Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محنة أميرة ويلز تعري عالمنا غير المثالي وتكشف لحظات ضعفها

بعد تشخيصها بمرض السرطان بلغت كيت ميدلتون قمة المجد واختارت القوة بدل الضعف. وبعد أشهر من التكهنات المحمومة حول اختفائها، فاق الواقع كل توقعاتنا، والأهم اليوم أن نفكر في الدور الذي سنضطلع به بعد ذلك

أميرة ويلز المتزنة والأنيقة تصف كيف كان تشخيص إصابتها بالسرطان بمثابة "صدمة كبيرة" بالنسبة إليها (ا ف ب أو اندبندنت)

ملخص

في قمة ضعفها تعلمنا أميرة ويلز درساً في التواضع ودرء المؤامرات والتفكير في سلوكنا في المستقبل.

في السنوات المقبلة، سيدقق المؤرخون في الفيديو الذي أعلنت فيه أميرة ويلز عن إصابتها بالسرطان، وقد اتسم بالتواضع والإتقان، وسيشيدون به باعتباره لحظة فاصلة في تاريخ العائلة المالكة.

وفي مشهد رتب بعناية جلست كيت برصانة وأناقة وسط أزهار النرجس الربيعية المتفتحة لتشارك الجمهور تفاصيل قصتها. ووصفت الأشهر الأخيرة بأنها كانت "صعبة للغاية"، مشيرة إلى أن تشخيصها بالسرطان شكل "صدمة كبيرة" بالنسبة إليها. وتحدثت عن شروعها في المراحل الأولى من علاج كيماوي وقائي، فيما ذكرتنا بـ"عائلتها الصغيرة" مسميةً بصورة فردية كل طفل من أطفالها، وأعربت عن امتنانها لـ"فريقها الطبي الرائع"، واختتمت كلامها برسالة تضامن مع جميع مرضى السرطان، مطمئنة إياهم بالقول: "أنتم لستم وحدكم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حتى أولئك الذين يعارضون النظام الملكي في بريطانيا ويطالبون بالجمهورية، لم يكن بوسعهم إلا أن يتأثروا برسالتها. وبينما كنت أشاهدها مع أفراد أسرتي الصغيرة، انهمرت الدموع من أعيننا. وفي وقت بدا فيه أن الفوضى هي السائدة، ألقت كيت - التي لم تكن معروفة عادة بالخطابات البليغة - الخطاب الأكثر عمقاً في حياتها. وعلى رغم شحوب وجهها، فإنها حافظت على رباطة جأشها، وقدمت مقطع فيديو رائعاً مدته دقيقتان، لاقى صدى عميقاً لدى الأمة. كان عرضها للإنسانية والضعف بمثابة تذكير مؤثر بأن الألم لا يعرف تسلسلاً هرمياً. مع ذلك، وفي مواجهة الشدائد الهائلة، اختارت كيت القوة على الضعف. ومساء الجمعة بعدما خرجت من عتمة السرطان، وجدت أميرة ويلز نفسها في قمة مجدها.

في كثير من النواحي، تجاوز الواقع ما كنا نستحقه. فوسط مشاعر التعاطف والحزن التي لا مفر منها، سلطت الرسالة المتواضعة لأميرة ويلز الضوء عن غير قصد على عيوبنا الإنسانية، التي أسهم بتضخيمها بسهولة كونها فرداً من العائلة الملكية. فطاحونة الإشاعات القديمة التي تضخمت الآن بواسطة التكنولوجيا الحديثة نسجت طرقاً جديدة وقاسية لنشر الثرثرات الخبيثة التي لا أساس لها من الصحة.

شعر الناس بوجود شيء ما واستغلوه بلا هوادة. من منا امتنع عن الخوض في نظريات المؤامرة التي حيكت حول ظروف كيت؟ فقد دفعت وسائل التواصل الاجتماعي بوسائل الإعلام الرئيسة إلى مستويات غير مسبوقة من التكهنات، وبلغت ذروتها في ما يشبه "مطاردة ساحرات" بغيضةWitch Hunt  (استهداف أشخاص باتهامات لا أساس لها) لامرأة تسعى ببساطة إلى الحفاظ على تماسكها، ولملمة أمورها من أجل أطفالها "جورج وشارلوت ولويس".

ويبدو أننا كأمة قد انحرفنا بطريقة أو بأخرى عن فهم الأمور في الأشهر الأخيرة. حتى "قصر كنسينغتون" في لندن بدا متفاجئاً، إذ إن المحاولات المتهورة التي قام بها للحد من التكهنات - من خلال نشر صورة كيت مع أولادها في عيد الأم التي تم تحويرها - سلطت الضوء على الضغط الذي تتعرض له العائلة المالكة (والدليل على تعلم الدرس لجهة توخي الحذر، هو أن رسالة الفيديو التي وزعت يوم الجمعة، سجلت قبل أيام عدة على يد "استوديوهات بي بي سي" BBC Studios).

سواء أحببنا ذلك أم لا، فإننا نعيش في ملكية دستورية، لكن هل يبرر ذلك انغماسنا في جنون التخمين؟ هناك في الواقع إحساس مقلق بأن هذه القصة قد تكررت، وهي تذكرنا بالحكاية المأسوية للأميرة ديانا الراحلة وبدورنا المتواطئ في استهلاك حياتها بصورة متلصصة. إن موجة الندم (التي أعربت عنها شخصيات مثل أوين جونز كاتب الرأي في صحيفة "غارديان"، وبليك لايفلي الممثلة الأميركية، وغيرهما ضمن قائمة طويلة) لا تفضي إلا إلى تعزيز إحساسنا الجماعي بالذنب.

وبمقدار ما يطرح الفيديو الذي صورته كيت من نواح عدة كثيراً من الأسئلة، فإنه يقدم في المقابل بعض الإجابات. ففي يناير (كانون الثاني) الماضي، عندما كشفت الأميرة عن الجراحة التي أجرتها في البطن، تجاهلنا "رغبتها في الحفاظ على حياة طبيعية لأطفالها"، وقمنا بدلاً من ذلك بتحويل أزمتها الصحية إلى ميلودراما "فيكتورية" في العصر الحديث (أسلوب شاع سابقاً في الأدب والمسرح لوصف مواقف أو روايات تثير مشاعر مبالغاً فيها). وسرعان ما تحول التركيز بسرعة بعيداً من كيت إلى مطاردة لا هوادة فيها تشبه لعبة الغميضة للحصول على معلومات. فكيف يمكن لأميرة مريضة أن تتفادى النظرة القاسية التي لقيتها على شبكة الإنترنت؟

في ضوء الحقائق القاسية المحيطة بصحة كيت، تنهار المفاهيم التقليدية للروايات الملكية وتفقد معناها. وتبدو الآن مفاهيم "مشاهدة الأمور لتصديقها" Seen to Be Believed، أو "كشف السحر" Letting Light in Up on the Magic (بمعنى الكشف عما يجري خلف الكواليس) قديمة وقد عفا عنها الزمن. فنحن نعيش في عالم لا يمكن التحكم فيه بالحدود الجديدة التي يذهب إليها محتوى الإنترنت غير المنظم وغير الخاضع للرقابة، ويشكل فيها وعينا الجماعي الحاجز الوحيد أمام سلوكاته غير المقيدة. ومن المؤسف أننا حتى الآن لم ننهض بصورة فعالة لمواجهة هذا التحدي.

هل كانت كيت بعد تعافيها من عملية جراحية كبرى، وفي ظل مواجهة احتمال علاج كيماوي وقائي، ترغب حقاً في التحدث مع جمهور متطفل تابع بفضول حسابها على "إنستغرام"؟ ربما لا، لكن دائرة المؤامرة التي أحاطت بها حتمت عليها تقديم بعض الإجابات. وفي ظل وجود أطفالها من حولها مع بداية عطلة عيد الفصح، قررت أن تقدم لمحة عن رحلتها الصحية، في محاولة منها لوضع حد للتكهنات المنتشرة، أو في الأقل لضبط إشاعات لا أساس لها من الصحة.

لقد سلط المشهد الإنساني الذي تبدى لنا بالأمس، الضوء على السبب الذي يجعل الرواية الملكية تأسر حتى أولئك الذين ليسوا من المؤيدين المخلصين لها. وفي وسط ذلك كله، تكمن مفارقة مثيرة للسخرية. فإظهار كيت لضعفها ورسالتها المؤثرة والصادقة ارتقيا بها إلى مستوى شخصية وطنية مرموقة، بينما دفع كثير منا في الوقت نفسه، إلى الشعور بأننا مجرد أفراد منخرطين في الثرثرة ومروجين للقيل والقال. كان فيديو الأميرة - الذي يذكرنا بالتزام الشابة إليزابيث حياة الخدمة في عمر 21 سنة – مثالياً، بحيث استجمعت كيت قواها في أحلك أوقاتها لتعرب لنا عن امتنانها، لا بل تجاوزت قلقها وألمها لتوجه أيضاً رسالة تضامن مع الأفراد الذين يعانون أيضاً مرض السرطان.

كيت هذه التي صورت في رسالة الفيديو، كانت بمثابة تذكير بالنظام الملكي في أفضل حالاته. فالمؤسسة - أو في الأقل أحد أفرادها - يستحق الإعجاب. لقد جسدت شخصاً يستحق الألقاب والتيجان، وقبل كل شيء، شخصاً يستحق الخصوصية التي تتوق إليها بوضوح.

وفي حين أنه ستكون هناك تحديثات من حين إلى آخر للحد من جنون وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن المسؤولية تقع في المقام الأول على عاتق الناس. إذ يجب أن نحدد ما إذا كان بإمكاننا التحكم بفضولنا المتطفل في ما يتعلق بصحة الآخرين. وفي نهاية المطاف، تتوقف سمعة النظام الملكي على قدرتنا على التعامل مع هذا الأمر بمسؤولية.

تيسا دانلوب هي مؤلفة كتاب صدر في عام 2022 بعنوان: "إليزابيث وفيليب: قصة حب الشباب والزواج والملكية" Elizabeth and Philip: A Story of Young Love, Marriage and Monarchy’

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات