Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اهترأت من النزوح... الأحذية في غزة باتت بـ"الشراكة"

يقترضها أحدهم من خيمة جاره ويرتديها آخر مع زوجته ولم يعد أحد يهتم بنوعها "رجالي أم حريمي"

ملخص

فكرة أن يرتدي الزوجان النعل نفسه، بات مشهداً يتكرر كثيراً في جميع أنحاء غزة، وبخاصة منطقة مخيمات النزوح، بعد اختفاء الأحذية من الأسواق.

على باب الخيمة كان بهاء ينادي على زوجته "يا سمر تعالي بسرعة، أريد الحذاء الذي في قدمك"، نظر الأب على الأرض لعله يجد أي نعل أمامه يرتديه ليذهب إلى الحمام لكنه لم يجد، وأجبر على انتظار زوجته.

يضحك بهاء قائلاً "اعتدنا على الانتظار والطوابير في كل شيء حتى الأحذية، طابور لأجل الخبز، وللحصول على الماء، وطابور آخر أمام الحمام، وها أنا أنتظر دوري لألبس حذاء زوجتي الوحيد الذي نملكه".

بعد دقائق وصلت سمر، مازحة مع زوجها تخاطبه "هذا الحذاء من فردتين، ما رأيك أن تلبس واحدة والأخرى لي، وعندما نسير نقفز على قدم واحدة لنصل إلى حيث نريد"، ثم خلعت النعل من قدميها وأعطته لزوجها "تفضل يا حبيبي، وخذ بالك منه كثيراً".

تقاسم الأحذية مألوف

فكرة أن يرتدي الزوجان النعل نفسه، بات مشهداً يتكرر كثيراً في جميع أنحاء غزة، وبخاصة منطقة مخيمات النزوح، وهذا الحدث هو نتيجة لمشكلة جديدة ظهرت في القطاع، إذ اختفت الأحذية من السوق وبات الحصول على نعل أمراً صعباً جداً.

وبسبب نقص الأحذية في غزة، اضطر سكان القطاع إلى تقاسمها، وهذا جعل جزءاً كبيراً منهم حفاة، وأجبر عدداً من الآباء والأمهات والأطفال إلى الخروج لشراء المستلزمات بلا أحذية أحياناً، أو تقاسم النعال مع أفراد العائلة.

وأصبح أمراً مألوفاً في غزة أن تنتعل النساء أحذية رجالية، وإن شعرن بالخجل في بداية الأمر، لكنهن سرعان ما اعتدن المشهد، وليس غريباً أيضاً أن ترى رجلاً يرتدي حذاء زوجته أو ابنته الكبرى، كما هي الحال مع أسرة بهاء وسمر.

اهترأت

منذ شهرين يتشارك بهاء مع زوجته نفس الحذاء النسائي، ويلبسه يومياً في محيط معسكر خيام النازحين ويخرج به بعض الأحيان إلى الأسواق والشوارع، وعندما ينتهي من جدوله اليومي، يعود إلى خيمته وترتدي سمر النعل لتقوم ببعض مهامها.

تقول سمر "نحن من النازحين، أي تركنا بيوتنا ولم ننقل معنا كل شيء، فهذه خيمة صغيرة بالكاد تتسع للفراش، ولم نتخيل أننا بحاجة للعديد من المستلزمات، لأننا اعتقدنا أن الحرب ستكون لعدة أيام، لكننا في الشهر الخامس وهذا جعل أحذيتنا تهترئ".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تضيف "جراء كثرة التنقل بين الرمال والشوارع وقضاء جميع أوقاتنا في العراء، اهترأت أحذيتنا، وحاولنا كثيراً البحث عن نعال في الأسواق، لكننا لم نجد، اختفت من المحال وبات الحصول على حذاء أمراً مفرحاً ويدخل الراحة على القلب".

أما زوجها بهاء فيقول "بحثت عن حذاء رجالي لكني عبثاً كنت أفعل، اضطررت إلى السير حافي القدمين لكن شاهدت كثيراً من الذكور يرتدون أحذية نسائية وفعلت ذلك مثلهم، فبسبب الحرب وإغلاق المعابر نفد كل شيء من القطاع".

استمرار الحرب

في بداية الحرب وعند النزوح كان الغزيون يتنقلون سريعاً نتيجة شدة القصف الإسرائيلي، وهذا يعني أن أكثرهم غادروا بيوتهم حاملين معهم أمتعة قليلة كالفراش والأغطية، ولم يخطر ببال أحد أن يأخذ معه أحذية إضافية، إذ معظمهم غادر بيوتهم بالنعال التي يلبسونها في أقدامهم.

ومع اشتداد الحرب، اضطر سكان غزة إلى تجربة النزوح بشكل متكرر وأغلب عمليات الهروب كانت تجري سيراً على الأقدام، ما تسبب في اهتراء أحذيتهم. يقول عن ذلك زين "نحن ننتعل الحذاء نفسه منذ خمسة شهور، كل يوم نلبسه في الخيام وفي الشوارع المزدحمة، وشيء طبيعي أن يهترئ النعل مع هذه المدة والظروف".

ويضيف "لا توجد أحذية في الأسواق، ولذلك اضطررنا إلى السير في النعال المهترئة أو تقاسم الأحذية مع زوجاتنا، عن نفسي أخجل من ذلك، وأطلب من الخيمة المجاورة حذاء جاري وألبسه لقضاء مشاويري".

بحسب جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، فإنه طُلب من الدول المتبرعة لغزة إضافة أحذية في قائمة المعونات المطلوبة، لكن لحد اللحظة لم تسمح إسرائيل بتدفقها لغزة. يقول المتحدث باسم الجمعية رائد النمس "تقليص أعداد شاحنات المعونات التي تدخل إلى غزة تسبب في أزمة كبيرة، وهناك نواقص كثيرة في مراكز الإيواء أبرزها النعال، ونتيجة لذلك لاحظنا انتشار ظاهرة تقاسم الأحذية أو السير من دونها".

ويضيف "نقص الأحذية له ثلاثة أسباب، الأول عدم اصطحاب النازحين نعالهم من بيوتهم وقصف إسرائيل تلك المباني، أما الثاني تدمير الجيش للأسواق المركزية والمستودعات، والثالث القيود المفروضة على تدفق البضائع من قبل الحرب".

دفع محدودية الأحذية المعروضة في الأسواق إلى لجوء الناس للنعال المستخدمة "البالة"، وهذا ما حدث مع أماني. تقول "فقدت حذائي في النزوح، سرت لمسافات طويلة سيراً على الأقدام، وفجأة سقط مني، وقتها لم أبال وقلت سأشتري واحداً عندما أصل لكن لم أجد إلا بضاعة من البالة".

مهنة تصليح الأحذية

وتضيف "اشتريت نعلاً من البالة، وهو متهرئ بطبيعة الحال، لكني مجبرة على انتعاله ولا خيار أمامي سوى تكرار تصليحه حتى يخدمني فترة الحرب".

بالفعل أدت هذه المشكلة إلى تنشيط مهمة تصليح الأحذية، وهذا سعيد الذي يعمل فيها يقول "كل يوم يصلني عشرات الأشخاص يطلبون صيانة نعالهم، وأنا أواجه مشكلة في عملي، إذ لا تتوافر زيوت ولا خيوط لأقوم بخياطة الأحذية".

ويضيف "أحاول التحايل على نقص مستلزمات عملي، لكن هناك أحذية لا يمكن خياطتها، إنها بالية جداً، وعلى رغم ذلك يلح علي أصحابها ويصرون على تدبرها، فلا خيار أمامهم سوى صيانة النعال".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات