Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فلسفة جديدة لتحويل القطاع العام التونسي إلى شريك

ترى المديرة العامة لـ"الودائع والأمانات" أن الصندوق نال ثقة القطاع الخاص بفضل استثماراته في الفترات الحرجة

ملخص

وصفت المديرة العامة لصندوق الودائع والأمانات المستثمر السائر ضد التيار بالنظر إلى طبيعة تدخلاته في الفترات الحرجة التي تشهد تراجعاً في الاستثمار أو انكماشاً اقتصادياً

"أسست تونس صندوق الودائع والأمانات ليكون لاعباً استثمارياً في صورة مؤسسة عامة، دعمها مشرع القوانين بإعفاء من القانون المنظم للمؤسسات والمساهمات العامة وأخضعها للتشريع التجاري الجاري به العمل"، هكذا بدأت المديرة العامة لصندوق الودائع والأمانات في تونس ناجية الغربي، حديثها إلى "اندبندنت عربية".

وأوضحت أن الإعفاء الذي يتمتع به الصندوق هو بمثابة رسالة طمأنة لشركاء الصندوق، إضافة إلى ضمان حرية وسهولة الإجراءات لديه خاصة على مستوى السوق المالية، مضيفة أن "الصندوق أسس ليكون مستثمراً عاماً على المدى الطويل لخدمة الصالح العام مع ضمان الديمومة الاقتصادية للمشاريع التي يكون طرفاً فيها".

وقالت الغربي إن "صندوق الودائع والأمانات في تونس يشبه إلى حد بعيد الصناديق السيادية"، مستدركة "لكنه ليس بصندوق سيادي، إذ إن موارده تأتي من الرصيد الثابت للادخار البريدي والودائع القانونية لدى الخزانة العامة للدولة"، موضحة أن "موارد الصندوق هي موارد خاصة، لا تأتي من الموازنة العامة للدولة أو من الفوائض المحققة كما هي الحال بالنسبة إلى الصناديق السيادية وهذا هو وجه الاختلاف".

وأشارت إلى أن "المشرع القانوني أسند للصندوق ثلاث مهام وهي الاستثمار في البنية التحتية والمشاريع الكبرى ومساندة ومرافقة تمويل الشركات الصغرى والمتوسطة، وكذلك الشركات الناشئة ثم التدخل على السوق المالية لإعطائها مزيداً من العمق والاستقرار"، مضيفة أن "الصندوق يعمل أيضاً على إنجاز استثمارات صديقة للبيئة في إطار جهد الدولة التونسية للانتقال إلى الاقتصاد الأخضر".

ووصفت المديرة العامة "صندوق الودائع والأمانات" بالمستثمر السائر ضد التيار بالنظر إلى طبيعة تدخلاته في الفترات الحرجة التي تشهد تراجعاً في الاستثمار أو انكماشاً اقتصادياً، وذلك من خلال قبول نسبة مرتفعة في حدود معينة لمعايير التصرف الحذر، كما تراعي تدخلاته الجانب التنموي المستدام مع التركيز على المناطق المحرومة وذات نسق النمو البطيء.

وحول تفاصيل موارد الصندوق، قالت الغربي إنها "تأتي من الرصيد الثابت للادخار البريدي والودائع القانونية لدى الخزانة العامة ولا تعود إلى الموازنة العامة أو من الفوائض المحققة، على أن تتولى مكاتب البريد في ما يخصها ومصالح الخزانة العامة جمع الأموال والإشراف على صرفها، ويخصص الرصيد الثابت لصندوق الودائع والأمانات للقيام بالاستثمارات التي تكون من مشمولاته".

وحول الفوائد المحققة من المشاريع المنجزة، أوضحت أنها "تعود للصندوق الذي يدعم بها موارده الذاتية مما يسمح له، باعتبار سياسة التصرف في الأخطار، بمزيد من التدخل في مشاريع أكثر جرأة وحداثة، وتضمن هذه الإيرادات أن تكون نسبة الأخطار فيها أرفع وبحكم أن الأموال المستثمرة هي ذاتية أمكن قبول هذا التمشي".

استثمارات بالسوق المالية

وأضافت الغربي أنه "علاوة على ذلك يضخ الصندوق استثمارات في السوق المالية، مما يسمح له بتغطية نفقات التصرف الخاصة به من دون اللجوء إلى موازنة الدولة، إذ هو مطالب بضمان توازنه المالي، بل وأكثر من ذلك بصرف نسبة مهمة من الأرباح المحققة لفائدة الدولة"، مشيرة إلى أن "صندوق الودائع والأمانات مطالب إلى جانب التزاماته بتغطية الفوائد المصروفة لحسابات الادخار البريدي، علاوة على كلفة الخدمات المسداة من مصالح البريد التونسي وكذلك مصالح الخزانة العامة".

ولفتت إلى أن "الاستثمار في السندات يمثل المهمة الثالثة التي أقرها المشرع عند تدشين الصندوق، ويأتي هذا التصور لإتمام المنوال الاقتصادي للاستثمار الذي تعتمده الدولة التونسية"، مؤكدة أن "الهدف من ذلك هو خلق مستثمر عام يلعب دوراً محورياً في عالم المال والأعمال وتنمية الاستثمار، وبذلك يكون الصندوق فاعلاً اقتصادياً متكاملاً حتى يتمكن من ضمان تدخل ناجع في صورة الحاجة إلى إسناد ما، أو لإطلاق مبادرة أو آلية جديدة وكذلك لتفادي كل ما من شأنه المس بالتوازنات الكبرى".

وأضافت الغربي أن "تدخل الصندوق سيظل تدخلاً كفاعل اقتصادي نشيط وشريك وليس كسلطة تنظيمية وفي هذا تحديث لعقلية الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إذ إن الطرف العام في هذه الوضعية يعمل بحسب نفس القواعد ويخضع لنفس الضوابط تماماً مثل الشريك الخاص".

وعن مجال تدخلات الصندوق والقطاعات التي تشملها قالت إنه "كمستثمر عام خصص لخدمة النمو الاقتصادي للبلاد تشمل تدخلاته القطاعين العام والخاص على حد سواء، وبالنظر إلى المهام المكلف إياها يحتل القطاع الخاص حيزاً أكبر، خصوصاً في ما يتعلق بالشركات الصغرى والمتوسطة كذلك العمليات على مستوى السوق المالية، إذ يمثل تأسيس الصندوق تجسيداً للرغبة في تأسيس آلية استثمار تعيد ثقة الطرف الخاص في المبادر الحكومي، وبحكم أنه يعتمد في تدخلاته على آلية الرافعة المالية، وبما أن مساهمته لا يمكن أن تتخطى سقف الـ20 في المئة من رأس المال، تمكن من اقتلاع الثقة وأضحى طرفاً موثوقاً في تدخلاته وبذلك دعم الثقة بين القطاعين العام والخاص ودفع الشراكة بينهما".

مبادرات وصناديق موجهة

وقالت المديرة العامة لصندوق الودائع والأمانات، رداً على مدى إمكانية استثمار الصندوق في مشاريع بمفرده إنه "إجمالي المهام التي أنيطت بعهدة الصندوق هي بعث وخلق مبادرات ومشاريع غير مسبوقة على مستوى السوق التونسية في الأقل، ولعل القانون المحدث والمنظم للشركات الناشئة أحد الأمثلة الحية على هذا التمشي"، مشيرة إلى تأسيس شركة التصرف "صندوق الودائع والأمانات - تصرف" و"خط التمويل البنك الدولي للرقاع القابلة للتحويل إلى سندات" وكذلك المبادرات والصناديق الموجهة لإسناد المؤسسات التي تضررت من أزمة كورونا، والمبادرات والمشاريع التي أحدثها الصندوق بمفرده أو بالاستفادة من شراكات مع شركائه وبخاصة من المانحين ويمتاز الصندوق بحركية كبيرة على مستوى الشراكات مع الجهات المانحة.

وحول حجم الموارد المخصصة للصندوق ومدى مردوديتها قالت الغربي إنه "بالنظر إلى رؤية وطموح صندوق الودائع والأمانات فإن الموارد تعد دائماً محدودة"، مضيفة أن "الطلبات كبيرة وعديدة ولضمان تدخل أوسع مع احترام قواعد التصرف الحذر الخاصة بالصندوق يجب العمل المتواصل على الرفع في الموارد"، وتابعت "أضف إلى ذلك أن الأفكار الجديدة في نسق تصاعدي ولترجمتها على أرض الواقع تتطلب أموالاً والمال قوام الأعمال".

وعن أهم الاستثمارات التي نفذها الصندوق كشفت المديرة العامة عن أنه حتى ديسمبر (كانون الأول) 2022، تضم محفظة الصندوق 22 مشروعاً استثمارياً بمقادير وأحجام مختلفة بقيمة إجمالية 118 مليون دينار (38.18  مليون دولار)، بينما المساهمات غير المباشرة فقد بلغت استثمارات شركات التصرف 364 مليون دينار (117.7 مليون دولار) دعمت 188 مشروعاً، وتتوزع اكتتابات الصندوق في الصناديق المحلية بين 41 في المئة بصناديق التنمية الجهوية و20 في المئة بالصناديق العمومية و22 في المئة بالصناديق المشتركة و15 في المئة بصناديق إعادة الهيكلة وتبلغ اكتتابات الصندوق بالصناديق المحلية 185 مليون دينار (59.9 مليون دولار) وبالصناديق الدولية 15 مليون يورو.(16.35 مليون دولار).

وذكرت الغربي أن "الصندوق يتلقى طلبات بوتيرة عالية لمرافقة المؤسسات"، مستدركة "لكن قرار التدخل يخضع لمنهجية دراسة الملفات من قبل مصالح الصندوق واللجان المنبثقة عن هيئة مراقبة الصندوق التي يبقى قرار الاستثمار من عدمه من أنظارها، إذ تنظر في الملفات الواردة بحسب الضوابط الخاصة بالمؤسسة في احترام تام لقواعد التصرف الحذر الخاصة بالصندوق، وعديد الطلبات رفضت والعدد الأكبر نقح حتى يتناسب مع ما هو مطلوب وعدد لا بأس به تم قبوله وفق الضوابط المدرجة"، مضيفة أن "الصندوق في خدمة الاقتصاديين سواء من القطاع العام أو الخاص على حد السواء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتوضيحاً حول توصيات محكمة المحاسبات (هيئة حكومية) بتشخيص أسباب محدودية وتواضع تدخلات الصندوق في فترة ما بين 2012 و2016 قالت المديرة العامة إن "ملاحظة المحكمة تم تجاوزها منذ مدة، وقد اقترنت بسنوات الانطلاق كآلية استثمار جديدة وبفلسفة لم يتعود عليها الفاعلون الاقتصاديون، ومع مرور الزمن توضحت الرؤية بالنسبة إلى الصندوق بخصوص المحاور الاستراتيجية الكبرى وأولويات التدخل، إذ أصبح الصندوق يبحث عن موارد أكبر للاستجابة للطلبات الواردة عليه".

وكشفت الغربي أنه في إطار التزاماته يلعب الصندوق دوراً مهماً استعداداً لإطلاق أول عملية إصدار للسندات الخضراء في تونس، من خلال تركيز منهجية إصدار ومتابعة السندات الخضراء، في مرحلة أولى ثم الإشراف على إعداد دراسة استشرافية لإصدار سندات تمويل مؤسسات صغرى ومتوسطة في مجال الاقتصاد الأخضر المتجدد والمستدام في تونس للوقوف على مدى إمكانية تعبئة التمويلات لهذه المشاريع، والتي تم بتاريخ الرابع من مارس (آذار) 2024 عقد ورشة عمل لتقديم نتائجها، فهذه الدراسة التي أطلقها صندوق الودائع والأمانات بالشراكة مع وزارة المالية وبورصة تونس وبدعم من البنك الدولي وبتمويل بريطاني تأتي لتعزيز قدرة تونس في مجال الاقتصاد الأخضر ودعماً لبرنامج وضعته وزارة الصناعة والمناجم والطاقة بالشراكة مع البنك الدولي منذ عام 2021 يهدف إلى توفير تمويلات لقطاع الطاقات المتجددة.

وأشارت إلى أن الدراسة تبرز التحديات المرتبطة بطلب التمويل الأخضر، إذ إن طبيعة الأخطار المرتبطة بهذه المشاريع تؤثر في حجم الأموال المعبأة، علاوة على ذلك، أفرزت الدراسة إمكانية وضع خط تمويلي متعدد المجالات موجهة لمشاريع بدرجات نضج مختلفة مما يتطلب اهتماماً خاصاً في توجيه التمويل الأخضر للمشروعات ذات الأثر البيئي والاقتصادي، فالتوجه نحو الاقتصاد الأخضر لم يعد خياراً، بل ضرورة ملحة في العالم وفي تونس.

اقرأ المزيد

المزيد من حوارات