Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ولاد بديعة"... التمثيل رافعة المسلسل

 مسلسل سوري من إخراج رشا شربتجي وبطولة محمود نصر وسلافة معمار وسامر إسماعيل ويامن حجلي

لقطة من المسلسل (مواقع التواصل)

ملخص

التمثيل هو أقوى ما في المسلسل، نعيش مع الممثلين صراعاتهم الداخلية، وتبدلات أحوالهم، وننتقل معهم إلى داخل اليأس الذي يشعرون به، ونعود للخروج مجدداً إلى فسحة أمل.

 يمكن القول إن مسلسل "ولاد بديعة" المعروض ضمن الموسم الرمضاني يستحق نقاشاً من زواية مختلفة، فالعمل الذي كتبه علي وجيه ويامن حجلي وأخرجته رشا شربتجي لا يقدّم جديداً من حيث القصة.

الإرث والصراع بين الأخوة، وسطوة الشبيحة على مرافق الحياة، ونبذ كل من له ماضٍ أسود، مواضيع عولجت في الدراما العربية والسورية تحديداً، لكن تبقى لكل عمل بصمة خاصة. 

والبصمة الخاصة في "ولاد بديعة"، الإبداع في تأدية الشخصيات وتقديمها بصورة واقعية مع كثير من الانفعالات المبررة في مشاهد عدة. التمثيل هو أقوى ما في المسلسل، إذ نعيش مع الممثلين صراعاتهم الداخلية وتبدلات أحوالهم وننتقل معهم إلى داخل اليأس الذي يشعرون به، ونعود للخروج مجدداً إلى فسحة أمل. ونجحت المخرجة شربتجي في جمع شخصيات ممتعة أدائياً، تبرع في التحرك المسرحي على الشاشة.

 
 

هي لعبة نفسية إذاً ورهان على النجاح عبر الاستعانة بمجموعة مميزة من الممثلين القادرين على حمل العمل والنهوض به بغض النظر عن هفوات في كتابة السيناريو ومراعاته "الترند" الذي بات يسيطر على عقول المنتجين.

القصة

تدور أحداث العمل في زمنين مختلفين، بين الماضي والحاضر عبر فلاشات في بداية كل حلقة، وتكشف أحداث مسلسل "ولاد بديعة" عن التطورات الغامضة في طبيعة العلاقات المعقدة بين الأخوة، إذ تراوح العلاقة ما بين الصراع وأحياناً التوحد في مواجهة الأخطار، ويحاول المسلسل من خلال قضية النَسَب بين الأخوة غير الأشقاء التي تعتبر المحور الرئيس أن يربط الأحداث ببعضها بعضاً.

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

ففي وقت يواجه الأخوة تحديات عدة في سبيل الحفاظ على وحدة العائلة وتحقيق طموحاتهم المالية والسلطوية، تتعقد الأمور أكثر فأكثر مع تطور القصة، إذ يتعين عليهم أن يواجهوا الخيانة والمكائد والتضحيات لمعرفة الحقيقة وتحقيق ما يصبون إليه.

من جهة ثانية، يميل العمل إلى العنف كثيراً، لكن هل هذه نقطة ضعف؟ 

 
 

ثمة نقاش عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول مشاهد مرت في العمل لإعدام قطط، إضافة إلى عدد من المشاهد الدموية ومشاهد لرياضة صراع الديوك، والسؤال هنا لم لا يعترض المشاهد العربي على كمية العنف التي نراها في المسلسلات الأجنبية ويتقبلها، في حين إن مرت في الدراما العربية يعتبر أنها مبالغ بها.

وعلى سبيل المثال ومن دون الوقوع في أي تشبيهات، المسلسل الأميركي الشهير Breaking Bad، مليء بالمشاهد الدموية ولم يعترض أحد عليها. 

من الطبيعي أن نشهد في مسلسل سوري كل هذا العنف، فنحن لا نتكلم هنا عن سويسرا، بل عن بلد مزقته الحرب والثارات والمآسي والمجاعة وقتل الأخ لأخيه، فما نراه هو ببساطة انعكاس للواقع المحلي.

التمثيل

لعب دور البطولة في العمل كل من سلافة معمار (سكر) وسامر إسماعيل (شاهين) ومحمود نصر (مختار) ويامن حجلي (ياسين) وإمارات رزق (بديعة) ومحمد حداقي (أبو الهول).

لا يمكن مشاهدة العمل من دون الحديث عن الدور الذي قدمته إمارات رزق، إنها سيدة مختلة لا تتكلم، وتقول بوجهها كل ما تريد قوله. ملامح قوية وحنونة في الوقت ذاته. اختصرت كلامها بكلمة واحدة فقط، "يا كريم". كلمة كفيلة أن تعوّض نصاً طويلاً. 

اعتمدت رزق في دورها على قدراتها الحركية، مستعينة بملامح وجه بشوش، وحنان أمومة فائض تجاه أولادها سكر وياسين وشاهين. 

 
 

عام 1993، قدمت الممثلة المصرية نبيلة عبيد دور مختلة عقلية في فيلم "توت توت" للمخرج عاطف سالم، وتُستغل من رجل غني يقوم بدوره سعيد صالح يستدرجها ويتركها حاملاً بطفل. 

صحيح أن الفكرة ذاتها، لكن ما قدمته إمارات رزق يختلف عما قدمته نبيلة عبيد، وإذا كان هناك تشابه في القصة، فهذه نقطة يتحملها الكاتبان وليس الممثلة. ما نريد قوله هنا إن إعادة تقديم الأدوار بطريقة جديدة ضروري، شرط عدم الاستنساخ.

في المقابل، قدمت سلافة معمار دوراً شعبياً بامتياز، لكن بكثير من المبالغة الفائضة أحياناً، ولم تقدر سلافة أن تتحكم في فرط حماستها للدور، فبدا كأنها تبذل جهداً مضاعفاً لإقناعنا بأنها تعيشه.

من جهة ثانية، قدّم سامر اسماعيل دوراً متزناً وعرف كيف يتحكم بنبرة صوته مثلاً في المشاد، وحركاته الانفعالية، خصوصاً في المشاهد التي جمعته مع أخيه يامن حجلي، إذ مزجا سوياً في المشاهد ذاتها ما بين الدراما والكوميديا.

 

 

حتى الممثلة لين غرة التي قامت بدور فتاة ليل تمكنت من لفت النظر إلى أدائها، وكعادته ينجح محمد حداقي في إتقان الشخصيات التي يقدمها، ومن الممكن القول إن شخصية "أبو الهول" هي الشخصية الواقعية الوحيدة في العمل. رجل قوي بقلب ميت يلهث وراء المال وليس مهماً الطريق إلى المال وما يتخلله من قتل وسرقة، الأهم الحصول عليه.  وعلى رغم مشاهده القليلة، إلا أن الفنان الشاب وسام رضا نجح في تقديم شخصية كوميدية في العمل الجاد، ومن الممكن التأسيس على هذا الدور لأدوار أطول وأقوى في المستقبل.

محمود نصر 
 
وتبقى الشخصية الأبرز التي قدمها الممثل محمود نصر، شخصية الـ"سايكو" والمريض والمنفصم والخائف والمرتبك والماكر والمخطط واليائس والقاتل. 

مجموعة من الشخصيات قدمها نصر في دوره بـ "ولاد بديعة"، ولم يكتفِ بالتحكم بنبرة صوته ولا حركة يديه، بل أضاف رفة العين وطنين الأذن إلى أدائه. ثمة من يهمس دوماً في أذن نصر، هو الماضي الذي عانى فيه الأمرين من إخوته وأبيه. بحركة بسيطة على أذنه يطرد كل الشياطين التي تحيط به.

هي شخصية تجمع ما بين الخير والشر وبين القوة والضعف وبين الأبيض والأسود، مدعمة بمشية مضطربة وحركات سيكولوجية. نشعر كمشاهدين بكل هذه التناقضات في شخصية مختار الذي حلم بأن يكون رساماً، لكن والده يريده دباغاً، فتنقبض عضلات وجهه فجأة، ونرى ابتسامة ملتوية، لا نفهم منها ما يريده حقاً.

 

بين الرومانسية والقتل، ثمة شخصية تائهة تريد الثأر من الماضي. الماضي الذي لا يعني له سوى أمه الذي أراد قتلها أيضاً ليتحكم بإرثها وينتقم من إخوته.

"ولاد بديعة"، مسلسل فيه كثير من الهفوات، لكنه عمل قادر على خلق النقاش، ولولا مجموعة الممثلين المشاركين فيه وقوتها وإبداعها في تأدية أدوراها، لشهدنا عملاً باهتاً بلا أي قيمة فنية.

ولا بد من الإشارة إلى أن المسلسل قدّم لمحة عن الدباغة وطريقة حياة من يعملون بها. 

الدباغة في اللغة هي إصلاح الجلد وتلوينه، ويتميّز الجلد المدبوغ بمقاومة أعلى ومرونة أكبر، وتستخدم الجلود المدبوغة في سوريا في صناعة الأحذية والألبسة والحقائب والمفروشات.

تشمل الدباغة أنواعاً مختلفة من الجلود مثل جلود الخراف والأبقار والجمال ويتم شراء الجلود من المسالخ الحكومية، وتختلف استخدامات الجلد بحسب مصدره، فجلد الأغنام يصلح للملابس وجلد الأبقار لصنع الأحذية والمفروشات والحقائب وجلد الماعز يصلح للبطانة الداخلية للأحذية، أما جلد الجمل فيصلح للاستعمالات الحرفية. 

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات