Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأسواق الأسبوعية في ألمانيا ملاذ لكبار السن الباحثين عن لقاء وابتسامة

كانت قديماً مكاناً لعقد محاكمات علنية وإحراق مجرمين أو قطع رؤوسهم

السوق الأسبوعية في كونيغسوينتر نواحي مدينة بون بألمانيا (اندبندنت عربية )

ملخص

قبل اختراع الهاتف، كانت السوق الأسبوعية فضاء مهماً لتبادل المعلومات ومعرفة الأخبار

في قلب كل مدينة وقرية في ألمانيا توجد أسواق أسبوعية، تقرب الزائر من المنتجات الفلاحية مثل الألبان والخضراوات والفواكه والعسل بالأعشاب المنتجة محلياً، وتعدّ من التقاليد الألمانية القديمة التي ما زال الألمان يحافظون عليها، فهم في هذه الأسواق يتواصلون مع بعضهم بعضاً ويتبادلون أطراف الحديث ويحظون بابتسامات دافئة يفتقدونها في الأسواق الحديثة.

"الباعة هنا يعرفونني"

في كل يوم جمعة تفتتح السوق الأسبوعية في كونيغسوينتر نواحي مدينة بون في ألمانيا حتى الخامسة مساء، حيث يعرض المزارعون المحليون منتجاتهم من ألبان وأجبان وخضراوات وفواكه لسكان المنطقة. وقبل اختراع الهاتف، كانت السوق الأسبوعية فضاء مهماً لتبادل المعلومات ومعرفة الأخبار.

بالنسبة إلى كبار السن الألمان، تُعد السوق الأسبوعية مكاناً مهماً لاقتناء الخضراوات واللحوم المحلية وأيضاً إجراء محادثات مع الباعة. مارغوت البالغة من العمر 72 سنة تعتبر أن السوق الأسبوعية موعداً مهماً، وتقول "الباعة هنا يعرفونني ويمكنني أن أختار قطع اللحم التي أريد من عند الجزار، كما أقتني العسل من مربي النحل في المزارع والجبنة المنزلية، وهذا أمر رائع".

تجري مارغوت محادثات مع الباعة والزبائن، وهم بغالبيتهم من كبار السن الذين يعدون طعامهم في البيت، بينما يقتني الشباب فقط النقانق المشوية، ويوضح أحد الباعة أن "الإقبال على منتجاتنا تراجع خلال الأعوام الأخيرة، وشريحة الزبائن الأكبر من كبار السن لأنهم يحبون أجواء السوق ويحضرون وجباتهم في المنزل".

ويضيف أنه "يجب الحفاظ على السوق الأسبوعية التقليدية ليس فقط لتنظيم مهرجانات موسيقية شعبية وتذوق النبيذ، فهذا لوحده غير كافٍ لتعليم الأطفال والشباب كيفية التعامل مع المنتجات المحلية من خضراوات وفواكه وطهيها في المنزل، وعدم اقتناء طعام جاهز مثل البيتزا والبرغر. أعتقد بأنه إذا كان الجيل الجديد يقدر المواد الأساسية الطبيعية ويمتلك مهارات تحضيرها، حينها ستستمر السوق الأسبوعية".

"مجرد زبون"

بالنسبة إلى هيلموت، متقاعد ألماني، السوق الأسبوعية موعد للقاء أصدقائه القدامى، ويقول في هذا الصدد "هذا التواصل مع أشخاص من جيلك مهم جداً، لهذا أخصص وقتاً كافياً للسوق الأسبوعية كي أتمكن إلى جانب اقتناء حاجاتي، من الدردشة مع الأصدقاء والاستمتاع بأكل النقانق المشوية".

ويتحدث هيلموت مع بائعة الجبنة والعسل عن أحوال المزرعة، وهي تناديه باسمه وتسأله عن صحة زوجته، ويشرح أنه "بالنسبة إلى الباعة أنا هنا صديق قديم يعرفونني وينادونني باسمي، أما في السوبرماركت فأشعر بأنني مجرد زبون، لا أحظى بمحادثة صغيرة ولا حتى ابتسامة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتُعد السوق الأسبوعية فرصة للمزارعين المحليين لعرض منتجاتهم. كما تبيع بعض الأسواق الأسبوعية أيضاً الملابس والألعاب والسلع الجلدية.

تقول بائعة الجبنة عن أجواء السوق "نحن هنا أشبه بعائلة كبيرة، فالتجار يعرفون بعضهم بعضاً، كما أنني أتذكر أسماء وملامح جميع الزبائن فمعظمهم عالقون في ذهني وأستمتع بالحديث معهم، أشعر بسعادة عندما يخبرونني أنهم راضون عن منتجاتي".

لا يريدون الشراء فقط

تعرض البائعة أنواعاً مختلفة من الأجبان المصنوعة في البيت، وتوضح أنهم ينتجون "نحو 170 نوعاً من الجبنة في منازل بالمزرعة، وأيضاً العسل الطبيعي بالأعشاب، وهي تقاليد مهمة يجب أن تستمر وتتوارث".

وتضيف المتحدثة ذاتها أن "بعض كبار السن لا يرغبون في شراء الجبن والعسل فقط، بل يهمهم خلق اتصال اجتماعي ومحادثات دافئة، لا يمكنهم العثور على ذلك في السوبرماركت".

يشار إلى أن السوق الأسبوعية بدأت في ألمانيا في القرن الـ 10، وكانت الأسواق حينها مراكز للحياة الحضرية. كما عُقدت محاكمات علنية فيها وتم حرق المجرمين أو قطع رؤوسهم في السوق، وأيضاً في أوقات الاضطرابات الاجتماعية لم تكن ساحة السوق مكاناً للإمدادات الغذائية فحسب، بل كانت أيضاً مكاناً للنقاش السياسي باعتبارها مركزاً مهماً للقاءات.

انخفاض الإقبال

وفي 2023، انخفضت المبيعات على مستوى البلاد في الأسواق الأسبوعية بنسبة 6.5 في المئة مقارنة بالعام السابق، وفي بعض الولايات الفيدرالية مثل شمال الراين وستفاليا بلغت 10 في المئة.

ووفقاً لبحث أجراه معهد أبحاث الرأي YouGov في الخامس من مارس (آذار) الجاري، فإن 15 في المئة من الأشخاص في ألمانيا يذهبون إلى التسوق في إحدى هذه الأسواق مرة واحدة في الأقل أسبوعياً، و14 في المئة مرة واحدة في الأقل شهرياً، و38 في المئة أقل من ذلك في معظم الأحيان، و30 في المئة لا يذهبون أبداً للتسوق.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير