Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ربيع سوريا الشاحب... شخصيات مؤثرة لمعت في الحراك الشعبي

عايش معارضو النظام خيبات مريرة مع طول أمد الصراع من دون نتائج وزادت الخلافات بينهم

 أطلق المعارضون على ما حدث بـ "الثورة" أما الموالون للحكم فأطلقوا على الأحداث "أزمة" (اندبندنت عربية)

ملخص

دبت الانقسامات بين أطراف المعارضة السورية إلى أن سيطرت الفصائل الإرهابية والمسلحة على البلاد

في منتصف مارس (آذار) عام 2011 خرجت تظاهرات شعبية في عدة مدن سورية مطالبة بالحريات وإخراج المعتقلين السياسيين من السجون ورفع حالة الطوارئ، وكانت هذه هي البداية التي تطورت لمشهد رفع شعارات "إسقاط النظام"، مما دفع إلى انقسام الشارع السوري، إذ أطلق المعارضون على ما حدث بـ"الثورة" أما الموالون للحكم فأطلقوا على الأحداث "أزمة".

ولعبت ما أطلق عليها "التنسيقيات" في حينها دوراً بارزاً في تحديد أماكن التظاهرات، التي كانت تختار في توقيت واحد وبيوم الجمعة من كل أسبوع لتنادي بالتغيير، مستفيدة من إنشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لسرعة الوصول والتحضير مع الضخ الإعلامي الحاصل.

إزاء ذلك تضاربت الآراء حول رفع اللافتات مع خروج المصلين من الجوامع والمساجد، وهذا ما اعتبره مؤيدون للسلطة استغلالاً للحشد الجماهيري وتصويره على أنه بهذه الكثافة، بينما خرجت تظاهرات في الجامعات وغيرها من الأماكن العامة، قابلتها مسيرات تنادي ببقاء الحكم وتناصره.

تطور المشهد سريعاً، وانتقل البلد من الربيع إلى الخريف بعد الاصطدام بالسلاح، أعقب ذلك دخول فصائل متشددة على خطى الحرب إلى أن وصلت فصائل مسلحة منها تنظيما "القاعدة" و"داعش" الذي تمركز في الشمال والشمال الشرقي عام 2013 وجر معها دخول جيوش أجنبية بينها إيران وروسيا وأميركا وتركيا، علاوة على قوات التحالف الدولي وعشرات الميليشيات المسلحة.

وسط ذلك عاش معارضو النظام خيبات خصوصاً مع طول أمد الصراع من دون نتائج بل ازدادت الانقسامات والخلافات بين الفريق المعارض علاوة عن سيطرة واسعة للفصائل المسلحة على الأرض التي تتحكم بالمناطق الواقعة خارج نفوذ الدولة، والتبعية لتركيا، زاد ذلك عدم وصول المفاوضات مع دمشق لأي حل ولو على المستوى السياسي أو انتهاء اللجنة الدستورية لصياغة دستور جديد، لكن مع كل ذلك برزت أسماء وشخصيات لا بد من تذكرها لمعت مع اندلاع الحراك الشعبي.

معاذ الخطيب

يعد معاذ الخطيب المولود عام 1960 أحد أشهر وجوه الحراك الشعبي، وفي رسالة أخيرة له نشرها على موقع "إكس" كشف عن حجم الخلافات بين أعضاء الائتلاف المعارض وإلى أي حد ترتبط قراراته بتركيا، خصوصاً أن مقره في إسطنبول وعنون في نص رسالته المنشورة في سبتمبر (أيلول) عام 2023 بعد غياب عن الساحة السياسية "أنعى إلى جميع السوريين: وفاة الائتلاف الذي كان معارضاً" اتبعها بسلسلة تغريدات على منصة التواصل عن فقدان القرار السياسي للائتلاف.

 

 

وعلى رغم انكفاء الخطيب عن الحياة السياسية بعد انتهاء مهمته رئيساً للائتلاف المعارض في 2012 فإنه لا يزال يمثل التيار المعتدل بين الإسلاميين في الحراك السلمي عام 2011، لا سيما بالدعوة للعدالة الاجتماعية والتعددية الحزبية ونبذ الطائفية، وعلى أثرها اعتقل في عامي 2011 و2012 على خلفية دعوته للحراك الشعبي إلى أن هاجر إلى القاهرة.

الخطيب مهندس متخصص بالجيوفيزياء، وكان خطيب جامع بني أمية الكبير قبل عقدين وتولى رئاسة جمعية التمدن الإسلامي ودرس علوم الشريعة وعرف بوسطيته، وهذا ما جعله ينادي بدولة ديمقراطية تعددية، وتقدم بخريطة طريق عام 2013 حملت في طياتها إجراء حوار مع السلطة في دمشق، واختيار مكان محايد شريطة إطلاق سراح المعتقلين وتجديد جوازات السفر لكن الخطة رفضت من قبل أعضاء الائتلاف واتهموه بخرق أحد ثوابت المعارضة بعدم الحوار، ليتبعها بخريطة طريق ثانية في 2022 عبر مقطع مصور بثه على وسائل التواصل الاجتماعي.

في المقابل أثار إعلان استقالته من رئاسة الائتلاف موجة غضب من قبل تيار لا يريد التهاون بالثوابت التي يضعها بخاصة أنها جاءت قبل أيام من تسلم الائتلاف المعارض مقعد سوريا لدى جامعة الدول العربية بعد تجميد عضوية دمشق، وقبل أيام من انطلاق أعمال قمة الجامعة العربية في الدوحة.

 جورج صبرا

يعد من أشهر المعارضين في سوريا، انتخب رئيساً للمجلس الوطني في سوريا في الدوحة عام 2012، كما شغل رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة بالوكالة عام 2013 خلفاً لمعاذ الخطيب ولأشهر عدة.

ويعد جورج صبرا المولود في 1947 أحد الشخصيات التي نالت شهرة وتأثيراً في السنوات الأولى للصراع السوري لكنه وقبل العمل السياسي، ترك صبرا تأثيراً في عمله الأساس كتربوي على المستوى العربي، حيث كان أحد كتاب العمل التلفزيوني الشهير "افتح يا سمسم".

 

اعتقل صبرا المتشبع بالفكر الشيوعي اليساري بعد انتسابه للحزب الشيوعي عام 1987 وسجن بعد محاكمته في سجن صيدنايا وأطلق سراحه عام 1995 بعد انتهاء حكمه، ليعود إلى الظهور في عام 2005 مع حزب الشعب الديمقراطي السوري إلى أن اعتقل مرة ثانية عام 2011 حتى هربه سراً بعد ملاحقته إلى الأردن ومن ثم إلى فرنسا ليترأس المجلس الوطني السوري.

في عام 2017 أعلن استقالته من منصب نائب رئيس وفد المعارضة السورية لمفاوضات جنيف احتجاجاً على تجاهل الهيئة العليا للمفاوضات دورها ومهامها والطريقة المتعجلة في الإعداد للمؤتمر، وفي هذه الأثناء، وبعد كل هذه المدة يرى في حوار تلفزيوني أن القضية السورية "وضعت ومنذ فترة على رف القضايا المؤجلة دولياً، وأصبحت خارج الاهتمام الدولي، ويقع على السوريين مسؤولية إعادتها إلى الواجهة من جديد".

أحمد الجربا

أحمد الجربا مواليد 1969 وهو أحد الشخصيات العشائرية، ويتبع سياسياً لتيار المعارض ميشيل كيلو، ولم يعرف بنشاط معروف لدى الشارع السوري سوى أنه كان سجيناً سياسياً سابقاً في تسعينيات القرن الماضي، وأحد وجهاء شيوخ عشيرة شمر السورية في الحسكة، لقد انتخب بغالبية أعضاء الائتلاف المعارض في إسطنبول.

وبعد رحلة في رئاسة الائتلاف خلفاً لمعاذ الخطيب انخرط الجربا بالميدان العسكري في أبريل (نيسان) عام 2016 معلناً تشكيل تياره الخاص الذي يحمل اسم "الغد السوري" وله ذراع عسكرية وسيطرت مجموعاته المسلحة على قرى في ريفي الحسكة ودير الزور في ذلك الوقت.

ومن الشخصيات التي أثارت جدلاً حيال المال السياسي الذي كان يتدفق إلى المعارضة، إذ أفادت تقارير معارضة نشرتها وسائل إعلام باستغلاله رئاسة الائتلاف من أجل مراكمة ثروة كبيرة بطريقة غير مشروعة، وزاد الأمر سوءاً أن الولايتين المتتاليتين تميزتا بدخول إعانات كبيرة من المال السياسي.

هادي البحرة

بعد خلافات وانقسامات حادة انتخب هادي البحرة في سبتمبر (أيلول) العام الماضي 2023 رئيساً للائتلاف الوطني المعارض بحصوله على 65 صوتاً من أصل 79 عضواً شاركوا بالتصويت من أصل عدد أعضاء الائتلاف 80 عضواً، وجاء البحرة كما سرت التقديرات بشكل توافقي بعد كثير من الصراعات لشغل هذا المنصب، وكان سابقاً قد ترأس إدارة الائتلاف في 2014 حتى 2015 خلفاً لأحمد الجربا.

وبرز اسم هادي البحرة (1959) مع اندلاع الحراك، إذ أسهم بعلاقاته وخبراته في مجال العمل الإغاثي والإعلامي، واختاره أعضاء الائتلاف عام 2013 "كبير فريق المفاوضين" بمؤتمر جينيف، وأواخر 2017 اختير عضواً في هيئة التفاوض السورية وكلفته الهيئة في عام 2019 رئاسة اللجنة الدستورية لقوى الثورة والمعارضة.

يبث البحرة روح التفاؤل بالمعارضة السورية مع كل الخلافات التي تنهشه، ولكنه يرى أن التشاركية وإقامة شبكة عمل متكاملة مع كل المتخصصين والأكاديميين والهيئات أمر لا بد منه، ويذهب إلى ضرورة انفتاح الائتلاف المعارض على المجتمع السوري والاستفادة من إمكانات الشباب وأصحاب الخبرات وللعمل السياسي والدبلوماسي.

رياض سيف

تولى رئاسة ائتلاف الحراك الشعبي في 2012 وكان قبلها عضواً في مجلس الشعب السوري عام 1994 ولم يعرف قبل هذا التاريخ سوى أنه يعمل في تجارة الأقمشة وتأسيس شركة للملابس الجاهزة كسبت شهرة واسعة في سوريا، ولكن بعد توليه كرسياً في البرلمان كمرشح مستقل انخرط بالحقل السياسي، وفاز بالدورة التي تليها ومعها برز اسمه بالخطابات الجريئة واللاذعة التي تنتقد الواقع السياسي والاقتصادي في البلد.

وأسهم رياض سيف (1946) بالمنتديات السياسية والفكرية والمجتمع المدني، لا سيما "ربيع دمشق" عام 2000 واستمرت لعام واحد، ولعل الحادثة الأشهر قبل اندلاع الحراك الشعبي في تاريخ سيف كان كشفه لملف الهاتف الخلوي وتقديمه دراسة مفصلة أكدت أنها تضيع على الدولة ما يقدر بسبعة مليارات دولار تقريباً وبعدها رفعت الحصانة النيابة عنه وعرض للمحاكمة ليسجن بعدها خمس سنوات، وفي 2006 أفرج عنه.

اشتهر رياض سيف بإنشاء منتدى سياسي يشجع على النقاش السياسي وقضية الحرية في سوريا، ويعد منتداه إلى جانب منتدى ربيع دمشق من أكثر المنتديات التي ذاع شهرتها قبل عقدين، وانتخب سيف رئيساً للائتلاف عام 2017 خلفاً لأنس العبدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

برهان غليون

قبل الحراك الشعبي عرف برهان غليون (1945) كمفكر وأستاذ متخصص في علم الاجتماع السياسي، وعمل مدير مركز دراسات الشرق المعاصر بجامعة السوربون في باريس. وتعد دعواته الفكرية قومية عربية، وهي معنية باحترام حقوق الإنسان والديمقراطية، وبناء دولة مواطنة.

 

 

ومع اندلاع الربيع العربي ووصوله إلى سوريا برز اسم برهان غليون كأحد أبرز المرشحين لقيادة المعارضة السورية وتوحيد شتاتها وحشدها فاختير أول رئيس للمجلس الوطني السوري وجمع تحت لوائه أوسع فئات المعارضة والنشطاء الميدانيين.

أصدر المجلس برئاسة غليون وثائق سياسية منها وثيقة "العهد الوطني" التي رسمت ملامح سورية الجديدة بدولة ديمقراطية مدنية وتعددية تساوي بين السوريين جميعاً بصرف النظر عن الدين والقومية والطبقة الاجتماعية والجنس، وتعمل على تعزيز وحدتهم وتضامنهم، لكن سرعان ما أعلن غليون استقالته في مايو (أيار) عام 2012 احتجاجاً على تنازع قوى المعارضة وانقسامها الذي شل نشاطها وعاد للعمل السياسي بين صفوف النشطاء السياسيين.

هيثم المالح

ليس غريباً اسم هيثم المالح (1931) في الأوساط السياسية المعارضة، فتجربته تمتد حتى عام 1951 إبان الحكم العسكري للرئيس أديب الشيشكلي، واعتقل في الثمانينيات لمدة ستة أعوام بعد مطالبته بإصلاحات دستورية، وشارف على الموت بعد إضرابه عن الطعام في السجن امتدت 70 يوماً متواصلة، عاد للسجن في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2009 وأطلق في مارس (آذار) عام 2011 إثر عفو عام.

عمل المالح كحقوقي وقاض سابق، وناشط في مجال حقوق الإنسان ووقع مع مجموعة من الشخصيات في عام 2005 وثيقة عرفت بـ"إعلان دمشق" طالبت بإصلاحات دستورية، وتعددية سياسية في سوريا، وبعد أحداث سنة 2011 أعلن بعد عام عن تأسيس تجمع معارض باسم مجلس أمناء الثورة السورية، وانضم إلى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وتولى المكتب القانوني.

ميشيل كيلو

في 19 أبريل (نيسان) عام 2021 فارق ميشيل كيلو الحياة في أحد مستشفيات باريس متأثراً بإصابته بفيروس كورونا، ولقد شغل سابقاً رئيس مركز حريات الدفاع عن حرية الرأي والتعبير في سوريا وأحد الناشطين الفعالين في المجتمع المدني، وأحد المشاركين في صياغة إعلان دمشق.

وعمل ميشيل كيلو (1940 - 2021) مترجماً ومحللاً سياسياً ورئيس اتحاد الديمقراطيين السوريين، وسابقاً عضواً في الحزب الشيوعي السوري واعتقل عام 2006 بتهمة إضعاف الشعور القومي والنيل من هيبة الدولة وإثارة النعرات المذهبية في عام 2009 بعد ثلاث سنوات من المحاكمة.

 

 

ونشر أصدقاء كيلو نص وصيته التي كتبها قبل أسبوع من وفاته جاء فيها "لا تنظروا إلى مصالحكم الخاصة كمتعارضة مع المصلحة العامة، فهي جزء أو يجب أن تكون جزءاً منها، لا تنظروا إلى وطنكم من خلال أهدافكم وأيديولوجياتكم بل انظروا إليهما من خلال وطنكم، والتقوا بمن هو مختلف معكم بعد أن كانت انحيازاتكم تجعل منه عدواً لكم".

رياض حجاب

انشق رئيس الحكومة رياض حجاب عن النظام السوري في السادس من أغسطس (آب) عام 2012 وغادر البلاد إلى الأردن برفقة عائلته.

رياض حجاب (1966) سياسي شغل مناصب عديدة قبل أن يتولى لفترة وجيزة الحكومة في سوريا إذ تدرج بالمناصب كرئيس للاتحاد الوطني لطلبة سوريا في دير الزور وأمين فرع دير الزور لحزب البعث وبعدها وزير الزراعة، وهنا يجد المعارضون فارقاً بين معظم مكونات الشخصيات المعارضة وتاريخها في الاعتقال والسجن على عكس حجاب الذي تقلد مناصب ومراتب حزبية وسياسية وحكومية رفيعة، وينظرون بتوجس لهذا الانتقال الطارئ.

في الوقت ذاته يرى فريق من المعارضين أن حجاب وغيره من الشخصيات السياسة والعسكرية الرفيعة تعد مكسباً مهماً في ظل الصراع مع السلطة، وتقول الرواية التي سردها محمد العطري المتحدث باسم رياض حجاب، إنه انضم للمعارضة وسافر برفقة عائلته للأردن تحت حماية، وبعدها أذاع حجاب خبر انشقاقه.

المزيد من تقارير