Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العمال الفلسطينيون رهائن إخفاقات الـ7 من أكتوبر

تحقيقات وتعذيب وتوصية بعودتهم إلى إسرائيل لمنع انتفاضة ثالثة

حسم جهاز الأمن الداخلي في إسرائيل "الشاباك" ألا علاقة للعمال الفلسطينيين بتاتاً بأحداث أكتوبر (أ ف ب)

ملخص

معظم الغزيين الذين تم اعتقالهم في الحرب يتم احتجازهم في البداية في قاعدة "سديه تيمان" في منشآت تشبه الحظائر

بعد خمسة أشهر من حرب "طوفان الأقصى"، وتعرض آلاف العمال الفلسطينيين الذين كانوا موجودين في إسرائيل يوم اندلاع الحرب، أو أولئك الذين تم اعتقالهم من غزة والضفة خلال الحرب بهدف التحقيق معهم، حسم جهاز الأمن الداخلي في إسرائيل "الشاباك"، ألا علاقة للعمال الفلسطينيين، بتاتاً، بأحداث أكتوبر (تشرين الأول) 2023، سواء بمشاركتهم أو نقل معلومات لحركة "حماس" ساعدت في الوصول إلى أهداف داخل إسرائيل، عسكرية ومدنية.

 

والتحقيق شمل نحو 3 آلاف عامل فلسطيني بعد أن تبين أن "حماس" استخدمت، عشية الهجوم على إسرائيل، شرائح اتصال لشركات إسرائيلية إلى جانب نجاح اختراق الحدود ومعسكرات الجيش والبلدات بصورة دقيقة بعد إبطال عمل منظومة "القبة الحديدية"، أو كاميرات المراقبة، وغيرها من المعدات التي لم يقتنع معظم الإسرائيليين بأن نجاح الحركة تم من دون تعاون ومساعدة جهات توجد في إسرائيل.

تعذيب

خمسة أشهر تعرض خلالها العمال الفلسطينيون لشتى أعمال التعذيب خلال الاعتقال أو التحقيق معهم، وحتى الإعلان عن استخلاص تحقيق "الشاباك" حول عدم علاقتهم بالأحداث، تبين أن 27 معتقلاً غزياً توفوا في منشآت الاحتجاج في إسرائيل.

وكشف تقرير إسرائيلي عن أن العمال المعتقلين توفوا في قاعدة "سديه تيمان" قرب بئر السبع، التي أقيمت خصيصاً بعد اندلاع الحرب، وتحتجز آلاف الغزيين من دون معرفة أية تفاصيل عنهم، أو في قاعدة "عنتوت" قرب القدس، أو اثناء التحقيق في مراكز تحقيق أخرى في إسرائيل.

وفيما رفض الجيش تقديم معلومات عن ظروف موتهم، أشار إلى أن بعضهم أصيب في القتال وآخرين عانوا وضعاً صحياً معقداً قبل الاعتقال.

وسرية ظروف اعتقالهم جاءت أيضاً ضمن التحقيقات التي أجراها "الشاباك" في ذروة النقاش الإسرائيلي حول السماح للعمال الفلسطينيين بدخول إسرائيل للعمل. وقد حرص الجيش على اعتقال آلاف الغزيين، بينهم العمال، وفق قانون "المقاتلين غير القانونيين" الذي يسمح بسجن، من دون محاكمة، من شارك في نشاطات عدائية ضد الدولة ولم يتم اعتباره في إسرائيل أسير حرب.

قاعدة "سديه تيمان"

معظم الغزيين الذين تم اعتقالهم في الحرب يتم احتجازهم في البداية في قاعدة "سديه تيمان" في منشآت تشبه الحظائر، وفق ما وصف التقرير الإسرائيلي الذي نشرته صحيفة "هآرتس". وأثناء الاعتقال يتم التحقيق معهم من قبل وحدة الاستخبارات 504. وبضع مئات أخرى يتم اعتقالهم في إسرائيل ضمن إجراء جنائي بقوة قانون العقوبات، وعدد غير معروف من الغزيين ما زالوا محتجزين في منشآت الاعتقال العسكرية.

تسريبات عدة من داخل مكان احتجاز الغزيين أو ما كشف عنه المفرج عنهم بعد اعتقالهم خلال الحرب، كشفت ظروف اعتقالهم الخطرة إذ يتم احتجازهم وهم مكبلون وعيونهم معصوبة طوال اليوم، وبعضهم، الذين تم إطلاقهم وتمت إعادتهم إلى غزة، تحدثوا عن تعرضهم لعنف من قبل الجنود وأثناء التحقيق.

وفي صور لمعتقلين تم تحريرهم ظهرت علامات على أيديهم نتيجة التكبيل مدة طويلة، وتطابق شهادات المعتقلين أقوال مصدر إسرائيلي يعرف "سديه تيمان" قائلاً إن الجنود تعودوا على معاقبة المعتقلين وضربهم.

اثنان من المعتقلين العمال، الذين توفوا داخل السجن الإسرائيلي من غزة، كانا موجودين في إسرائيل مع تصريح واعتقلا عند اندلاع الحرب.

وفي أعقاب هجوم السابع من أكتوبر ألغت إسرائيل تصاريح العمل لسكان غزة، وهؤلاء تم اعتقالهم واحتجازهم في منشآت في الضفة الغربية.

أحد العمال كان مريض سكري ومات أثناء الاعتقال في معسكر "عنتوت" لعدم تلقيه العلاج الذي يحتاج إليه، أما العامل الثاني فقد اعتقل وكان يعاني مرض السرطان وتوفي في معسكر "عوفر"، إضافة إليهما، توفي 27 غزياً في منشآت الاعتقال العسكري نهاية فبراير (شباط) الماضي، وسط تعتيم كامل حول أسباب الوفاة.

مصالح الحرب

وعلى مدى الشهرين الأخيرين شهدت إسرائيل نقاشاً واسعاً حول عودة العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل، وأوصت الأجهزة الأمنية بضرورة إعادتهم انطلاقاً من أن الوضع الاقتصادي الخطر الذي تشهده الأراضي الفلسطينية منذ بداية حرب "طوفان الأقصى"، من شأنه أن يمنع تصعيداً أمنياً وصولاً إلى انتفاضة ثالثة بسبب الضائقة الاقتصادية.

ومع اقتراب شهر رمضان تنظر الأجهزة الأمنية بخطورة إلى تداعيات حالات الفقر التي يعيشها الفلسطينيون وفقدان مصادر رزقهم.

وأوصى معهد أبحاث الأمن القومي في إسرائيل أصحاب القرار باتخاذ قرار فوري بمنح تصاريح للعمال الفلسطينيين والسماح لهم بالعودة لإسرائيل للعمل "مع حلول شهر رمضان قد تسهم العودة التدريجية والمضبوطة للعمال الفلسطينيين، الذين لا يشكل عملهم خطراً أمنياً، في تخفيف التوترات المتزايدة بسبب الوضع الاقتصادي، ومنع تفشي الغضب على نطاق واسع إذ إن توقف أكثر من 140 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية عن العمل في إسرائيل في أعقاب الحرب يشكل طبقة أخرى من العبء الواقع على كاهل العمال".

ويرى معدو البحث أن "للعمل في إسرائيل أهمية كبيرة بالنسبة إلى الاقتصاد الفلسطيني، وهو يرتكز على عديد من أقسام اتفاقات أوسلو، التي وضعت إجراءات وقواعد لتشغيل العمال. ويتطلب بروتوكول باريس، الموقع عام 1994 بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، تقديم المساعدة للاقتصاد الفلسطيني من أجل تعزيز نموه، ولكنه عملياً أنشأ اتصالاً واعتماداً متبادلاً بين الاقتصاد الفلسطيني والاقتصاد الإسرائيلي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب المعطيات، وعشية "طوفان الأقصى"، عمل نحو 165 ألف فلسطيني في إسرائيل وفي مستوطنات الضفة الغربية، ونحو 130 ألفاً منهم يعملون بتصاريح، وعدد آخر يقدر بـ34 ألفاً من دون تصاريح.

ومنذ بداية الحرب، خسر نحو 150 ألف عامل من العمال الذين عملوا داخل "الخط الأخضر" مصدر رزقهم، الذي كان يعتمد على سوق العمل الإسرائيلية.

وبحسب البحث فإن "الدخل من العمل في إسرائيل وفي المستوطنات يمثل نحو 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني".

وبحسب المعطيات، أدخل هؤلاء العمال، عام 2022، أكثر من 4 مليارات دولار إلى الاقتصاد الفلسطيني، في حين بلغ إجمالي الموازنة السنوية للسلطة الفلسطينية، في ذلك العام، نحو 6 مليارات دولار.

اليوم، وبعد قرارات الحكومة الإسرائيلية أصبحت السلطة الفلسطينية معرضة لخطر الانهيار الاقتصادي، فالاقتصاد الفلسطيني، الذي يعاني معدل بطالة وصل منذ الحرب إلى نحو 40 في المئة، غير قادر على أن يوفر لمن يتمكن من العثور على عمل في الضفة الغربية مستوى الأجور نفسه الذي تقدمه لهم سوق العمل الإسرائيلية.

وجاء في بحث معهد الأبحاث الإسرائيلي أن منع دخول العمال الفلسطينيين يضر أيضاً بالاقتصاد الإسرائيلي. وكان معظم العمال الفلسطينيين الذين عملوا في إسرائيل، عشية الحرب، يعملون في قطاعات البناء والزراعة والمطاعم، كما أن الأضرار التي لحقت بصناعة البناء كبيرة خصوصاً إذ إنها توظف 100 ألف عامل فلسطيني. وأشار البحث إلى أن محاولات إيجاد عمال بديلين من إسرائيل أو من دول أخرى، كما في حالات مماثلة في الماضي، أصبحت أمراً صعباً "وغير مجدية نظراً إلى مهارة العمال الفلسطينيين ومهنيتهم، وبسبب شروط التوظيف التفضيلية التي لا تلزمهم بالمبيت في أراضي إسرائيل".

أضاف البحث "الإسرائيليون لا يقبلون على هذا النوع من العمل كما أن جلب العمال من البلدان التي تعاني البطالة في شرق آسيا عملية تنطوي على استيعاب وتدريب طويل الأمد. ومع استمرار ارتفاع الطلب على الشقق، فإن تجميد البناء سيؤدي إلى زيادات حادة في الأسعار في السنوات المقبلة بسبب النقص المحتمل في الشقق الجديدة".

الاستنتاجات والتوصيات

وخلص بحث معهد أبحاث الأمن القومي إلى التحذير من تداعيات عدم عودة العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل "الاقتصاد في مناطق السلطة الفلسطينية آخذ في التدهور، وقدرتها على إيجاد مصادر موازنة بديلة لتلك التي استقطعتها إسرائيل ضعيفة للغاية، وتأثرت حركة التجارة في الأسواق نتيجة قلة دخل العمال في إسرائيل والتهديدات بالانهيار التي كثيراً ما تسمع من الفلسطينيين". وانتهى البحث بالتأكيد أنه "عشية ليالي رمضان، عندما يتزايد الاستهلاك في الأسواق، وكذلك التجمعات الشرائية والاجتماعية، مع اتساع الأجواء العنيفة في الضفة الغربية وتساقط الدمار الشديد والخسارة والغضب في إسرائيل، لا بد من اتخاذ إجراءات لتخفيف التوترات ومنع انتشار الغضب على نطاق واسع في الضفة الغربية. الإعلان عن العودة التدريجية للعمال إلى إسرائيل، حتى لو بدأت عملية التنفيذ في نهاية شهر رمضان، سيبعث الأمل بين كثر تعتمد سبل عيشهم على العمل في إسرائيل".

المزيد من الشرق الأوسط