Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يسلم الناخبون "غير الملتزمين" ترمب مفتاح البيت الأبيض؟

يهددون بمعاقبة بايدن في انتخابات نوفمبر لكن الرئيس يراهن على عودتهم

قد يكون للناخبين "غير الملتزمين" تأثير على نتيجة الانتخابات الأميركية (أ ف ب)

ملخص

سارعت مجموعة من النشطاء الفلسطينيين في كولورادو إلى إنشاء حملة لخيار المندوبين "غير الملتزمين"، وفي مينيسوتا طرق المنظمون الأبواب وعقدوا فعاليات للترويج لذلك الخيار بالتواصل مع الأميركيين الصوماليين المسلمين والناخبين الشباب، وفي ماساتشوستس هتف آلاف المتظاهرين في تجمع حاشد في جامعة كامبريدج تأييداً لخيار "عدم التفضيل"، وهو خيار مماثل للاحتجاج.

مع خروج نيكي هايلي من السباق الرئاسي في الولايات المتحدة، أصبحت مباراة العودة بين الرئيسين الحالي جو بايدن والسابق دونالد ترمب على وشك الانتهاء، لكن قصة أخرى بدأت تختمر وتكتسب زخماً في عدد من الولايات الأميركية، وهي اختيار مجموعة كبيرة من الناخبين "الديمقراطيين" التصويت لخيار "غير الملتزمين" أو "عدم التفضيل" كنوع من العقاب أو التعبير عن الاستياء من سياسات بايدن، فما الذي تعنيه هذه الخيارات؟ وهل تستمر حتى موعد الانتخابات في نوفمبر؟ وإلى أي مدى يمكن أن يهدي هؤلاء النصر إلى دونالد ترمب ويسلموه مفتاح البيت الأبيض؟

ما هو خيار "غير الملتزمين"؟

يعد خيار "غير الملتزمين" أو "عدم التفضيل" وسيلة يمنحها النظام الانتخابي في بعض الولايات الأميركية للناخبين من الحزبين "الديمقراطي" و"الجمهوري" للمشاركة في الانتخابات التمهيدية من دون اختيار أو دعم مرشح بعينه، لكن التصويت لهذا الخيار حظي بشعبية كبيرة بين "الديمقراطيين" في هذا الموسم الانتخابي، ويعود السبب لظهور حملات تدعو الناخبين وبخاصة "الديمقراطيين" إلى التصويت لهذا الخيار كشكل من أشكال الاحتجاج، حتى يدعو الرئيس جو بايدن إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل ومسلحي "حماس".

وظهرت أولى هذه الحملات في ولاية ميشيغان مع انطلاق الانتخابات التمهيدية للحزب "الديمقراطي"، بسبب استمرار تجاهل الرئيس بايدن أصوات الأميركيين العرب المستائين من دعمه المطلق لإسرائيل في حرب غزة، واتخذت الحملة اسم "استمع إلى ميشيغان" كرسالة تحذير للبيت الأبيض، لما تعنيه هذه الولاية المتأرجحة من أهمية في الانتخابات الرئاسية العامة في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بخاصة أن الولاية تضم عدداً كبيراً من السكان الأميركيين العرب الذين تألموا إلى حد بعيد من قتل عشرات آلاف الفلسطينيين في غزة.

وعلى رغم أن الحملة وضعت هدفاً محدوداً لها وهو تصويت 20 ألف ناخب كغير ملتزمين، إلا أنها جاوزت هذا الرقم بخمسة أضعاف، إذ صوت أكثر من 101 ألف من سكان ميشيغان كغير ملتزمين في الانتخابات التمهيدية للحزب "الديمقراطي" بالولاية، وبموجب قواعد اللجنة الوطنية الديمقراطية فإن أي مرشح وكذلك "غير الملتزمين" مؤهلون للفوز بمندوبين إذا حصل على 15 في المئة في الأقل من الأصوات على مستوى الولاية، وأدى ذلك إلى حصول "غير الملتزمين" على مندوبين يمثلونهم في المؤتمر الوطني الديمقراطي الذي سيعقد بعد منتصف أغسطس (آب) المقبل.

من ميشيغان إلى باقي الولايات

وبإلهام من نجاح هذه الحملة بدأت الجماعات المؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء الولايات المتحدة جهوداً مماثلة لدفع الرئيس بايدن إلى الدعوة لوقف دائم لإطلاق النار، ومن بين الولايات التي أجرت انتخابات تمهيدية، أعطت ألاباما وكولورادو وماساتشوستس وأيوا ومينيسوتا ونورث كارولينا وتينيسي للناخبين المشاركين في كل من السباقين "الديمقراطي" و"الجمهوري" خيار اختيار "غير الملتزمين" بدلاً من المرشحين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي كولورادو سارعت مجموعة من النشطاء الفلسطينيين إلى إنشاء حملة على وسائل التواصل الاجتماعي لخيار المندوبين غير الملتزمين في الولاية، وفي مينيسوتا طرق المنظمون الأبواب وعقدوا فعاليات للترويج لذلك الخيار بالتواصل مع الأميركيين الصوماليين المسلمين والناخبين الشباب، وفي ماساتشوستس هتف آلاف المتظاهرين في تجمع حاشد في جامعة كامبريدج تأييداً لخيار "عدم التفضيل"، وهو خيار مماثل للاحتجاج.

وعلى رغم أن الحملات كانت مجزأة ونظمت بوقت وموارد أقل بكثير من عملية ميشيغان، حيث جرى التخطيط لكثير منها في غضون أيام بعد فترة طويلة من بدء التصويت الباكر، إلا أنها تمكنت من تحقيق نتائج جيدة وبخاصة في ولاية مينيسوتا.

جرس إنذار لبايدن

وفي حين فاز بايدن بسهولة في كل انتخابات تمهيدية ديمقراطية قبل وخلال يوم "الثلاثاء الكبير"، باستثناء ساموا الأميركية، إلا أنه قوبل بمجموعات صغيرة لكن متسقة من الرفض، وواجه أقوى معارضة في ولاية مينيسوتا حيث صوت ما يقرب من واحد من كل خمسة أو 19 في المئة من الناخبين "الديمقراطيين" لمصلحة خيار "غير الملتزمين".

واختار 12.7 في المئة من الناخبين "الديمقراطيين" في ولاية نورث كارولينا خيار "عدم التفضيل"، في حين فعل تسعة في المئة من الناخبين "الديمقراطيين" في ولاية ماساتشوستس الشيء نفسه، وأدلى ثمانية في المئة من الناخبين "الديمقراطيين" في ولاية كولورادو بأصواتهم كغير ملتزمين، واختار 7.9 في المئة من الناخبين "الديمقراطيين" في ولاية تينيسي الخيار نفسه.

 

ولا يبدو أن هذه الحملات ستتوقف قريباً، ففي ولاية جورجيا حيث تجري الانتخابات التمهيدية في الـ 12 من مارس (آذار) الجاري، يشجع منظمو الحملات الناخبين على ترك الخيار الرئاسي فارغاً، وفي ولاية واشنطن على ساحل المحيط الهادئ يدفع المنظمون جهوداً مماثلة للتصويت لمصلحة "غير الملتزمين" في الانتخابات التمهيدية بالولاية الأسبوع المقبل، إذ يشير منظمو الحملات إلى أن هذا جهد مناهض للحرب، وأنه لم يكن الخيار الأول لهم، لكنهم يريدون أن يعرف الرئيس بايدن أن أصواتهم لا ينبغي اعتبارها أمراً مفروغاً منه.

هل من تأثير؟

على رغم أن بايدن يضمن بشكل كبير الولايات الزرقاء التي تصوت تقليدياً لـ "الديمقراطيين"، إلا أن ما يحسم الفوز بالانتخابات في النهاية هو من يفوز في الولايات المتأرجحة التي تعد ولايات ساحة المعركة الرئيسة بين ترمب وبايدن، ولأن الرئيس السابق يراهن هذه المرة على استعادة ولايتي جورجيا وأريزونا إلى الحظيرة الجمهورية كما فعل في انتخابات عام 2016، وهو ما يبدو أنه يحقق تقدماً كبيراً في كلتا الولايتين، فسيحتاج إلى ولاية واحدة فقط من الولايات المتأرجحة في الشمال مثل ويسكنسن أو ميشيغان أو بنسلفانيا، والتي خسر كل منها بفارق ضئيل عام 2020.

وعلى سبيل المثال فقد خسر ترمب ويسكنسن بفارق 20 ألف صوت فقط، وخسر ميشيغان بفارق 150 ألف صوت، ولهذا فإن تصويت العرب الأميركيين وحدهم في ميشيغان بشكل مخالف، أو حتى لو امتنعوا من الذهاب إلى صناديق الاقتراع، يشكل تهديداً حقيقياً ربما يكلف بايدن خسارة الانتخابات الرئاسية ويهدي النصر لترمب، وإذا انضمت ويسكنسن أيضاً فستكون خسارة بايدن مؤكدة، كما أن خسارة أصوات المسلمين وقطاع من الأميركيين الأفارقة المتعاطفين مع الفلسطينيين في ولاية جورجيا سيحرمه أية فرصة للفوز بهذه الولاية.

الناخبون القلقون

ولهذا يمكن أن تسبب نتائج الناخبين القلقين مشكلات للرئيس بايدن خلال نوفمبر المقبل، بخاصة أنه من المتوقع أن يحسم السباق هذا العدد الصغير من الناخبين في أقل من 12 ولاية متأرجحة، بحسب ما يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة كولومبيا روبرت شابيرو، إذ يرى أنه "من غير المرجح أن يصوت هؤلاء الناخبون الديمقراطيون غير الراضين لمصلحة ترمب، لكنهم ربما يغيبون عن الانتخابات أو يختارون التصويت لمرشح طرف ثالث، وبالتالي يمكن أن تضر هذه الأصوات بجهود إعادة انتخاب الرئيس بايدن، بخاصة في الولايات المتنازع عليها بشدة مثل ميشيغان ونورث كارولينا".

ويتفق في هذا الرأي أستاذ العلوم السياسية الفخري في جامعة ولاية أوهايو بول بيك الذي يصف هذه الولايات بأنها "جيوب السخط المثيرة للقلق بالنسبة إلى حملة بايدن حتى في هذه المرحلة الباكرة جداً من حملة الانتخابات العامة، إذ ينظر إلى الأصوات ضد بايدن على أنها مظاهر للخلافات السياسية، وكثير منها حول دعم إدارة بايدن لإسرائيل في حرب غزة التي خلفت عشرات آلاف القتلى الفلسطينيين، ودفعت جنوب أفريقيا إلى تقديم تهمة الإبادة الجماعية للمحكمة الجنائية الدولية".

ترمب يعاني أيضاً

غير أن ما قد يخفف مشكلات بايدن ما يعانيه ترمب من مشكلات مماثلة، فعلى رغم تحقيق الرئيس السابق الفوز في جميع الانتخابات التمهيدية للحزب "الجمهوري"، باستثناء ولاية فيرمونت والعاصمة واشنطن، اللتين فازت بهما نيكي هايلي، إلا أن استطلاعات الرأي الأخيرة تكشف عن أنه يواجه معركة شاقة في إقناع أقليات كبيرة من ناخبي الحزب "الجمهوري" بالعودة لمعسكره.

وتشير الأرقام التي نشرتها شبكة "أي بي سي" إلى أن أكثر من ثلاثة أرباع ناخبي هايلي في ولاية نورث كارولينا غير مستعدين لدعم ترمب، وهو ما قاله أيضاً 69 في المئة من ناخبي هايلي في كاليفورنيا و68 في المئة في فرجينيا.

كما أوضحت أقليات كبيرة من ناخبي الحزب "الجمهوري" في هذه الولايات أنهم لن يعتبروا ترمب مناسباً للمنصب الرئاسي إذا انتهى الأمر بإدانته بارتكاب جريمة، وفقاً لصحيفة "بوليتيكو"، مما يعد علامة خطر بالنسبة إلى ترمب، إذ يمكن أن تؤثر النتيجة في الولايات المتنازع عليها ضد بايدن.

هل يعود الناخبون غير الملتزمين؟

وعلى رغم الاستياء المتزايد من بايدن وترمب في حزبيهما، فمن المرجح عودة عدد من الناخبين غير الملتزمين للتصويت لهما بحلول نوفمبر المقبل، فخلال الأعوام الماضية عادة ما ينتهي الأمر بالمنشقين بالعودة لمرشح حزبهم خلال الانتخابات العامة، إذ يرى بول بيك أنه "بالنسبة إلى الناخبين الديمقراطيين القلقين في شأن الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، فإن الخطاب الأكثر قوة من بايدن والبيت الأبيض الذي يعارض تصرفات إسرائيل وخطط المساعدات الإنسانية الضخمة من قبل الإدارة الأميركية، يمكن أن يحفزهم على العودة لبايدن، كما أن الوقت باكر جداً للتنبؤ بما يمكن أن تكون عليه اتجاهات التصويت خلال نوفمبر، إذ يمكن أن يحدث كثير من الآن وحتى الخريف".

 

ويقلل الأستاذ المساعد للعلوم السياسية في جامعة "نورث إيسترن" نيك بوشامب من إمكان حدوث تأثير كبير بسبب أصوات غير الملتزمين، إذ يرى أن "هذه الأصوات في حد ذاتها رمزية إلى حد كبير، لأنها في الأساس أصوات احتجاجية أقل كلفة"، مشيراً إلى أن هناك دائماً نسبة معينة من الناخبين الأساس لا يدلون بأصواتهم خلال الانتخابات العامة، وهناك دائماً نسبة من "الديمقراطيين" الذين لا يصوتون للمرشح "الديمقراطي"، والعكس صحيح، والسؤال الآن هو ما إذا كنا سنرى نسبة أكبر من الناخبين الذين يمتنعون من التصويت؟

هل يجتذب ترمب أصواتاً ديمقراطية؟

ووفقاً لاستطلاعات الرأي فهناك عدد كبير من الناخبين الشباب "الديمقراطيين" غير سعداء بالرئيس بايدن، بما في ذلك عدد من الناخبين السود واللاتينيين، ويبدو من الواضح إلى حد ما أن نسبة معينة منهم ستمتنع من التصويت لبايدن، أو سيصوتون لطرف ثالث، أو ربما حتى لترمب، على رغم أن هذا ربما تفعله شريحة صغيرة جداً منهم.

وهناك مخاوف جدية من أن تذهب أصوات تكفي لخسارة بايدن إلى الأطراف الثالثة مثل روبرت كينيدي جونيور، وهو ابن شقيق الرئيس الراحل جون كينيدي الذي اغتيل عام 1963، ونجل السيناتور روبرت كينيدي الذي اغتيل عام 1968، كما دخل السباق متنافسون محسوبون على "الديمقراطيين" مثل رئيسة "حزب الخضر" جيل ستاين، والأستاذ في "جامعة هارفرد" كورنيل ويست الذي ينتمي للتقدميين واليسار المتشدد.

ويبدو أن هدف الرئيس بايدن وأتباعه وحملته الانتخابية هو جعل هؤلاء الناخبين المترددين يستشعرون خطر تسليم خصمهم ترمب مفاتيح البيت الأبيض، ومن ثم يدلون بأصواتهم لمصلحة بايدن في اللحظة الحاسمة الأخيرة، فهل يفعلونها؟

المزيد من تقارير