر جديد من تطويرها بطرق أفضل وأسرع وأرخص. وقد شهد العالم في مؤتمر "جي بي مورغان للرعاية الصحية"، الذي عقد مطلع هذا العام، تركيزاً مكثفاً من قبل شركات الأدوية على ضرورة استخدام الذكاء الاصطناعي لتسريع الابتكار الصحي.

وهذا ما تؤكده بطبيعة الحال أرقام وكالة "ديب فارما إنتيليجينس" المتخصصة في مجال التحليلات الاستراتيجية والاستثمارية والتي تركز على الأسواق الناشئة في مجال الأدوية، التي تفيد بوجود زيادة بمقدار 27 ضعفاً في حجم رأس المال المستثمر في شركات الأدوية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي حيث تلقت الشركات الـ 800 الرائدة في هذا المجال تمويلاً بقيمة 59.3 مليار دولار منذ أواخر عام 2022.

وتستخدم شركات الأدوية حالياً بيانات التجارب السابقة والروبوتات والصور بدلاً من أساليب البحث العلمي التقليدية القائمة على المختبر، لاكتشاف أهداف دوائية جديدة بسرعة غير مسبوقة. وهناك شراكات مهمة يشهدها هذا المجال كتعاون شركتي "فايزر" و"أي بي أم" لتسريع اكتشاف الأدوية في علاج الأورام المناعي، وتعاون "سانوفي" مع شركة "إكسينشيا" في استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد أهداف أدوية الأمراض الأيضية.

سرعة قياسية

ويتضمن تطوير الأدوية عدداً من الخطوات المحددة، وغالباً ما يبدأ بتحديد الهدف البيولوجي المسؤول عن المرض وهذا ما يسمى بمرحلة "الاكتشاف". بعد ذلك ينتقل العلماء إلى مرحلة التجارب ما قبل السريرية التي تتضمن اختبارات تساعدهم على فهم كيفية تفاعل الدواء في جسم الحيوان. وتستغرق مراحل الاكتشاف والاختبارات ما قبل السريرية ستة أعوام في المتوسط من العمل المضني.

وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي في قلب المعادلات، حيث خلصت دراسة لمجموعة "بوسطن الاستشارية" الأميركية، إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحقق وفراً في الوقت والكلف بنسبة تتراوح بين 25 إلى 50 في المئة على الأقل في اكتشاف الأدوية حتى المرحلة ما قبل السريرية، وأفادت بأن 20 شركة أدوية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لديها بالفعل 158 دواءً مرشحاً في مجال الاكتشاف والتطوير ما قبل السريري.

وبالفعل تمكنت شركة "إنسيليكو ميديسين" للتكنولوجيا الطبية العام الماضي، من إكمال المرحلة الأولى من التجارب السريرية مع مرشح دوائي مصمم بواسطة الذكاء الاصطناعي لعلاج التليف الرئوي المزمن المجهول السبب الذي يسبب ندبات في الرئتين، وهو نوع نادر من أمراض الرئة المزمنة. وقد نجحت الشركة في إتمام مراحل الاكتشاف والمراحل ما قبل السريرية في 30 شهراً فحسب. وفي يونيو (حزيران) من العام الماضي، بدأت الشركة ذاتها تجارب المرحلة الثانية، والتي تدرس مدى جودة عمل الدواء بمزيد من التفصيل.

جذب المستثمرين

وإذا ما أردنا الغوص في التفاصيل، سنجد أنه في مرحلة تحديد الدواء، يمثل قياس بيانات الجدوى البيولوجية والسريرية أولوية قصوى لشركات التكنولوجيا الحيوية والأدوية. ومن خلال تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي التي تحلل كميات هائلة من المعلومات مثل المؤلفات العلمية، وبراءات الاختراع، وبيانات التجارب السريرية، واتجاهات السوق، تصبح الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية قادرة على إظهار مزاياها التنافسية للمستثمرين المحتملين في مراحل مبكرة.

ونتيجة لذلك، يمكن لهذه الشركات الناشئة زيادة فرصها في تأمين التمويل من خلال عرض نقاط قوتها وقدراتها الفريدة، مدعومة بالتقييمات الكمية الناتجة من الأدوات التحليلية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. كما ستصبح قادرة على اتخاذ قرارات أفضل في محافظها الاستثمارية، وتوزيع رأس المال بشكل أكثر كفاءة، وستكون في وضع أقوى للحصول على الموافقة وتحقيق عائد استثمار أقوى.

أما المجال الثاني حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحقق قيمة هائلة لعملية تطوير الأدوية، فيتجسد باستخدام أنظمة لغوية كبيرة، لتسريع وظائف تطوير الأدوية المهمة مثل العمليات والجودة والتنظيم. وعلى سبيل المثال، يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي تحليل الوثائق والمبادئ التوجيهية واللوائح الشاملة بسرعة لضمان بقاء شركات الأدوية متوافقة ومحدثة بشأن أحدث المتطلبات من السلطات التنظيمية. ولا يؤدي هذا الأمر إلى زيادة الكفاءة فحسب، بل يساعد أيضاً في تقليل أخطار عدم الامتثال، التي قد تؤدي إلى تأخير عمليات تطوير الأدوية والموافقة عليها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تهافت شركات الأدوية العالمية

إنطلاقاً من كل ما ذكرناه سابقاً، تتهافت شركات الأدوية العملاقة لاعتماد الذكاء الاصطناعي، ومن الأمثلة البارزة على ذلك شركة "نوفارتيس" السويسرية التي تمتلك حالياً أكثر من 150 مشروعاً دخلت بموجبها في شراكة مع "مايكروسوفت" و"نفيديا"، بهدف توسيع نطاق الذكاء الاصطناعي على مدار عقد من الزمن لتحسين الخدمات والكلف والنتائج الصحية.

بدورها، تستكشف شركة "يانسن" الصيدلانية البلجيكية الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الأدوية والتجارب السريرية وتشخيص الأمراض والتصنيع، عبر خدمة Trials360.ai التي صممتها لتحسين تصميم التجارب والوصول إلى نتائج أفضل.

وأبرمت شركة "بريستول مايرز سكويب" الأميركية اتفاقية مع شركة "إكسينشيا" البريطانية لاستخدام الذكاء الاصطناعي واكتشاف الأدوية الجزيئية الصغيرة. وسيستخدم التعاون منصات الذكاء الاصطناعي الخاصة بشركة "إكسينشيا" لتسريع اكتشاف الأدوية الجزيئية الصغيرة المرشحة عبر مجالات مرضية متعددة، بما في ذلك علم الأورام والمناعة.

وفي الإطار ذاته، تتعاون شركة "باير" الألمانية مع "إكسينشيا" لاكتشاف الأدوية الجزيئية الصغيرة بمساعدة الذكاء الاصطناعي. وتعمل الشركتان على ثلاثة مشاريع أولية تركز على أمراض القلب والأوعية الدموية والأورام. وبموجب الاتفاقية، قد تتلقى "إكسينشيا" ما يصل إلى 240 مليون يورو على شكل مدفوعات، بما في ذلك تمويل البحوث مقدماً، والتجارب السريرية.

من جهتها، أعلنت شركة الرعاية الصحية السويسرية "روش" عن أكثر من 25 شراكة في مجال الذكاء الاصطناعي، وأنشأت مركزها الضخم لدمج تقنياته في عالم الأدوية والطب.

وكشفت شركة "إيلي ليلي" الأميركية التي تبلغ قيمتها السوقية أكثر من 740 مليار دولار، عن نيتها تنمية "القوى العاملة الرقمية المكافئة" إلى 2.4 مليون ساعة، أو 274 عاماً من العمل البشري، من خلال أكثر من 100 مشروع للذكاء الاصطناعي. وأشار الرئيس التنفيذي لشركة الرعاية الصحية العملاقة ديفيد ريكس إلى أنه يرى أن الذكاء الاصطناعي يعمل على زيادة الإنتاجية البشرية، وأتمتة العمليات التنظيمية، وتمكين اكتشاف أدوية جديدة، وهو ما لا يمكن للكيميائيين تصوره بمفردهم.

وتعمل شركة "فايزر" الأميركية على تعزيز التجارب السريرية للأورام باستخدام الذكاء الاصطناعي. وتقوم أيضاً بإنشاء مركز بحوث مخصص لإنشاء نماذج وأدوات تنبؤية جديدة واستخدام تعلم الآلة لاستكشاف الفيزيولوجيا المرضية للأمراض وإنشاء فرضيات قابلة للاختبار. فيما تعكف شركة "أسترازينيكا" البريطانية على تطبيق التعلم الآلي لتحديد وتطوير علاجات جديدة لمرض الكلى المزمن والتليف الرئوي مجهول السبب.

اقرأ المزيد

المزيد من علوم