Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البرازيل... من سلة غذاء العالم إلى التوشح بالجوع

تنتج سنوياً ما يكفي لإطعام 1.6 مليار شخص ومع ذلك فلديها 33 مليون جائع عدا عن ارتفاع نسبة الفقر

عشرات البرازيليين يصطفون أمام نقطة توزيع للأغذية في ساو باولو (اندبندنت عربية)

ملخص

 تفيد أحدث أرقام منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة بأن خمسة في المئة من الشعب البرازيلي يعانون سوء التغذية، بينما يواجه ما يقارب ثلث البرازيليين انعدام الأمن الغذائي الشديد.

توصف البرازيل بأنها سلة غذاء العالم، إذ تنتج سنوياً من المواد الغذائية ما يكفي لإطعام 1.6 مليار نسمة، ومع ذلك صدرت تقارير في الفترة الأخيرة تفيد بعودة البرازيل لقائمة الدول التي تعاني نسبة كبيرة من شعبها الجوع.

وتفيد أحدث أرقام منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، بأن خمسة في المئة من الشعب يعانون سوء التغذية، بينما يواجه ما يقارب ثلث البرازيليين انعدام الأمن الغذائي الشديد.

وأمام هذا الوضع فإن المنظمات الإنسانية البرازيلية تعمل على التقليل من فقدان الغذاء الناجم عن سوء التخزين والنقل، وتشير منظمة "مائدة البرازيل" غير الحكومية إلى أن ما يقارب 26 مليون طن من الغذاء يفقد سنوياً بين عمليتي الإنتاج والنقل في البرازيل، وهي كمية يمكن أن تسهم في القضاء على الجوع لو استغلت كما يجب.

وتقول منسقة العمليات في المنظمة كارن ليال في تصريح إلى "اندبندنت عربية" إن منظمتها تقوم بجمع المواد الغذائية الخارجة عن معايير التسويق والتي لا تزال صالحة للاستعمال، لتقوم بنقلها على جناح السرعة إلى مراكز استقبال الأسر والأطفال لتوزيعها.

وتضيف أن كثيراً من المنتجين الذين يتقيدون بمعايير التسويق المحلي والتصدير إلى الخارج أصبحوا الآن يتبرعون بالمواد التي كانوا يتخلصون منها لخروجها عن تلك المعايير، فتقوم المنظمة بفرزها وتخزينها وتوزيعها.

خريطة الجوع

ومع عودة البرازيل لخريطة الجوع في العالم بعد أن كانت قد خرجت منها قبل تسعة أعوام بفضل البرامج الاجتماعية التي نفذتها حكومة الرئيس لويس إناسيو لولا داسيلفا آنذاك، والتي أدت إلى انتشال نحو 30 مليون برازيلي من الفقر، أصبحت البلاد الآن تحتل المركز الـ 63 عالمياً على قائمة الدول التي يعاني سكانها الجوع، وبنسبة تزيد على 15 في المئة من السكان، أي ما يفوق 33 مليون شخص.

وبوجود هذه النسبة العالية ممن يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد، أصبحت برامج مثل تلك التي تنفذها "مائدة البرازيل" ضرورية بشكل متزايد ومفيدة للمتبرعين، إذ إنهم يتجنبون الهدر وتعزز الرسالة الاجتماعية لشركات الإنتاج الغذائي، وتسمح بصيانة كثير من مشاريع الشراكة، وقد سجل حتى الآن أكثر من 1200 مؤسسة تتلقى تبرعات في جميع أنحاء البرازيل.

وتقول منظمة "مائدة البرازيل" إن تلك التبرعات التي تعتبر إنتاجاً فائضاً أو خارج معايير التسويق ولكنها مناسبة للاستهلاك، لها تأثير إيجابي يومي في روتين المؤسسات التي تستقبل المحتاجين، لافتة إلى أن 2023 انتهى بجمع ما يزيد على 6 آلاف طن من المواد الغذائية ومنتجات التنظيف والنظافة الشخصية، وهو ما استفاد منه 480 ألف شخص، وهو رقم قابل للزيادة مع وصول مزيد من الشركات المانحة.

انعدام الأمن الغذائي

ويسلط المسح الوطني الثاني حول انعدام الأمن الغذائي الذي أجري في سياق تداعيات جائحة "كوفيد-19" في البرازيل الضوء على زيادة الجوع وانعدام الغذاء في جميع أنحاء البرازيل خلال عامي 2021 و 2022.

ويُعرّف المسح انعدام الأمن الغذائي على أنه حال عدم القدرة على الوصول الكامل والدائم إلى الغذاء، ويمثل الجوع أخطر أشكاله.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتهم الحكومة اليسارية الحالية برئاسة لولا داسيلفا حكومة سلفه اليميني المتشدد جايير بولسونارو بإعادة البلاد لقائمة الدول التي تعاني نسبة كبيرة من شعوبها انعدام الأمن الغذائي، بسبب ما تصفه بسياساتها الاجتماعية الفاشلة وخططها الاقتصادية التي قامت بخصخصة كبرى شركات الدولة.

وتسعى الحكومة اليسارية منذ توليها السلطة بداية عام 2023 إلى معالجة الوضع من خلال إحياء برامج الدعم الاجتماعي التي نفذها لولا داسيلفا خلال فترتي حكمه الماضيتين، مثل برنامج "المنحة الأسرية"، وهو دعم مالي يقدم للأسر الفقيرة بعدد أطفالها الذين تسجلهم في المدرسة، وبرنامج "بيتي حياتي" الذي يمول المجمعات السكنية للفقراء.

تحالف دولي

 كما أطلق الرئيس البرازيلي مبادرة لإنشاء تحالف دولي للقضاء على الجوع والفقر، وطلبت البرازيل دعم الأمم المتحدة خلال المرحلة التشغيلية للمبادرة، وقام وزير التنمية والمساعدة الاجتماعية والأسرة ومكافحة الجوع ويلينغتون دياس بتفصيل مقترح التحالف العالمي ضد الجوع والفقر أثناء الإجتماعات الأخيرة لوزراء المالية في مجموعة الـ20 التي تضم الدول الأكثر غنى في العالم.

وقال إن الإجراء الذي يمثل أولوية للحكومة البرازيلية في رئاسة مجموعة الـ 20 يهدف إلى حشد الجهود والموارد الدولية لدعم البلدان في تنفيذ سياسات عامة وفعالة لمكافحة الجوع والفقر مع التركيز على الإجراءات الهيكلية، موضحاً أن الهدف هو تحقيق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر المدقع والجوع بحلول عام 2030.

ويرى الوزير البرازيلي أن الأمم المتحدة لديها دور أساس في التحالف، سواء في مرحلتي التنفيذ أو التشغيل، ومشدداً على أن "التحالف لن ينتمي إلى مجموعة الـ20 بل إلى جميع الدول والمنظمات التي ترغب في العمل معاً".

وأنشأت البرازيل التي تتولى حالياً الرئاسة الدورية لمجموعة الـ20 مجموعة عمل بهذا الخصوص مكلفة بدراسة السبل الكفيلة بإنشاء التحالف المنشود الذي قال الوزير إنه "يشكل إحدى الأوليات للرئاسة البرازيلية للمجموعة".

وسبق للرئاسة البرازيلية أن أكدت أن دعوة الرئيس البرازيلي حظيت بدعم الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ونالت استحسان الأوربيين.

خطوات قادمة

وتتوقع الحكومة البرازيلية أن تبدأ المناقشة الفنية مع مجموعة الـ 20 في شأن إدارة التحالف العالمي في مارس (آذار) الجاري، وأن تنتهي بالمفاوضات في مايو (أيار) المقبل، كما من المقرر أن يعقد الاجتماع الوزاري لفريق العمل في يوليو (تموز) المقبل في ريو دي جانيرو، حيث من المتوقع أن يحدد الملامح النهائية للتحالف العالمي.

وستكون قمة مجموعة الـ 20 التي ستعقد أيضاً في ريو دي جانيرو خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بمثابة نقطة الانطلاق الرسمي للمبادرة.

وعلى رغم الأزمة الغذائية فقد حطمت صادرات الأعمال الزراعية البرازيلية رقماً قياسياً في عام 2023، إذ وصلت إلى 166.55 مليار دولار، وكان هذا الرقم أعلى بنسبة 4.8 في المئة مقارنة بعام 2022، وهو ما يمثل زيادة قدرها 7.68 مليار دولار.

 

 

ووفقا لأمانة التجارة والعلاقات الدولية التابعة لوزارة الزراعة والثروة الحيوانية البرازيلية فقد تأثر الأداء بالكمية المشحونة، وبالتالي كانت الأعمال الزراعية مسؤولة عن 49 في المئة من إجمال سلة الصادرات البرازيلية عام 2023، في مقابل 47.5 في المئة خلال العام الذي سبقه.

ويقول أمين التجارة والعلاقات الدولية في وزارة الزراعة والثروة الحيوانية روبرتو بيروسا إن "عام 2023 يمثل نقطة تحول تاريخية بالنسبة إلى الزراعة البرازيلية، مع التقدم الكبير في الصادرات وتوسع السوق، مما أدى إلى ميزان تجاري قياسي بلغ نحو 99 مليار دولار، بزيادة قدرها 62 في المئة مقارنة بعام 2022".  

وتابع بيروسا، "تحت قيادة الرئيس لويس إناسيو لولا داسيلفا افتتحت البرازيل 78 سوقاً جديدة، وعززت العلاقات وقادت الصادرات العالمية في كثير من المنتجات".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير