Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شهر على إطلاق نظارة "أبل"... فماذا رأينا فيها؟

نجحت في إبهار المستخدمين عبر تجربة لا تنسى فالعناصر الافتراضية كانت مقنعة في حين بدا العالم الحقيقي خلفها أصيلاً وملموساً

هذا المنتج لم يستوف المعايير المتوقعة منه فحسب بل تجاوزها بالفعل (أ ف ب)

ملخص

ثمن الجهاز هو 3400 دولار، ويمتاز بتصميم جذاب بحيث يركز بشدة على عدم عزل الناس عن العالم الحقيقي من خلال تقنية "عبور الفيديو"

شهر كامل مر منذ إطلاق أول إصدار من نظارة "أبل"، التي أعلن عنها في مؤتمر سابق هذا العام كمحاولة لإعادة روح الابتكار إلى الشركة بعد سنين من الرتابة في شأن إطلاق أجهزتها الجديدة، وبخاصة أن آخر منتج أطلقته "أبل" كان الساعة الذكية، وأيضاً السماعات الخاصة بها، ثم لا شيء بعدهما.

فكل سنة كانت "أبل" تعلن فقط عن تحديثات بسيطة على أجهزتها من دون أن تقدم مزايا كبيرة سوى بعض التعديلات على أجهزتها من دون تغيير واضح، لذلك كانت الشركة تحتاج إلى إطلاق منتج جديد أو عمل تغييرات جذرية في أحد منتجاتها حتى تستطيع مواكبة التطور وزيادة حصتها السوقية.

بعد شهر من الإطلاق حصلت نظارة "أبل" على مبيعات لا بأس بها، حيث لم تكن الشركة تعول على بيع أعداد كبيرة منها، مقارنة بأجهزة "ماك" و"أيفون" و"أيباد"، والسبب واضح، وهو احتياج "أبل" عدداً محدوداً من المستخدمين لتجربة المنتج، لإتاحة مساحة للتحسين والتطوير.

كمبيوتر مكاني

وكانت "أبل" وصفت خلال مؤتمرها السنوي الذي أقيم في ولاية كاليفورنيا، يونيو (حزيران) 2023، النظارة الجديدة بـ"كمبيوتر مكاني"، إذ يتم فيها دمج الوسائط الرقمية مع العالم الحقيقي، ويمكن استخدام المدخلات المادية مثل الإيماءات للتفاعل مع النظام.

وقال الرئيس التنفيذي للشركة تيم كوك، إن "مزج المحتويات الرقمية مع العالم الحقيقي سيتيح ابتكار تجارب جديدة لم نشهدها من قبل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشارت "أبل" خلال مؤتمرها إلى أن الواجهة الرقمية لاستخدام النظارة يطلق عليها "VisionOS"، وتم تصميمها خصيصاً للنظارات، وتعتمد بالكامل على تنظيم أيقونات التطبيقات أمام المستخدم، كما لا يحتاج النظام إلى أجهزة تحكم، إذ أن التحكم يجري بحركة العين والأصابع، وتتيح النظارة للمستخدم إمكان الدخول إلى الذكريات مستقبلاً، وكأنه يعيشها مرة أخرى بفضل الكاميرا ثلاثية الأبعاد.

ومن الميزات التي ذكرتها "أبل" أنه يمكن للمستخدم تشغيل محتوى حواسيب "ماك" مباشرة على النظارة لمتابعة كل ما يقوم به على حاسوبه، وكذلك تسمح بالتنقل بين مختلف الخيارات والتطبيقات والألعاب بصورة سهلة وبسيطة.

ثمن الجهاز هو 3400 دولار، ويمتاز بتصميم جذاب بحيث يركز بشدة على عدم عزل الناس عن العالم الحقيقي من خلال تقنية "عبور الفيديو" video pathrough [تقنية تقوم على رقمنة العالم المحيط بنا في الوقت الفعلي، ودمج هذه البيانات مع المحتوى الافتراضي داخل الوحدة المعالجة، مما يؤدي إلى طمس الخطوط الفاصلة بين الواقع والعالم الافتراضي]، للسماح لك برؤية الغرفة المحيطة بك، كما يركز على منصة حوسبة قوية، تقدم طريقة جديدة للتعامل مع البرامج.

هذا المنتج لم يستوف المعايير المتوقعة منه فحسب، بل تجاوزها بالفعل. لم يكن هناك شيء غير متوقع بالضرورة في شأن استخدام الجهاز - فهو يتمتع بالمزايا التي أفصحت عنها شركة "أبل" بالضبط - لكنه كان مع ذلك مذهلاً لجهة الطريقة التي ارتقى بها إلى ما بدا ضجيجاً غير واقعي أحاط به.

ببساطة، هناك قليل من الفائدة من مقارنة "فيجن برو" بالنظارات الأخرى، مثل تلك التي تنتجها "ميتا" Meta، ليس فقط لأنها أفضل (وهي كذلك)، ولكن أيضاً لأنها تحاول أن تكون شيئاً مختلفاً تماماً. والسؤال الأفضل هو ما إذا كانت أفضل 10 مرات من نظارة "كويست" Quest الخاصة بـ"ميتا" كما يلمح لذلك سعرها. ولكن حتى هذا قد يكون السؤال الخاطئ، لأن الهدف من "فيجن برو" هو إظهار ما هو ممكن بقدر ما هو إقناعك بشرائه.

تغييرات ثورية

وإذا عدنا إلى سياسة "أبل" في إطلاق المنتجات سنجد أن أول إصدار يكون بإمكانات محدودة، ولكن بفارق كبير عن السوق، وبعد سنتين أو ثلاث تستطيع الشركة السيطرة على هذه السوق، وكمثال على ذلك جاء أول إصدار من "أيفون" بتغييرات ثورية، ثم بات باستطاعة "أبل" اكتساح السوق مع الإصدارين الثالث والرابع منه، والأمر نفسه ينطبق على "أيباد" وأيضاً الساعة الذكية.

تقدم "أبل" ميزات فارقة في المنتج، لكن الثورة الحقيقية تكون بدءاً من الإصدار الثالث، وهو ما ينطبق على الآن على نظارتها التي جاء إصدارها الأول بميزات ثورية جميلة، لكن احتياج "أبل" حالياً ليس لبيع عدد كبير من المنتج، وإنما لقاعدة كبيرة من المستخدمين يقومون بتجربته لتتمكن من تسريع وتيرة التحسين والتطوير.

إذا أردنا النظر إلى منافسي "أبل" في مجال النظارات الذكية سنجد أن هناك عدداً لا بأس به من الشركات، ولكن الأبرز هم "ميتا"، وأيضاً "مايكروسوفت"، وتستهدف الأخيرة الشركات والمؤسسات أكثر من الأفراد في نظارتها، في حين تستهدف "فيسبوك" الأفراد، وتقدم تجربة مثيرة جداً في هذا المجال.

 

 

صدق أو لا تصدق أن إطلاق نظارة "أبل" أسهم في ارتفاع غير مباشر بأسهم شركة "ميتا" بسبب اقتناع عدد لا بأس به من المستخدمين بالنظارات الذكية ودخول عدد كبير منهم إلى هذا المجال، مما جعل الرئيس التنفيذي لـ"ميتا" يظهر في فيديو ليروج لنظارتهم الذكية ويقارنها بنظارة "أبل" لمحاولة كسب ود المستخدمين المنبهرين بنظارة الأخيرة ولا يمكنهم تحمل كلفتها، وإقناعهم بشراء النظارة الخاصة بـ"ميتا" بسبب أن سعرها المنخفض مقارنة بالسوق.

وكان مارك زوكربيرغ تحدث في مؤتمر Meta Connect 2023، سبتمبر (أيلول) الماضي، عن نظارات "Quest 3" التي تحسنت بصورة كبيرة في إصدارها الجديد، إذ قامت شركة "ميتا" بتعديل المشكلات التي واجهت المستخدمين، وهي تعتبر نظارة مخصصة للواقع الافتراضي والمعزز، وتعد ثالث إصدار من شركة "ميتا" تقدمه من هذا النوع من النظارات المخصصة للواقع الافتراضي.

وتعد نظارة "Quest 3" بمثابة قفزة هائلة إلى الأمام لرؤيتها الكاملة للمستقبل، فهي ليست مجرد نظارة رأس للواقع الافتراضي مثل Quest 2، بل هي جهاز واقع مختلط مثل Vision Pro من "أبل". ويمكن استخدامها في مجال الألعاب أو مشاهدة التلفاز، أو المشاركة في التمارين الرياضية.

دهشة مطلقة

لكن هل نجحت نظارة "أبل" أم لا؟ من خلال تجربتي الشخصية أسطيع القول إن الشركة نجحت بصورة غير مباشرة في إبهار المستخدمين بالتقنيات الموجودة فيها، ولكن لا يمكن لأي مستخدم قضاء وقت بها، وقد نجحت "أبل" في الإبهار وتقديم تجربة لا تنسى للمستخدمين، والآن يأتي واجب الشركة في الاستفادة من تجارب المستخدمين وتسريع وتيرة التطوير والتحسين، وأيضاً إقناع عدد كبير من المطورين بتقديم تطبيقاتهم، لأن "أبل" لن تستطيع النجاح من دون دعم المطورين، وهو ما نجحت فيه حتى الآن، إذ إن هناك عدداً لا بأس به من المطورين أعلنوا عن تطوير تطبيقاتهم للنظارة، منهم على سبيل المثال "تيك توك"، الذي بمجرد إعلانه عن تطوير التطبيق قامت "غوغل" وبقية الشركات بالإعلان عن دخولها هذا المجال ومحاولة المنافسة فيه.

 

 

كان واضحاً على الفور تقريباً أن تلك الأجهزة تقوم بالضبط بما زعمت "أبل" أنها تقوم به. فالعناصر والشاشات الافتراضية كانت مقنعة وقدمت تجربة غامرة. وعلاوة على ذلك، كان يبدو العالم الحقيقي خلفها في الغالب أصيلاً وملموساً. وفي حين أن هناك جوانب لا بد أن تشهد تحسينات في النسخ المستقبلية، كتوسيع مجال الرؤية وتعزيز السطوع، فإن هذه القيود الثانوية لم تنتقص من عامل الدهشة المطلقة والطبيعة المذهلة للتجربة.

لكن يجب على "أبل" حالياً بحث سبل التطوير لحل مشكلات عدة، أهمها وزن النظارة وحجمها والبطارية الخارجية، ولا ننسى أهم نقطة وهي الصداع الذي يصيب المستخدم بعد استخدمها، لكن من المؤكد أنه سيكون هناك تطوير كبير لحل هذه المعضلات، ولن تستمر بالصورة الحالية نفسه.

نجحت "أبل" حتى الآن في اختبار السوق من خلال تقديم تجربة مبهرة، واستطاعت إقناع عدد لا بأس به من المستخدمين بالمنتج، مما يسهم بصورة كبيرة في تطوير النسخ اللاحقة، وأيضاً تمكنت من استعادة ثقة المستثمرين بها ونشاطها في عملية الابتكار والتطوير، واستطاعت دخول سوق جديدة لها كان سبباً في خسارة عديد من الشركات وتخارجها. فهل ستتمكن "أبل" من البقاء في هذه السوق والحصول على حصة كبيرة منه؟ أتوقع أن السنتين المقبلتين تخفيان لنا كثيراً جداً من الأشياء، ولا يسعنا إلا أن نكون متفائلين بالمستقبل.

المزيد من علوم