Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تسهم الموسيقى التصويرية في إنجاح الفيلم؟

أسهمت بعض المقطوعات في شهرة أشرطة كثيرة وجعلتها تحظى بمنزلة رفيعة في وجدان المشاهد

أسهمت بعض المقطوعات الموسيقية في شهرة أفلام كثيرة (مواقع التواصل)

ملخص

لا تأخذ الموسيقى مسار الحكاية بقدر ما ينبغي أن تذهب عكس ذلك. بهذه الطريقة تصبح الموسيقى التصويرية عملاً مستقلاً عن الأحداث، وتسهم بوعي متزايد وبطريقة فنية في تأصيل العمل السينمائي

تلعب الموسيقى التصويرية اليوم دوراً بارزاً في نجاح العمل السينمائي، ذلك أن تأثيرها يكون كبيراً على صناعة الفيلم من ناحية التلقي والمشاهدة. وعلى رغم مما تبدو عليه الموسيقى التصويرية لكونها مجرد عنصر جمالي هامشي، فإن مخرجين كباراً عدة جعلوا منها مختبراً فنياً لتكثيف القول. فقد أسهمت بعض المقطوعات الموسيقية في شهرة أفلام كثيرة، وجعلتها تحظى بمنزلة رفيعة في وجدان المشاهد. فمن يستطيع اليوم نسيان موسيقى فيلم "تيتانيك" للمخرج الكندي جيمس كاميرون؟ كيف يجوز الحديث عن هذا العمل السينمائي الحاصل على نحو 11 جائزة أوسكار من دون موسيقاه؟ وإلى أي حد يمكن أن تكون مقاطعه الموسيقية المرافقة للمشاهد أهم ما يميز الفيلم من الناحية الجمالية؟ تلعب الموسيقى التصويرية بعداً فلسفياً في التعامل مع الصورة، غير أن أنجح مقاطع الموسيقى التصويرية ليست تلك التي تعمل على محاكاة مفهوم الحدث، وإنما التي تخلق من خلال الحدث السينمائي نشازاً جمالياً، أي ألا تأخذ الموسيقى مسار الحكاية، بقدر ما ينبغي أن تذهب عكس ذلك. إذ بهذه الطريقة تصبح الموسيقى التصويرية عملاً مستقلاً عن الأحداث، وتسهم بوعي متزايد وبطريقة فنية في تأصيل العمل السينمائي.

مهرجانات غربية

في المهرجانات الغربية تحظى الموسيقى التصويرية بأهمية كبيرة، إذ تعدها مؤسسات المهرجانات عنصراً جمالياً ضرورياً، وذلك بما يجعلها تقدم جوائز مهمة لهذه الصناعة، في حين تبقى هذه العملية مغيبة داخل عالم عربي يتمسك بمفاهيم الحداثة السينمائية، في وقت لا يتوفر ولا يتهجى حتى مبادئ هذه الحداثة التي يعتبرها البعض "متصدعة". ويقول مخرجون وعاملون في المجال إن "المهرجانات العربية لا تفكر في أي شيء يمكن أن يخدم السينما وصناعتها، وذلك من طريق تقديم جوائز خاصة للموسيقى التصويرية واشتغالاتها، لا سيما أن عديداً من المخرجين العرب لا يتعاملون بصورة مباشرة مع مؤلفين موسيقيين لكتابة مقطوعات خاصة بأعمالهم. وفي هذا الأمر تقليل من عمل الموسيقي القادر على فتح المشاهد السينمائية على تخوم غير مفكر فيها". فالموسيقى على رغم ما لها من علاقة بالصوت، فهي تمارس سحراً يدفعها إلى التماهي مع الصورة، بيد أن هذه العلاقة من ناحية الصناعة لا يمكن ترجمتها إلا بصورة منفردة، وذلك لأن كل عنصر يبقى مستقلاً عن الآخر من حيث العمل. فهناك مشاهد يتم العمل عليها وفق آلية آنية، تفرض على السيناريست اختيار طبيعة بعض المقاطع الموسيقية التي تتماشى مع المشهد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من ثم، تعتبر المهرجانات بمثابة المختبر الفكري القادر على فرض هذا العنصر الفني داخل المجال التداولي، إذ تسهم الجوائز غالباً في تسليط الضوء على أشياء لم يكن مفكراً فيها من قبل، ذلك أن المهرجانات السينمائية لا تطرح شيئاً، لأنها فضاءات غير مخصصة للتفكير، بل فقط للترفيه والاستهلاك. وليس غريباً أن تصبح هذه المهرجانات عبارة عن موائد وحفلات وأعراس. فالسؤال النقدي الذي منه تتبلور الرؤى غير موجود على الإطلاق داخل المهرجانات، لأن حجم الترفيه يغطي على كل الأشياء الجادة التي من شأنها تسهم في تقدم السينما وصناعتها.

غياب نقدي

لا يوجد كتاب نقدي واحد في العالم العربي جعل موضوعه حول "الموسيقى التصويرية" داخل الفيلموغرافيا العربية. وهو غياب يفسر مدى هشاشة النقد الرازح في مكانه لا يفكر ولا يتجدد. فالنقد الحقيقي يجد موطنه لا في فعل المشاهدة نفسها، وإنما في التجذر داخل مجالات العلوم الإنسانية ونظيرتها الاجتماعية. بهذا المعنى يصبح النقد عملية فكرية تقوم على رصد السياقات وتأمل المفاهيم وتشريح النظريات وتجديد الأمور التقنية التي من شأنها تجدد السينما. وهذا الأمر، لا يرتبط فقط بالموسيقى التصويرية، بل أيضاً على باقي العناصر الفنية المكونة للعمل السينمائي، لكن في حالة الموسيقى التصويرية، فإن الأمر يصبح بالغ الأهمية، وذلك لأن هذا العنصر يؤثر بقوة في عملية التلقي، إذ يغدو عامل جذب بالنسبة للمخرج والمشاهد.

لا تشجع المؤسسات السينمائية العربية على هذا النوع من الكتابات التي تبحث وتتأمل العناصر التقنية، إذ تعدها هامشية مقارنة بالاهتمام بالعمل السينمائية بصفة عامة. فهناك عديد من الباحثين الذين يعدون الموسيقى التصويرية بمثابة المعادل المسموع للصورة السينمائية. فالموسيقى تسحر الكاتب أثناء الكتابة، وتؤثر بطريقة مباشرة في الأحداث من الناحية الدرامية، ما يؤثر إيجاباً في جماليات الصورة نفسها. ففي الأفلام الموسيقية نجد نوعاً من الحديث من طريق الموسيقى، إذ توجد أحداث سينمائية نحدس بها انطلاقاً من أثر الموسيقى علينا. بالتالي، فمن دون موسيقى يصبح تلقي الحدث السينمائي جافاً وغير قادر على التأثير.

اقرأ المزيد

المزيد من سينما